ماذا بعد؟ ماذا ينتظر اللبنانيون المذلولون المحاصرون ليخرجوا عن انينهم ووجعهم الصامت؟ حتى متى سيبقون خاضعين مستسلمين لقوى الامر الواقع ومنظومة الفساد التي انهكتهم وشردتهم وهجرتهم وقتلتهم بفسادها وانانياتها واطماعها التي لا نهاية لها على رغم كل ما تسببت به للبنان وشعبه حتى الساعة؟ هل يجوز امام هول الكوارث المتلاحقة والنكبات اليومية وحجم الذل والاهانات التي يقبعون في ظلها الا ينتفضوا ويتمردوا ويتحدّوا المنظومة كلها من ألفها الى يائها؟ هل نجحت الاساليب السلطوية الماكرة في تخدير الناس بـ»بنج» البحث عن لقمة العيش ورغيف الخبز تجنبا للجوع وليتر البنزين لتأمين التنقل الضروري ونقطة المازوت لتسيير ماكينة اوكسيجين فيما «البنج» مقطوع في المستشفيات والاوكسيجين «لوكس» لمن يجده او يستورده؟
السلطة الحاكمة مرتاحة لهذا الواقع ، نائمة نومة اهل الكهف لا تسعى لتوفير مخارج للأزمات او هي على الارجح لا ترى او تشيح النظر عن معاناة تسببت وتتسبب بها مع كل لحظة تمر من دون تشكيل حكومة، لا ايجابيات او بوادر تفاؤل بولادتها سوى في بعض الاعلام فيما يبدو ان اخراجها من قمقم العرقلة الرئاسية العالقة فيه منذ اكثر من عام يحتاج الى صعقة او صفعة من مكان ما.
مشهد لا يوصف
كان المشهد على الارض والطرقات وفي البيوت والمستشفيات والصيدليات والافران لا يوصف امس. غداة وقف الدعم للمحروقات، ورفض بعبدا والسراي قرار مصرف لبنان هذا، استفحلت الازمة وعادت الطوابير لتمتد لكيلومترات امام المحطات مع اشكالات على عدد الدقائق، في وقت شح المازوت وانقطع تماما من السوق، متسببا بتغذية كهربائية صفر وبتعثر عمل اوجيرو وشركات الانترنت والادارات الرسمية والمؤسسات الخاصة، وسط بلبلة عارمة في تحديد سعر بيع البنزين اذا توافر.
المحروقات
في السياق، رأى عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس ان «شد الحبال بين السلطة السياسية ومصرف لبنان، يضع الشعب واصحاب المحطات وكل قطاع المحروقات في ضياع ومأزق يدفع ثمنه المواطن». واعتبر أن «أصحاب محطات المحروقات كالمواطنين ضحايا وكبش محرقة في هذا التصادم».
على الـ3900
وصدر عن المديرية العامة للنفط، بيان ذكرت فيه بإلزامية تسليم الكميات المخزنة لديها والتي تم شراؤها على سعر الصرف 3900 أي على السعر الرسمي الذي أصدرته وزارة الطاقة والمياه نهار الأربعاء الفائت، بإنتظار أن يحدد مصرف لبنان، المرجعية المعنية بتسعير النقد الاجنبي مقابل الليرة اللبنانية، سعرا واضحا رسميا لسعر صرف الدولار لزوم إستيراد المحروقات مجددا.
غاز لخمسة ايام
وكما البنزين والمازوت كذلك الغاز، فقد اعلن رئيس نقابة العاملين وموزعي الغاز فريد زينون ان «مخزون الغاز لا يكفي الا لخمسة ايام». وطالب مصرف لبنان بـ»اعطاء الموافقة المسبقة حتى تتمكن الباخرة الموجودة في عرض البحر منذ 20 يوما من الدخول»، مشيرا انها «تحمل 5000 طن، وهناك باخرة آتية بعد 4 ايام في داخلها9000 طن».
والرغيف ايضا
الى ذلك، قال أمين سر نقابة الأفران في بيروت وجبل لبنان ناصر سرور «اتصلت بوزير الإقتصاد وابلغته ان عشرات الأفران اغلقت ابوابها وكان جوابه «انا ما خصني روحو شوفو وزارة الطاقة».وأعلن ان «افرانا كبرى غدا ستتوقف عن توزيع الخبز بسبب غياب الطحين والمازوت».
أدوية مقطوعة
معيشيا ايضا، كشف رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أن «وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن تواصل مع حاكم مصرف لبنان قبل يومين لتذكيره بما اتفق عليه في السابق بشأن الاستمرار في دعم الأدوية المزمنة وحليب الأطفال ولقاحات الأطفال، داعياً إياه الى البدء بتحويل أموال الشركات المستوردة لتتمكن من تأمين الدواء الى الصيدليات».
اتصالات
الى ذلك، نفى وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال طلال حواط، نفيا قاطعا صحة ما ورد في الخبر الذي يتم تداوله على بعض المواقع الإخبارية الاكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي عن «ان وزارة الاتصالات ستقطع خدمة الانترنت اعتبارا من الشهر القادم من الساعة 12 ليلا حتى الساعة 7 صباحا بشكل دائم»، والرسالة الصوتية المنسوبة الى المدير العام لهيئة اوجيرو عماد كريدية.
يدرس خياراته
ازاء هذه الاوضاع، افيد ان «في ضوء قرار حاكم مصرف لبنان بوقف الدعم، يدرس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خيارات منها دعوة مجلس الوزراء استثنائيا الى الانعقاد للضرورة بالاتفاق مع رئيس الحكومة عملا بالفقرة 12 من المادة 53 من الدستور للنظر في معالجة هذه الازمة، وتوجيه رسالة بسبب الضرورة الى مجلس النواب عملا بالفقرة 10 من المادة الدستورية ذاتها».
اجتماع امني
وعُقد اجتماع في قيادة الجيش – اليرزة، ضمّ إلى قائد الجيش العماد جوزاف عون كلّاً من: مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان القهوجي، ومساعد مدير عام الأمن العام العميد الركن سمير سنان، ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد خالد حمود، ورئيس مكتب شؤون المعلومات العميد يوسف مدوّر.
وتداول المجتمعون تداعيات الأزمة الاقتصادية والتحركّات الشعبية احتجاحاً على فقدان مادتي البنزين والمازوت وما يترتّب عنه، واتّفقوا على مواصلة التنسيق في ما بينهم واتخاذ خطوات عملانية للحؤول دون تكرار الحوادث الأمنية التي حصلت مؤخرا في أكثر من منطقة.