فاجأت المقاومة جيش الاحتلال ومخابراته، وكلّ حلفائه، وحتى حلفاءها، فظهرت الساهر الوحيد على منع التمادي في العدوان، والتذكير بمعادلات الردع وتثبيت قواعد الاشتباك، فجاءت وصواريخها المحسوبة لتقول إنّ تجاوز المعادلات سيرتب رداً، وإنّ حكومة الاحتلال لن تجد متنفساً من أزماتها بتصعيد موهوم على الحدود مع لبنان، وخلال ساعات قليلة كان قد صار واضحاً أنّ قيادة الكيان السياسية والعسكرية، قد فهمت الرسالة ورضخت لمضمونها، فتجنّبت العودة لغارات طيرانها على المناطق الحدودية، واكتفت بالقذائف المدفعية التقليدية في مناطق مفتوحة قرب الحدود.
ما حملته العملية من تثبيت لقواعد الاشتباك ومعادلات الردع رافقته المفاجأة التي فضحت الهزال الاستخباري لجيش الاحتلال، وفقاً لما قاله المحللون العسكريون على قنوات تلفزة الكيان، لم يكن إنجازها الوحيد فقد كانت اختباراً مناسباً للمقاومة لتثبيت فشل القبة الحدودية أمام الصواريخ العادية التي كان مقصوداً تضمين بيان المقاومة نوعها، أنها من عيار 122 ملم، وفوق هاتين النتيجتين أثبتت المقاومة أنّ التهويل الدائم من قيادة الكيان وما يكرّره بعض اللبنانيين وراءها، بقدرة جيش الاحتلال على التهديد بشنّ حرب، هو هراء وأوهام ونتاج عقد نقص عند من يصدّقه، وهكذا خاب رهان الذين خرجوا مع إعلان بيان المقاومة عن عمليتها الرادعة، يحذرون من خطورة ما تقوم به المقاومة وما سينتج عنه من تداعيات، ليظهر في نهاية اليوم أنّ كيان الاحتلال يدرك قوة هذه المقاومة وأهليتها لحماية لبنان بعكس بعض اللبنانيين.
الحادث الذي تعرّضت له المجموعة المقاوِمة العائدة من تنفيذ العملية في بلدة شويا، ما لبث ان تحوّل إلى مصدر لردود أفعال، كشفت محاولات إشعال فتنة طائفية، وجروح خلدة لم تندمل بعد محاولة أخرى سابقة لفتنة أخرى، ما استدعى استنفاراً للمرجعيات الدينية والسياسية وفي طليعتها مشايخ العقل في طائفة الموحدين الدروز، ومشايخ البياضة وجبل العرب، والحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، لإطلاق مواقف تلتقي على دعم المقاومة والتحذير من الفتنة.
في الشأن السياسي لم يحمل لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي جديداً يؤشر للتقدّم في المسار الحكومي، وتحدثت مصادر مواكبة لملف الحكومة الجديدة عن ارتفاع منسوب التشاؤم، بغياب الإيجابيات، وقالت المصادر إنّ عدم تحديد موعد للقاء المقبل هو التعبير الأدق عن هذه الحالة، فالذي يجري يشبه الدوران في حلقة مفرغة، فبعدما استعصى إنجاز توزيع الحقائب على الطوائف، تمّت محاولة للالتفاف على العقد والانتقال للتفاهم على الأسماء في الحقائب المفترض انها خارج النزاع حيث ظهرت مشاكل جديدة، فتمّت العودة لمناقشة مبدأ المداورة وتعقيداته سعياً للتفاهم، ليبدو ذلك مستعصياً أيضاً، وأمام هذا الدوران والعجز عن التقدم تم رفع الجلسة وإفساح المجال لأفكار جديدة تبرّر العودة إلى اجتماع جديد، فيما قالت المصادر إنها لا تستبعد أن يكون وراء التريّث استشعار بمناخات خارجية لا تحبذ تسريع تشكيل الحكومة، برعاية فرنسية حصرية، خصوصا انّ ايّ موقف أميركي أو سعودي ترحيبي بتكليف الرئيس ميقاتي لم يصدر، فيما اكتفت واشنطن والرياض بالحديث العام عن الحاجة لتشكيل حكومة تنفذ الإصلاحات المطلوبة.
وخطف التصعيد العسكري على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة الأضواء، إثر القصف «الإسرائيلي» المتمادي لقرى لبنانية هو الأول من نوعه منذ حرب تموز 2006، ما استدعى ردّاً حازماً من المقاومة الإسلامية فرض نفسه على العدو «الإسرائيلي» وأعاد الأمور إلى طبيعتها. وتشير مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أنّ «الردّ «الإسرائيلي» الموسّع على الجنوب لم يكن مجرد ردّة فعل طبيعية على إطلاق صاروخين من الأراضي اللبنانية باتجاه المستوطنات في فلسطين المحتلة، بل لتحقيق أهداف عدة تتعلق بتوازن القوى بين العدو وحزب الله وفحص مدى تغير المعادلات في الداخل اللبناني وعلى الحدود بعد عامين من الضغوط الهائلة والأحداث القاسية التي تعرض لها لبنان». والدليل بحسب المصادر أنّ العدو لم يقصف مصدر إطلاق الصاروخين كما أكد بيان حزب الله، بل قرى بعيدة جداً عن مكان إطلاق الصاروخين.
وأعلنت المقاومة الإسلامية في بيان أنه «عند الساعة 11,15 دقيقة من قبل ظهر اليوم الجمعة (أمس) وردّاً على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراض مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليل الخميس الماضي، قامت مجموعات الشهيد علي كامل محسن والشهيد محمد قاسم طحان في المقاومة بقصف أراض مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم».
وعلق خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية على ردّ المقاومة بالقول لـ»البناء» إنّ «توسع إسرائيل بالرد على إطلاق صاروخين، لا سيما استخدامها للطائرات في مناطق تقع في عمق الأراضي اللبنانية هدف إلى أمرين: خرق قواعد الاشتباك القائمة التي أرستها المقاومة في انتصار تموز 2006 وفرض قواعد جديدة وتغيير خريطة التعامل مع لبنان، الأمر الثاني اختبار جهوزية المقاومة لتُبنى عليه مفاعيل وخطوات كبرى في وقت لاحق. فإن ردت المقاومة فتفهم إسرائيل أنّ هذه المقاومة جاهزة للحرب ولم تتأثر بالأوضاع الداخلية. أما إذا لم ترد فتعتبر إسرائيل أنّ الأحداث الكبيرة في لبنان منذ عامين شغلت الحزب عن دوره في الحدود، وبالتالي تنتقل إسرائيل إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطتها، أي استكمال العبث الأمني في الداخل وعدوانها على الحدود».
ويشدّد الخبراء على أن «ردّ المقاومة بالغ الأهمية على المستوى الاستراتيجي والعسكري والسياسي وقد منع الحرب على لبنان وحفظ قواعد الاشتباك وثبتها وأسقط نظرية ضرب المقاومة من بيئتها بسياسة التجويع والحصار والعقوبات».
وفي أول تعليق لحزب الله على التطورات في الجنوب، أكّد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أنّ «على الاحتلال «الإسرائيلي» أن يفهم أنّ لبنان ليس ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات فيها»، مشيراً إلى أنّ على «إسرائيل أن تبقى مردوعة».
وأضاف الشيخ قاسم في حديث تلفزيوني: «التزم حزب الله علناً بأنّ الاعتداء على لبنان يعني أن يُقابل بالردّ المناسب»، وشدّد على أنه «يجب أن تفهم «إسرائيل» أنّ لبنان ليس ساحة مفتوحة لتصفي حساباتها فيها، وليس محلاً لتختبر قدراتها وتستفز أو تقوم بإجراءات تدريبية أو عملية لمشروع تفكر فيه»، مؤكداً أنّ «لبنان ساحة مصانة ومحفوظة». وكان قاسم زار طهران والتقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي أكد أنّ «حزب الله أصبح نموذجاً ناجحاً وشاملاً لمقاومة الاستكبار».
في غضون ذلك، يطل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله اليوم في ذكرى انتصار تموز 2006 ويتحدث في بداية كلمته عن المناسبة وأهميتها، بحسب ما علمت «البناء»، ثم يتطرق إلى التطورات العسكرية والأمنية الأخيرة في الجنوب وأسباب ردّ المقاومة، كما يتناول الشأن الداخلي من أحداث خلدة وموضوع مرفأ بيروت وما رافقه من أحداث، ربطاً بمحاولات تفجير الوضع الأمني الداخلي وترابطه مع الدخول «الإسرائيلي» العسكري على الخط، إضافة إلى الملف الحكومي، وقد يعرج في ما تبقى من وقت على بعض الملفات الإقليمية، لا سيما الانتخابات الإيرانية مع تسلم الرئيس الجديد مقاليد الحكم».
من جهتها، أوضحت قيادة الجيش مديرية التوجيه أنّه «حوالى الساعة 11.30 أطلقت قوات العدو الإسرائيلي قذائف مدفعية باتجاه الأراضي اللبنانية سقط منها عشر قذائف في خراج بلدة السدانة وثلاثون قذيفة في خراج بلدتي بسطرة وكفرشوبا، ما أدّى إلى اندلاع عدد من الحرائق، وذلك بعد أن أُطلق عدد من الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه مزارع شبعا المحتلّة. وقد أوقفت وحدة من الجيش في بلدة شويّا أربعة أشخاص قاموا بإطلاق الصواريخ وضبطت الراجمة المستخدمة في العمليّة.»
وعكس الموقف «الإسرائيلي» خشية العدو من توسع دائرة الاشتباك مع حزب الله ولذلك اكتفى ببعض القصف قبل أن تعود الجبهة الى هدوئها المعتاد، وعقد اجتماع أمني مصغّر للحكومة «الإسرائيلية» للبحث في «التصعيد» على الحدود مع لبنان خرج بعده جيش الاحتلال لطمأنة مستوطنيه إنّ «حزب الله أطلق الصواريخ متعمداً باتجاه مناطق مفتوحة وغير مأهولة ما يدلّ إلى أنه لا يريد الحرب». وتابع: «ندرس الردّ على القصف من جنوب لبنان لكن لن نذهب إلى تصعيد». وسارع وزير الدفاع «الإسرائيلي» بيني غانتس، إلى الاتصال هاتفياً بنظيره الأميركي لويد أوستن وبحث معه التوتر على الحدود مع لبنان، مطالباً «بتدخل أميركي لوقف إطلاق النار من الجانب اللبناني»، ناصحاً «حزب الله» والجيش والحكومة اللبنانية بعدم اختبارنا».
وفي المواكبة الرسمية اللبنانية للتطورات، أعطى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توجيهاته للاهتمام بالسكان الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في القرى والبلدات التي تعرضت للقصف «الإسرائيلي» تحسباً لأي تصعيد، وتوفير الحاجات الضرورية لهم. في الموازاة، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب سلسلة اتصالات بهدف احتواء التصعيد في جنوب لبنان عبر الالتزام التام بالقرار الدولي 1701.
وكان الرئيس بري قد تابع الاعتداءات «الإسرائيلية» على لبنان وجنوبه خلال استقباله وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر، وقال بري: «ما حصل من عدوان صهيوني على مناطق عدة في الجنوب يعبر عن طبيعة هذا الكيان القائم على العدوان والذي لا يرتدع بلغة الإدانة فهو لا يفهم إلا لغة واحدة هي لغة «الوحدة والمقاومة»، وشدد على أن «الموقف البديهي والرد الوطني السريع على ما حصل ويحصل يجب أن يكون بمسارعة المعنيين بالشأن الحكومي القيام بفعل وطني صادق مقاوم للمصالح الشخصية الضيقة والحصص الطائفية البغيضة يقفل من خلاله كل الأبواب المشرعة على التعطيل والفراغ في مؤسسات الدولة، لا سيما في السلطة التنفيذية والتي وإن بقيت كذلك على النحو المستمر منذ سنة ونيف فهي ستفتح شهية الكيان الإسرائيلي على شن مزيد من الاعتداءات ضدّ لبنان وجنوبه».
بدوره، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية حقّ ومشروعية الردّ على كل اعتداء «إسرائيلي»، داعياً إلى تثبيت معادلة الجيش والشعب والمقاومة وتحصينها، لتفويت الفرصة على القوى التي تتربص شراً وغدراً بعناصر قوة لبنان.
وقال الحسنية في تصريح: «إنّ تمادي العدو في اعتداءاته، لن يلقى منّا إلاّ مزيداً من الصمود والثبات، وصلابة الإرادة والموقف تمسكاً بحقنا المشروع في التصدي للعدو والردّ على عدوانيته. وواهم عدونا إذ اعتقد بأنه يستطيع كسر معادلة الردع التي تكرست في حرب تموز ـ آب 2006. ففي عشية الذكرى الخامسة عشرة للانتصار، نؤكد أنّ ما من قوة في العالم، مهما بلغت من الغطرسة والعتو والإرهاب، تستطيع أن تهزم شعباً آمن بخيار المقاومة سبيلا وحيداً لتحرير أرضه من الاحتلال. واعتبر الحسنية أنّ ردّ المقاومة على الاعتداءات الصهيونية، شكّل رسالة قوية على أكثر من صعيد، والعدو فهم فحواها وبأن المقاومة على أتم الجهوزية، وأن ثلاثية الانتصار المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة، هي معادلة راسخة ثابتة متماسكة».
الى ذلك أوضح الإعلام الحربي في المقاومة حقيقة حادثة شويا موضحاً أنه «عند الساعة 11:15 من ظهر اليوم الجمعة)أمس)، ردت المقاومة الإسلامية على الاعتداءات الصهيونية على لبنان باستهداف محيط مواقع العدو الاسرائيلي في مزارع شبعا بصليات صاروخية من مناطق حرجية بعيدة تماماً عن المناطق السكنية، حفاظًا على أمن المواطنين. ولدى عودة المقاومين من عملهم وأثناء مرورهم بمنطقة شويا في قضاء حاصبيا، أقدم عدد من المواطنين على اعتراضهم. إن المقاومة الإسلامية، كانت ولا تزال وستبقى، من أحرص الناس على أهلها وعدم تعريضهم لأي أذى خلال عملها المقاوم، وهي التي تدفع الدماء الزكية من شبابها لتحافظ على أمن لبنان ومواطنيه».
ورغم الطابع الفردي لهذه الحالة الشاذة والغموض الذي لفها، لا سيما أنّ معترضي الشاحنة بحسب شهود عيان ظنوا أنها تعود لطابور خامس أو لجهة مجهولة مسؤولة عن إطلاق الصاروخين الأربعاء الماضي، إلا أنها لاقت حملة استنكار واسعة من أهالي المنطقة وأحزابها ومكوناتها ومشايخها، إذ أكد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نصرالدين الغريب في بيان، أنّ «ما يحصل الآن في الجنوب خطة ممنهجة لتوتير الأجواء عبر قصف أماكن في هذه المنطقة الحساسة، ورد المقاومة على العدوان أمر طبيعي، ونقف جميعاً إلى جانب المقاومة وحقّنا في الدفاع عن الأرض والوطن».
وأسفت بلدية شويا والمخاتير وفعاليات البلدة، في بيان، «للحادث غير المقصود الذي حصل في بلدتنا شويا»، مؤكدة «وحدة الصف وسياسة التعايش التي نؤمن بها، كما ونؤكد انتماءنا الوطني ودعمنا للجيش والمقاومة».
كما تداعى عدد من كبار مشايخ الطائفة الدرزية ومراجعها الروحية في حاصبيا لا سيّما مشايخ خلوات البياضة إلى لقاء للتداول بما جرى في البلدة وأبدوا استنكارهم وشديد إدانتهم لما حصل مؤكدين أنّ «الطائفة الدرزية في موقعها الطبيعي ولن تسمح لأحد بأخذها إلى مواقع تناقض تاريخها القومي العروبي المدافع عن قضايا الأمة وبين إسرائيل والمقاومة الدروز حتماً إلى جانب المقاومة البطلة ضد الاحتلال الصهيوني». وأكّدوا أنّ «المقاومة هي القوة القادرة على مجابهة هذا العدو الغاشم».
من جهته، رأى النائب طلال أرسلان في تصريح أن «العدوان على الجنوب والذي لم يحصل مثله منذ تمّوز 2006 يظهر نيّة لدى العدو بتغيير قواعد الاشتباك ويعطي الحق للبنان وجيشه ومقاومته بالدفاع عن أرضه وسيادته وبالرد على كل ضربة بمثلها وأكثر لا يعتقدن أحد أنّ بإمكانه ليّ ذراع المقاومة بعد اليوم». وأكد حزب التوحيد العربي في بيان «الوقوف إلى جانب المقاومة في الدفاع عن أرضنا وكرامتنا واضعين جميع إمكاناتنا بتصرف المقاومين في هذه الظروف الصعبة التي تتطلب من جميع اللّبنانيين رص الصفوف لصد العدوان الإسرائيلي الغاشم.» وأشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الى أن «بعد الذي حدث في الجنوب وفي شويا بالتحديد نتمنى أن نخرج جميعاً من هذا الجو الموتور على التواصل الاجتماعي وأن نُحكِّم العقل ونعتمد الموضعية في التخاطب بعيداً عن التشنج».
على الصعيد الحكومي، عقد اللقاء السادس في بعبدا بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، الذي قال بعد لقاء استمر 45 دقيقة: «الأحداث تتسارع ونحن ملتزمون بالقرار 1701 وأُحيّي الجيش، والرئيس عون يتابع التطورات جنوباً وتطرق جزء من اجتماعنا إليها». وأضاف: «حكومياً الأمور في خواتيمها وأفضّل عدم الكلام، هناك اتصال غداً (اليوم) بيني والرئيس عون لنتفق على موعد جديد».
وردّاً على سؤال حول ما يحكى عن موضوع المداورة في الحقائب الوزارية، أجاب ميقاتي: «كل ما يقال معلومات صحافية، وإذا اتخذنا قراراً بالمداورة في الوزارات، فستكون في أغلب الحقائب».
ولفتت مصادر مطلعة على موقف بعبدا لـ»البناء» إلى أنّ «الرئيس عون متمسك بصلاحياته الدستورية ويعتبر أنه يحمي هذه الصلاحيات وأن هذه الحكومة مفصلية وسيترتب عليها توازنات ولذلك يريد حفظ هذه التوازنات والشراكة المسيحية في الحكم بوزارات أساسية كالداخلية والمالية، لكنه منفتح، في الوقت عينه، على صيغ الحل على قاعدة عدم تخصيص أي حقيبة لطائفة معينة ومداورة الحقائب بين جميع القوى». ووفق معلومات «البناء»، قد يجري الاتفاق على المداورة في الحقائب باستثناء وزارة المالية التي تبقى مع من تطرحه حركة أمل.
وأشارت مصادر الرئيس بري لقناة «NBN» إلى أنّ «تأليف الحكومة يقتصر على الرئيسين عون وميقاتي، وكلّ ما يقال أو ينشر لا علاقة للرئيس بري به، وهو لم يقدم مبادرة جديدة بعد تكليف ميقاتي».
وتستبعد مصادر مطلعة على الوضع الداخلي والتطورات في الإقليم لـ»البناء» ولادة حكومة في لبنان في المدى المنظور لأسباب متعدّدة، إلا إذا أعاد الأميركيون النظر في خطة وزير الخارجية السابق مايك بومبيو التي تضمّنت تعميم الفراغ السياسي والحكومي في لبنان أملاً بأخذه إلى الانفجار الاقتصادي والأمني وصولاً إلى استدراج عدوان إسرائيلي ينتهي بوصاية خارجية على لبنان، وتضيف المصادر أنه طالما القرار الأميركي حائلاً دون تسهيل تأليف الحكومة فلن نرى حكومة قريباً».
ورأى عضو كتلة الوسط المستقل التي يرأسها ميقاتي النائب نقولا نحاس في اجتماع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف «إيجابية تدعو إلى التفاؤل». وأشار في حديث إذاعي إلى أنّ «التعاطي في ملف التأليف إيجابي من الطرفين»، مؤكداً أنّ «الطريق معبّدة نحو التفاهمات من أجل تأليف حكومة فاعلة». ورأى أنّ«ميقاتي ينطلق من التوازنات القائمة، لأن لا وقت لتثبيت معطيات دستورية جديدة والدخول في سجالات».