الرئيسية / صحف ومقالات / النهار:عاصفة الغضب تتفلّت “برعاية” الفراغ السياسي
النهار

النهار:عاصفة الغضب تتفلّت “برعاية” الفراغ السياسي

لعله اليوم القياسي لاشتعال مظاهر #الغضب العارم المتجول بحيث لم يترك مدينة، ولا بلدة، ولا طريقا رئيسيا، الا وقطعت وأشعلت عندها النيران فيما تجاوزت الأمور منحى التعبير الغاضب الى بعض الصدامات مع القوى الأمنية  في دلالة بالغة الخطورة على صعود حالة الاحتقان الشعبي الى مستويات باتت تنذر بالتفلت الأشد خطورة من كل الحقبات السابقة منذ اندلاع انتفاضة17 تشرين الأول 2019. يوم الغضب هذا تصاعدت احتداماته بقوة لافتة في ساعات بعد الظهر واتسعت على نطاق كبير بحيث لم يبق طريق أساسي ببيروت والضاحية وطرابلس وصيدا والبقاع ومعظم مناطق جبل لبنان الا وقطعت بالاطارات المشتعلة، فيما بدا واضحا ان المعالجات التخديرية والظرفية لأزمة المحروقات ومعها “كارثة” الاشتعالات المطردة  لسعر الدولار في السوق السوداء لعبت الدور الأسوأ في تأجيج عاصفة الغضب الشعبي وتفجيره على الغارب بما ينذر بعدم  إمكان السيطرة على هذه العاصفة بسهولة بعد الان. ولعل المؤشر الأكبر على الخوف من تفلت الغضب وانفجاره وربما إمكان توظيفه واستغلاله على ايدي مندسة تتربص بالبلاد، وتسعى الى تحقيق اختراقات امنية، برز في ان هذا الغضب لم يتراجع امام الإجراءات المالية والإدارية التي اطلقها #مصرف لبنان واتاحت بدء دخول بواخر المحروقات للشروع في تفريغها ايذاناً بانهاء أزمة البنزين والمازوت وإزالة الاحتقانات المتراكمة في الشارع جراء الزحمة الخانقة على محطات المحروقات. اذ ان تراكمات الازمات المترابطة بدت أكبر واكثر تعقيداً من توقع احتواء العاصفة لمجرد إصدار جدول تركيب أسعار  جديد للمحروقات سيصدر اليوم على سعر صرف الدولار بـ3900 ليرة ووعد بعودة انتظام تسليم المحروقات. ولم تكن الدعوة المفاجئة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس الأعلى للدفاع لعقد جلسة طارئة بعد ظهر اليوم سوى دليل إضافي على ما بلغته الأوضاع من تدهور يهدد الاستقرار الأمني في ظل انعدام الأفق للحل السياسي المتمثل حصراً بتشكيل حكومة إنقاذية، بل ان الوقائع الدامغة تثبت ان احتدام عا صفة #الاحتجاجات والغضب الشعبي إنما هو النتاج الحتمي للفراغ السياسي الذي تحول المحفز الأساسي للاهتزازات المقلقة الجارية .

ازمة المحروقات    

ومع يوم الغضب الماراثوني بدت كل القطاعات تحت وطأة شح المحروقات وانقطاعها من الاسواق. ففيما استمرت الطوابير امام المحطات، اقفل جزء كبير من المؤسسات أبوابها في انتظار التسعيرة الجديدة التي ستصدر عن وزارة الطاقة صباح اليوم .

وسارع مصرف لبنان الى الإعلان، أنه ابتداء من امس بدأ  ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم ب#فتح اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية. وعلى الأثر بدأ  تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ  . وانعكست الازمة على عمل عدد من المؤسسات العامة ومديريات الأمن. فمع ساعات الصباح توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما  توقفت أنظمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المال في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن .

وأفيد ان  رئيس الجمهورية تابع تطور أزمة المحروقات في البلاد والمعاناة التي تواجه المواطنين لاسيما امام محطات الوقود، فأجرى اتصالات شملت وزير الطاقة والمياه ريمون غجر والإدارات المعنية في الوزارة، وطلب اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من اجل المساهمة في التخفيف من حدة الازمة المفتعلة، ووقف استغلال المواطنين. كذلك اتصل الرئيس عون بوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي وعدد من القادة الأمنيين، وطلب اليهم مساعدة الاجهزة الإدارية المعنية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين، والتشدد في تطبيق القوانين مع المخالفين، الى حين تراجع الازمة خلال الـ 48 ساعة المقبلة.

ووسط هذه الاجواء القاتمة، عادت حركة قطع الطرق الى الاشتداد على امتداد المناطق اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي، وبلغت حركة قطع الطرق ذروتها في ساعات بعد الظهر والمساء .

مواقف من الحكومة

على الصعيد السياسي، بدا شبه مؤكد ان كل ما أثير عن تحريك لملف #تشكيل الحكومة لم يتجاوز اطار المناورات المعتادة ولم تسجل أي حركة جديدة يمكن الرهان عليها جدياً. وبدا لافتاً الموقف الذي اتخذه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد اذ شدد على  ان “حزب الله والمقاومة وشعبها أحرص على الاسراع في تأليف حكومة تستعيد بناء الدولة ونظامها الاقتصادي والمصرفي، وقدرتها على إثبات الوجود والوقوف في وجه التحديات، وعلى أن تقول رأيها الصريح، وتضحي من أجل هذا الرأي في علاقاتها الدولية وتحالفاتها وخصوماتها ومواجهة عدوها الوحيد في المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب”. ولكنه طالب البعض بأن “يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون بأن المشكلة التي تؤخر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة #الانتخابات النيابية علما أن هناك حوالي الـ10 أشهر لموعد الانتخابات، وبالتالي، لا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزؤوا بنا، بانتظار أن نتنافس انتخابياً لنثبت أننا ديمقراطيون”، ودعا هؤلاء إلى أن “يشكلوا الحكومة، وأن ينطلقوا في العمل، وأن يتركوا الأشهر الأخيرة الباقية من عمر الحكومة للانتخابات النيابية تحضيرا وإنجازا”، لافتا الى ان “صراعاتنا مع بعضنا البعض تستلزم أن نثير العصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منا من سيربح في الانتخابات المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد”. وشدد على أن “العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية يذهب أعضاؤها، ولكن الوطن وأبناؤه يبقون، وبالتالي على البعض في لبنان أن يتركوا مأثرة لهم في هذا الزمن”.

اما حركة “امل”، فقالت في بيان  “البلد يكاد يصل إلى نقطة اللاعودة مع المراوحة التي تعطل تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل”، مضيفة “ محاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن”، ودعت الى “الكف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول”.

من جهة ثانية، دعا رئيس #مجلس النواب #نبيه بري الى #جلسة عامة، تعقد عند الحادية عشرة من قبل ظهر يومي الاربعاء والخميس المقبلين، وكذلك مساء اليومين المذكورين، في قصر الاونيسكو لدرس واقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، ومنها مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم7797 إقرار البطاقة التمويلية و فتح إعتماد إضافي إستثنائي لتمويلها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *