تلاحقت التقارير التي تتحدّث عن انهيار سريع للجيش الأفغاني الذي قرّر الأميركيون تسليمه قواعدهم، حيث قام آلاف الجنود بالهروب الى باكستان، ما أربك الخطط الأميركيّة بالانسحاب، والتي كانت تتوقع انهيار الحكم الذي أنشأته بعد رحيلها، لكنها كانت تأمل أن يصمد شهوراً على الأقل بعد الرحيل، وأن يمنحها فرصة الانسحاب الآمن والهادئ، وبدت الصورة وفقاً للتقارير الواردة من كابول تنبئ بمشهد شبيه بالانسحاب الأميركي من فيتنام، ما يجعل الانسحاب فضيحة كبرى للتدخل الذي مضى عليه عشرون عاماً، وكلف تريليونات الدولارات وآلاف القتلى.
في سورية تواصلت الهجمات الصاروخيّة باستهداف القواعد الأميركيّة في حقل العمر النفطيّ، في تعبير عن بدء مقاومة منتظمة للاحتلال الأميركيّ. فالهجمات تكرّرت بصورة تنفي كونها مجرد رد فعل على الغارات الأميركيّة على مواقع عراقيّة وسوريّة على خط الحدود بين البلدين، فيما واصلت وكالة أنباء سانا الرسميّة في دمشق نشر المزيد من التقارير التي تكشف حجم سرقات القمح والنفط التي تقوم بها القوات الأميركية، مشيرة الى 37 صهريجاً محملاً بالنفط تمّ رصدها تخرج من حقل الرميلان السوريّ باتجاه الأراضي العراقية بحماية القوات الأميركيّة عن طريق معبر الوليد، بينما شوهدت عشرات الشاحنات المحمّلة بالقمح السوريّ المسروق في موكب آخر تسلك الطريق نفسه.
لبنانياً، استمر فقدان المحروقات والدواء من الأسواق وسط تصاعد الغضب الشعبيّ، وتنامت مخاوف تحدّثت عنها تقارير مالية من أن يكون المصرف المركزي يشتري دولاراته من السوق، متسبباً برفع السعر، ومفسّرة بذلك الارتفاع الأخير، وأن هذا هو السبب بتباطؤ المصرف المركزي في الإفراج عن المستحقات التي وعد بتحريرها لتأمين تفريغ بواخر المحروقات، وتسديد فواتير الأدوية المستوردة. وقالت المصادر إن كلام المصرف عن أن سقف ما لديه من مخزون من العملات الصعبة هو 400 مليون دولار، يؤكد هذا الاستنتاج، بحيث يصير المصرف المركزي يطبع الليرات ويضخّها في الأسواق لشراء الدولارات، ما ينذر بانهيار سريع لسعر الصرف، وينبئ بكارثة وشيكة في سعر الليرة، ويكشف كذبة الدعم الوهميّ.
في الشأن السياسيّ تتجه الأنظار نحو عين التينة، لترقّب كيفية تعامل رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الملف الحكوميّ بعد عودة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وما إذا كانت هناك آفاق لمواصلة مساعي الوساطة التي تجمّدت بسفر الحريريّ، أم أن اعتذار الرئيس المكلف سيعود كخيار إلى واجهة المشهد السياسي، ومن عين التنية أيضاً ينتظر الوسط السياسي والقضائي معرفة موقف الرئيس بري من استدعاءات القاضي طارق بيطار، وطلبات رفع الحصانة عن ثلاثة نواب، بينما كانت الاستدعاءات قد ترافقت مع حملة تسريبات وشائعات استهدفت المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قال المحامي كريم بقرادوني بوكالته عن اللواء إبراهيم إنه سيتم الادعاء على مطلقيها، بينما نقلت قنوات تلفزيونيّة عن القاضي بيطار وصفه لمقربين منه ما ينقل عنه أنه “معيب ومسيء ومفبرك”.
في الشأن الإعلامي ينعقد بعد ظهر اليوم المؤتمر الإعلامي المخصص لتجديد الخطاب الإعلامي بحضور شخصيات إعلامية وأكاديمية، ويفتتحه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بكلمة ينتظر أن تتضمّن مواقف ورؤى لخوض المعركة الإعلاميّة في مواجهة الآلة الإعلاميّة المناوئة لمشروع المقاومة والموزعة بين داعمي كيان الاحتلال ودعاة التطبيع، في ضوء الوقائع التي أرستها معركة سيف القدس.
أمّا وقد عاد الرئيس المكلّف سعد الحريري الى بيروت، فإن حركة سياسية واسعة سوف يشهدها لبنان في الساعات المقبلة، حيث سيجري جولة مشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورؤساء الحكومة السابقين قبل حسم مسألة اعتذاره أو طرح تشكيلة حكومية جديدة على رئيس الجمهورية ميشال عون. وبحسب المعلومات لا موعد محدّد حتى الآن مع بري الذي ما يزال يصرّ على عدم اعتذار الحريري، في حين أشارت مصادر عين التينة لـ “البناء” الى ان المساعي الحاصلة تفرض تشكيل حكومة وفق مبادرة الرئيس بري، مشيرة إلى أن الرئيس بري خلال لقائه الحريري سوف يطرح عليه النتائج التي توصل اليها حزب الله من لقاء مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، معتبرة أن الرئيس بري على موقفه من أهمية ترؤس الحريري للحكومة العتيدة وفق المبادرة الفرنسية، مشيرة الى ان بري مقتنع بأن الوقت لا يحتمل المكابرة وأن سقوط البلد لن ينجو منه احد. ورأت أوساط عين التينة أن ما يهم الرئيس بري المحافظة على التوازنات والميثاقية والشراكة ومبادرته تصبّ كلها في هذا الإطار.
وأشارت مصادر مطلعة لـ “البناء” الى ان الرئيس بري قد يقبل باعتذار الحريري شرط أن يسمّي الأخير شخصية سنية تحظى بتأييد وقبول من الأطراف السياسيّة الأساسيّة ومن المرجعية السنية، وصولاً الى حصوله على تعهّد من القوى السياسية كافة وعلى وجه الخصوص مَن عطّل التأليف لحسابات شخصية، تسهيل عملية التأليف. وفي هذا الإطار تشير المصادر الى ان الصورة لا تزال سوداوية وهناك شبه اقتناع أن لا حكومة في الأفق وان هناك اتجاها بدأ يتضح أكثر يوماً بعد يوم ويدعو إلى إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال.
الى ذلك انعكس لقاء روما على عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعتمد يوم أمس في كلمته لغة هادئة، خاصة أن بعض المعلومات اشارت الى ان البابا فرنسيس لم يكن على الخط نفسه مع البطريرك الراعي ولم يؤيده في الكثير من أفكاره التي طرحها، لا بل اكثر من ذلك فقد كان البابا فرنسيس أكثر ميلاً الى طروحات البطاركة يوحنا العاشر يازجي ويوسف العبسي وأمام الأول كيشيشيان معتبراً إياها أكثر واقعية ومنطقية وتثبت المسيحيين في لبنان.
وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن كلمة قداسة البابا فرنسيس في ختام يوم التفكير بشأن لبنان، والصلاة من أجل السلام فيه، ونداءاته تشكل لنا جميعاً خريطة الطريق للخروج من مختلف الأزمات التي نعاني منها.
واعتبر أن مسار حلّ القضية اللبنانية، ومصير الوطن الرسالة، يمرّ حتماً بلقاء اللبنانيين على وحدة دولة لبنان في ظلّ الديمقراطيّة والتعددية واللامركزية والحياد الإيجابي الناشط ووحدة القرار الوطني والانتماء العربي وتنفيذ جميع القرارات الدوليّة. وصار واضحاً مدى حاجة لبنان في ظل هذا التمزّق والانهيار إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء عبر مؤتمر دولي يُخرج لبنان من أزمته المصيرية. لقد وجّه قداسة البابا فرنسيس نداءات بصيغة الواجب، بالتوالي: “إلى كل من بيده السلطة: أن يضع نفسه نهائيا وبشكل قاطع في خدمة السلام، لا في خدمة مصالحه الخاصة. كفى أن يبحث عدد قليل من الناس عن منفعة أنانية على حساب الكثيرين! كفى أن تسيطر أنصاف الحقائق على آمال الناس! كفى استخدام لبنان والشرق الأوسط لمصالح ومكاسب خارجيّة! يجب إعطاء اللبنانيين الفرصة ليكونوا بناة مستقبل أفضل، على أرضهم ومن دون تدخلات لا تجوز. ودعا القادة السياسيين لإيجاد حلول عاجلة ومستقرة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية”.
وكتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: ”كفى الهروب من ضرورة تشكيل الحكومة التي وحدها تستطيع وقف التدهور ومعالجة المشاكل وفي مقدّمها التفاوض مع المؤسسات الدولية. الباقي هروب إلى الأمام وتنظيرات مدمّرة للوطن. أما الانتخابات فمن الأفضل صرف الأموال المرصودة لجمعيات المجتمع الأهلي وللمستشفى الحكومي وللجيش ولمؤسسات معروفة”.
وأضاف في تغريدة ثانية: “وكي لا تفسّروا موقفي أنه ضد الانتخابات أوضح بأنني سمعت بأنّ دولاً ستصرف مليار دولار على أندية المجتمع المدني المتعددة. أفضل إعطاء هذا المال للمستشفيات الحكوميّة وللجيش وقوى الأمن وللمؤسسات المعروفة مثل المقاصد، عين وزين، الجامعة الأميركية وغيرها من المؤسسات التربوية والاستشفائية”.
الى ذلك يعقد اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان بعد غد الأربعاء، لدرس قيمة الدعم للدواء، بعدما أبلغ حاكم المصرف رياض سلامة المسؤولين في بعبدا ان كل ما يملكه لدعم المواد الاولية، ومن ضمنها الادوية 400 مليون دولار.
وقالت نقابة مستوردي الأدوية في لبنان إن البنك المركزي لم يفِ بتعهداته بتوفير المبالغ المالية بالدولار لتسديد قيمة المستحقات المتراكمة والمترتبة لصالح الشركات المصدّرة للأدوية، والتي تجاوزت 600 مليون دولار منذ كانون الأول، وإن المستوردين لا يستطيعون فتح اعتمادات جديدة.
في موازاة ذلك، لا تزال أزمة المحروقات على حالها تدور في مراوحة بين أصحاب المحطات والشركات المستوردة ووزارة الطاقة، الأمر الذي انعكس استمراراً لطوابير السيارات على المحطات رغم التسعيرة الجديدة للمحروقات، علماً أن نقيب موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، طمأن أن اليوم سيحمل معه حلولاً جزئية، قائلا ثلاث بواخر أفرغت حمولاتها من المحروقات، والسوق ينتظر أن تفرغ البواخر الثلاث المتبقية مخزونها.
في الشأن الصحيّ واصل عداد كورونا أمس الارتفاع حيث أعلنت وزارة الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال أمس، تسجيل 207 إصابات جديدة وحالتي وفاة.
وحذر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي من أن متحوّر دلتا ينتقل خلال ثوانٍ فقط، بينما الفيروس الذي ظهر منذ عام كان بحاجة الى 15 دقيقة من التواصل كي ينتقل من شخص لآخر. وأوضحت مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بترا خوري أنه يجب التحصين ضدّ ”دلتا” من خلال تسريع عملية التلقيح وعبر الالتزام بارتداء الكمامة، مشددة على أن المتحور دلتا ينتشر في خلال 10 ثوان بين شخص وآخر. وهذا الانتشار السريع للمتحور سيؤدي الى دخول المستشفى بشكل أكبر، وكشفت خوري أن هناك أقل من 100 شخص مصاب بمتحور ”دلتا” في لبنان.