لم يكن متوقعاً أن ينال الرئيس نجيب ميقاتي تسمية الذين لم يسمّوه، خصوصاً أنهم لم يقوموا بتسمية سواه، في إشارة سبق لرئيس التيار الوطني الحر ان اعتبر مثيلتها في حالة استشارات تسمية الرئيس سعد الحريري رسالة إيجابية لجهة عدم الطعن بميثاقيّة التكليف، فالتكتلان المسيحيان الكبيران، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، باتا أسيري مواقف وسقوف تجعل مشاركة أي منهما في تسمية ميقاتي خسارة لا يستطيع تحمل نتائجها، ووفقاً لمصدر تابع الاستشارات النيابية والمشاورات التي سبقتها، فإن التيار محكوم بتاريخ من التجاذبات مع الرئيس ميقاتي، كان آخرها الاتهامات المتبادلة حول صفقة بواخر الكهرباء، وتسمية ميقاتي من بين رؤساء الحكومات السابقين ووفقاً لثوابتهم تشكل سبباً كافياً لتعقيد التسمية، هذا عدا عن أن التيار وضع سقفاً للتسمية يخاطب به شارعه، بحيث لا يمكن لميقاتي أن ينسجم مع المواصفات التي التزم بها التيار منذ مدة، بينما القوات أسيرة دعوتها للإنتخابات المبكرة، بصورة جعلتها هامشية في الحياة النيابية حتى موعد الانتخابات النيابية، وباستثناء هاتين الكتلتين وما تمثلانه من حجم نيابي يضم 35 نائباً، يشكل ما ناله ميقاتي في التسمية رقماً عالياً، خصوصاً أن كتلة الوفاء للمقاومة تدخل للمرة الأولى نادي التسمية لمرشح من نادي رؤساء الحكومات السابقين، وهو ما لم ينله الرئيس الحريري رغم تبني حزب الله لترشيحه وتسهيله مهمة التأليف، بينما كان موقف الكتلة القومية التي سمّت ميقاتي أيضاً، كما عبّرعنه رئيسها النائب أسعد حردان قائماً على اعتبار أن الأولوية هي لوجود حكومة تتحمل المسؤولية، في وضع يهدد بالانهيار الشامل.
رغم الحذر الذي تبديه المصادر المواكبة للمسار الحكومي في إبداء التفاؤل، إلا أنها تلفت لاعتبار الأسبوع الأول كافياً لمعرفة اتجاه الرياح، وهو اتجاه يبدو مشجعاً مما تجمع من معطيات لدى المصادر حول مواقف رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وسعيهما للتعاون، وشعورهما بخطورة الفشل، سواء بانعكاسه على البلد وأوضاع الناس وصولاً لحد الانهيار الشامل، أو بما سيترتب عليه سياسياً من تبعات تطال من سيتحمل مسؤولية التعطيل، وهو ما كان مفهوماً في حالة الرئيس الحريري في ظل معرفة الجميع في الداخل والخارج ان العقدة الرئيسية تتأتى من رفض السعودية وولي عهدها التعاون معه، وإبلاغها للمعنيين بان التمسك ببقائه وتسهيل مهمته سيشكل نوعاً من التحدي للسعودية، وهذا غير وارد في حالة ميقاتي، الذي تؤكد مصادر فرنسية ان باريس أكملت عدة التجهيز اللازمة لإقلاع مركبه الحكومي، بالتنسيق مع واشنطن والرياض، وانها وفرت ما مجموعه ثلاثة مليارت دولار سيتمّ ضخها على مراحل حتى موعد الانتخابات النيابية، موزعة على ثلاثة أثلاث، ثلث من قروض مدورة من البنك الدولي وثلث مساعدات عاجلة لمنع الانهيار من صندوق النقد الدولي، وثلث من مساهمات الدول المانحة التي سيجمعها الرئيس الفرنسي بعد تشكيل الحكومة طلباً لمليار دولار.
الرئيس المكلف الذي يبدأ اليوم الاستشارات مع الكتل النيابية، ويتوجه إلى بعبدا بعد نهايتها لجوجلة النتائج مع رئيس الجمهورية ومناقشة المخطط التوجيهي لتشكيل الحكومة انطلاقاً من مسودة الـ 24 وزيراً، يفضل وفقاً للمصادر المتابعة عدم التقيد بتلك المسودة مع موافقته على رقم الـ 24، منعاً لحدوث مطابقة بالتفاصيل مع ما قبله وما رفضه الرئيس الحريري وتقييد حركته بضوابط يفضل التحرر منها دون التفريط بصلاحيات رئيس الحكومة، ولكن لتسهيل الحركة والمناورة عليه وعلى رئيس الجمهورية لتقديم تنازلات متبادلة تتيح تسريع تشكيل الحكومة.
تقول المصادر إن ميقاتي سيعرض على رئيس الجمهورية سلة توزيع للحقائب على الطوائف والمرجعيات السياسية ضمنها، تتضمن فرص تبادل متعددة للحقائب التي يهتم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بتسميتها، ومن ضمنها فرص تبادل في طوائف الوزراء المحسوبين على الرئيسين، بحيث يسمّي كل من الرئيسين وزيراً أو أكثر من طائفة الرئيس الآخر، وأنه سيعتمد جداول وخانات تشبه تلك التي يعتمدها الرئيس ميشال عون لأن هذه هي طريقته أصلاً باعتماد التفاصيل المكتوبة في كل أعماله السياسية وغير السياسية، ما سيسهل فرص التعاون والتوصل للتسويات، التي سيكون الفرنسيّون على اطلاع كامل على تفاصيلها مع جهوزية للتدخل لحلحلة العقد والمساعدة على تذليلها.
وانتهى يوم الاستشارات الطويل إلى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة بـ 72 صوتاً مقابل صوت واحد للسفير نواف سلام و42 لا تسمية ومقاطعة ثلاثة نواب هم طلال أرسلان ونهاد المشنوق ومصطفى الحسيني.
وبرز موقف الرئيس سعد الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون الذي رسم سقفاً سياسياً لميقاتي في عملية التأليف، وبالتالي ألزم ميقاتي بعدم التنازل عما رفض التنازل عنه خلال مفاوضات التأليف مع عون. فيما لفت موقف كتلة الوفاء للمقاومة التي منحت أصواتها لميقاتي مصحوبة برسالة سياسية إلى الحليف بضرورة الالتفات إلى المصلحة العامة دون المصالح الخاصة، في حين امتنع تكتل لبنان القوي عن التسمية من دون أن يسمّي مرشحاً آخر متراجعاً عن توجّهه بتسمية سلام لتجنب استفزاز حزب الله.
وبدأ استحقاق الاستشارات بلقاء بين عون وميقاتي ثم التقى الحريري الذي قال من بعبدا بعد اللقاء: “أبلغت فخامة الرئيس تسميتي للرئيس نجيب ميقاتي. امام البلد اليوم فرصة والجميع يرى ما تشهده الليرة من تحسن وهذا المهم. سمّيت الرئيس ميقاتي على أساس ان يتابع المسار الدستوري الذي اتفقنا عليه في بيت الوسط وإن شاء الله يتم تكليفه وتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، ولا يجب ان نتوقف عند الصغائر فالبلد بحاجة لحكومة”.
أما كتلة الوفاء للمقاومة فسمّت ميقاتي. وقال رئيسها النائب محمد رعد: “منذ استقالة حكومة حسان دياب في 10 آب 2020 والكتلة ترى ضرورة تشكيل حكومة لتيسير الأوضاع العامة ولطالما سعينا لإنجاز خطوة تشكيل الحكومة وتعاطينا بإيجابية مع كافة الجهود التي بذلت في هذا السياق”. واضاف: “اليوم مع وجود بوادر إيجابية لتكليف ميقاتي نُسمّيه لرئاسة الحكومة القادمة وسنتعاطى بايجابية معه”. وتابع: سمينا الرئيس ميقاتي ما يعكس جديتنا بأولوية تشكيل الحكومة ولنتقصّد إعطاء جرعة دعم لتسهيل التأليف.”
وكشفت مصادر قناة “أو تي في” أن “حزب الله لم يكن يستسيغ فكرة تكليف ميقاتي بدلًا من الحريري عند اعتذار الأخير، لكن عند طرح اسمه بشكل جدّي كان هناك طلب من ميقاتي للحصول على تأييد علني له من قبل حزب الله”. وأشارت المصادر الى أن “تسمية ميقاتي كانت بقصد إعطاء جرعة إضافية لتسهيل التشكيل وتأكيد جدية حزب الله خاصة أنه يطالب دائمًا بضرورة إنجاز التشكيل”.
بدوره أشار النائب الوليد سكرية باسم كتلة اللقاء التشاوري: “مرشحنا المبدئي هو فيصل كرامي ولكن أمام حاجة البلد لحكومة نأمل ان تكون انقاذية لانتشاله من الوضع السيئ قررنا إظهار حسن النوايا وقرر كل من النائبين عبد الرحيم مراد وعدنان طرابلسي تسمية ميقاتي أما فيصل كرامي وأنا فلم نسمِّ”. وقد انقسم موقف اللقاء بين رأيين حسم الأمر بعد مشاورات امتدت لساعات.
كما سمّى النائب فؤاد مخزومي السفير نواف سلام.
واستهلت الجولة الثانية بلقاء الرئيس عون مع كتلة القوات اللبنانيّة، التي تحدث باسمها النائب جورج عدوان قائلا: “لم نسمّ أحدا لاننا صادقون مع الناس ومع انفسنا وبوجود هذه الأكثرية لا يمكن فعل شيء”. وقد ثبت حضور النائب جان طالوزيان بمفرده الى بعبدا خروجه من كتلة القوات لا سيما وأنه عاكس القوات وسمّى ميقاتي، كما لوحظ تجنب حضور النائب سيزار المعلوف مع كتلة القوات بداعي السفر رغم تفويضه الكتلة التسمية عنه.
كما سمّى النواب ميشال ضاهر وجان طالوزيان وجهاد عبد الصمد ميقاتي، قال النائب اسامة سعد: “لا ثقة بهم وإن حكموا وعهدي مع الناس ألا أسمي أحدًا منهم فعدم جهوزية البدائل لا يعني القبول بواقعهم التعيس”.
أما النائب جميل السيد فلم يسمِ أحداً وقال بعد لقائه عون: “ذاهبون نحو فشل مع ميقاتي لأن التركيبة نفسها باقية حتى الانتخابات والحكومة ستكون انتقالية للحفاظ على الوضع على حاله من انهيار حتى الانتخابات”. وأضاف “اتمنى لميقاتي التوفيق لكن لم أسمّه وهو آت بشروط الحريري ذاتها”.
وسمت كتلة التنمية والتحرير ايضاً الرئيس ميقاتي وقال النائب انور الخليل باسم الكتلة: ”سمينا الرئيس نجيب ميقاتي ليكون الرئيس المكلف، وتمنينا على فخامة الرئيس ان يكون عوناً للرئيس المكلف”. وأضاف: “الكتلة تدعم الوصول إلى حكومة مهمة اختصاصيين غير سياسيين”.
وبحسب ما علمت “البناء” فقد توجّه الرئيس بري الى عون بالقول: “نتمنى تعاونك أنت والرئيس المكلف لكي نصل بسرعة لحكومة واستبشرنا خيراً من خلال مقابلتك الصحافية الأخيرة وموقفك من ميقاتي”.
وقال النائب جبران باسيل باسم تكتل “لبنان القوي” من بعبدا: “نظراً لعدم ترشح النائب فيصل كرامي وعدم الاستمرار بتسمية السفير السابق نواف سلام وبقاء مرشح جدّي وحيد هو ميقاتي، قررنا عدم تسمية أحد لأن لدينا تجربة سابقة غير مشجّعة وتطلعاتنا الإصلاحية معه غير مناسبة”. وفيما لم تسم كتلة الأرمن أحداً، كان لافتاً المخرج الذي أعده أرسلان الذي تغيب عن الاستشارات لكي لا يظهر أنه عارض موقف حزب الله ومن دون تفويض كتلته ضمانة الجبل التي لم تسم أحداً.
وبعد نهاية الاستشارات أعلنت رئاسة الجمهورية بأن الرئيس عون استدعى ميقاتي لتكليفه برئاسة الحكومة بعد نيله 72 صوتاً مقابل صوت واحد لنواف سلام و42 صوتاً لم يسموا احداً، وغياب 3 نواب. ثم حضر ميقاتي وعقد اجتماع ثلاثي ضمّه الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي: “أبلغني فخامة الرئيس تكليفي بتشكيل حكومة جديدة وأشكر كل من سمّاني من النواب ومن لم يسمّني أتمنى التعاون لإيجاد الحلول المطلوبة”. وأضاف: “أريد ثقة الناس ووحدي لا أملك عصا سحرية وأن المهمة صعبة، خطوت هذه الخطوة ونحن على شفير الانهيار”. وأكد ميقاتي أنه لم يكن ليقبل التكليف لولا وجود ارادة دولية واسعة لدعم الحكومة المقبلة لمنع الانهيار.
وأردف: “بالتعاون مع رئيس الجمهورية سنصل الى تشكيل حكومة حسب مندرجات المبادرة الفرنسية”.
وختم قائلاً: “إخماد الحريق لا يتم إلا بتعاون جميع اللبنانيين وأنا مطمئن ولو لم تكن لدي الضمانات الخارجية ولم لم أكن على معرفة أنّ هناك من يريد إخماد النار ما كنت لأقدم على هذه الخطوة”.
وأشارت مصادر دبلوماسية لـ”البناء” الى أن “المناخ الدولي مؤاتٍ ومساعد لتأليف حكومة في لبنان للجم الانهيار الحاصل على كافة الصعد المالية والاقتصادية والنقدية وتجنباً للفوضى الاجتماعية والأمنيّة”، مذكرة بالاجتماع الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي منذ حوالي شهر الذي أكد على ضرورة تأليف حكومة ومنع الانهيار في المؤسسات اللبنانية”.
من جهتها، لفتت مطلعة على مسار الاستشارات والمشاورات الحكومية الى أن “مسار تأليف الحكومة الجديدة سينطلق بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة باجتماع مرتقب مساء اليوم بين عون وميقاتي أو على الأقل باتصال يجريه ميقاتي بعون للتداول في هذا الأمر”. كما اشارت الى أن “ميقاتي متمسك بحقيبة الداخلية دون اشتراطه أن يتولاها سنّي، فربما تكون لمسيحي لكن من حصة ميقاتي”. وأشارت المصادر الى أنه “قد تكون هناك مرونة أكبر من ميقاتي في التعامل مع شكل الحكومة”.
واشارت مصادر عين التينة لـ”البناء” الى أن “الوضع لم يعد يحتمل مماطلة وتسويفاً وتعطيلاً من اي طرف من الاطراف”، معربة عن تفاؤل الرئيس بري بإمكانية تأليف حكومة خلال مدة شهر كحد اقصى وفي حال لم يتم ذلك فالأمور ستذهب الى تصعيد كبير جداً”.
وأفادت مصادر ميقاتي لـ “البناء” الى أن أجواء اللقاء مع عون كانت إيجابية جداً وهناك اتفاق بينهما على سرعة تأليف الحكومة بشكل لا نصل الى النتيجة التي وصل اليها الرئيس المكلف سعد الحريري، كما لفتت الى ان ميقاتي وضع مهلة للتأليف وسيواظب على زيارة بعبدا لتذليل العقبات وقال ميقاتي لعون بحسب المعلومات “أنا رح شوفك بأقرب فرصة وسأستمزج آراء النواب وسأعود إليك قريباً بعد التشاور مع الكتل”.
وأعرب رئيس الجمهورية خلال استقباله وفد “مجموعة الصداقة اللبنانية – الفرنسية” في مجلس الشيوخ الفرنسي برئاسة كريستين لافارد، وفي حضور سفيرة فرنسا آنّ غريّو. عن أمله ”ان يتم تشكيل حكومة جديدة في اقرب وقت ممكن لتباشر إجراء الإصلاحات الضرورية لإنقاذ الوضع الاقتصادي في البلاد”، مجدداً تأييده للمبادرة الفرنسية، شاكراً لنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون “الدعم الذي يقدمه للبنان لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت في العام الماضي، والمؤتمرات التي دعا اليها لدعم الشعب اللبناني، ومنها المؤتمر الذي سيُعقد في 4 آب المقبل”. وأعربت لافارد عن “اهتمام فرنسا بلبنان وشعبه انطلاقاً من العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين”، لافتة الى أن بلادها “تدعم الإصلاحات التي ينوي لبنان اتخاذها بعد تشكيل الحكومة”.
وفي أول موقف دولي من تكليف ميقاتي وزعت السفارة الفرنسية بياناً للناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية جاء فيه: “أحيطت فرنسا علماً بتسمية مجلس النواب اللبناني السيد نجيب ميقاتي رئيساً للوزراء. الحاجة الملحّة الآن هي تشكيل حكومة كفوءة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية لنهوض البلد، وهو ما يتوقعه كل اللبنانيين. وتدعو فرنسا جميع القادة اللبنانيين إلى التحرّك في هذا الاتجاه في أسرع ما يمكن. وتشارك مسؤوليتهم. وفرنسا من جهتها ستبقى إلى جانب اللبنانيين كما كانت دائماً”.
ومساء أمس، قام الرئيس المكلف بالزيارات التقليدية الى رؤساء الحكومات السابقين، واستهلها بزيارة الحريري في “بيت الوسط” وعرضا آخر المستجدات وملف تشكيل الحكومة الجديدة. ثم زار الرئيس فؤاد السنيورة، فالرئيس تمام سلام. كما زار رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وأجرى الرئيس ميقاتي اتصالاً بعائلة الرئيس سليم الحص واطمأن الى صحته.
وللدلالة على سرعة في التأليف أعلنت الأمانة العامة لمجلس النواب، أنّ “استشارات التأليف ستجرى في مجلس النواب – ساحة النجمة بدءاً من صباح اليوم”.
وانعكست أجواء الاستشارات الإيجابية على الاسواق وعلى سعر الصرف حيث انخفض سعر صرف الدولار الى 16500 ليرة للدولار الواحد اي اكثر من 5 آلاف ليرة خلال يومين، وما لبث ان ارتفع إلى 18000 ل ل أمس، لكن الاسعار بقيت على ارتفاعها. في السياق نفسه، طلب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمه “من المستوردين وأصحاب المؤسسات التجارية، خفض الأسعار بأقصى سرعة وبشكل ملحوظ قبل صباح الغد كحدّ أقصى، وذلك مع الانخفاض الكبير بسعر الصرف وتحسساً مع المواطنين”، مؤكداً أن ”استمرارهم في التلاعب بالأسعار أو الغش سيعرّضهم الى أقصى العقوبات وصولاً الى الطلب من القضاء بإقفالهم”. كذلك أكد في بيان أن “فِرَق مديرية حماية المستهلك ستواصل جولاتها الرقابية استناداً الى القوانين المرعية الإجراء لحماية المستهلك، والوزارة التي تتفهّم الارتفاع بأسعار بعض السلع في حال ارتفاع سعر الصرف، إلا أنها تحذّر من تمادي بعض أصحاب المؤسسات التجارية في عدم خفض الأسعار مع انخفاض سعر الصرف، وهو أمر غير مقبول لا أخلاقياً ولا مهنياً في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون”. وليس بعيداً، داهم مراقبو وزارة الاقتصاد عدداً من مستودعات مستوردي المواد الغذائية، مطالبين بإعادة النظر في الأسعار بعد تراجع سعر صرف الدولار.
وشهدت سوق المحروقات بعض الانفراج مع تزويد محطات المحروقات بالبنزين، فيما أزمة المازوت لا تزال على حالها، وقال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إن “من المرجّح ان تكون الطوابير قد شارفت على الانتهاء بين الاثنين والثلاثاء. وتوقع أن يشهد السوق ارتياحاً ابتداء من اليوم نتيجة كميات البنزين التي توزّع بعد تفريغ حمولة البواخر. وأشار الى وجود صعوبة في حلحلة أزمة المازوت حتى نهاية الأسبوع الحالي.
أما المستشفيات فرفعت الصوت محذّرة من الكارثة مع اقتراب مخزونها بالمازوت من النضوب.
وفي سياق ذلك ورغم توقيع الحكومتين اللبنانيّة والعراقيّة اتفاقاً لحصول لبنان على مليون طن من النفط العراقي الخام، إلا أن عقبات عدة تحول دون تنفيذ الاتفاق. فقد كشف مصدر مطلع على الملف لـ”البناء” أن “النفط العراقي سيصل إلى لبنان قريباً واتخذ القرار بهذا الشأن على أعلى المستويات ولا عوائق سياسية مطلقاً لكن هناك عقبات تقنية وادارية، علماً أن المفاوضات اللبنانية – العراقية لتوقيع هذه الاتفاقية بدأت منذ 5 شهور ووزارة الطاقة لم تكلف نفسها تجهيز مصفاة لتكرير النفط لا في لبنان ولا في الخارج”. ولفت المصدر إلى أن “وزارة الطاقة حتى الساعة لم تحدّد الدولة التي سينقل إليها النفط الخام لمبادلته لكي يصبح صالحاً للاستخدام في لبنان، وهناك دول عدة مستعدّة وتستطيع ذلك كالجزائر والمغرب والإمارات”. لكن المصدر شدّد على أن حل هاتين العقدتين سيفرج عن مليون طن من النفط الخام الذي ينتج الفيول لتشغيل محطات الكهرباء على أن تصل البواخر المحملة بالفيول إلى المصافي اللبنانية خلال أسبوعين على أبعد تقدير ما يسدّ ثلث حاجة لبنان من الفيول وبالتالي رفع ساعات التغذية عدة ساعات يومياً بالإضافة إلى حل أزمة المازوت المرتبطة بعدة قطاعات حيوية وخدمية وحياتية”.