وكأنه لا ينقص اللبنانيون أزمات حتى “زاد الطين بلّة” بانفجار الوضع الأمني الذي كاد أن يوقظ الفتنة أمس في خلده، ولولا تسارع نداءات العقل والتهدئة لكانت الأمور ذهبت الى الفوضى التي لا يضبطها أحد، وقد تصدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى جانب مساعي الأطراف المعنية مباشرة لمنع انقلاب الحادث الى اقتتال جديد، وفتح الباب في المقابل الى الركون للدولة وأجهزتها، التي باتت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتدخل وحسم الأمور.
وقد اعلن جنبلاط القلق دائما على السلم الأهلي، استعداده للتوسط وعقد مصالحة بين بالتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، مؤكدا انه “لا بد من توقيف مطلقي النار وأن تأخذ العدالة مجراها”.
وبالإنتظار تترقب الأوساط المختلفة ما سيحمله اللقاء الرابع اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، والمتوقع ان يحمل مفاجآت على صعيد ملف تشكيل الحكومة. فاللقاء مخصص من حيث المبدأ لإسقاط الأسماء على الحقائب بحسب ما ذكرته لـ “الأنباء” الالكترونية مصادر سياسية مواكبة للإتصالات المتعلقة بعملية التشكيل.
لكن المصادر أعربت عن خشيتها ألا يسفر لقاء اليوم عن تطور إيجابي عقب الموقف التهديدي الذي اعلنه مستشار رئيس الجمهورية بيار رفول من تلفزيون otv بالطلب الى الرئيس ميقاتي ان يشكل الحكومة كما يريدها الرئيس عون أو يعتذر، مضيفا انه من غير المسموح له ان يستخدم نفس الاسلوب الذي استخدمه الرئيس سعد الحريري.
هذا الكلام ردت عليه مصادر بيت الوسط بعنف، متهمة الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي “بالإنقلاب على الطائف وبانتزاع صلاحيات رئيس الحكومة وخلق أعراف جديدة لا علاقة لها بالدستور وبوثيقة الوفاق الوطني”.
المصادر دعت عبر “الأنباء” الالكترونية من أسمته “فريق المستشارين لدى عون وصهره النائب جبران باسيل” الى ”الكف عن تفسير الدستور على ذوقهم واستنباط أعراف جديدة لن تغير من الواقع بشيء”. وقالت: “اذا كان عون وفريقه السياسي وجهابذة المستشارين لديه يشعرون بالغبن، فلماذا لا يتقدمون برسالة الى مجلس النواب للمطالبة بتعديل الدستور بدل الإنقلاب على الطائف والإدعاء بأنهم يسترجعون حقوق المسيحيين؟”.
أوساط الرئيس المكلف إستبعدت في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية حصول تقدم على خط التشكيل في اللقاء المرتقب بين عون وميقاتي “لأن نوايا فريق العهد ليست سليمة، وإلا لكانت تشكلت الحكومة منذ اللقاء الأول بينهما”. وكشفت المصادر ان “عون ما زال يتمسك بحقيبتي الداخلية والعدل وأن تشديده على المطالبة بالداخلية بالنسبة اليه مسألة حياة او موت، لاعتقاده ان هذه الحكومة ستتولى الإشراف على الإنتخابات ويجب ان تكون الداخلية من حصته لضمان فوز باسيل في الإنتخابات المقبلة مع مجموعة من معاونيه”.
وكشفت الاوساط ان “ميقاتي يسعى لإسناد الداخلية لشخصية محايدة وموثوقة منه، ولا فرق عنده أكانت سنية او مسيحية، فالمهم ان تكون مستقلة”، لكن عون رفض ذلك بحسب أوساط ميقاتي التي نقلت عنه انه “يعطي لنفسه مهلة عشرة أيام، فإما ان يشكل الحكومة او يعتذر”. الأوساط ربطت نجاح ميقاتي تشكيل الحكومة “بأجواء لقاء بعبدا المرتقب. فإما ان تكون تفاؤلية وتذهب الأمور باتجاه التشكيل، او العكس”. كما نقلت عنه تمسكه بالثوابت وعدم التخلي عنها قيد أنملة. لكن في الوقت نفسه لديه هامش من المرونة ما يجعله قادر على تدوير الزوايا قدر الإمكان.