في كلام عالي السقف رسم الرئيس الصيني شي جين بينغ مستقبل صعود آسيا، مستنداً الى إنجازات اقتصادية واستراتيجية مثّلها تكامل الصين مع روسيا وإيران، في بناء شبكات ترسم جغرافيا آسيوية خارج مشروع السيطرة الأميركية، تتقدّمها شبكات الربط الصينية والاستثمارات الهائلة للصين في دول آسيا التي شكل الاتفاق مع إيران الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار آخر تجلياته، حتى تحوّل اجتماع السبعة الكبار بقيادة واشنطن الى مؤتمر للبحث في تمويل بنى تحتية منافسة للاستثمارات الصينية، وتجاورها شبكات صواريخ الـ أس أس 400 الروسية التي تنتشر على مساحة آسيا، لتشكل بديلاً منافساً للقواعد الأميركية التي صارت عبئاً على أصحابها وأخذت بالتفكك، بينما الشبكة الروسية الدفاعية تتمدّد من روسيا الى الصين والهند وتركيا وإيران وسورية، وتضاف إليها شبكات أنابيب النفط والغاز التي تصل إلى أوروبا غرباً والى الصين شرقاً، وتفتح العين على البحر المتوسط، وتبقى شبكات قوى المقاومة المنتشرة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسورية وأفغانستان وباكستان وعمقها في إيران الذراع الضاربة، التي تزعزع مرتكزات مشروع الهيمنة الأميركية، ليقف الرئيس الصيني متحدثاً بثقة عن أن من يتحدّى الصين عليه أن يتهيأ للاصطدام بسورها العظيم المكوّن من مليار ونصف المليار صيني، قائلاً إن زمن التنمّر على الصين قد ولّى إلى غير رجعة، أسوة بقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن زمن تهميش روسيا وإقصائها قد ولّى، وقول مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي، أن زمن تهديد إيران وإخضاعها بالعقوبات قد ولّى، وكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن زمن الهزائم قد ولّى.
على الضفة الآسيوية المقابلة، وفي دمشق حيث الساحة التي ترسم مستقبل التوازنات والمعادلات، وحيث تحضر كل قوى العالم والإقليم، وصل المبعوث الخاص للرئيس الروسي الكسندر لافرنتيف إلى دمشق والتقى بالرئيس الروسي الدكتور بشار الأسد، في زيارة مخصصة للتحضير لمؤتمر أستانة، الذي وصفته مصادر معنيّة بالمؤتمر وتحضيراته، بالحاسم هذه المرّة، حيث لم يعُد هناك متّسع للمزيد من المهل أمام الأتراك لحسم موقفهم، خصوصاً أن التقدّم في إنهاء الإرهاب في إدلب يشكل دفعاً ضرورياً لمسار جنيف التفاوضي ضمن اللجنة الدستورية للحل السياسي. وتوقعت المصادر أن تكون موسكو قد وضعت أولوية حسم الموقف التركي بعدما بات الوضع الميداني والسياسي بحاجة ماسة لنقلة نوعيّة في الأداء، الذي تشكل المواقف التركية نقطة الضعف التي تعيق تقدّمه.
لبنانياً، حيث الملفات المعيشية في الواجهة، من البنزين الذي ينتظر صدق الوعود، الى الدواء الذي يفترض أنه استثني من رفع الدعم في لقاء عقد في قصر بعبدا، وفقاً لمبادرة وزير الصحة بالإشراف على تحديد المواد المستوردة المدعومة والتحقق من توزيعها، بينما سعر الصرف الهادئ نسبياً لا يخفى كما جرت العادة أن يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة، ويبقى الملف السياسيّ عنوان الملفات، حيث لا تقدّم، بل انتظار يطول. فالمعلومات الواردة من باريس تقول إن اجتماع وزراء الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن والسعودي فيصل بن فرحان والفرنسي جان إيف لودريان لم يخرج بنتيجة عمليّة بانتظار اجتماع ثانٍ بواسطة الفيديو يفترض أن يعقده الوزراء الثلاثة الأسبوع المقبل بعد أن يبلغهم الوزير السعودي بجواب ولي العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان على الموقف من الرئيس سعد الحريري، وأنه طالما أن الجواب لم يصل بعد فلا يمكن تحديد وجهة التحرك.
في ظل الواقع المسدود على الحلول السياسية والحكومية والمالية والاقتصادية والنقدية مع عجز الدولة عن احتواء الغضب الشعبي والفلتان الأمني المسلّح في الشوارع وأمام محطات الوقود والصيدليات والأفران، لم يعد ينفع إلا الصلاة القائمة في الفاتيكان على نية إنقاذ لبنان، وسط ترقب جديد للإطلالة المتوقعة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاثنين المقبل في افتتاح أعمال «مؤتمر فلسطين» الذي دعا إليه اللقاء الإعلامي الوطني تحت عنوان «تجديد الخطاب الإعلامي وإدارة المواجهة» في قاعة مطعم الساحة على طريق المطار.
أما إقرار المجلس النيابي للبطاقة التمويلية فشكل حلاً جزئياً و”تنفيسة” مؤقتة للاحتقان الشعبي، هذا بحال سلكت طريقها إلى التنفيذ في اللجنة الوزارية. لكنها ليست حلاً كاملاً للانهيار الاجتماعي وتدني مستوى الرواتب والقدرة الشرائية وزيادة نسبة الفقر والجوع لا سيما بعد قرار البدء برفع الدعم عن المحروقات التي تتصل بكل حاجات ومتطلبات حياة المواطنين اليوميّة. فالبطاقة التمويلية بحسب مصادر نيابية مطلعة لـ”البناء” “لا زالت “ميني مشروع” وتحتاج الى وقت طويل من دراسة ومتابعة منمقة من قبل اللجنة الوزارية لوضع الأطر والآليات التنفيذية لتطبيقها وإيجاد مصادر تمويلها وتحديد العائلات المستفيدة منها ووضع معايير محددة للاختيار كي لا تتحوّل إلى بطاقة انتخابية أو رشوة سياسية للمواطنين قبيل الانتخابات النيابية”. فيما توقعت المصادر “أن تستمر الطبقة السياسية بالمماطلة بتنفيذ البطاقة التمويلية ودفعها لمستحقيها إلى الشهور الثلاثة الأخيرة التي تسبق الانتخابات النيابية وذلك لاستخدامها لكسب أصوات الناخبين على غرار ما حصل قبل انتخابات 2017 حيث توافقت الأحزاب والكتل في المجلس النيابي على إقرار سلسلة الرتب والرواتب وتوظيف آلاف الحزبيين في القطاع العام كرشوة انتخابية”. وتساءلت المصادر عن مصدر تمويل هذه البطاقة بكلفة تصل الى مليار ومئتي مليون دولار سنوياً أقرّ المجلس النيابي منها فقط 556 مليون دولار؟ وهل فعلاً هناك ضمانة بأن يوافق البنك الدولي على تحويل وجهة بعض القروض من مشاريع أخرى الى تمويل البطاقة؟ وهل هناك ضمانة بأن يستوفي لبنان قرض البنك الدولي الجديد البالغ 900 مليون دولار اذا لم تؤلف حكومة جديدة وينجز الإصلاحات المطلوبة دولياً؟ وكشف أحد النواب الذين شاركوا في جلسات اللجان المشتركة لمناقشة مشروع البطاقة بأن “بعض النواب سألوا وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني إذا كان يملك ضمانة بتأمين هذه القروض لدعم البطاقة، فأجاب بالنفي”.
وأبدى مصدر نيابي آخر تشاؤمه حيال تنفيذ البطاقة التمويلية، وإن تم ذلك فليس قبل ثلاثة أشهر كحد أدنى، وقال لـ”البناء” “إن مشروع البطاقة بُني على فرضيّات على مستوى عدد الأسر المستهدفة والمعيار والآلية وعلى مستوى التمويل وليس على حقائق ووقائع”. لكن المصدر أوضح أن “كرة البطاقة أصبحت في ملعب الحكومة واللجنة الوزاريّة بعدما قام المجلس النيابي بواجبه”. وشدّد المصدر رداً على انسحاب كتلة القوات اللبنانية وانتقادها لعمل البرلمان بالقول: “المجلس يقوم بواجبه والتشريع من الضروري أن يستمرّ لأن فيه مصلحة للدولة والناس”. فيما تساءلت مصادر سياسية كيف تدّعي القوات حرصها على المواطنين وفي الوقت عينه تنسحب من جلسة تشريعية لإقرار البطاقة التمويليّة التي تعني مئات آلاف العائلات اللبنانية؟ مشيرة الى أن “القوات تحاول استغلال أي استحقاق لإطلاق مواقف شعبويّة في إطار معاركها السياسية والانتخابية لا سيما على الساحة المسيحيّة”.
وفي سياق ذلك، أشار عضو الكتلة القوميّة النائب سليم سعادة الى أنه كان على المجلس النيابي والحكومة أن يضبطا دعم المحروقات والمواد الغذائية مع إقرار البطاقة التمويلية منذ سنة ونصف لكنا وفرنا على مصرف لبنان مليارات الدولارات”.
وشنّ سعادة في حديث تلفزيونيّ هجوماً عنيفاً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، داعياً الى “ملاحقته الى أي مكان وسجنه في سجن رومية، وهو “سارق” 80 مليار دولار لأكثر من سبب و”نصاب” من التعميم الأول الذي أصدره”.
ورأى سعادة أن “الشيء الوحيد الإيجابي الذي قمنا به هو التدقيق الجنائي، الذي رفض رياض سلامة تطبيقه لأنه الأقوى في لبنان. والشيء الوحيد الذي يرأف بلبنان هم المغتربون الذين يعملون في الخارج ويرسلون الأموال الى لبنان”. وشدّد على أن “الطوابير أمام محطات الوقود لن تتوقف قبل تفوّق سعر البنزين في لبنان على سعره في سورية”، مبدياً تأييده لـ كلام النائب جبران باسيل عن “ان بعض النواب مشاركون في عملية تهريب البنزين إلى سورية، والحدود لا يمكن ضبطها أبداً”.
وأمس لاحت بوادر حلحلة لأزمة المحروقات بعدما بدأت الشركات تسليم المحروقات للمحطات بعد إعلان وزارة الطاقة عن التسعيرة الجديدة، وقد أصبح سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 70100 ل.ل. وصفيحة البنزين 98 اوكتان 72200 ليرة لبنانيّة.
وصفيحة الديزل أويل (للمركبات الآليّة) 54400، وقارورة الغاز (10 كلغ) 41600 ل.ل.
وطمأن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا المواطنين بأن “البواخر بدأت بالتفريغ وأن الشركات المستوردة بدأت بتوزيع المحروقات على المحطات، وهناك شركات أبدت استعدادها بالتوزيع في أيام العطلة لإراحة السوق”.
إلا أن واقع طوابير السيارات والإشكالات المسلّحة أمام محطات الوقود بدا معاكساً، فقد وقع إشكال على خلفيّة أفضليّة تعبئة الوقود أمام إحدى محطات المحروقات في المنية وآخر أمام إحدى المحطات في زحلة تخللهما إطلاق نار واشتباكات.
وفيما يستغل عدد من أصحاب المولدات الأزمة لزيادة رسم الاشتراك وتهديد المشتركين بإطفاء المولدات او قطعه عنهم، نظّم مراقبو مصلحة الاقتصاد والتجارة في البقاع وبمؤازرة دورية من أمن الدولة محاضر ضبط بحق أصحاب المولدات في مجدل عنجر، وتمّت مصادرة المولدات المخالفة بناء لإشارة النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم ووضعت بعهدة البلدية لأن أصحابها عمدوا الى قطع التيار الكهربائيّ عن المشتركين.
وكي يكتمل مشهد إذلال المواطنين، فقد أقفلت أمس مراكز المعاينة الميكانيكية للسيارات في الحدث أبوابها على خلفية عدم دفع مستحقات الموظفين لساعات العمل الإضافيّة. فيما انتظر المواطنون لساعات في سياراتهم ليتفاجأوا لاحقاً بالإقفال.
وأعلنت نقابة عمال ومستخدمي المعاينة الميكانيكية، الإضراب المفتوح اعتباراً من اليوم في كل مراكزها بسبب عدم إيجاد حل منصف للرواتب التي أنهارت بشكل شبه كامل، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وشحّها.
على صعيد موازٍ، رأس رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعاً بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وزير المال، ووزير الصحة حمد حسن وحاكم مصرف لبنان للبحث بأزمة الدواء والحلول الآيلة الى الحدّ من تداعياتها السلبية. وصدر عن الاجتماع بيان أشار الى “توافق على الاستمرار في سياسة دعم الدواء والمستلزمات والمغروسات الطبيّة ضمن آلية تطبيقية تلحظ الأولويات المحدّدة من وزارة الصحة وفق خطة الترشيد المرفوعة من رئيس الحكومة الى مجلس النواب، وضرورة دعم الصناعات الدوائية الوطنية بالتنسيق بين وزارة الصحة ونقابة صناعة الأمصال والأدوية اللبنانية”. وأضاف البيان: ستصدر لاحقاً موافقة استثنائية من رئيسي الجمهورية والحكومة من أجل تثبيت استمرار سياسة دعم الدواء والمستلزمات والمغروسات الطبيّة”.
وبحسب المعلومات، فقد شهد الاجتماع نقاشاً حاداً، حيث إن رئيس الجمهورية أصرّ على ضرورة توفير الدواء للمواطنين بسعر مناسب للقدرة الشرائية، مع إصراره على ضرورة دعم الإنتاج المحلي لصناعات الدواء. كما علم أن دياب دعم طرح عون، في مقابل تشدّد وزير المالية في الإنفاق، لكن مداخلتي عون ودياب حسمتا الوضع وتمّ التوصل الى صيغة تدعم الأدوية بدءاً من تلك المنتجة في لبنان.
وكان الرئيس عون استهلّ الاجتماع بالتأكيد على “أنه من غير المسموح احتكار الدواء أو تهريبه أو تخزينه ومنع وصوله الى المواطنين لرفع سعره بشكل عشوائي فيصعب على المواطنين شراؤه. وبدوره أشار دياب، إلى أن “المسؤولية كبيرة، ولا يجوز أن تكون هناك حسابات ربح وخسارة مالية في الدواء، لأن هناك أناساً يخسرون حياتهم، والمطلوب التعامل مع هذا الملف بأعلى درجة من المسؤولية لأن النتائج ستكون كارثية”.
في غضون ذلك، بقيت أحداث طرابلس الأمنية محط اهتمام رسمي أمني وحياتي ورصد لأبعاد المظاهر المسلحة التي ظهرت في وجه الجيش اللبناني، وما اذا كانت توطئة لمخطط ما في المرحلة المقبلة عندما تشتد الأزمات المعيشية وينزلق البلد الى الانهيار الكبير، لا سيما في ظل المعلومات التي تتحدّث عن رصد جهازين أمنيين عربيين حركة لافتة لقياديين بارزين في تنظيم القاعدة ومدى علاقة ذلك بأحداث طرابلس والحديث عن احتمال نقل مسلحي إدلب الى طرابلس لأهداف سياسيّة أمنية! إلا أن الأجهزة الأمنية اللبنانية، بحسب مصادر “البناء” بصدد إجراء التحقيق والتدقيق بخلفيات وأسباب الظهور المسلح، لكن لم تصل الى الجهة التي حرّكت هذه المجموعات حتى الساعة على أن تضع المراجع المعنية بالنتيجة فور انتهاء التحقيق، إلا أن أوساطاً مراقبة تتوقف عند العدد الكبير من المسلحين الذي ظهر فجأة وغبّ الطلب ولم يكن عفوياً ولا حركة اعتراضية على واقع اجتماعي، والا لماذا جرى التهجم على الجيش الذي هو من أبناء المنطقة ويعاني الظروف القاسية نفسها؟ ولماذا أخليت الشوارع من قوى الأمن الداخلي وفرقة مكافحة الشغب وفوج الفهود وترك الجيش وحيداً في الواجهة؟ وتساءلت هل هذه رسالة أمنية – سياسية تتعلق بتأليف الحكومة لا سيما مع تصاعد دعوات بعض القوى السياسية للرئيس المكلف سعد الحريري بالاعتذار أو الحسم؟ فيما طلب مدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات من مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية ملاحقة ناشر الصورة عن أب يحمل ابنه المريض بتهمة التحريض، لا سيما بعدما تبين أن هذه الصورة تعود للحرب السورية ما يؤكد وجود جهة خلف الأحداث الأمنية الأخيرة. وناشدت دار الفتوى في بيان “الجيش والقوى الأمنية اللبنانية ردع كل من يحاول الإخلال بالأمن في المناطق اللبنانية كافة، والضرب بيد من حديد منعاً من الوصول الى الأمن الذاتي الذي يرفضه الجميع، مع حفظ حق المواطنين في التعبير السلمي عن أوجاعهم، وننبه من أن أي تعرّض للجيش هو تعرض لكل اللبنانيين الشرفاء الذين هم مع جيشهم حامي وطنهم”. كما حذر تيار المستقبل في بيان “من استخدام أبناء طرابلس في أجندات مشبوهة تسعى إلى الفوضى”. وناشد “جميع الأهالي التمسك بالدولة، والتلاحم مع جيشنا الوطني وسائر الأجهزة الأمنية”.
ولم يسجل المشهد الحكومي أي جديد وسط مراوحة قاتلة تفتح الباب امام احتمالات عدة، فيما توصلت مختلف القوى السياسة إلى قناعة بأن طريق التأليف برئاسة الحريري وصلت الى طريق مسدود ولا يمكن التعايش بين عون والحريري إلا بتجديد التسوية السياسية بينهما بمشاركة باسيل، وما مسارعة مجلس النواب لإقرار البطاقة التمويلية الا دليل على ذلك. فإقرار البطاقة لم يكن هدفاً قريب المدى بل لاحتواء الغضب الشعبي لمرحلة ما بعد رفع الدعم الكلي بعد ثلاثة اشهر، ما يعني أن لا حكومة قبل نهاية الصيف في ظل عدم اتفاق بين الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي على مقاربة موحدة للحل في لبنان.
وفيما لا يزال الحريري خارج البلاد متجاهلاً كل الدعوات الداخلية للعودة الى بيروت والعمل بشكل يومي ومكثف مع رئيس الجمهورية لتذليل العقد وتأليف الحكومة، كان لافتاً استقبال الرئيس فؤاد السنيورة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري. وقال نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش إن “الكلام حالياً ليس عن الاعتذار لكن البحث قائم على “ماذا بعد الاعتذار”، متهماً باسيل بتعطيل التأليف ولفت الى أن القوات اللبنانية تتهرّب من مسؤوليتها وهي مشاركة في تعطيل تأليف الحكومة بسبب تمنعها عن المشاركة فيها وتسمية الوزيرين المسيحيين.
في المقابل أشار عضو تكتل التيار الوطني الحر النائب ألان عون إلى أننا “في موضوع استقالة نواب التيار كل شيء وارد من أجل كسر الحلقة المفرغة والخروج من الأزمة”.
ومن بين الخيارات المطروحة في بعبدا، بحسب مصادر “البناء” “الدعوة الى طاولة حوار وطني لبحث الأزمة الحكوميّة والظروف المحيطة فيها كالثغرات الدستورية… الدعوة الى حكومة انتخابات برئاسة شخصيّة مستقلة غير حزبيّة… أو حكومة وحدة وطنيّة… أو حكومة أقطاب إنقاذية من 12 وزيراً”.
وأكد بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، خلال صلاة من أجل لبنان في الفاتيكان على أنه “لا يمكن أن يُترك لبنان رهينة الأقدار أو الذين يسعون وراء مصالحهم الخاصة من دون رادع. وليضع كل من في يده السلطة نفسه نهائياً وبشكل قاطع في خدمة السلام لا مصالحه”. وناشد السياسيين بـ “إيجاد حلول عاجلة ومستقرة للأزمة السياسية والمالية والاجتماعية الحالية، وتذكّروا بأن لا سلام من دون عدل”، متمنياً أن “ينجم هذا اليوم عن مبادرات عملية في إطار الحوار والالتزام التربوي والتضامن”.
على صعيد آخر، لفت رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان، خلال إحياء الحزب الذكرى السنوية الثانية لمقتل عضو الهيئة التنفيذيّة رامي سلمان وسامر أبي فراج، إلى “أنّنا ملتزمون بكلّ ما صدر وبكلّ بند من بنود البيان الّذي صدر عن لقاء خلدة، وأيّ كلام آخر خارج هذا البيان لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد”، شدّد أرسلان على أنّ “خيارنا السياسيّ في سورية ولبنان وفي الأمّة انتصر”.