بخلاف القول المأثور “يرضى القتيل وليس يرضى القاتل”، يسير ملف انفجار المرفأ حيث رضي القاتل بجريمته ولن يرضى أهالي الشهداء بقتل أبنائهم مرتين، مرة بنيترات الأمونيوم ومرة بتجهيل المسؤولين عن قتلهم… “فمصدر النيترات معروف والدولة التي استوردته معروفة”، وفق صرخة أهالي شهداء فوج الإطفاء أمس، معربين عن توجسهم من تسويف التحقيقات وطمس الحقائق سيما وأنّ الوعود التي سمعوها طيلة 4 أشهر من المحقق العدلي الجديد بـ”محاسبة جدية للمتورطين الفعليين لم تُترجم بعد”، فقرروا “عدم السكوت” بعد اليوم لأنّ “فترة السماح انتهت”.
وما عزز شكوك الأهالي بمحاولة تمييع قضية أبنائهم، المعلومات المتواترة عن اتجاه التحقيق العدلي نحو تكريس فرضية “الإهمال” وحصره بأدنى المستويات الوظيفية ما يرفع المسؤولية تالياً عن كبار المسؤولين في الدولة الذين أقرّوا بعلمهم المسبق بخطورة تخزين شحنة الأمونيوم في المرفأ ضمن نطاق لصيق بالأحياء السكنية وسط العاصمة، غير أنّ مصادر مواكبة لملف التحقيقات الجارية نقلت معطيات تفيد بأنّ “المحقق العدلي طارق بيطار يحضّر لإطلاق مروحة جديدة من الاستدعاءات قريباً، ويسابق الزمن للإقدام على خطوات مهمة قبل حلول الذكرى السنوية الأولى لانفجار الرابع من آب”.
وإذ لم توضح ماهية هذه “الخطوات المهمة” المرتقبة، تكتفي المصادر بالتأكيد أنّ “الحكم النهائي لن يصدر بطبيعة الحال قبل 4 آب المقبل نظراً لكون حجم الملف كبيراً جداً ومتشعباً بين الداخل والخارج، لكن بالطبع ستكون هناك خطوات متقدمة في الفترة المقبلة على الطريق نحو بلورة صورة التحقيقات والاتجاهات التي تسلكها”، داعيةً في هذا السياق إلى ترقب “استدعاءات جديدة تطال شخصيات في مواقع مسؤولية متعددة”.
وعن سقف المسؤولية الذي ستبلغه استدعاءات المحقق العدلي، تشدد المصادر على أنه “ليس هناك شخصيات كبيرة وشخصيات صغيرة بنظر التحقيق القضائي بل هناك شخصيات مسؤولة وقد تكون في وزارة أو في المرفأ أو في أي موقع آخر مرتبط بالقضية”، كاشفةً في ما يتصل بطلبات إخلاء السبيل التي أبدى رأيه فيها المدعي العام العدلي القاضي غسان الخوري أمس، عن “تقديم طلبات كثيرة لإخلاء سبيم لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تحصيل حقوق المسيحيين الوزارية عن أي منعطف إيجابي باتجاه ولادة الحكومة، إنما على العكس من ذلك كل المؤشرات والمعطيات المتقاطعة تفيد بأنّ خطوة باسيل “زادت التعقيد تعقيداً”.
فبعدما تعمّد إخراج “حزب الله” من كواليس المشهد الحكومي ووضعه في واجهة الأحداث، سارعت قيادة الحزب إلى تنفيذ مناورة التفافية على تفويض باسيل بتعاملها “البارد” معه وتبديدها أوهام زرع الشقاق بين الثنائية الشيعية، وذلك من خلال إعادة التوكيد على استمرار نصرالله في تفويضه الشخصي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري المبادرة لحل الأزمة الحكومية.
وبهذا المعنى رأت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات الحكومية أنّ إيفاد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا للقاء باسيل وليس المعاون السياسي لأمين عام “حزب الله” حسين الخليل، هو بحد ذاته “رسالة بالغة الدلالة تؤكد أنّ الحزب ليس في وارد المبادرة حكومياً أكثر منه “الطبطبة” على باسيل والاستماع إلى ما لديه ليقوله، بانتظار أن يطلّ نصرالله شخصياً (غداً) ليحسم الموقف إزاء تفويضه تأمين حصة رئيس الجمهورية وتياره السياسي في الحكومة العتيدة”.