كتبت صحيفة “الشرق” تقول: مشهدان استحوذا على الاهتمامات اللبنانية امس. الاول سياسي شعبي موزع بين المقار الرئاسية التي تلتزم هدنة المحارب بعد وقف اطلاق النار الموقت في معركة البيانات الحامية التي دكّت آخر مفاهيم اخلاقيات الدولة وادارتها الا انها تستمر على مستوى نواب الفريقين ، وبين الاضراب العمالي المغلف بأقنعة سلطوية حزبية تمارس سياسة طائفية مذهبية هدفها تعويم شعبوي ليس الا بالعزف على وتر الغرائز والعصبيات التي يتقنها ويتفنن فيها اركان المنظومة الفاشلة التي تدير البلاد نحو الجحيم. اما المشهد الثاني فيعكس رغبة من تبقى من اللبنانيين والخارج المهتم ببقاء وطن اسمه لبنان بدعم المؤسسة العسكرية لضمان استمراراها وبقائها الحصن المنيع في مواجهة مؤامرة “مافيا الفاسدين” وخططهم الجهنمية واسقاطهم لحظة يدّق النفير.
حرّاك خجول
وفيما الافق السياسي مقفل باحكام وغير قابل لأي خرق في المدى المنظور على ما يبدو، لم يكن التحرك الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام امس على الارض، حاشدا بالشكل المطلوب لكسر المراوحة السياسية، ولولا التزام النقابات والقطاعات به بالاضراب، لغابت مؤشرات الغضب الشعبي على الارض، تماما. وربما سبب هذا الاخفاق يعود الى مسارعة القوى السياسية واحزاب السلطة الى اطلاق الدعوات للمشاركة فيه، ما افقده هدفه، وقد تم قطع الطرق في بعض المناطق حيث لهذه الاحزاب حضور وقواعد.
بكركي والحزب
حكوميا اذا، وغداة حرب البيانات بين بعبدا وعين التينة، لم تسجّل اي حركة تذكر. في الموازاة، كشفت مصادر مطلعة ان بكركي وحزب الله سيحاولان في قابل الايام العمل على خط التهدئة، لكن مصير محاولاتهما ضبابي. واذا لم يفلحا في ترطيب المناخات، فإن الازمة ستستمر طويلا، وسيستمر الفراغ السياسي والمأساة الاقتصادية حتى نهاية العهد.
غريو عند باسيل
في غضون ذلك، يبدو فرنسا ايضا تحاول من جديد، فتح ثغرة في الجدار المسدود. في هذا الاطار، استقبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في دارته ، سفيرة فرنسا آن غريو، وجرى عرض للملف الحكومي انطلاقا من الرؤية المشتركة على أولوية التأليف، وفي ضوء العراقيل التي لا تزال تعترض التشكيل.
الوفاء للمقاومة
اما حزب الله، فأعلن في بيان صدر عقب اجتماع كتلة الوفاء للمقاومة في الشق الحكومي “إن التنازلات المتبادلة ضرورة حاكمة على الجميع، وليست منقصةً لأحد، في حين أنّ التصلّب سيؤدي إلى تعطيل الحلول وتعقيد المعالجات، وإضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين”.
وبدوره اعلن نائب امين عام حزب الله الشيح نعيم قاسم ان الحزب يمارس الضغط والترغيب في موضوع تشكيل الحكومة، ولا يقدر على فعل اكثر.
ولع بالسلطة
في المواقف، التوتر على حاله بين بيت الوسط وعين التينة من جهة والعهد من جهة ثانية. فقد أبدى عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار عدم ارتياحه لما يجري حيث يشهد البلد انهيارا فيما نلاحظ أن البعض يريد الغرق في هذا الوادي، لافتا الى أن الرئيس نبيه بري يريد المضي قدما ولكنه اصطدم بمواقف وتصريحات فريق الرئيس ميشال عون. وأكد الحجار ان الولع بالسلطة والاصرار على احكام النفوذ على كل شيء في البلد أوصلنا الى ما نحن اليه، متحدثا عن ممارسات حصلت في السابق وأخطاء تراكمية أوصلت الأمور الى ما وصلت اليه، لافتا الى ان المشكلة هي في إصرار فريق العهد على النهج والممارسات نفسها.
من جهته، اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس في تصريح ان “من يحاول ان يرشق الرئيس بري بسهام الكذب والخداع وتعمية الحقائق والتلطي وراء بيان من هنا وتصريح من هناك، للسير قدماً في عرقلة تشكيل الحكومة التي ستعالج الازمات التي يعيشها البلد لتحقيق مصالح طائفية ومذهبية، لا يخدم المسيحيين ولا المسلمين ولا سائر ابناء الوطن”.
لحكومة انقاذ
هذا سياسيا. اما على الارض، فنفذ امس اضراب شل معظم القطاعات، من المصارف الى المطار مرورا بالسائقين وموظفي القطاع العام (…)، احتجاجا على الوضع المعيشي ومطالبة بحكومة انقاذ. في السياق، دعا رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، في التجمع المركزي من امام مقر الاتحاد “الساسة بأن يتوقفوا عن التراشق والاتهامات والمحاصصة ويبادروا إلى تأليف حكومة إنقاذ”.
الازمات تراوح
في الغضون، الازمات المعيشية تراوح، ولا حلول جذرية رسمية لها حتى الساعة، الدواء والبنزين والمحروقات شبه مفقودة والناس تصطف في الطوابير للحصول عليها… وكان صدر اليوم جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية عن وزارة الطاقة والمياه، فارتفع سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان 1800 ليرة، والـ95 أوكتان والمازوت 1700 ليرة، وسعر قارورة الغاز 1400 ليرة. وأصبحت الأسعار على النحو الآتي:- البنزين 98 أوكتان 44800 ل.ل.- البنزين 95 أوكتان 43500 ل.ل.- المازوت 31700 ل.ل. – قارورة الغاز 26600 ل.ل.
القائد يحذر
وبينما وصلت مفاعيل الازمة الاقتصادية الخانقة الى مؤسسة الجيش اللبناني، استضافت فرنسا اليوم مؤتمراً برعاية الأمم المتحدة، عبارة عن تجمّع دولي لمساندة الجيش اللبناني عبر آلية الفيديو بحضور ما يقارب 20 دولة وعدد من المنظمات الدولية.
وفيما اكد المشاركون ضرورة دعم الجيش وتأمين متطلبات الدعم الاساسي له ليبقى قادراً على القيام بمهامه في المحافظة على الأمن والاستقرار، أكد قائد الجيش العماد جوزيف عون أن “لبنان يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة ويبدو واضحاً انعدام فرص الحلول في الوقت القريب والجيش يحظى بدعمٍ وثقة محلية ودولية لذا تزداد الحاجة اليوم أكثر الى دعمه ومساندته كي يبقى متماسكاً وقادراً على القيام بمهامه”.. وحذّر من ان “استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان سيؤدي حتماً الى انهيار المؤسسات ومن ضمنها المؤسسة العسكرية وبالتالي فإنّ البلد بأكمله سيكون مكشوفاً أمنياً”.
بري عرض التطورات مع زواره
استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، النائبين انور الخليل ومحمد خواجة، حيث جرى البحث في الاوضاع العامة والشؤون التشريعية.
كما عرض الرئيس بري آخر المستجدات السياسية والاوضاع الامنية، خلال استقباله نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع والخارجية بالوكالة في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر.
وبعد الظهر التقى رئيس المجلس توفيق سلطان.