مع سلطة الترقيع والتجويع والإفلاس والإهتراء والعجز، القابضة على الدولة والقرار، لن يحظى اللبنانيون بلحظة أمان، وسيبقى لبنان يتجوّل بين الأزمات، وطوابير الإهانة والإذلال ستتمدّد على طول هذا البلد وعرضه، أمام محطات المحروقات والأفران والصيدليات والسوبر ماركت وفي كلّ الساحات. وسيُلقى أمنه واستقراره في مهبّ احتمالات وسيناريوهات شديدة الخطورة، تعكس عدم قدرة المواطن اللبناني على تحمّل اعباء الازمات وأثقالها مالياً ونقدياً واقتصادياً ومعيشياً، ويندرج في سياقها توتر الوضع الأمني في طرابلس، وسط ظهور مسلح كثيف واطلاق نار في احيائها، وهو الامر الذي يعزز المخاوف من فلتان الوضع فيها وخروجه عن السيطرة وتمدّده إلى مناطق أخرى.
هي حقيقة عابرة لكلّ المناطق والطوائف، عن سلطة مُهانة رذلها اللبنانيون، وصارت في نظرهم ميّتة لا رجاء منها، فيما هي تدفن رأسها في وحل الخيبة والفشل والإنكار، تكابر في الدجل على الناس، وتهرب الى الامام باشتباكات عنوانها البذاءة والشتيمة في كلّ الإتجاهات، وتحاول أن تستر عوراتها بادّعاءات الفضيلة والعفّة السياسية، أقبح من ذنوبها ورذائلها التي لا تُغتفر.
مع سلطة كهذه؛ أجهزت على البلد، وقيّدته بتعقيدات لا تفكّْ، وراهنت به لقاء وزيرين استجابة لغباء المستشارين وطموحات الأقربين، سيبقى جرح البلد مفتوحاً وغائراً إلى أسفل العمق، إلى حين تأتي ساعتها السياسية وترحل.
الإجتماع الثلاثي
اللبنانيون المنكوبون الذين أفقرتهم هذه السلطة، باتوا يتطلّعون الى أن يأتيهم بصيص أمل من أي مكان، يكسر منحى هذه السلطة ويفك حصارها عنهم، ويوقف مسار الانحدار والانهيار المدمّر الذي دفعت البلد إليه. ومن هنا، من قلب الإنسداد الداخلي السياسي والحكومي، انشدّوا في الساعات الماضية، نحو الإجتماع الثلاثي؛ الاميركي – الفرنسي – السعودي حول لبنان، لعلّ ما دار فيه يفتح عليهم نافذة فرج!
لا معطيات إضافية عمّا ورد في تغريدة وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن حول اللقاء مع نظيريه الفرنسي جان إيف لودريان، والسعودي فيصل بن فرحان، على هامش اجتماع وزراء خارجية «مجموعة العشرين»، في مدينة ماتيرا الايطالية، إلّا أنّ الداخل اللبناني بكل مستوياته دخل منذ الاعلان عن حصول هذا الاجتماع في حال من الترقّب لما سيليه، مع سؤال وحيد احتل كل الصالونات السياسية: لماذا عُقد هذا الإجتماع في هذا التوقيت، وما الذي دفع إليه، وإلامَ يؤسّس، وهل أنّ الطبخة الحكومية انتقلت من المطبخ اللبناني الصغير إلى مطبخ الكبار؟
لا أحد في الداخل يملك الجواب، ما خلا فرضيات وتحليلات تُدرج الإجتماع الثلاثي في خانة الأهميّة الكبرى، واشارة بالغة الدلالة عن مقاربات جديدة واكثر جدّية وفعالية من تلك الدول للملف اللبناني.
له ما يكمله!
إلى ذلك، جزمت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية»، بأنّ اجتماع بلينكن ولودريان وبن فرحان، مهمّ جداً للبنان.
وقالت المصادر: «بلا أدنى شكّ، إنّ انعقاد اجتماع بهذا الحجم حول لبنان، بين دولتين كبريين مثل الولايات المتحدة الأميركية ودولة عربيّة كبرى مثل السعودية، ينطوي على أهميّة بالغة، وبالتأكيد أنّ أسباباً موجبة (لم تشأ الدخول في تفاصيلها) دفعت إلى انعقاده في هذا التوقيت الصعب الذي يمر فيه لبنان، والمؤكّد أيضاً أنّّ لهذا الاجتماع ما سيكمّله، سواء بين الدول الثلاث، او على المستوى اللبناني».
ولفتت المصادر، الى انّ المجتمع الدولي يشجع القادة في لبنان على تشكيل حكومة تبدأ بالخطوات الاصلاحية والانقاذية لهذا البلد، واجتماع الوزراء بلينكن ولودريان وبن قحطان، اكّد على ذلك في ما اعلنه وزير الخارجية الأميركي لناحية مسارعة القادة في لبنان إلى تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، لتحقيق الإستقرار الاقتصادي وتوفير الإغاثة التي يحتاجها الشعب اللبناني. ولكن ما يبعث على الأسف، هو انّ هؤلاء القادة لم يقدّموا للمجتمع الدولي وكذلك للبنانيين، ما يثبت انّهم بصدد تحمّل المسؤولية التي تقتضيها مواجهة الوضع البائس في لبنان.
وعمّا إذا كانت الضغوط جزءًا مما سيكمّل الاجتماع الثلاثي، قالت المصادر الديبلوماسية: «انّ وضع لبنان بات يستوجب ان تتشكّل حكومة تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني واجراء الاصلاحات. والوزيران بلينكن ولودريان اتفقا بوضوح في لقائهما قبل نهاية الاسبوع الماضي في باريس، على تحرّك مشترك للضغط على المسؤولين عن الأزمة في لبنان».
رصد حركة السفارات
وقالت مصادر سياسية خبيرة في الشؤون الأميركية لـ»الجمهورية»: «واضح انّ المقاربة الاميركية للملف اللبناني باتت أكثر زخماً مما كانت عليه قبل أشهر، والمعطيات الواردة من واشنطن تؤشر الى أنّ ادارة الرئيس جو بايدن صارت أكثر قرباً من المسألة اللبنانيّة. ومن هنا فإنّ الاجتماع الثلاثي لا ينبغي النظر اليه كمحطة عابرة، بل كمحطة جوهرية تؤكّد أنّ لبنان في عين الرعاية الاميركية والفرنسية، ويبدو أنّ البحث فيها تناول أسّس التعاطي مع الملف اللبناني من كافة نواحيه السياسية والحكومية، الى جانب المعضلة الاقتصادية والمالية الخانقة والتي باتت تهدّد الاستقرار في لبنان».
ولفتت المصادر، إلى أنّ هذا الاجتماع يعكس الحرص على استقرار لبنان، وخصوصاً بعدما بلغ فيه الوضع حداً خطيراً جداً، ومن هنا فإنّ الأيام المقبلة، وربما الساعات المقبلة، يجب أن تُرصَد فيها الحركة الديبلوماسية للسفارات الأميركية والفرنسية والسعودية. والواضح انه تمّ إشراك السعوديين في الاجتماع حول لبنان، لما لهم من تأثير مباشر في هذا الملف.
وتندرج في سياق الحركة الديبلوماسية المكمّلة للاجتماع الثلاثي، زيارة قامت بها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، الذي قال في تغريدة له، انّه «جرى خلال اللقاء استعراض ابرز المستجدات في الشأن اللبناني، مع تأكيدي للموقف السعودي الذي يشدّد على التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله، وعلى ضرورة الإسراع في تأليف حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلّع اليه الشعب اللبناني».
«بيروحو الزغار دعوسة»!
في هذا الإطار، أبلغ قطب وسطي إلى «الجمهورية» قوله: «لبنان يُحتضر وعلى وشك أن يموت وينتهي، والجماعة (يقصد القابضين على الحكومة) اصطدموا بعجزهم وغبائهم، وصار الاستقرار مهدّداً بالانفجار في أي لحظة، ولذلك، لا أستطيع أن انظر الى اجتماع بهذا المستوى، وفي هذا الوقت بالذات، إلّا من زاوية القلق على استقرار لبنان والخوف من انفلات الأمور، وهذا مؤشر ايجابي للبنان الى أنّه ليس متروكاً، وانّ ثمة ارادة لدى تلك الدول بمنع انهياره».
ورداً على سؤال قال: «ركّز الاجتماع على إجراء إصلاحات سريعة، وهي إشارة غير مباشرة تعكس استعجال تشكيل حكومة في لبنان تباشر فيها، وفق المبادرة الفرنسية التي تقول بحكومة مهمّة تنفّذ هذه الاصلاحات. فوزير المبادرة لودريان كان موجوداً في الاجتماع وتحدث قبل يومين عن تعاون اميركي- فرنسي للضغط على معطّلي تأليف الحكومة. اضافة إلى أنّ العامل المريح في هذا الإجتماع هو مشاركة وزير الخارجية السعودية فيه».
وخلص إلى القول: «استعجال تشكيل الحكومة اقوى هذه المرة، ولكن نتيجة التجربة مع جماعة التعطيل، أخشى أن تدفع عصبيات وانفعالات البعض الى مزيد من التهوّر، ربما هؤلاء لا يعرفون انّه عندما يجلس الكبار مع بعضهم، بيروحو الزغار دعوسة».
أوروبا عقوبات
أعلن مسؤول فرنسي أنّ باريس وواشنطن تفكران في كل الخيارات ضد مسؤولين سياسيين لبنانيين، بما يشمل فرض «عقوبات» من أجل حل الأزمة التي تشلّ هذا البلد.
وقال وزير الدولة للشؤون الأوروبية كليمان بون، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، إنّ «الموقف الأميركي هو نفسه على ما اعتقد مثل الموقف الفرنسي بإبقاء الضغط الأقصى وعدم استبعاد أي خيار بما يشمل فرض عقوبات إضافية». وأضاف: «لا أعرف ما إذا كان سيتم اتخاذ قرار على مستوى الاتحاد الأوروبي لأنه نقاش حسّاس، ولكن هناك الرغبة الأوروبية للنظر في عقوبات محتملة في الأسابيع المقبلة وفي مطلق الأحوال إبقاء الضغط».
وأوضح أنّ «الفكرة هي وضع نظام عقوبات، للإشارة إلى لبنان بأننا مستعدون للقيام بذلك ضد الأطراف السياسية الفاعلة التي تبقى مسؤولة عن العرقلة»، مضيفاً: «وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل «يعمل على حزمة محتملة من العقوبات بناء على طلبنا، وسنواصل استخدام الجزرة والعصا لكي تكون حزمة العقوبات هذه متوافرة»
متروك لمصيره
في موازاة هذه الصورة، بدا في الساعات الأخيرة وكأنّ الملف الحكومي قد تُرك لمصيره، ولم يبدر عن الاطراف المعنية به ما يؤشر الى تحرّك ما في اتجاه تذليل ما تبقّى من عِقد مانعة تشكيل الحكومة.
وفيما لم يبدر عن الرئيس المكلّف سعد الحريري ما يوحي بجديد طرأ على موقفه، برز موقف لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، اعتُبر تصعيدياً، وقال فيه: «الأكيد انّه لا يجوز الاستمرار كما نحن، على رئيس الحكومة المكلّف ان يحسم أمره اذا يريد ان يؤلّف او ان يعتذر؛ وبحال استمرّت المماطلة، على المجلس النيابي ان يحسم أمره، امّا بتعديل دستوري لوضع المِهل او بإستعادة القرار، والّا فليعلن عجزه وينهي ولايته بتقصير مدّتها… ما منقدر نكفّي هيك!».
الحكومة: ولا قرش؟!
الى ذلك، عكس مرجع سياسي مسؤول لـ»الجمهورية»، ما سمّاها سلبية خانقة تقبض على ملف التأليف، حيث قال رداً على سؤال عمّا استجد في الاتصالات حول الشأن الحكومي: «.. ولا قرش الله وكيلك. ما زلنا مطرحنا، والاتصالات التي يُحكى عنها غير موجودة أصلاً، وإن صار من كلام من حين إلى آخر، فهو لا يزال يدور حول نفسه، ولا خطوة الى الامام».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، من شأنه أن يدفع في اتجاه حلحلة الأمور، قال المرجع: «لا نعرف ما الذي بحثوه، ولكن نتمنى ان يشكّل عامل ضغط لتأليف الحكومة. مع الأسف اقفلوا كل ابواب التفاهم والتوافق، وفشّلوا كل المبادرات، ولذلك اعتقد أنّه لن يجدي مع فريق التعطيل سوى أن يُكره على الاستجابة لمطالبات اللبنانيين بتشكيل حكومة تضع لبنان على سكة الخلاص».
لا تفعيل للتصريف
وعندما سُئل المرجع المسؤول عما تردّد حول إمكان تفعيل حكومة تصريف الأعمال، سارعَ إلى القول: هذه هرطقة وجهل مُفجع بالدستور. أيّ حديث عن تفعيل حكومة تصريف الأعمال بقصد تعويمها وجعلها حكومة كاملة الصلاحيّات مخالف للدستور. فلا سبيل قانونياً او دستورياً لتفعيل حكومة مستقيلة تصرّف الاعمال في نطاق ضيّق.
يُشار هنا الى انّ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كان قد أعلن قبل نحو اسبوع رفضه الدعوات التي توجّه إليه لتعويم حكومته لمواجهة الأزمة المعيشية التي تشتد يوماً بعد يوم، وقال: إنّ السعي، الظاهر والباطن، لمقولات (تعويم) و(تفعيل) الحكومة المستقيلة، لا يستند إلى أي مُعطى دستوري. وبالتالي، هو محاولة للقفز فوق وقائع دستورية تتمثل باستقالة الحكومة، وبحصول استشارات نيابية ملزمة أنتجت رئيساً مكلفاً. واعتبر أنّ الدعوات لـ(تعويم) و(تفعيل) الحكومة المستقيلة، تشكّل اعترافاً بالفشل، ومحاولة للالتفاف على الهدف الأساس المتمثّل بتشكيل حكومة جديدة، ما يعني التسليم بالفراغ الذي يجب عدم الاستسلام له مطلقاً».
الجلسة التشريعية
في هذا الوقت، انعقدت الجلسة التشريعية في قصر الأونيسكو أمس، برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وصدقت الهيئة العامة للمجلس مجموعة من القوانين ابرزها قانون الشراء العام، حيث نقل عن النائب باسيل قوله انّ تكتل لبنان القوي بصَدد الطعن بهذا القانون لأنّ جزءاً منه غير دستوري. كذلك أقرّ القانون المتعلق بالبطاقة التمويلية، مع فتح اعتماد لها بقيمة ٥٥٦ مليون دولار.
وقد شهدت الجلسة حدثاً لافتاً تمثّل بانسحاب نواب تكتل الجمهورية القوية من الجلسة معتبرين انّ جدول اعمالها لا يلاقي هموم الناس لناحية الاسراع في تشكيل حكومة ووقف التهريب ومنع المس بالاحتياطي. وقال النائب جورج عدوان بعد الانسحاب: هذه المنظومة الحاكمة فيها رئيس حكومة مستقيل لا يبذل أيّ جهد للتخفيف عن الناس، ورئيس حكومة مكلف لا يجتمع مع رئيس الجمهورية. وأضاف «نشرّع لدولة ضعيفة تنهب الشعب والمصارف؟ عام ونصف العام نتحدث عن الإصلاح؟ أهناك مسؤول واحد تمّت محاسبته أو دخل إلى السجن»؟ وسأل: «ما المطلوب منّا اليوم؟ التشريع وكأنّ شيئاً لم يكن؟ تريدون منّا أن نعيش في عالم آخر والعالم تُذل خارج البرلمان؟». وأكد انه «لا يمكننا رؤية المسؤولين يتفرجون على معاناة الناس ولا يبذلون أي جهد، على الأقل أن يكون هناك أي ضمير حي للمُساءلة، على البرلمان أن يخصص جلسة كما وعدنا رئيسه للمساءلة». وشدد على أنه «لا يمكننا القبول بالاستمرار في نهب أموال الشعب»، مشيراً إلى انه «منذ عام ونصف العام أين ذهبت الـ17 مليار دولار؟ كارتيلات ونهب وتهريب وكل هذه الأسئلة لا يمكننا السكوت عنها». وأوضح أنّ «من ينتظر منّا الاستمرار بالبرلمان للسكوت والتغطية عمّا يجري، لا يعلم من هي القوات اللبنانية»، مضيفاً: «لن نستقيل، لكن نعلم متى نحضر الجلسات ونشرّع. واليوم نرفع الصوت لإيقاف ما قد يضرّ بمصلحة الشعب».
بري
وفي سلسلة مواقف له داخل الجلسة، قال الرئيس بري رداً على عدوان «أنا جاهز لعقد جلسة مناقشة، لكن البعض يتصرّف وكأنّ البلد ليس طائفياً. جميعنا يعرف عيوبه ويتمسّك بها». وأكد الرئيس بري «انّ المجلس النيابي اليوم يقوم بواجباته التشريعية ويقر قوانين أكثر من ضرورية، خاصة في موضوع مكافحة الفساد والبطاقة التمويلية، فضلاً عن أهمية إنجاز القوانين باعتبار ان شاء الله يصبح لدينا حكومة بأيّ ثمن كان، فنكون قد هيّأنا القوانين اللازمة للدعم الدولي».
كما اعتبر بري، خلال مناقشة قانون البطاقة التمويلية، انّ «المجلس النيابي ملزم مناقشة مشروع البطاقة التمويلية وإقراره، وتوفيراً على الزملاء من النقاش، لقد اطّلعنا على كتاب دولة رئيس مجلس الوزراء ونية الحكومة وعزمها اتخاذ الاجراءات وفق صلاحياتها وتقديمها، امّا كيفية توزيع الاعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد فستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق المجلس النيابي، وفقاً للأصول.
أضاف: أمّا الكتاب الذي استحصلتُ عليه من رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، فيقول: «حول موضوع ترشيد الدعم اذا ما أقرّت البطاقة، واشارة الى الموضوع، وعطفاً على مداولات اللجان النيابية المشتركة المتعلقة بموضوع البطاقة التمويلية، وانطلاقاً من توجهات الحكومة بملف ترشيد الدعم فور بدء العمل بالبطاقة التمويلية، نفيدكم بتعهّد الحكومة بتنفيذ برنامج ترشيد الدعم المرفق ربطاً والمُسند الى إقرار اللجان النيابية المشتركة بمعدل بطاقة تمويلية بمبلغ قيمته الوسطية 93.3 دولاراً اميركياً وحداً أقصى 126 دولاراً، مع الاشارة الى انه في حال تمّ تعديل قيمة البطاقة من قبل الهيئة العامة لمجلس النواب فإنّ ذلك سينعكس على نسبة الترشيد».
أضاف بري: «أود أن أخبر شيئاً حصل أمس الأول، وهو انّ صندوق النقد الدولي قرّر بشكل عام وتجاه البلدان التي لديها تأمينات في الصندوق أن يعيدها لأصحابها، ولبنان حصته من هذا الموضوع 900 مليون دولار، وقد تبلّغ وزير المالية ذلك بحسب معلوماتنا».
900 مليون دولار «بوَقتها»
وسط كل الاخبار السوداء التي تحيط باللبنانيين من كل حدب وصوب، برز امس خبر أبيض تمثّل بإعلان صندوق النقد الدولي انّ مجلسه التنفيذي ناقش اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء البالغة 650 مليار دولار، ليُحال بعدها الى مجلس المحافظين الذي يدرسه بدوره في شهر تموز. وفي حال إقراره تتم عملية التخصيص نحو نهاية شهر آب المقبل. والمتوقع أن تكون حصة لبنان زهاء 900 مليون دولار، يستطيع الاستفادة منها بعد الإقرار، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي لوزير المالية غازي وزني.
وبما انّ تجربة لبنان مع الدعم المالي الخارجي الذي يحصل عليه هي غير مشجّعة ولا تصبّ دائماً وبشكل كامل في مصلحة الفئات المستهدفة او الاهداف المرصودة، عَلت الاصوات المحذّرة من كيفية استخدام حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء التي سيوزّعها صندوق النقد الدولي في نهاية شهر آب المقبل والبالغة 900 مليون دولار، حيث اعتبر البعض انه على المجتمع الدولي منع لبنان من الاستخدام الحرّ لهذه المخصصات الإضافية، على ان تتم مراقبة استخدامها للتأكد من انها تستهدف فئات المجتمع التي تحتاجها بشدّة، أي لبناء شبكة الأمان الاجتماعي، وليس لدعم سياسات الدولة المالية والاقتصادية الخاطئة التي لم ولن تؤدي سوى الى إفلاس البلاد، وإفقار السكان وتجويعهم أكثر فأكثر.
كما شدّد المراقبون على انّ المخصصات المالية المنتظرة لا يجوز ان تُستخدم لخدمة الزعماء والسياسيين ولتمويل الانتخابات بشكل ضمنيّ من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي مفصّلة على قياس الناخبين، أي تخصيص التقديمات المالية من خلال البطاقات التموينية او التمويلية لمناصري أحزاب السلطة الحاكمة.
لقاء الفاتيكان
من جهة ثانية، وعشيّة لقاء يُعقد في الفاتيكان مخصّص للوضع اللبناني، دعا قداسة البابا فرنسيس المؤمنين المتجمّعين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، إلى أن يتحدوا روحيّاً مع قادة الكنائس في لبنان الذين سيجتمعون غداً (اليوم)، وأن يصلّوا من أجل لبنان كي ينهض من الأزمة الخطيرة التي يمر فيها ويظهر للعالم وجهه، وجه السلام والرجاء.
ونقلت أبرز الصحف الإيطالية صباح امس طلب الحبر الأعظم الذي جاء بعد تلاوته التبشير الملائكي، الذي قال فيه: «سينظّم هنا في الفاتيكان يوم خاص للصلاة والتأمل من أجل لبنان، مع قادة الكنائس في بلاد الأرز. سَنستلهم من النص البيبلي الذي يقول إنّ الرب الإله لديه أفكار سلام».