كتبت صحيفة “الديار” تقول: على وقع تحذير قائد الجيش العماد جوزاف عون من الانكشاف الامني والانهيار الكبير، وفيما تواصل التراشق بين بعبدا وعين التينة على مستوى منخفض بالامس، انتهت ساعات “حبس الانفاس” بعد انتهاء دعوة الاتحاد العمالي العام للاضراب العام دون انزلاق البلاد الى “الفوضى” بعدما “تهيبت” القوى السياسية “المتناحرة” التي “ركبت” موجة الحركة الاحتجاجية، استخدام “الشارع” صندوقة بريد سياسي في المواجهة المفتوحة بين بعبدا – ميرنا الشالوحي، وعين التينة -بيت الوسط، فانتهى المشهد “الهزيل” بخطاب وتجمع امام مقر الاتحاد العمالي فيما شهدت بعض المناطق اللبنانية قطعاً للطرقات، سرعان ما عملت القوى الأمنية على فتحها، دون اي مواجهات تذكر، فيما نجح الإضراب الشامل في معظم القطاعات النقابية والعمالية والاقتصادية، والمؤسسات الرسمية والخاصة، وتبين بما لا يدع الشك ان القوى السياسية تتحكم بنبض”الشارع” وتحركه لمصالحها السياسية بعيدا عن الازمة المعيشية الخانقة التي تتحمل مسؤوليتها بالشراكة التامة في بينها.
فعشية يوم الاضراب كان المشهد ليكون طبيعيا بامتياز، نظرا للانهيار الحاصل في البلاد، لولا دخول أحزاب السلطة على “الخط” ودعوتها مناصريها إلى المشاركة فيه، وفي المقدمة تيار المستقبل، وحركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، وانضم اليهم “بخجل” التيار الوطني الحر.وقد اثار هذا “التحشيد” الكثير من “الريبة” بعد يوم طويل من بيانات “الردح” بين الرئاستين الاولى والثانية وتعاظمت المخاوف من استخدام “الشارع” في تصفية الحسابات السياسية بعدما دخلت مبادرة الرئيس نبيه بري الحكومية في “موت سريري”، لكن تحذيرات قيادة الجيش “ونصائح” حزب الله افضت الى “تهيب”مختلف القوى السياسية للموقف، وفضلت “ضبط” التحركات خوفا من انفلات امني غير محسوب النتائج، فطوي المشهد الاحتجاجي دون نتائج عملية، ويكفي للدلالة على ذلك التصريحات المستهترة، وغير المسؤولة، والمستفزة، لوزير الطاقة ريمون غجر الذي بشر اللبنانيين بارتفاع صفيحة البنزين الى مئتي الف ليرة، ودون ان يرف له “جفن” وبدل ان يقدم الحلول بصفته وزيرا مسؤولا امام الشعب، اقترح على المواطن التخلي عن سيارته واستعمال “شيء” آخر؟!
“رسائل” بعبدا ْ
ووفقا للمعلومات، تطايرت “الرسائل” من بعبدا في مختلف الاتجاهات،عشية الاضراب العام، مؤكدة ان موقع الرئاسة والفريق السياسي الذي يمثلها لن يكون “مكسر عصا” هذه المرة، ولن يسمح بتوجيه الحركة الاحتجاجية في “الشارع” سياسيا ضدها، لان هذا الفريق لن يقف مكتوف اليدين،هذه المرة، وسيكون هناك “شارع ” مقابل “شارع”، اذا ما تبين ان ثمة قوى تريد ان تضغط على الرئاسة الاولى بتقديم تنازلات حكومية عبر “احراق” البلد، وهذا الامر لن يحصل باي حال من الاحوال، وكل التجارب السابقة اثبتت ان سياسة “لي الاذرع” مع الرئيس عون لم تجد نفعا، وهي لن تجدي الآن. وقد توسعت مروحة الاتصالات ليل امس الاول، وطلبت بعبدا من الاجهزة الامنية كافة، وفي مقدمها الجيش اتخاذ ما يلزم من اجراءات لحفظ النظام العام في البلاد ومنع الفوضى.
تحذيرات قيادة الجيش
في هذا الوقت، كانت “اليرزة” تتحرك على اكثر من خط، وحذرت قيادة الجيش كافة القوى السياسية من ارتكاب مغامرات قد تؤدي الى دخول البلاد في الفوضى الامنية، طالبة “ضبط” التحركات لان مواجهة اعمال العنف التي ستتفجر تحت عنوان مطلبي، ستكون صعبة للغاية في هذه الظروف، وستكون القوى الامنية في موقف حرج للغاية، لانها من جهة تتفهم “وجع” الناس، لكنها من جهة اخرى لن تسمح باستغلال هذا الوجع في السياسة، وستواجه اي محاولة لضرب الاستقرار العام في البلاد.
نصائح حزب الله
تحذيرات الجيش، ترافقت مع “نصائح” عمل على ايصالها طوال ليل امس الاول حزب الله الى كافة الاطراف خصوصا حليفيه في بعبدا وعين التينة، بعدم نقل الصراع الى “الشارع”، “وضبضبة” حرب “البيانات” ولجمها للحفاظ قدر الامكان على “خط الرجعة” في ظل فقدان اي خيار بديل الان عن مبادرة الرئيس بري، واذا كان لا مجال للتقدم حاليا يفضل عدم الانزلاق والتراجع نحو “متاريس” سبق وتم ازالتها في السابق وعادت الان لترفع بين الجانبين.
تطمينات بري والحريري
في المقابل جاءت “التطمينات” من عين التينة مبكرا، معطوفة على “مونة” واضحة على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بانه لا نية لتحريك “الشارع” في وجه احد، والانضمام الى الاضراب العام مجرد دعم “صادق” لمطالب الناس التي تريد تشكيل حكومة اليوم قبل الامس، وهو امر تبلغه ايضا النائب السابق وليد جنبلاط خلال زيارته الى عين التينة، حيث لم يخف “تهيبه” من “لعبة” “الشارع” ايضا، فكان الجواب قاطعا من قبل رئيس المجلس انه ليس في نيته افتعال الازمات بل يريد حلها، وليس بحاجة للضغط على احد عبر “استغلال” اوجاع الناس! هذا الكلام تبلغه ايضا حزب الله، كما حرص الرئيس الحريري على التاكيد عليه بعد تلقيه عدة اتصالات بهذا الشان، وهكذا تم تمرير “القطوع” دون اي خسائر، وتبين ان مخاوف الفريق الرئاسي “وهلعه”مبالغ فيها، ليس لان “نوايا”خصومه سليمة، بل لان الجميع “يتهيب” الدخول في “النفق المظلم” دون “كوابح” ودون “مظلة” حماية لا تبدو انها مؤمنة داخليا او خارجيا اقله الان.
التحركات الخجولة..
وعلى وقع الحراك الباهت في الشارع، دعا رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، الساسة إلى أن يتوقفوا عن التراشق والاتهامات والمحاصصة، ويبادروا إلى تأليف حكومة إنقاذ وجدد تهديده بالعصيان المدني في حال لم تبادر السلطة إلى حل الأزمات المتراكمة، معتبراً أن الاتحاد العمالي العام هو القوة الوحيدة الجامعة في البلد لكل الأطياف، من دون أي تحييز.
وفي بيروت أقفلت القوى الأمنية بعض الطرقات الرئيسية، وحولت السير إلى الطرق الفرعية، بعد قطع السير من قبل محتجين بمستوعبات النفايات عند تقاطع جامع عبد الناصر في كورنيش المزرعة، وعند تقاطع الكولا، وطريق المدينة الرياضية من كل الاتجاهات.أما المدخل الجنوبي للعاصمة، فقُطع على جسر خلدة بالاتجاهين من قبل محتجّين، قبل أن تعمل القوى الأمنية على إعادة فتحه.شمالاً، كانت المشاركة اقل من عادية ففي طرابلس، و قطع محتجون الطريق عند تقاطع شارع عزمي في وسط المدينة، وعلى طريق حلبا-العبدة محلّة الحصنية، وأعادت القوة الأمنية فتحها، اما في المنية فكانت الحركة عادية. وفي منطقة الشوف، تجمع عدد من المواطنين عند مستديرة بعقلين – بيت الدين في المقابل كان التجاوب ملحوظاً في البقاع، حيث قطع عدد من الشبان الطريق جزئياً عند ساحة شتورة والطريق الدولية عند مدخل بعلبك ودوّار دورس الحبلي، ونفّذ القطاعان العام والخاص في بعلبك إضراباً شاملاً. جنوباً، عاشت عاصمة الجنوب صيدا يوماً عادياً، في المقابل، أقفلت المؤسسات المستقلة في النبطية، وفي حاصبيا كذلك، التزمت المؤسسات والدوائر الرسمية والخاصة بالإضراب، بما فيها المصارف.كذلك نفّذ اتحاد النقل الجوي وقفة في محيط مطار بيروت الدولي، أمام مبنى من دون أن يعمدوا إلى قطع الطرقات.
زمن الاشتباك
حكوميا في زمن الاشتباك، لا حديث عن المبادرة الحكومية، وما قيل علنا خلال الساعات القليلة الماضية تولت استكماله “حرب” المصادر، حيث تحدثت “بعبدا” عن حرب وجودية يخوضها الرئيس المسيحي في الشرق للحفاظ على حقوق لا يمكن التفريط بها، لان المعركة ليست شخصية، مشيرة الى ان العلاقة مع حزب الله ليست على ما “يرام”، واشارت الى انها تنتظر خروجه من “الحياد” السلبي،الذي يؤذي العلاقة الثنائية، وقد حان وقت رد “الجميل” الذي دفع الفريق السياسي للرئيس ثمنا باهظا.!
الحريري والتحشيد المذهبي
في هذا الوقت، واصل الرئيس المكلف سعد الحريري حشد “التاييد المذهبي” لمواقفه فالتقى رؤساء الحكومات السابقين وبحث معهم “ترنح” مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ووفقا لاجواء اللقاء كان ثمة اجماع على ان الامال بتحقيق أي خرق جدي لم يعد واردا في الظروف الراهنة..كما استقبل الحريري مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو على رأس وفد من مشايخ جبل لبنان، ورفض الجوزو”الاعتداء على الطائفة السنّية بأي شكل من الأشكال!
بيت الوسط” والاجواء سلبية”
الاجواء سلبية في “بيت الوسط”، حيث نقل زوار الحريري تاكيده ان الرئيس عون لا يريد ولادة الحكومة برئاسته في عهده، لان همه الاول والاخير “توريث” جبران باسيل، لا انقاذ البلد من “الغرق”، وهو يستخدم السلاح “الطائفي” لانقاذ شعبية “التيار” المتدهورة..ووفقا لمصادر “المستقبل” من المرجح ان يلتقي الحريري مع بري قريبا، لتقيم الموقف “ليبنى على الشيء مقتضاه”.اما في عين التينة، فاقرار بان منافذ “المبادرة” مقفلة، ولا جديد لدى الرئيس بري الذي يبقي مسعاه على “الطاولة” دون آمال كبيرة بحدوث اختراقات.
“التراشق” مستمر..
وفي سياق التراشق الاعلامي، اكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس ان “من يحاول ان يرشق الرئيس بري بسهام الكذب والخداع لا يخدم المسيحيين ولا المسلمين ولا سائر ابناء الوطن”. واشار الى ان مواقف القيادات السياسية في “التيار الوطني الحر” لن تثمر الا الخراب .. في المقابل، غرد عضو تكتل لبنان القوي النائب جورج عطالله عبر حسابه على “تويتر” قائلا : يبدو أن هناك من اكتشف أن كل من رباهم من أرانب وحمام زاجل فشلوا في المهمة المكلفين بها، الأمر الذي إستدعى تدخله المباشر، فسقط إدعاء العيش المشترك، وسقط إدعاء الحفاظ على الميثاقية، والنبيه من الإشارة يفهم”.
حزب الله يخرج عن “صمته”
في هذا الوقت، خرج حزب الله عن صمته حاملا “العصا” من الوسط بين حليفيه، قاطعا الطريق على اي محاولة لجره وراء “الاصطفافات” والمواجهة المفتوحة بين “حليفيه”، ولهذا انتقد الحزب عن كتلته النيابية، حرب البيانات والخلاف على “جنس الملائكة”، في تاكيد على استمرار سياسة “الحياد” الايجابي والناشط بين الرئيسين عون وبري. في المقابل اكد نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم،ان الحزب يستخدم قوته في محلّها الصحيح، بوجه إسرائيل، وفي العمل من أجل مصلحة الناس وفي الخدمة الاجتماعية عندما يستطيع، وفي تأليف القلوب بدل وضع الأسافين، مستطرداً: لكننا لا نملك لا قوة إلزام ولا نؤمن بالفوضى والأعمال غير الدستورية. وشدد قاسم على أن الحزب في موقع الضغط والتشجيع والترغيب لحصول الاتفاق، لكونه لا يملك صلاحيات دستورية، فيبقى جزءاً من أجزاء الجمع والتوافق والتعاون، وبغير ذلك، لا يملك لا صلاحيات ولا قدرة على إنجاز أمر موجود في الدستور كصلاحية للرئيسين، المكلّف والجمهورية”.. وفي “رسالة” واضحة الى من يعينهم الامر قال قاسم أن ما نسمعه من خلافات حول التشكيل، لا علاقة له لا بموقع رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الحكومة، ولا بموقع الطائفة وصلاحيات الموقع، ولا بمستقبل هذه الطائفة أو تلك، كل الإشكالات قابلة للحل، ولكن تحتاج إلى بعض المرونة. من جهتها اكدت كتلة الوفاء للمقاومة أن الظروف الاقليمية والداخلية تفرض الإسراع في تأليف الحكومة وانتقدت “الكتلة” معركة البيانات بين “الحلفاء”، معتبرة أنّ ما يزيد الوضع سوءاً هو النقاش الدائر حول جنس الملائكة مشيرة إلى أن التنازلات المتبادلة ضرورة حاكمة على الجميع، وليست منقصةً لأحد، في حين أنّ التصلّب سيؤدي إلى تعطيل الحلول وتعقيد المعالجات، وإضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين.
شكوى باسيل
في هذا الوقت، استسلمت باريس امام حالة الاستعصاء اللبنانية، وقد عبرت السفيرة الفرنسية آن غريو عن عدم “ارتياحها” لما آلت إليه الامور، في اللقاء مع رئيس “تكتل لبنان القوي” جبران باسيل حيث استمعت الى مواقف شكواه المكررة حول حقوق المسيحيين، والاعتداء عليها من قبل الاخرين، ورفض رئيس الجمهورية القبول باي تجاوز للمعايير الدستورية، ووفقا للمعلومات، لم تطرح السفيرة الفرنسية أي أفكار جديدة من شأنها أن تؤدي إلى تخطي العقبات الموجودة، وكررت موقف بلادها الداعي الى ضرورة تشكيل حكومة في اسرع وقت!
قائد الجيش” والانهيار”
في غضون ذلك، انعقد المؤتمر الدولي الافتراضي لدعم الجيش اللبناني بدعوة من فرنسا ودعم من الأمم المتحدة وإيطاليا وبمشاركة 20 دولة بينها دول خليجية. وقد حذّر قائد الجيش العماد جوزف عون من أن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان سيؤدي حتماً إلى انهيار المؤسسات ومن ضمنها المؤسسة العسكرية وبالتالي فان البلد بأكمله سيكون مكشوفاً أمنياً”، مشدداً “على ضرورة دعم العسكري كفردٍ لاجتياز هذه المرحلة الدقيقة إضافةً إلى دعم المؤسسة ككل،ولفت الى ان الجيش هو المؤسسة الوحيدة والأخيرة التي لا تزال متماسكة وهي الضمانة للأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة وأي مسّ بها سيؤدي إلى انهيار الكيان اللبناني وانتشار الفوضى ونؤمن بأننا سنجتاز هذه المرحلة الصعبة والدقيقة بفضل عزيمة جنودنا وإرادتهم وبدعم اللبنانيين والدول الصديقة.
باريس وتحذير من “الانفجار”
ووفقا لاوساط دبلوماسية، قررت باريس التحرك لدعم القوى الامنية اللبنانية لحمايتها من المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، خصوصا ان الافق غير واضح في هذا السياق، ولهذا فان الهم الاول والاخير وهو رفع معاناة المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية لرفع ما أمكن من معاناتها المترتبة على تدهور الوضعين الاجتماعي والاقتصادي الذي بات يهدد بحسب التقديرات الاستخبارتية بانفجار شامل يأخذ لبنان إلى “الفوضى”.
وفي هذا السياق، اعدت قيادة الجيش قائمة مفصلة بحاجات المؤسسة العسكرية، وفي مقدمتها توفير المواد الغذائية والمساعدات العينيَّة،وتزويد الجيش اللبناني بقطع غيار لمعداته وأجهزته. ويجري البحث جديا في احتمال تقديم المساعدات المادية ما بين 50 و200 دولار لعناصر وضباط الجيش تعويضاً عن تدنّي قيمة رواتبهم، والعمل جار لتشمل هذه المساعدات قوى الامن الداخلي والاجهزة الامنية الاخرى…