اذا كان طبيعيا ان تنشد الأنظار الى الساعات الـ 48 المقبلة كفاصل زمني حاسم لتقرير مصير الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية سياسية بتشكيل الحكومة عقب اعتذار الرئيس سعد الحريري وتفحص ما اذا كان نهج التعطيل الذي دفع بالحريري الى الاعتذار سيمضي قدما ام ان أصحابه بدأوا التراجع عنه، فان هذا الاستحقاق المفصلي على أهميته الساحقة ظل دون مستوى الاستحقاقات المخيفة التي تسحق اللبنانيين في أسوأ ما عاينوه وعايشوه وشهدوه في تاريخهم. يكفي استجماع عناوين الازمات الخانقة التي أطبقت على اللبنانيين في الأيام الأخيرة للاستدلال على ما سيواجهه أي رئيس مكلف واي حكومة أتية جراء تركة مرعبة ومتراكمة من الازمات المالية والاقتصادية أولا، ومن ثم وهنا الأخطر، الازمات المعيشية والخدماتية التي تحولت الى كابوس جاثم على يوميات اللبنانيين. في الأيام الأخيرة، وفي الأيام المقبلة حتما، واذا قيض للبنان بأن يفتح مسار الاستحقاق الحكومي على انفراج موعود طال انتظاره، وبصرف النظر عن اسم الرئيس المكلف وطبيعة الحكومة المحتملة، سيكون العنوان الحصري لاي اختراق حكومي هو انقاذ اللبنانيين من أسوأ ظروف عرفوها في تاريخهم مع اختناقات تبدأ بازمات المحروقات والعتمة وانقطاع التيار الكهربائي وتمر بتبخر سائر أصناف الادوية وإضرابات متواصلة للصيدليات، ولا تنتهي بأخطر الأخطر مع واقع المستشفيات والواقع الصحي الذي بات بذاته جرس الإنذار الأشد رعبا على حياة اللبنانيين في ظل ما بلغه من تدهور في ظل ازمة الإفلاس المالي .
هذا الهم الذي جثم ويجثم على صدور اللبنانيين بدأ يلامس املا في انفراج موعود مع تنامي المعطيات التي تشير مبدئيا الى ان الاستشارات النيابية الاثنين المقبل لا تزال عند موعدها حتى الساعة، الا في حال طرأت عوامل مفاجئة من النوع الذي سيشكل صدمة للمراهنين الكثر على عدم انقضاء الاثنين المقبل، الا ويكون اسم رئيس الحكومة المكلف قد صار مثبتا في مراسيم التكليف. ومع ذلك بدا من التسرع الجزم بان الاثنين سيشهد انجاز عملية التكليف في ظل المعطيات التي برزت حيال الموقف السلبي للعهد و”تكتل لبنان القوي” من تكليف الرئيس نجيب ميقاتي الذي صار مبدئيا يحظى بغالبية نيابية محسومة لمصلحة تكليفه باستثناء كتلتي “لبنان القوي” (حتى الان) “والجمهورية القوية” وعدد من النواب المستقلين علما ان هذه الحصيلة المبدئية تبقي تكليف ميقاتي في حال حصوله مشوبا بعدم دعم الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين في المجلس .
الحريري وميقاتي
وقبل يومين من موعد الاستشارات النيابية، وبينما الكتل تستعد لحسم مواقفها من التسمية تباعا، علمت “النهار” ان لقاء يرجح انعقاده اليوم بين الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي في العاصمة الفرنسية باريس قد يحمل معالم حاسمة لجهة موقف الحريري وكتلة المستقبل من تسمية ميقاتي او البقاء على خيار عدم التسمية علما ان تبني تسمية ميقاتي يبدو الخيار المرجح .
وافادت معلومات بأن الرئيس الحريري سيعود الاحد الى بيروت، فيما يعود الرئيس ميقاتي اليوم السبت. وتوقعت بان يقوم الحريري بمشاورات واسعة الاحد يتوقع بأن تتوج ببيان عن رؤساء الحكومة السابقين يؤيد ترشيح ميقاتي لرئاسة الحكومة.
وفي المقابل، افيد ان اجتماعا للهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” يفترض ان يكون عقد امس للبحث في موقفه من الاستشارات وسط مؤشرات الى ميل التيار لاتخاذ قرار بتسمية السفير نواف سلام في الاستشارات. وتحدثت معلومات إعلامية عن ان اجتماعا قد يعقد بين رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل وقيادة “حزب الله ” قبل الاثنين، للتشاور والتفاهم حول تسمية الرئيس المكلف بعدما برزت معالم عدم تفاهم بين الحليفين حول تكليف ميقاتي الذي يؤيده “حزب الله” وان الثنائي الشيعي لا يريد حسان دياب ثانيا، ولا يريد ايضا استفزاز الشارع السني، وبالتالي يعتبر ان ميقاتي هو الخيار الافضل اليوم. ولكن ربما لا يعلن باسيل موقف التيار الا في اللحظة الأخيرة وفي يوم الاستشارات .
الحزب والتيار
ووفق معلومات “النهار” كانت قد حصلت سلسلة من الاتصالات والمشاورات المفتوحة بين الحزب وباسيل لترتيب رحلة الاستشارات المقبلة مع اعلان الحزب تأييده لميقاتي من دون اي شروط ، لكن باسيل أبلغ حليفه بأنه لا يقبل بتسمية ميقاتي ويرى في تكليفه صورة طبق الاصل عن تجربة الرئيس سعد الحريري . وأوضح باسيل وفق هذه المعلومات بصراحة بأنه لا يتقبل ميقاتي في رئاسة الحكومة وانه من الافضل البحث عن اسماء سنية اخرى يعتبرها أفضل من ميقاتي في هذه المرحلة الى حين انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وتبدأ خيارات باسيل من السفير نواف سلام الى النائبين فيصل كرامي وفؤاد مخزومي ويبدو انه على استعداد للقبول بأسماء أخرى من خارج النادي السياسي وما يهمه في اختصار هو استبعاد أي من اعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين ورفضه السير بمرشح الحريري.
وتشير المعلومات الى انه بعد استماع قيادة “حزب الله ” الى وجهة النظر العونية في اليومين الاخيرين عمدت الى رفضها على اساس ان مثل هذه الخيارات لا تساعد في تشكيل الحكومة ومن دون النيل من الاسماء المطروحة التي تربطها علاقات معه مثل كرامي .
وكان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اعلن بعد اجتماع كتلة “الجمهورية القوية” في معراب عدم تسميته اي شخصية الاثنين. وقال “اننا كتكتل الجمهورية القوية وقناعة منّا بأنّه من رابع المستحيلات الوصول الى أيّ اصلاح أو تغيير في النهج طالما ان الثنائي عون – حزب الله وحلفاءهما ممسكون بالسلطة، فلن نسمي أحداً في الاستشارات النيابية المقبلة الاثنين”.
موقف قطري
و في المواقف الخارجية من الازمة السياسية اللبنانية، برز ما كشفه وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بعد لقائه وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن في واشنطن من أنه” بحث مع نظيره الأميركي الأوضاع في أفغانستان وتطورات الاتفاق النووي الإيراني وموضوع لبنان والعراق، إضافة إلى الأوضاع في قطاع غزة وإدخال المساعدات إليها”.
وحول الملف اللبناني قال وزير الخارجية القطري “لقد بحثنا المساعدات التي تم تقديمها للقوات المسلحة اللبنانية وأيضاً محاولة الدفع نحو استكمال العملية السياسية لتشكيل حكومة مؤقتة على الأقل تقوم بدورها في العمل مع صندوق النقد الدولي والبرنامج الإصلاحي فيها، وللأسف بعد استقالة الرئيس سعد الحريري بدأ الأمل يضعف قليلا”. وأضاف، أن “قطر التي تلعب دوراً في لبنان تدفع نحو تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن حكومة مهام تقوم بإصلاحات واسعة مطلوبة الآن وحتى الانتخابات. والإصلاحات مطلوبة في قطاعات كثيرة والشعب اللبناني عانى كثيراً في فترة الغياب التي مر بها لبنان ونحن نحاول قدر الإمكان مع الأطراف كلها تقديم مصلحة لبنان على أي مصلحة أخرى”.
لا ملاحقة لابراهيم
وسط هذه الأجواء برزت تطورات متلاحقة امس في ملف التحقيقات الجارية في انفجار مرفأ بيروت من خلال مثول قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي امام المحقق العدلي وإرجاء الجلسة الى الثاني من آب المقبل . واعلن مكتب الإدعاء في نقابة المحامين في بيروت الخاص بفاجعة 4 آب 2020، في بيان، انه “في ضوء نشر خبر إعلامي يتعلق بحضور قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي أمام حضرة المحقق العدلي يوم الجمعة في 23/7/2021 لحضور جلسة، وبعد التدقيق، تبين لمكتب الإدعاء أن موعد جلسة اليوم لسماع القائد السابق للجيش لم يبلغ من أي من المدعين مسبقا أو من وكلائهم القانونيين، لنفاجأ أن حضرة المحامي العام التمييزي وضع مطالعته، بتاريخ اليوم، بشأن إذن ملاحقة المدير العام للأمن العام، والتي يبدو أنها تذهب بإتجاه إنتزاع صلاحية المحقق العدلي بالملاحقة وتعطيلها .
يتمسك مكتب الإدعاء بصلاحية المحقق العدلي في هذه القضية ويُتابع كل الخُطوات للسير بالتحقيق العدلي مع أي مشتبه به حتى النهاية مِن دون أية عوائق، وللتصدي لكل محاولات عرقلة مسار العدالة”.