أي جديد يتطلع اليه اللبنانيون في الأسبوع الجديد الطالع بعدما دخلوا في الأسابيع الأخيرة دوامة اختناقات ”تاريخية” لم يشهدوا مثيلاً لها لا في تجارب الحرب ولا في ازمان السلم ؟
واي مهزلة سوداء قاتمة هذه التي تجري عبرها محاولات سافرة فاشلة من جانب العهد والسلطة الحكومية المستقيلة قولاً وفعلاً والسلطات المالية والمصرفية ومعها تجمعات الشركات المترامية على جوانب أسوأ مأساة يتعرض لها اللبنانيون منذ اشهر واستفحلت استفحالا خطيرا ينذر بانفجار اجتماعي لن يبقى عند حدود التعبير عن الغضب المتراكم وربما يفجر اضطرابات امنية كانت طرابلس قدمت نماذجها الأولى السباقة؟
منذ أسابيع واللبنانيون يخضعون لاسوأ دوامة خانقة عبر رزمة متزامنة لازمات خدماتية متلاحقة بات معها اللبنانيون للمرة الأولى اطلاقاً، امام بلد لا #كهرباء فيه، ولا مولدات بديلة، ولا بنزين، ولا مازوت، ولا أدوية، ولا معدات طبية أساسية للعلاجات الجراحية الطارئة وغير الطارئة. استفحلت في الأسبوعين الأخيرين ازمة #المحروقات على نحو لم يعد ممكناً معه الا اطلاق نفير الشكوك والشبهات على الغارب خصوصاً بعد تلك المهزلة المكشوفة التي تمثلت في لعبة تجفيف الأسواق والمحطات من المحروقات والضغط لرفع الدعم مرة واحدة عن المحروقات من دون تدرج وقبل بدء تنفيذ اعتماد البطاقة التمويلية للأسر الأكثر فقراً. كبرت الشبهة مع التدرج الذي حصل في تعديل الأسعار ورفعها تباعاً ولمرتين متتاليتين في الأسبوع الماضي ومع ذلك زادت الازمة استفحالا وتقلصت الى حدود كبيرة اعداد المحطات التي تفتح لتزويد الناس بالمحروقات، وبات الحصول على قطرات البنزين يستلزم من المواطنين ساعات انتظار طويلة ضمن طوابير لا تنتهي تحت حرارة حارقة. وكانت تقارير اطلعت عليها “النهار” افادت بوجود نحو 50 مليون ليتر من المشتقات النفطية مخزنة لدى الشركات المستوردة وشركات التوزيع، فيما تتم ملاحقة اصحاب محطات صغيرة من دون ملاحقة قضائية امنية للشركات التي تؤلف كارتيل النفط في لبنان.
بموازاة ذلك تصاعدت على نحو بالغ الخطورة ازمة الدواء على رغم مسرحيات الاجتماعات “الرفيعة” المستوى في القصر وغير القصر والملاحقات والمناكفات المتواصلة منذ اشهر لوضع حد لاسوأ واخطر ازمة تمس حياة الناس وصحتهم مع ازدياد النقص المرعب في مئات أصناف الادوية للأمراض المزمنة والسرطانية والعادية سواء بسواء بسواء. وما يقال عن ازمة الدواء ينطبق بمثله واخطر على ازمة استيراد المواد الأساسية الاستشفائية للمستشفيات التي لم يكفها هذا الرعب حتى باتت الان تحت رعب ثلاثي يتحكم بواقعها وهو افتقارها الى المواد الطبية وافتقارها الى مادة المازوت لتسيير المولدات واستنفارها الحتمي لملاقاة خطر تفش جديد للمتحور الهندي الذي ثبت بدء انتشاره في لبنان .
في أي حال ينذر واقع الاختناقات هذا بتفاقم سياسي واسع خصوصا لجهة ربطها بملف رفع الدعم بما يعني ان المعاناة ليست مرشحة للانحسار قريباً.
وفي هذا السياق كان لرئيس الحزب القوات اللبنانية #سمير جعجع موقف حاد امس اذ قال : “لقد بدأ المس ب#الاحتياط الإلزامي. يتحمّل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير المال وحاكم مصرف لبنان، مسؤولية القضاء على ما تبقى من أموال المودعين. سنفعل المستحيل لمحاولة ردعهم عن ذلك “.
الى ذلك بقيت خطوة المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بإصدار الدفعة الأولى من الادعاءات وطلب رفع الحصانة عن نواب ووزراء سابقين وطلب الأذن بملاحقة مسوؤلين أمنيين وعسكريين في واجهة المتابعات وردود الفعل. ومن المقرر ان يتسم الأسبوع الحالي بأهمية لجهة بت مواقف المعنيين من هذه الملاحقات خصوصا لجهة بت موقف مجلس النواب من رفع الحصانة اذ ينتظر بعد ان يتسلم رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب رفع الحصانة ان يعقد اجتماعا مع لجنة الإدارة والعدل لدرس الطلب كما سيكون على المراجع الوزارية المعنية الإجابة على طلب الأذن بملاحقة المسؤولين الأمنيين والعسكريين الذين شملتهم الادعاءات .
عودة الحريري
في غضون ذلك عاد الرئيس المكلف تأليف الحكومة #سعد الحريري امس الى بيروت، ومن المتوقع ان تواكب عودته حركة سياسية، حيث سيجري جولة مشاورات في شأن ملف تأليف الحكومة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورؤساء الحكومة السابقين .
وفي الاطار السياسي توجه البطريرك الماروني الكاردينال مار #بشارة بطرس الراعي غداة عودته من الفاتيكان الى اللبنانيين، قائلا: “تعالوا، نلتقي من جديد، ونرمي جميع خلافاتنا العبثية وراءنا، ونمشي في النور نحو المستقبل؛ وسيكون لنا مستقبل عظيم.
وأضاف “أما نحن فما نطقنا بكلمة ولا أدلينا برأي إلا وأخذنا في الاعتبار مصلحة جميع اللبنانيين. لقد صار واضحا أن مسار حل القضية اللبنانية، ومصير الوطن الرسالة، يمر حتما بلقاء اللبنانيين على وحدة دولة لبنان في ظل الديموقراطية والتعددية واللامركزية والحياد الإيجابي الناشط ووحدة القرار الوطني والانتماء العربي وتنفيذ جميع القرارات الدولية. وصار واضحا مدى حاجة لبنان في ظل هذا التمزق والانهيار إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء عبر مؤتمر دولي يخرج لبنان من أزمته المصيرية. “
وبدوره اعلن ميتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة : “كنا نأمل أن يفتح هول الفاجعة التي أصابت بيروت، وهول الحالة الإنهيارية التي يعيشها اللبنانيون، كوة أمل وصفحة جديدة وبداية عملية إصلاح حقيقي تبعث بعض الأمل في النفوس اليائسة، ولكن يبدو أن الحالة مستعصية على الحل. مع هذا، سوف نتابع، مع جميع محبي هذا البلد والمخلصين له، رفع الصوت، علنا نجد آذانا صاغية”.