بات الأمر بحاجة إلى معجزة، ولأن الزمن ليس زمن معجزات، فلا يبدو أن المحاولات والمبادرات قد بلغت مدى إيجابياً، وقد بلغ اليأس حداً أفقد الناس القدرة على الأمل، يعيشون يوماً بيوم بانتظار ما سيحمله الغد من أزمة جديدة تضاف الى تراكم الأزمات التي صارت فوق أي قدرة على الاحتمال. والسؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين جاهر به أمس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: “هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نية عدم إجراء انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم رئاسية في تشرين الأول، وربما نية إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولة مستقلة؟”.
الخوف المشروع على البلد ككيان ودولة بات عاما، وما يعزز هذه المخاوف ما يشبه التخلي عن لبنان وتركه يغرق في أزماته. ومن هنا كانت تحذيرات رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط المتكررة بأن لا أحداً سيساعدنا للخروج مما نحن فيه، ومن هنا كانت مطالبته بعقد تسوية تؤسس لخطوات انتشال البلد من أزماته، وهو سيحمل هذه الهواجس الى موسكو التي يزورها هذا الأسبوع.
مصادر بكركي وصفت “القنبلة الصوتية” التي فجرها الراعي بأنها لن تكون الأخيرة قبل سفره الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس من ضمن اللقاء المسيحي الذي دعا اليه البابا في تموز المقبل. وتحدثت المصادر عن “جرعة دعم” من الفاتيكان للراعي، كاشفة عن “مسعى جدي للقاءات دولية سيعقدها البطريرك الماروني مع عدد من رؤساء الدول من بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن”. وأشارت المصادر عينها لـ”الأنباء” الإلكترونية الى أنه “رغم المشهد القاتم والقيل والقال بين بعبدا وبيت الوسط فالقرار في مكان آخر”.
مصادر سياسية حذّرت عبر “الأنباء” الإلكترونية من “إنتشار الفوضى”، ورأت أن ما يجري هو نفس السيناريو الذي إعتمد في فترات الحرب الأهلية، متخوفة من أن “دفع البلد باتجاه الإنهيار الشامل يخفي في طياته أمورا غير دستورية، من ضمن مخطط يهدف الى القضاء على الكيان وتحويله الى يمن آخر أو صومال آخر”.
مصادر بيت الوسط قالت من جهتها لـ”الأنباء” الإلكترونية إن “البعض يصرّ بأن يذهب الرئيس الحريري الى بعبدا ويقدم تشكيلة جديدة للحكومة، فكان رده أنه مستعد للذهاب الى بعبدا نتيجة أمرين: أو يذهب وبيده تشكيلة يوقع عليها الرئيس ويصدر مراسيم الحكومة، أو يذهب للإعتذار عن التكليف، وخارج هذين الشرطين لا يمكنه التنازل أكثر من ذلك”.
ومن كتلة المستقبل النيابية كان موقف للنائب عثمان علم الدين شدد فيه لـ “الأنباء” الإلكترونية على أن “الكتلة لم تعتد على تبديل المواقف، والرئيس الحريري بالذات لا يتحدث بلونين”، مشيراً إلى أن الرئيس نبيه بري يقوم بمبادرة وهو بانتظار جواب النائب جبران باسيل.
بدوره رأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة أن “لا شيء جدياً في ما يعلن عنه من إتصالات”، لافتا الى ان “مبادرة الرئيس بري ما زالت قائمة وهو يعمل على إعادة حلحلة الأمور، لأن مبادرته آخر فرصة قبل الغوص في الفوضى الشاملة”. ورأى في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أن “تشكيل الحكومة واجب، واللبنانيين غير آبهين إن كان هناك وزير بالزائد أو بالناقص”، وسأل: “متى كان اللبنانيون يخافون على إنهيار بلدهم الا اليوم؟”، داعيا المعنيين الى “التنازل لمصلحة بلدهم، والقوى السياسية كافة الى ملاقاة الرئيس بري في وسط الطريق”.