ربما يسجل لرئيس حكومة تصريف الاعمال #حسان دياب انه، من حجره الصحي الاختياري بعد مجالسته مصاباً بكورونا، يفترض ان يكون انعش ذاكرة من ينبغي ان يتذكروا ان الازمة الكارثية التي يتخبط فيها لبنان سجلت امس رقماً قياسياً جديداً لأطول فترة تصريف اعمال في تاريخ الحكومات المستقيلة. ففي ذكرى مرور سنة كاملة على استقالة حكومة دياب سها عن بال “المراجع المسؤولة” ان تفسر للبنانيين سبب عدم انعقاد الاجتماع السابع امس بين رئيس الجمهورية ميشال #عون والرئيس المكلف نجيب #ميقاتي ولو ان أي تحديد لموعد مسبق للاجتماع لم يكن اعلن عنه. ولكن في ظروف تبدو فيها البلاد على مشارف انفجار مخيف جراء الاختناقات غير المسبوقة في كل نظم الخدمات وتحول كارثة #الكهرباء و#المحروقات الى فتيل وصاعق جاهزين لاشعال تطورات واضطرابات قد تحرق بقايا الأخضر واليابس في كل بقايا لبنان المحتضر، فإن مرور يوم آخر متثاقل على وقع وتيرة اجتماعات بعبدا مع الرئيس المعتذر سعد الحريري ومن ثم مع الرئيس ميقاتي لا يمكن الاستبشار معه بان الأمور ذاهبة نحو أعجوبة القرن التي ستستولد الحكومة، بل ان معالم التثاقل المتعمد تنذر بمزيد من التشاؤم. ومع ان أحداً لم يكن يراهن على مفاجأة سيحملها الاجتماع السابع لو انعقد امس، فان ما سلّط الضوء على تجاهل بعبدا وصمت الرئيس المكلف عن مجرد إيضاح لسبب عدم انعقاد الاجتماع هو التفاقم المخيف فعلاً في كارثة الاختناقات الخدماتية والمعيشية التي ابرزت في ذكرى مرور سنة على استقالة حكومة تصريف الاعمال الحالية الحجم المدوي للفراغ الذي تعيش في ظله البلاد، فيما لا يزال هناك من يستهين بمحرقة اللبنانيين ويمضي في مؤامرة باتت موصوفة لتعطيل تأليف حكومة انقاذية توقف الهرولة المتسارعة والمتدحرجة نحو الانهيار الكبير والانفجار الكبير.
اذاً وخلافاً لما كان متوقعاً، لم يقم الرئيس ميقاتي بزيارته الدورية الى بعبدا، بحسب ما كانت مقررة مباشرة بعد عطلة رأس السنة الهجرية. وخلافاً للاجواء الايجابية التي يتم ضخها، علم ان لا اتصال تمّ بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف للاتفاق على الموعد الذي كان مرتقباً، وهذا ما ينذر بطلائع سلبية مع بداية ما سمي بأسبوع الحسم الحكومي.
وفق المعلومات ايضاً فإن عملية التأليف عالقة في مربعها الاول ولم تتجاوز عقدة واحدة من عقد توزيع الحقائب الوزارية، لا الحقائب العادية ولا الحقائب الخدماتية قبل الوصول الى الحقائب السيادية التي كانت وضعت جانباً كيلا تفرمل عملية التأليف في بدايتها.
ورغم هذه المعطيات السلبية، تنفي مصادر قريبة من بعبدا وجود اي خلاف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وتؤكد ان الاتصال بينهما متواصل عبر فريقيهما من اجل تذليل بعض العقبات من امام عملية توزيع الحقائب. واعتبرت ان عدم انعقاد اللقاء بينهما امس لا يعني تعثّر عملية التأليف بل ان التواصل غير المباشر بينهما مستمر للوصول الى مرحلة الاتفاق بعدما يكون فريق عمل كل من الرئيسين مهّد لذلك. ووفق هذه المصادر فإن طرح ابقاء القديم على قدمه ليس موضع رفض ومجرد الاتفاق على الحقائب الخدماتية قد ينسحب حكماً على الحقائب السيادية والرئيس عون يسعى للوصول الى حل حكومي مستدام قائم على التوازن والانسجام والعدالة لاسيما في توزيع الحقائب الخدماتية والاساسية التي ما زالت مدار أخذ وردّ، باستثناء حقيبة العدل التي بحسب التوزيع ستبقى من حصة رئيس الجمهورية. ووفق هذه المصادر ان رئيس الجمهورية لم يدخل بعد في مسألة الاسماء وما ينقل عنه من اعتراض على اسم يوسف خليل لحقيبة المال ليس لسبب شخصي انما لمسألة مبدئية كون خليل يشغل منصب مدير العمليات المالية في مصرف لبنان وبتوزيره تكون هناك مخاطرة عند طلب التحقيق في المصرف المركزي الذي يخضع كمؤسسة للتدقيق الجنائي المالي.
سنة تصريف اعمال
وكان الرئيس دياب اصدر بياناً في ذكرى مرور سنة على استقالة الحكومة، معتبراً ان الحكومة المستقيلة “تعاملت مع هذا النفق، على الرغم من ضعف إمكاناتها، وضيق صلاحياتها، وفي غياب أي مساعدة خارجية مؤثرة، وفي ظل تجاذبات سياسية داخلية حادة. ومن الظلم أن تُرمى على حكومة تصريف الأعمال تهمة التقاعس أو التهرّب من المسؤولية…واليوم، بعد سنة على الاستقالة، يلوح بعض الأمل في الخروج من حالة المراوحة في تشكيل الحكومة، والتوقف عن الدوران في الحلقة المفرغة، مع التأكيد على ضرورة تقديم كل التسهيلات الممكنة في هذا السياق، فالتنازلات صغيرة أمام مصلحة لبنان واللبنانيين، والمكاسب بلا قيمة إذا حصل الإرتطام”.
كما ان دياب رأس عصراً اجتماعاً عن بعد للجنة الوزارية الاقتصادية المعنية بمتابعة مشروع البطاقة التمويلية. وبعد الاجتماع اعلن وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية ان اللجنة ناقشت الصيغة الأخيرة وأجرت بعض التعديلات “ويمكننا الآن أن نقول أن هذه الصيغة نهائية بعد أن وضِعت اللمسات الأخيرة عليها. وسنعمل الآن على إطلاق عمل اللجنة التقنية من أجل الشروع بأقرب وقت بوضع هذه الآلية موضع التطبيق الفعلي، ونحن متفائلون بأننا سنتمكن من إنجاز هذه المهمة سريعًا خصوصًا في ظلّ ما تشهده البلاد من تفاقم الأزمات وزيادة الضغوط الاجتماعية على اللبنانيين”.
أزمات تتدحرج
في غضون ذلك شهدت البلاد تفاقماً بالغ الخطورة في أزمات المحروقات والكهرباء والاستشفاء و#الدواء دفعة واحدة، علما ان أزمة المحروقات تصاعدت بقوة على وقع الشائعات عن رفع الدعم نهائياً عن المحروقات، وهو الامر الذي لم يتأكد بعد ولم تتخذ حياله الإجراءات التنفيذية النهائية. وأثارت تداعيات ازمة الكهرباء والمحروقات مع انعدام القدرة على الحصول على مادة المازوت للمولدات الكهربائية مخاوف واسعة من إضطرابات اجتماعية وامنية، علما ان ثلاثة قتلى سقطوا في الشمال جراء صدامات على محطات للمحروقات. وعمت عمليات قطع الطرق معظم المناطق اللبنانية في اليومين الأخيرين كما أقفل المدخل الشمالي لمدينة النبطية وأقفلت مداخل كفرشيما واتسعت الاحتجاجات ليلا في العديد من البلدات والمناطق. كما ان عودة مشهد طوابير السيارات بالمئات على المحطات مع اشتداد ازمة البنزين عكست التخبط الهائل في معالجة هذه الازمة. وبحسب المعلومات التي سادت امس، فان الكمية المتبقّية من مادة البنزين تكفي لمدّة 5 أيام فقط وهناك باخرتان نالتا موافقة مسبقة من مصرف لبنان لكنّ التاريخ الذي ستأتيان فيه إلى لبنان لم يُحدّد بعد. كذلك افيد أن المديرية العامة للنفط أعطت تعليماتها بفتح منشأتي طرابلس والزهراني أبوابها لتوزيع المازوت بعد الانتهاء من إحصاء الشركات التي تبيع في السوق السوداء والتي ستُحرَم حصتها في الأيام المقبلة . وعزا ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا عودة طوابير السيارات أمام المحطات الى عدم تسليم الشركات في الأيام الماضية مادة البنزين مؤكداً أن “السعر على حاله ولا رفع للدعم كما أشيع”. وتحدث رئيس تجمّع أصحاب المولدات الخاصة عبده سعادة عن أن مادة المازوت “مخزّنة تحت الأرض في خزانات التجار وتباع في السوق السوداء”.
واما الاخطر فتمثل في اشتداد ازمة الدواء من خلال عدم إيجاد حل فوري لتأمين أدوية وعلاجات الأمراض السرطانية الذين يواجهون خطورة عالية ويعجز الاطباء والمستشفيات عن تامين البدائل . كما ان نقيب الأطباء شرف ابو شرف حذر من ان “إذا لم تتأمن مادة المازوت بسرعة فسنكون أمام كارثة كبيرة في المستشفيات”. واعلن نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون “أننا تمكّنا امس من تأمين المازوت لعدد من المستشفيات بواسطة بعض الشركات المستوردة الخاصة، واليوم الأزمة كبيرة جدّاً والضغط يزداد، حيث كلّ المستشفيات تتصل للمطالبة بتأمين المادة”.
وتمددت الازمة نحو الأفران مجددا اذ أعلن تجمع المطاحن توقف العديد من المطاحن قسراً عن العمل بسبب فقدان مادة المازوت التي باتت غير متوافرة في السوق الشرعية ولا في السوق السوداء، والمطاحن الاخرى ستتوقف خلال ايام معدودة عن العمل تباعاً وتدريجاً وفقاً لحجم مخزونها من المازوت.