طغى على المشهد اللبناني صرخة اهالي شهداء جريمة مرفأ بيروت في 4 اب 2020 والتي هي جريمة ضد الانسانية حيث شددوا ان “لا حصانة فوق دمائنا “محددين توجهاتهم ان اي نائب يصوت ضد رفع الحصانة عن النواب علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر سيصبح في خانة المتهم والمتواطئ في قتل ابنائهم. ولكن رغم كل الغضب الشعبي والاعتصام الذي حصل امام قصر عين التينة, تم تأجيل الجلسة المشتركة لهيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الادارة والعدل حول رفع الحصانة من عدمه. ويشار الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري اوفد مستشاره علي حمدان الى الاهالي ليؤكد على التزام رئيس البرلمان بالقانون وعلى مساندته لهم.
في المقابل، اعلن رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان اعتراضه على ارجاء اتخاذ قرار رفع الحصانة الى يوم آخر. من جهة اخرى، قال نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي عن “طلب خلاصة عن الأدلة الواردة في التحقيق وجميع المستندات والأوراق التي من شأنها اثبات الشبهات”.
بموازاة ذلك ، اثار رفض وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي اعطاء الاذن بملاحقة مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم غضب اهالي ضحايا المرفأ. من جهته، اكد اللواء ابراهيم انه تحت القانون مشيرا الى ان مسار الحق سينتصر اذا تحلى الاهالي بالصبر ومشددا على العمل لتحقيق العدالة بعيدا عن الحسابات السياسية. وامام هذه الوقائع هل سيكون مصير القاضي بيطار شبيه بالقاضي صوان الذي وصل الى حائط مسدود في مسار التحقيقات؟
هل اقترب لبنان من الخراب الشامل؟
في غضون ذلك، حلق الدولار الى مستوى جنوني حيث وصل الى 19,650 ليرة لبنانية في السوق السوداء ويتوقع الخبراء الاقتصاديون ان يصل الى 20 الف ليرة . هذا الارتفاع بسعر الدولار ادى الى اقفال عدة سوبرماركات ابوابها في كل لبنان .
وعلى هذا الاساس، اصبح لبنان يحتل المراتب الاخيرة لناحية الحد الادنى للاجور بعد ان اصبح 35$ نتيجة تجاوز الدولار عتبة 18000 ليرة لبنانية. هذا وكشف خبير اقتصادي ان الطبقة الحاكمة منذ ثلاثين عاما انفقت 320 مليار دولار بينما لم ير الشعب اللبناني تطورا هاما في البنى التحتية ولم يشهد على بناء مصانع وقيام اقتصاد انتاجي.
وفي هذا الاطار،تؤكد اوساط مالية لـ “الديار” ان ما يجري في سعر صرف الدولار، هو ترجمة لبداية “انهيار مالي” بعلم الارقام ولا سيما مع اعلان مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة رفع الدعم الشامل على كل السلع التي كانت مدعومة هو امر حتمي ومسألة وقت بعد نفاد الاحتياط الالزامي، وان الترشيد الحاصل في ملف الدواء والمحروقات “إبر مورفين” لمنع الانهيار السريع، او تأجيله لشهرين او ثلاثة وحتى انتهاء فصل الصيف ومغادرة المغتربين.
وتشير الاوساط الى ان الطلب الهائل على الدولار من قبل التجار والمستوردين، ومن بعض البنوك لتتمكن من تنفيذ التعميم 158 ساهم في هذا الارتفاع الجنوبني، كما ان هناك مضاربات وتهريب وكله ينعكس على سعر صرف الليرة.
الى جانب ذلك، اعلنت كهرباء لبنان توقف كل من معملي الزهراني ودير عمار بسبب نفاد مخزونهما من مادة الغاز اويل. وعليه، هذه التطورات تدل الى ان لبنان يقترب من الخراب الكامل على كل المستويات في وقت لم يجتمع السياسيون حتى اللحظة لتشكيل حكومة لا بل يحكى عن توجه الرئيس المكلف الى الاعتذار.
اعتذار الحريري قائم
حكومياً، تؤكد المعلومات المتقاطعة لـ”الديار” ان الرئيس المكلف سعد الحريري يتجه الى اعلان الاعتذار في وقت قريب، ومن دون تحديد التوقيت رغم تلميحات في اوساط “المستقبل” الى انه سيكون مطلع الاسبوع المقبل.
وتؤكد اوساط نيابية في 8 آذار لـ “الديار” ان الاتصالات الحكومية متوقفة، والاتجاه هو الى مرحلة ما بعد اعتذار الحريري ومن سيكون البديل؟ وكيف سيكون شكل المرحلة الانتقالية؟ ومن يسد الفراغ بين الاعتذار والتكليف والتصريف؟
مصادر الوطني الحر: نريد حكومة قبل نهاية العهد مع بعض الاصلاحات للحصول على الدعم
من جهتها، اوضحت مصادر التيار الوطني الحر للديار ان ما قصد الوزير باسيل عن ان اعتذار الحريري سيكون خسارة للجميع هو عن اضاعة الوقت لمدة تسعة اشهر دون التوصل الى ولادة حكومة، خاصة ان اعادة تكليف شخصية جديدة لرئاسة مجلس الوزراء والبدء مجددا في عملية التشكيل سيستغرق وقتا طويلا في حين ان البلاد تحتاج حكومة منذ زمن. وتابعت ان كلام باسيل لا ينبع من منطلق عاطفي بل عن خسارة الوقت كل تلك الفترة دون نتيجة الا في حال تم الاتفاق على البديل عندها يكون لبنان تجنب هدر المزيد من الوقت. وشددت هذه المصادر ان التيار الوطني الحر يريد حكومة قبل نهاية العهد ويجب ان تترافق مرحلة تحضير الانتخابات مع بعض من الاصلاحات للحصول على الدعم الخارجي والا لن يكون للانتخابات النيابية فائدة اذا انهار لبنان.
القوات اللبنانية: اولوياتنا العدالة لضحايا بيروت والحفاظ على الاحتياطي والانتخابات النيابية
ردا على اتهام البعض للقوات اللبنانية بانها لا تحترم الديمقراطية والاختلاف في وجهات النظر والدليل الدعوى التي اقامتها على الكتلة الوطنية ،قالت مصادر القوات اللبنانية للديار انها اكثر طرف حريص على الرأي الاخر وتحترم كل وجهات النظر شرط ان تكون وجهات نظر سياسية. وعلى سبيل المثال، لا مانع من ان يتم انتقاد الحسابات السياسية او التحالفات او المواقف الذي اتخذتها القوات بانها لم تكن صائبة ولكن ان يصدر عن الكتلة الوطنية منشور يضع فيه صورة الدكتور سمير جعجع يقول فيه “ان بلاد العالم لديها مافيا، اما في لبنان فالمافيا لديها بلد” ويتهمه بالاجرام وباعمال مافياوية وعليه هذا المنشور لا علاقة له بحرية الرأي والديمقراطية وهنا حتما ستلجأ القوات الى القضاء وعلى الكتلة ان تبرز مستندات ووقائع تؤكد ذلك. من هذا المنطلق، ترى القوات ان ما فعلته الكتلة الوطنية يندرج في خانة الاهداف الشعبوية عبر رميها اتهامات عشوائية اضافة الى ان ذلك يعتبر تعديا على كرامة الاخرين.
وعن اولويات القوات اللبنانية في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ لبنان، اعلنت المصادر للديار بان هناك ثلاثة قضايا اساسية وهي الوصول الى العدالة في انفجار مرفأ بيروت والحفاظ على الاحتياطي الالزامي والانتخابات النيابية لاعادة انتاج السلطة.
على صعيد انفجار مرفأ بيروت، اكدت القوات اللبنانية انها تدفع نحو رفع الحصانات وستضع كل ثقلها من اجل تحقيق ذلك وترفض اي تمييع لانه يجب افساح المجال امام القضاء للقيام بما يستطيع القيام به لان هذا الموضوع هو اساسي لها. واضافت ان القاضي بيطار اظهر انه يعمل بكد من اجل الوصول الى الحقيقة وهي مطلوبة لانها دمرت بيروت واسفرت عن مقتل مئتي ضحية. انطلاقا من ذلك، تضع القوات اللبنانية كل تركيزها وجهودها في هذه القضية التي تعتبرها اولوية الاولويات في هذه المرحلة خاصة اننا اصبحنا على مسافة اسابيع قليلة من الذكرى السنوية الاولى للانفجار.
وعلى صعيد الاحتياطي الالزامي، القوات اللبنانية تعد لخطوة ستعلن عنها الاسبوع المقبل تحت عنوان منع المس بهذا الاحتياطي لانه من غير المقبول ان ما تبقى من “خميرة” لدى الناس ان تصبح قابلة للاستخدام من قبل الدولة بعد ان تم سرقة جنى عمر الناس واموالها.
واخيرا، لن تكل القوات اللبنانية على التأكيد على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية لانه تبين ان المنظومة تميل الى تأجيل موعدها. ولذلك ستظل القوات تحث وتطالب من اجل اجراء هذه الانتخابات واذا تمكنا من تقريب موعدها فهذا سيكون لصالح الناس لانه يوفر الكثير من العذاب والقهر عليهم.
اما ما صدر عن توصية فرنسية عن لجنة معينة فقد رأت القوات اللبنانية ان هذه التوصية اقتصرت على ارسال مساعدات انسانية الى لبنان من اجل انقاذهم من سلطة دمرت الشعب اللبناني وامعنت في اذلاله.
وحول اقدام الحريري على الاعتذار ، قالت المصادر القواتية انه كلام نسمعه منذ ثمانية اشهر حتى اللحظة ولكنها لفتت الى انها غير معنية بمسألة الحكومة لان القوات تعتبر ان اي حكومة غير قادرة على فعل اي شيء في ظل المنظومة السياسية القائمة. واشارت الى ان المشكلة ليست بهوية رئيس الحكومة بل بالاكثرية السياسية الممسكة بالقرار.
النائب عبدالله: تغلبت الحسابات الرئاسية والنيابية على التسوية
بدوره، قال النائب بلال عبدالله في الحزب التقدمي الاشتراكي للديار بان لبنان من دون كهرباء نتيجة وصول مستوى الانتاج للكهرباء الى مستويات متدنية وبالتالي من المفترض اطفاء شبكة الكهرباء تجنبا لوقوع اضرار كثيرة في هذا الشأن.
ولفت الى ان ازمة الكهرباء مرض مزمن عمره ثلاثين عاما ويعود ذلك لعدة اسباب منها ضعف الانتاج والترهل المؤسساتي الا انه في الوقت ذاته اشار الى ان كتلته قدمت اقتراح قانون لرؤية جديدة للكهرباء تعتمد على الشراكة بين القطاع العام والخاص مع الحفاظ على ملكية الدولة. واضاف ان هذا الاقتراح سيحال الى اللجان ولكن للاسف لا حكومة لاصدار مشروع قانون في الوقت الحالي.
وحول الفراغ الحكومي ، قال النائب عبدالله ان الحزب التقدمي الاشتراكي هو الوحيد الذي قدم تنازلات وطالب الوزير السابق وليد جنبلاط الجميع بعقد تسوية لان الناس تموت والبلد يتدمر انما لم تحصل تسوية لان الانانيات والمصالح الانتخابية والرئاسية غلبت على المصلحة الوطنية. وتابع “لا زلنا نحث الجميع على اخراج لبنان من ازمته بما ان العقد الاساسية هي داخلية وليست خارجية”.
اما عن التقرير الفرنسي الذي اعطى توصية بوضع لبنان تحت رعاية الامم المتحدة لمساعدة شعبه انسانيا فقد رأى النائب بلال عبدالله ان هذه اللجنة الفرنسية بالغت بعض الشيء ولكن نحكم فقط على الموقف الرسمي الفرنسي والذي هو دائما ايجابي ويريد مساعدة لبنان انما السياسيون اللبنانيون لم يساعدوا انفسهم.
وحول ارسال مساعدات للبنان فقد اثنى النائب عبدالله على اي جهة تساعد لبنان في محنته علما انه يجب على الطقم السياسي ان يبادر الى حلحلة المشكلة وانقاذ لبنان.