على وقع مؤشرات الشلل التام الذي سيُدخل البلاد قريبا جدا في حالة موت سريري، مع انقطاع كل المواد الاساسية والضرورية لاستمرار العيش من الكهرباء الى البنزين والمازوت والغاز وتهاوي القطاعات تباعا وصولا الى الطبابة والمستشفيات، يمضي المشهد الحكومي الذي دخل اسبوعه الثالث بعد التكليف الثالث من دون تأليف، في ظل غياب اي مؤشرات في الأفق توحي باقتراب الحل وسط انعدام الليونة السياسية، والاصرار على المطالب والشروط التي تدفع البلاد الى مزيد من الغوص في بحر الانهيار العميق في انتظار لحظة الارتطام المدوّي.
اللقاء السابع
ولم يعقد امس اللقاء السابع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي في بعبدا خوفا من ان ينفجر الخلاف بين الرجلين حولها بفعل اصرار عون على ضم حقيبتي الداخلية والعدل الى حصّته، وكانت العقد، حتى الايام القليلة الماضية، محصورة في هذه النقطة، التي اضيفت اليها ايضا مطالبة عون بوزارات خدماتية لم يكن ميقاتي خصصها له.
عقدة الخليل؟
لكن امس، برزت عقبة جديدة تتمثل في رفض بعبدا لشخص وزير المال الذي يقترحه الثنائي الشيعي وتحديدا رئيس مجلس النواب نبيه بري. بحسب مصادر مطلعة، الفريق الرئاسي يبدو سلّم جدلا بأن المداورة مستبعدة وبأن التوزيع باق على حاله – وإن كان لن يستسلم سريعا في مسألة “الداخلية” – وعليه، فإنه انتقل الان الى مرحلة جديدة عنوانُها وضع فيتو على اي اسم لا يراه العهد قادرا على تنفيذ “أجندته” على الصعيد الـ”مالي”. ففيما التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان مسألة مصيرية بالنسبة الى الفريق الرئاسي، كشفت المصادر ان العهد رفع فيتو في وجه إسناد حقيبة المال الى يوسف الخليل، وهو خبير مالي ومدير العمليات المالية في مصرف لبنان، بحجة ان الخليل موظف في مصرف لبنان وبالتالي لن يتعاون مع التدقيق ولن يتخذ اي موقف ضد حاكم المركزي. كما يغمز فريق العهد من قناة الرئيس نبيه بري، ملمّحا الى ان الاخير لا يريد التدقيق الجنائي والى انه من “حُماة” رياض سلامه، مذكّرا ايضا بان بري عرقل التدقيق الجنائي عبر وزير ماليته.
ميقاتي ينفي…
وبينما سيتظهر الاسود من الابيض عقب اجتماع بعبدا المرتقب، أوضح المكتب الاعلامي لميقاتي ان “بعض وسائل الاعلام يعمد الى نشر اخبار وروايات مفبركة عن مسار تشكيل الحكومة الجديدة وعن لقاءات مزعومة ومفاوضات جانبية تجري لهذه الغاية”. وأضاف في بيان “يهم المكتب الاعلامي للرئيس المكلف ان يؤكد ان، منذ صدور مرسوم التكليف، وباستثناء اللقاءات المعلنة التي جمعت الرئيس المكلف برئيس الجمهورية ميشال عون، لم يعقد اي لقاء بين الرئيس ميقاتي واي وسيط لرئيس الجمهورية، وتحديدا لم يحصل اي لقاء مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل”. وختم “إن دولة الرئيس ميقاتي، اذ يقدر للاعلام دوره ورسالته، يتمنى على الجميع وعي دقة المرحلة وعدم اختلاق الاخبار والروايات التي تتسبب بتشنج الاوضاع وتحرف عملية تشكيل الحكومة عن مسارها الصحيح، فاقتضى التوضيح”.
والتيار
وكانت اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر نفت ايضا في بيان “جملةً وتفصيلاً، ما ذكرته صحيفة ”الشرق الاوسط” صباح امس في صدر صفحتها الأولى، عن إيفاد عون رئيس التيار النائب جبران باسيل للقاء ميقاتي، في سياق رواية مختلقة بكاملها تتضمّن تدخلاً فرنسياً مزعوماً معه، أوردتها عن تطورات الشأن الحكومي”.
عود على بدء
وسط هذا الانسداد، وفي وقت حذرت المنظمة الدولية للهجرة، امس من أن 120 ألف عامل مهاجر باتوا بحاجة ماسة لمساعدات إنسانية في لبنان جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي ينهش بالبلاد، الازماتُ المعيشية آخذة في التفاقم وعاد ما تم ترقيعه في الايام الماضية، الى الاشتداد سيما على صعيد المحروقات. في السياق، كما كان متوقعاً، استعيدت مشهديّة طوابير السيارات المصطفة أمام المحطات، طلباً للبنزين وبعضاً من ليترات المازوت لتشغيل المولدات المنزلية بعدما توقفت مولدات الأحياء كلياً أو جزئياً عن تأمين التيار الكهربائي في عزّ موسم الحرّ… وإلى أزمة البنزين والمازوت شهد عدد من مراكز تعبئة الغاز زحمة لافتة، بسبب خشية بعض المواطنين من انقطاعه أو غلاء سعره.
عون – الراعي
على صعيد آخر، بقيت الحملة التي يشنها مناصرو حزب الله على مواقع التواصل ضد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الواجهة امس. وقد اتصل رئيس الجمهورية بالبطريرك الراعي مؤكدا “ان التعرض للمقام البطريركي وشخص البطريرك مدان ومرفوض، وحرية الرأي والتعبير مصانة بالدستور، وأي رأي آخر يجب أن يبقى في الإطار السياسي ولا يجنح الى التجريح والإساءة”.. كما دان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في مؤتمر صحافي، الحملة التي شنت على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “والتي خرجت عن الحدود”، معتبرا “ان المسؤولين في “حزب الله” كالعادة، يتجهون نحو الاتهام بالعمالة بدل التوقف عند حادثة شويا والتفكير فيها بمنطق”. وقال جعجع ردًّا على الحملة “بكركي تتحدّث باسم أكثرية اللبنانيين والحملة مرفوضة ولا تجوز وأقول للمفتي قبلان “لبنان دائماً كان بلاد سيادة وحرية واستقلال وكان هكذا قبل حزب الله وهكذا سيبقى” ولا يمكنكم قمع رأي الآخر”.
المجلس وقرار الاتهام
وكان بري دعا امس إلى عقد جلسة عامة في الحادية عشرة من قبل ظهر بعد غد الخميس الواقع فيه 12 آب الجاري، في قصر الاونيسكو، وذلك للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ وفقا للمادة 22 معطوفة على المادة 20 من القانون 13 /90 (اصول المحاكمات امام المجلس الاعلى المنصوص عنها في المادة 80 من الدستور).
الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق : التشكيل في الثلاجة والمواطن يبحث عن الغاز والبنزين والمازوت والدواء