على مسار منفصل لمسار التعطيل الحكومي، وإن بدا ما يزال في غرفة «العناية الفائقة» سياسياً، أوحى تحرك بعبدا ان الأولوية للحؤول دون الوقوع في العتمة الشاملة، التي لم يجد وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر غضاضة بأنها واقعة لا محالة، الأمر الذي دفع الوزير المحسوب على التيار الوطني الحر، بعد المشاركة في اجتماع السراي، برئاسة رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بحضور وزير المال غازي وزني والاتصالات طلال حواط، إلى إجراءات من شأنها ان تبعد شبح العتمة هذا الصيف، بانتظار حلول استيراد الفيول من العراق، أو من خلال تأليف حكومة جديدة..
اذاً وقع الرئيس ميشال عون قرار استثنائياً بالسماح لمصرف لبنان بفتح اعتمادات لشراء الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، فبعد يومين أو ثلاثة، تدخل بواخر الفيول، «وتعود لرفع التغذية إلى طبيعتها تدريجياً..»، حسب غجر، الذي كشف ان دياب وقع القرار أيضاً.
الا ان ذلك، لا يعني ان فول الكهرباء صار بمكيول المنازل، مع تزايد الأزمات، لا سيما مع تهديد أصحاب الصيدليات بالإضراب الجمعة في كل لبنان، وصولاً إلى الإضراب المفتوح.. مما حرك المواطنين للنزول إلى الشارع، في بيروت وطرابلس، وصيدا، مع قرار متعجل، بتكليف موظفة في وزارة التربية مكان موظفة أخرى احيلت إلى التقاعد، من دون مراعاة التوزيع الطائفي والمذهبي في البلد.
وقالت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن المعالجات التي يتم اللجوء إليها في بعض الملفات تكاد تشبه إبر المورفين لأن اي حل نهائي يستدعي الابتعاد عن سياسة الترقيع المتبعة.
واكدت الأوساط نفسها أن ما من افق لأي مساعدات إلى لبنان قبل بلورة الصورة عن تأليف الحكومة. وهنا اشارت الى ان ثمة قناعة أن تقطيعا للوقت يتم لتكون الحكومة الجديدة حكومة انتخابات. وهذه المسألة ليس مبتوت بها لدى البعض وربما المواقف السياسية المرتقبة في الأيام المقبلة من شأنها أن تشكل مؤشرا للمرحلة المقبلة ولا سيما ما يتعلق بالملف الحكومي برمته.
حكومياً، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الخيارات تضيق، وان إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله من شأنها ان تحمل مؤشرات حول المسار الحكومي.
وأشارت إلى ان الرئيس برّي ينتظر الموقف اليوم، ليبني على الشيء مقتضاه.
وأضافت المصادر ان الرئيس المكلف سعد الحريري لن يبقى صامتاً إلى ما لا نهاية، وانه سيجري مشاورات مع الرئيس برّي قبل الاقدام على أية خطوة، لا سيما الاعتذار عن تأليف الحكومة، حتى لا تبقى رئاسة الحكومة خارج التأثير، ولا يتحمل مسؤولية الانهيار الحاصل.
وأكدت المصادر ان هذا الأسبوع سيكون حاسماً، وان لا استقالات نيابية من المجلس النيابي، من قبل كتلة المستقبل.
هكذا، مع تزايد مؤشرات الانفجار السياسي نتيجة التاخر في تشكيل الحكومة، والانفجار الاجتماعي والمعيشي نتيجة ارتفاع سعر الدولار (لامس 14 الف ليرة امس) وحيث عاد قطع الطرقات من قبل بعض المحتجين على الوضع المعيشي، بدأت تباشير بسيطة حول انفراج كهربائي للمواطنين ومالي للمودعين، تمثل بموافقة استثنائية ولو متأخرة جداً من رئيسي الجمهورية والحكومة بعد موافقة وزير المال على صرف سلفة الخزينة بالعملة الأجنبية لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء المحروقات بعدما بدأ اصحاب المولدات صباح امس، تقنين التغذية بالتيار، وإقرار لجنة المال والموازنة ولو متأخرة قرابة السنة ونصف السنة اقتراح قانون الكابيتال كونترول الرامي «إلى وضع ضوابط إستثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية»، فيما الاتصالات قائمة لمعالجة الازمة الحكومية ويشترك فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري وبكركي وحزب الله.
سلفة الكهرباء
فقد أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني كتابا إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول تبلغه الموافقة الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب «لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء المحروقات وللتفضل بالعمل على تنفيذ ما ورد في الموافقة الاستثنائية المذكورة والتي سبق لوزارة المال أن وافقت عليها وأرسلتها». ويفترض ان تسهم السلفة في حال وافق على صرفها البنك المركزي وتوافر المال من الاحتياطي الالزامي، في تفريغ ثلاث بواخر محملة بالفيول وغازاويل لمعامل الكهرباء ما يزيد من ساعات التغذية.
الكابيتال كونترول
بالتوازي، أقرت لجنة المال والموازنة النيابية اقتراح قانون الكابيتال كونترول خلال اجتماعها امس برئاسة النائب إبراهيم كنعان، الذي قال بعد الاجتماع: «الكابيتال كونترول دستوري وحاجة وضرورة رغم انقضاء أكثر من 19 شهراً على بدء الأزمة لأن أي تشريع مهماً تأخر يبقى أفضل من الفوضى والاستنساب السائدين حالياً.
واضاف كنعان: الكابيتال كونترول كما اقرته لجنة المال يمنع التحاويل إلى الخارج باستثناء ما له صفة الديمومة والصفة العاجلة، كنفقات التعليم والسقف الأعلى لهذه النفقات 50 الف دولار، ويجيز السحب بالعملة الأجنبية بما يعادل 400 الى 800 دولار شهرياً، والبت به يعود للهيئة العامة وفق المعطيات التي سيقدمها مصرف لبنان وهو مطالب بارسال الكلفة الاجمالية للبنود المالية للحسم.
واوضح أن «الكابيتال كونترول مؤقت ويجب ان يترافق مع حكومة تضع خطة انقاذية تطبّق».
وقال النائب علي حسن خليل بعد جلسة لجنة المال والموازنة: تقريبا انتهينا من اقرار قانون «الكابيتال كونترول» في لجنة المال، موقفنا كان واضحا وهو تأييد الوصول الى قانون ينظم عملية التحويل الى الخارج ويحددها وفق القانون، وفي الوقت نفسه يسمح بتغطية السحوبات للمودعين، هذا الامر للاسف صار عليه كثير من الجدل خلال الايام الماضية. لم يتسنَّ لنا في لجنة المال ان نحصل على أرقام حقيقية من قبل البنك المركزي وجمعية المصارف من أجل ذلك صار هناك جدل حول هذا الموضوع. صُوّرَ الامر كأن هناك سباقا بين التعاميم التي تصدر وبين القانون الذي يلزم ويعلو بتأثيره وفاعليته على كل التعاميم التي من الممكن ان تصدر في هذا المجال .
واضاف: نحن حريصون على ان يستكمل هذا الامر بشكل جدي وان يكون هناك التزام واضح من قبل كل المصارف بتأمين هذه الحقوق للمودعين، كان شعارنا الدائم عندما كنا نناقش الا يأتي قانون لحماية أصحاب المصارف من كل الدعاوى والملاحقات عن تخلفهم عن القيام بالتزاماتهم، وان يكون هناك في المقابل حرص على تأمين بعض من حقوق هؤلاء المودعين، اعتقد انه في المشروع الذي تم انجازه وسيحال الى الهيئة العامة وفق الاليات النظامية، تحقيق مثل هذه الغاية وان كان لا يرتقي الى مستوى ان يكون قانون «كابيتال كونترول»، وكان يجب ان يحصل منذ الايام الاولى للأزمة المصرفية والمالية التي نقع فيها.
الوضع الحكومي
على الصعيد الحكومي، علمت «اللواء» ان الاتصالات التي يقوم بها الرئيس بري وبتنسيق مع حزب الله ومع البطريرك بشارة الراعي وبدعم فرنسي علني وواضح، تجري بتكتم شديد بإجماع اوساط بعبدا وعين التينة وبيت الوسط، ما يعني ان الانتظار ما زال سيد الموقف لحين تبيان نتائج هذه الاتصالات. فيما قالت اوساط الرئيس سعد الحريري الموجود في لبنان، انه ابلغ جميع الاطراف انه قام بكل واقصى ما يمكنه القيام به «ويللي علينا عملناه» وكل الاطراف سلّمت بذلك.
معالجة التصدير الى السعودية
من جهة ثانية، عقد امس، إجتماع في وزارة الخارجية والمغتربين لمعالجة منع إدخال المنتجات الزراعية اللبنانية الى دول مجلس التعاون الخليجي وخاصةً المملكة العربية السعودية ووضعها موضع التنفيذ، وذلك بحضور وزير المالية غازي وزني، ووزير الصناعة عماد حب الله، ووزير الزراعة عباس مرتضى، ولجنة الإقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط النيابية، وتناول البحث الأزمة الراهنة والمتعلقة بمنع إدخال المنتجات الزراعية والصناعية الغذائية اللبنانية الى المملكة العربية السعودية إضافة الى الإجراءات السريعة والجذرية التي ستتخذ على المديين القصير والمتوسط.
وخلص الإجتماع إلى ضرورة متابعة الإجراءات التي تجريها وزارة الداخلية والبلديات إضافة الى وضع توصيات تقنية امنية تم تفصيلها. كما تم الإتفاق في إطار تعزيز العلاقات مع الدول المعنية على المباشرة بالخطوات التالية:
إعادة وصل ما إنقطع مع دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً المملكة العربية السعودية في إطار سياسي – إقتصادي يعيد الثقة بلبنان وصناعته.
توقيع مذكرة تعاون وتنسيق بين الجمارك اللبنانية والجمارك السعودية والإبقاء على التواصل المستمر.
تعاون قضائي للعمل على إنجاز التحقيقات حول شحنة الرمان المهربة والمعبأة بحبوب الكبتاغون وغيرها في أسرع وقت ممكن.
الإضاءة من قبل الإعلام على كل ما تقوم به الأجهزة الأمنية والمديرية العامة للجمارك من مداهمات وضبط عمليات التهريب ومصادرة البضائع وتوقيف المشتبه بهم ومحاكمتهم وإطلاع الرأي العام عليها.
وعلى خطٍ سعودي آخر، سجلت امس، زيارة ملفتة للإهتمام لقائد الجيش العماد جوزيف عون الى السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في منزله في اليرزة، حيث عقدا اجتماعا لم يكشف النقاب عن مضمونه. وقد استبقى بخاري العماد عون إلى مائدة الغداء.
تقرير البنك الدولي
وحضر تقرير البنك الدولي، الذي اعتبر فيه أزمة لبنان من بين الأزمات العشر أو الأزمات الثلاث الاكثر حدة عالمياً منذ أواسط القرن الـ19، بين الرئيسين عون ونائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج، لكن الأمر الغريب إثارة عون موضوع سد بسري في اللقاء، على الرغم من ان النقاط المهمة تتعلق بما يمكن ان يقدمه البنك للتخفيف من الأزمة..
وحسب ما أعلن، أبلغ عون بلحاج ان أولى مهام الحكومة الجديدة استكمال التدقيق المالي الجنائي «لأن لبنان لا يقوم من ازمته الا بتحقيق الاصلاحات».
وكشف بلحاج ان البنك ملزم بدفع القرض المخصص لشبكة الأمان الاجتماعي وقيمته 265 مليون دولار، مع إمكانية إضافة 300 مليون دولار لدعم الفئات المهمشة، واستمع إلى اقتراح عون بإعادة هيكلة القروض المعطاة من البنك والتي لم تستعمل بعد.
جلسة الكابيتال كونترول
تشريعياً، اعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على اقرار اللجنة اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية المعروف بالكابيتال كونترول، مشيراً الى أنه سيرفع التقرير في الأيام المقبلة الى رئاسة المجلس النيابي، ومشدداً على أن «القانون عندما يصدر سيكون اعلى من أي تعميم استنسابي يصدر اليوم ويلغى غداً».
سلام: لست مرشّح أميركا
في مجال سياسي متصل، رأى القاضي في محكمة العدل الدولية السفير السابق نواف سلام ان المسألة اليوم أكبر بكثير من موضوع رئاسة الوزراء، لافتا الى ان المطلوب تكوين كتلة كبيرة للنهوض بالبلد، أرى نفسي من ضمنها.
وعن تشخيصه للازمة التي يمر بها لبنان، قال: «الازمة التي يمر بها لبنان لها أوجه متعددة، معتبرا ان جذر الموضوع الذي اوصلنا الى هنا هو ازمة دستورية، والمثال عليه تشكيل الحكومة الذي يأخذ اشهرا للتشكيل، معتبرا انه حان الوقت للتفكير في معالجة هذا الموضوع.
ولفت سلام الى ان لبنان خلال سنة ونصف خسر ملايين الدولارات بسبب تدني سعر الصرف.
وعن الحل الأمثل لمعالجة الوضع الحكومي، قال: «من دون حكومة لا مفاوضات مع صندوق النقد ولا معالجة للازمة».
اضاف: «ما يجري اليوم لا عدالة فيه بسبب «الهيركات» الذي يتكبده المودع الصغير»، مشيرا الى انه لا بد من رؤية جدية لمعالجة ازمة القطاع المصرفي.
وشدد سلام على ان لبنان بحاجة الى حكومة اصلاحية تواجه الازمات الموجودة في البلاد ، والمطلوب منها وضع شبكة امان اجتماعي، مردفا القول: «الناس عليها ان ترى افقا للحل كي تتحمل الوضع»، مؤكدا ان امكانية النهوض بالبلد موجودة.
وقال: «الاقتصاد الريعي انهك البلد وعلينا الذهاب الى الاقتصاد المنتج».
وعن رؤيته للاشخاص الذين يجب ان تتكون منهم الحكومة قال «الاشخاص المستقلون الذين لم يشاركوا في الانتخابات، ولبنان يوجد فيه كفاءات».
وعن تسمية النواب له لتشكيل حكومة قال: «لقد تأثرت بالموضوع خاصة من قبل الاشخاص الذين شاركوا في الانتفاضة، لافتا الى انه على ما يبدو ان لي رصيدا لدى هؤلاء».
وعن فيتو حزب الله على اسمه، قال: «حزب الله يعلم انني لست مرشح الولايات المتحدة «، نافيا الحديث عن انه شريك احد الزعماء اللبنانيين في شركاته، معتبرا ان هذا الامر لا صحة له واحد لم يات لي بدليل على ذلك».
التحركات
وأدى قرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال تكليف هويدا خليل (تنتمي إلى التيار العوني) بمهام رئيسة دائرة التعليم الثانوي، المخصص للسنة، بدلاً من الأستاذة جمال بغدادي التي احيلت إلى التقاعد، إلى النزول إلى الشارع، فقطعت طريق كورنيش المزرعة – قصقص، وكذلك الطريق المؤدية إلى المدينة الرياضية، وكذلك قطعت الطريق المؤدية إلى ساحة النور في طرابلس.
فقد شهدت مختلف المناطق اللبنانية تحرّكات شعبية، وذلك احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهور قيمة العملة الوطنية.
وفي طرابلس، قطع عدد من المحتجين الطريق عند ساحة عبد الحميد كرامي «النور» لبعض الوقت، في حين أنّ محتجين آخرين أقدموا على قطع الطريق عند طلعة مشروع القبّة أيضاً، ثم أعادوا فتحها.
ومع هذا، قام حشدٌ من المتظاهرين على قطع الطريق لبعض الوقت في قصقص – قرب جامع الخاشقجي في بيروت، في حين قام آخرون بقطع الطريق في محلّة كورنيش المزرعة وتحديداً بالقرب من جامع جمال عبد الناصر.
وأقدم محتجون على قطع الطريق عند ساحة إيليا – صيدا.
541628 إصابة
صحياً، سجل عداد الإصابات بكورونا انخفاضاً جديداً إذ سجل 71 إصابة و6 حالات وفاة في الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 541628 إصابة مثبتة مخبرياص منذ 21 شباط 2020.