كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: هل من خلاص للبنانيين منذ هذه المأساة المتفاقمة كل لحظة؟ ومتى الخلاص؟ وقد جاءت فاجعة بلدة تليل العكارية لتعرّي أصحاب النظريات القاتلة في ترك الدعم العبثي على حاله ما يعني تلقائيا ترك التهريب والاحتكار على حالهما، اي مزيد من مآسٍ مشابهة لما حصل في عكار. فاجعة تليل جاءت لتكشف الحقيقة التى يسعى بعض الشعبويين إلى ترويجها بذريعة ان الدعم هو لخدمة الفقراء، فتبين بعد انفجار عكار ان الدعم مآله قتل اللبنانيين الذين لم يلمسوا من “جمل” الدعم سوى أذنه.
كل ذلك يجري فيما من بيدهم الحل يتقاذفون المسؤولية، متبرئين من دم اللبنانيين وعذاباتهم. فبين إنفجار المرفأ في 4 آب من العام الماضي وإنفجار خزانات البنزين في بلدة التليل العكارية 376 يوما بالتمام والكمال. وكأنه كتب على المواطنين أن يسيروا في طريق الجلجلة بانتظار أن يأتي الفرج وتنجلي الغمامة السوداء التي تخيم فوق رؤوسهم. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ما حدث في التليل كاف ليحزم الممسكون بالقرار أمرهم ويوقفوا التهريب؟
قبل سنوات علا صوت كان وقتذاك وحيدا يطالب بوقف التهريب وإغلاق المعابر غير الشرعية، وما من أحد كان يريد أن يسمع. ثم انضم آخرون لاحقا الى صوت الحزب التقدمي الإشتراكي واللقاء الديمقراطي في المطالبة بمنع التهريب، وما من أحد من أصحاب القرار أعطى أذنا صاغية، لتقع الكارثة الجديدة فجر أمس. ومع ذلك إكتفى أهل الحكم ببيانات الشجب وبتقاذف التهم من دون الإلتفات الى لبّ المشكلة. إنها العنجهية والمكابرة وإنعدام المسؤولية والضمير التي تنذر بالأسوأ. فمتى الخلاص؟
وفي غمرة المآسي كان القرار الصائب بوقف الدعم ولو أنه أتى متأخرا. وفي هذا السياق أشارت مصادر سياسية مستقلة عبر “الأنباء” الإلكترونية الى أن “قرار وقف الدعم خطوة جريئة، ودخول الجيش على خط مصادرة البنزين المخزن في المحطات، أظهر أن معظم المحتكرين ينتمون الى أحزاب وتيارات سياسية، يتقاسمون معهم الصفقات والسمسرات والأرباح غير المشروعة، إذ إن ما تمت مصادرته في اليومين الماضيين من بنزين مخزن يعود لسياسيين معروفين أو لأبنائهم وأقربائهم”، وذلك بحسب المصادر.
من جهتها، كشفت مصادر سياسية شمالية لـ “الأنباء” الإلكترونية عن “تورط مسؤولين منذ مدة ليست بقصيرة بعملية تهريب المحروقات والمواد الغذائية والطحين الى سوريا بشكل مبرمج، عبر طرقات ومعابر خاصة من دون حسيب أو رقيب”. وأعربت المصادر عن إستغرابها “لغياب نواب عكار عما جرى ومواكبة أهالي الضحايا والجرحى ومساعدتهم على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإدخال من بقي منهم حيا الى المستشفيات”. كما استغربت “عودة السجال وتبادل الإتهامات بين تيارين سياسيين معروفين”، مؤكدة ان “الوقت اليوم ليس لتبادل التهم وتسجيل النقاط. فالكارثة التي حلت بعكار تتحمل السلطة مسؤوليتها. والإختباء خلف الأصابع لم يعد ينفع، لأن أهالي المنطقة لن يترددوا في محاسبة المتورطين في الإنفجار”.
عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش رأى أننا “وصلنا الى حافة الفلتان الشعبي. واذا استمر البلد من دون حكومة فإننا مقبلون على تطورات أصعب من ذلك بكثير”، متوقعا أن “يضع الرئيس ميقاتي الجميع أمام مسؤولياتهم ليلاقوه في منتصف الطريق لتسهيل تشكيل الحكومة رأفة بالبلاد والعباد. فما جرى في عكار قد يكون بداية الإنفلات الأمني والفوضى”.
القيادي قي الجماعة الاسلامية عماد الحوت أشار عبر “الأنباء” الإلكترونية الى “الكارثة التي منيت بها عكار العزيزة بسبب السياسات الفاشلة للطبقة الحاكمة من ناحية، والفساد المستشري بشكل فاضح وواضح وعلني والذي إنفضح وانكشف أمره مع المجزرة في بلدة التليل”. وقال: “نحن في الجماعة الاسلامية نعتبر ما حصل مجزرة ارتكبها الفاسدون المحميون سياسيا الذين لجأوا الى سرقة المحروقات والسلع المدعومة، وعمدوا الى تخزينها بنية تهريبها والكسب غير المشروع دون اعتبار لمعاناة اللبنانيين والعكاريين على وجه الخصوص”.
وطالب الحوت “بإنزال أشد العقوبات بأولئك الذين تسببوا بالمجزرة من ناحية، وارتكبوا جريمة سرقة اللبنانيين من ناحية أخرى، والذين يحمون الفساد والتهريب والإحتكار باتوا معروفين بالأسماء والصفاة، فهم المسؤولون عن أزمة اللبنانيين ومعاناتهم، وهم المعرقلون لمسار تعافي البلد وخروجه من أزمته. وبالتالي فإننا نحملهم كل المسؤولية عن ذلك ونطالب بمحاكمتهم ومحاسبتهم وانزال ما يستحق بهم من عقوبات على جرائمهم التي لم تعد خافية على أحد”.