بعد الاتهامات الخارجة عن الأدبيات السياسية والدبلوماسية التي وجهها رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى السفراء الدوليين الذين التقاهم في السراي الحكومي بناء لطلبه بمحاصرة لبنان وإفقاره اقتصاديا ومعيشيا، والرد الصاعق من قبل السفيرة الفرنسية آن غريو متهمة السلطة الحاكمة والطبقة السياسية بمحاصرة شعبها، جاء تحرك السفيرة الفرنسية ونظيرتها الاميركية دورثي شيا ليضع الامور في اتجاه مختلف.
حراك شيا وغريو باتجاه بكركي ولقاءهما البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من القادة السياسيين، تبعه الإعلان عن توجههما الى الرياض للقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وعدد من المسؤولين السعوديين، وذلك لمتابعة المقررات التي اتخذت بشأن لبنان عقب الاجتماع الذي عقد في 29 حزيران الماضي على هامش قمة العشرين في ايطاليا، الذي جمع الى الوزير السعودي كلاً من وزير خارجية الولايات المتحدة أنطوني بلينكن ووزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان.
مصادر سياسية علقت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية على ما قام به دياب بالقول إن دياب وحكومته والسلطة الحاكمة هي التي تتحمل وحدها مسؤولية تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية بهذا الشكل المخيف. وسألت المصادر: “هل نسي دياب انه أتى على رأس الحكومة لمعالجة الازمة وعلى طريقة المثل اللبناني “بدل ان يكحلها عماها”، فالقرار الهيموني الذي اتخذه في أواخر شباط العام 2020 بالتوقف عن دفع مستحقات “اليوروبوند” ما يعني إفلاس لبنان، كان الاشارة الاولى لبداية هذه الكارثة التي يعيشها اللبنانيون”.
وفي الشق الحكومي، أفادت مصادر بيت الوسط في اتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية ان أمام الرئيس المكلف سعد الحريري “أسبوعا حاسما لإعلان خياره النهائي باتجاه الاعتذار من عدمه، وهو أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري بهذا القرار، وذلك بعد ان يكون انتهى من لقاءاته مع هيئة الرئاسة في تيار المستقبل والمجلس التنفيذي لقيادات وكوادر التيار والطلب اليهم شرح الموقف الشارع السني الذي يرفض الاعتذار، لأنه من الواضح ان فريق العهد لا يريد التعاون معه حتى في حال قدم تشكيلة حكومة من 24 وزيرا من دون ثلث معطل، فلن يقبلها رئيس الجمهورية ميشال عون ولن تحصل على ثقة تكتل لبنان القوي”.
المصادر استبعدت ان يقوم الحريري بزيارة الى بعبدا في الايام المقبلة، وهو كذلك يرفض ان يسمي احدًا لرئاسة الحكومة.
في هذا السياق، وصف عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم في حديث الى جريدة “الأنباء” الالكترونية الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية بأنها “تسير من سيء الى أسوأ”، كاشفا ان الرئيس المكلف إما يتقدم بتشكيلة حكومية في اليومين المقبلين، أو يذهب الى الاعتذار الاسبوع المقبل.
نجم أشار الى ان الحريري شرح لكتلة المستقبل وجهة نظره مما يحصل، مبقياً على اجتماعات الكتلة مفتوحة، ومتابعة الاجتماعات مع الهيئات القيادية والمكاتب الحزبية في التيار ليشرح لهم قبوله التكليف على قاعدة أنه المرشح الطبيعي لرئاسة الحكومة وليس بهدف العودة الى رئاسة الحكومة أو تحد لأحد، لافتا الى أن الاجواء غير مشجعة بسبب تعنت العهد وابلغهم بأنه قام بمروحة اتصالات داخلية وخارجية ولاقى ترشيحه لرئاسة الحكومة صدى ايجابيا لدى معظم قادة العالم لكن الواضح ان العهد لا يريد التعامل معه، ولذلك يفضّل الاعتذار لأنه يرفض اتهامه بوصول البلد الى ما وصل إليه.
على خط آخر، تتجه الأنظار الى زيارة منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان، التي سيلتقي خلالها الفاعليات الاقتصادية والسياسية، وتهدف الى متابعة المساعدة الفرنسية والاستمرار في تحفيز الشركاء الدوليين لتحديد الاحتياجات من أجل مؤتمر الدعم رقم 3 الذي يخص الشعب اللبناني والذي سينظم قريبا.
وتعليقاً على هذه الزيارة، أشار الخبير الاقتصادي انطوان فرح عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى ان المجتمع الدولي وفرنسا مهتمان بلبنان وليس لديهما رغبة بتركه لمصيره، وهناك رغبة لدى بيار دوكان بالتركيز على مساعدة الشعب اللبناني لأنه لا توجد نية بمساعدة الدولة اللبنانية قبل ان تتشكل الحكومة وتبدأ بالإصلاحات.
وقال فرح: “لبنان بأمسّ الحاجة الى الإصلاحات لأنها ضرورية جدا، فالاصلاح أولا والهدف الأساسي استكمال المساعدات التي بدأت منذ سنتين في القطاعين التربوي والصحي، فلبنان بالحد الأدنى يتطلب إصلاحات لاستمرارية المساعدات”، كاشفاً عن قرار دولي بتقديم المساعدات للتعليم والاستشفاء لكن من الطبيعي انها لن تُقدم الا للشعب اللبناني وليس عبر القنوات الرسمي للدولة، وذلك على غرار ما حصل بعد انفجار المرفأ.