كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن “تمسك البعض بشروط تعجيزية ستزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها”، وذلك إثر التأزم السياسي على خلفية الفشل في التوصل إلى حل ينهي معضلة تشكيل الحكومة اللبنانية، فيما أعلن ”حزب الله” تمسكه بمبادرة بري منتقداً “التلطي خلف المصالح السياسية والمذهبية من أجل تحقيق مآرب شخصية”.
ويدعم “حزب الله” كما تيار “المستقبل” ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، مبادرة بري التي تسعى إلى تشكيل حكومة مؤلفة من 24 وزيراً موزعة بالتساوي (8+8+8) على التحالفات السياسية ولا تمنح أي فريق ثلثاً معطلاً. وتستمر اتصالات بري مع القوى السياسية لحل أزمة تسمية الوزيرين المسيحيين ومنح ثقة كتلة “التيار الوطني الحر” النيابية للحكومة العتيدة في البرلمان. ويقول “المستقبل” إن مبادرة بري لا تزال قائمة.
وأعرب بري أمس في حديث تلفزيوني عن “انزعاجه الشديد من الأوضاع الراهنة”، ووصف استمرار حال التردي بأنه “سيؤدي إلى خراب كبير لا تحمد عقباه”، مؤكداً أنّ مبادرته في نسختها الثالثة للحل والخروج من المأزق السياسي والحكومي الحالي “تحظى بموافقة عربية وإقليمية ودولية وغربية، بما فيها فرنسا”. لكنه أعرب عن قلقه البالغ من أن “تمسك البعض بشروط تعجيزية سيزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها”، مؤكداً أنه من موقعه رئيساً لمجلس النواب “حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه ولن أسمح باستهدافه أو تجاوزه أو خرقه تحت أي مسميات”.
ويلاقي “حزب الله” رئيس البرلمان في مسعاه ويدعم مبادرته. ورأى رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” هاشم صفي الدين، أن “لبنان اليوم أمام معضلات كثيرة، والمعضلة الأساسية هي ثقافة سياسية تستسيغ النفاق والتلطي خلف المصالح السياسية والمذهبية من أجل تحقيق مآرب شخصية”.
وقال في تصريح إن “المشكلة ليست في النقاط التي يقال إنها محل خلاف، إننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون تحقيق مآرب شخصية لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام العادية ويتوسلون عذاب الناس وألمهم لتحقيقها”. وأضاف ”حينما نتحدث عن المبادرات، وتحديدا المبادرة التي يصر عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري و(حزب الله) ومعهم كل الحريصين على إخراج البلد من مأزقه، نرى أن البعض يدفع باتجاه التيئيس فيما نحن ندفع باتجاه الأمل، فهناك خطابان في لبنان”.
وانتقد صفي الدين معرقلي تشكيل الحكومة من دون تسميتهم، قائلاً: “البعض، ربما لا يدرك أن رهاناته التي يعتمدها ولو على حساب الناس ووجعهم ستغرقه وتغرق البلد معا. إننا نتمسك بالمبادرات المتتالية والمحاولات التي نأمل منها أن تخرج البلد مما هو فيه، حتى لا نصل إلى الارتطام بالصخرة التي إذا ارتطم بها الوضع اللبناني فسيكون لبنان أمام كوارث حقيقية”.
وقال: “مخطئ من يظن أن تمسكنا الدائم بالمبادرات يعطيه المزيد من الوقت”، مشددا على “الإسراع في الحل لتلبية الاحتياجات الضرورية للناس”، ومؤكدا أن “السياسة يجب أن تكون في خدمة مصالح المواطنين وليس العكس”. وأضاف “المناورات السياسية تنتهي عند الصالح العام والمصالح الكبرى، وبالتالي من يتلاعبون بالمناورات السياسية والشروط والشروط المضادة، عليهم أن يعرفوا أنهم يتلاعبون بكرامة اللبنانيين والمصالح الوطنية”.
بدوره، حذّر المكتب السياسي لـ”حركة أمل” من “النتائج الكارثية لتعطيل مبادرة لبنان التي بناها الرئيس نبيه بري على ركائز المبادرة الفرنسية لتكون بوابة حكومة إصلاح تنقذ البلد وتضعه على سكة الخروج من أزماته”. ورأى في بيان عقب اجتماعه الدوري، أنه “في اللحظة التي يحتاج فيها لبنان واللبنانيون إلى حكومة ومؤسسات فاعلة تعيد حضور الدولة كناظم وراعٍ لشؤون المواطنين، لا يزال البعض يمعن في ضرب القواعد الدستورية بمحاولة خلق أعرافٍ جديدة تمس أسس التوازنات الوطنية والمرتكزات التي أرساها اتفاق الطائف، مما يعطّل قبول مهمة فيها نسف للأصول والأعراف، وتضع البلد في مواجهة مخاطر جمّة وتعطل أداء المؤسسات وتغطي بالشعارات والمزايدات الشعبوية والبيانات والتسريبات الإعلامية التي لا يمكن أن تلبي احتياجات الناس بل تسبب مزيداً من الانهيار على الصعد كلها”، مضيفاً أن اللبنانيين “هم بأمسّ الحاجة إلى وجود من يتحمل مسؤولية الرد على التحديات التي يواجهونها في قضاياهم وأوضاعهم الصحية والاجتماعية والاقتصادية والنقدية التي حولّت اللبنانيين إلى متسولي حبة دواء ولتر محروقات ورغيف خبز وانفلات سعر الدولار الأميركي من عقاله وغياب الإجراءات التنفيذية الرادعة والمانعة للانهيار النقدي الشامل، وعدم التزام حكومة تصريف الأعمال بواجباتها وتحمل مسؤولياتها في رفع الغبن والظلم عن الناس”.
- الراعي: أصعب محنة
ووصف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأزمة القائمة بأنها “أصعب محنة يعيشها الشعب بسبب إهمال كامل من المسؤولين في الدولة أدى ويؤدي إلى تعطيل السلطة الإجرائية المتمثلة بالحكومة”. وقال في افتتاح سينودس الكنيسة المارونية أمس (الاثنين)، إن “عدم تأليف الحكومة يعطل مقدرات الدولة الاقتصادية والمالية، ويتفشى الفساد في إداراتها العامة، ويحتضن التهريب عبر معابرها الشرعية واللاشرعية بل وفي مرافقها من مطار ومرافئ”. وأكد أن ”هذا الواقع أفقر نصف الشعب اللبناني، وقضى على الطبقة الوسطى، وأتاح لقلة أن تصبح أكثر ثراء، وهجر خيرة قوانا الحية”.