“انمحت الملامح والجسد متفحم”… عبارة تدمي القلوب وتهزّ عروشاً وتطيح رؤوساً عن كراسيها رددها شقيق الشهيدين العسكريين حسن وفياض شريتح اللذين قضيا في انفجار صهريح التليل، لكنها في “الغابة” اللبنانية على حد توصيف رئيس الجمهورية ميشال عون للبلد، لم تهزّ شعرة في رؤوس المسؤولين بل زادتهم غياً فوق غيّهم وإمعاناً في استدراج المزيد من عروض “عزرائيل” الجهنمية تفجيراً وتهجيراً وحرقاً وقهراً للناس.
من “نيترات الأمونيوم” المخزنة في المرفأ إلى “ليترات البنزين” المخزنة في التليل، يواصل آب اللهاب الفتك باللبنانيين وحصد أرواحهم على مذبح أكثرية متسلطة على السلطة والبلد وتتعامل مع شعبها على قاعدة “راحت عاللي راح… ومنكمل باللي بقيوا”. وبهذا المعنى كان ردّ رئيس الجمهورية حاسماً على الداعين إلى رحيله بالتأكيد على أنه لن يتزحزح عن كرسي الرئاسة “حتى النهاية”، مبشراً اللبنانيين بأن ما قام به في عهده “سيكمله الرئيس الجايي”!
ولأنّ مجزرة التليل تحتاج إلى “تنفيسة” تتماهى مع متطلبات موجة الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة على السلطة، سارع أهل الحكم إلى ضخ أجواء تفاؤلية في الفضاء الحكومي، فتقاطع تشديد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على وجوب التأليف خلال 3 أيام مع إشارة عون إلى أنّ الحكومة “على وشك” الولادة خلال الأيام المقبلة، ليتسارع المد التفاؤلي قبل أن يصطدم بـ”نقزة” عبّر عنها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إثر لقائه رئيس الجمهورية، مفضلاً “الحكم على الأمور بخواتيمها”، في إشارة إلى تلمسه الاستمرار في سياسة وضع العصي في دواليب التشكيل.
وإذ أكد ميقاتي أنّ النقاش دخل مرحلة إسقاط الأسماء على الحقائب، أعاد التذكير من قصر بعبدا بأنّ “المدة ليست مفتوحة” أمام محاولاته للتأليف مؤكداً أنه حدد لنفسه سقفاً زمنياً ولن يكشف عنه حتى “يحين الوقت”. وعلقت مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية على “الإفراط في الحديث بالإيجابيات” الذي ساد خلال الساعات الماضية بالإشارة إلى أنّها “أجواء مصطنعة “فالصو” لا تستند إلى أي أساس ملموس”، وأضافت: “العقد لا تزال على حالها والرئيس المكلف قدم لرئيس الجمهورية تركيبة مكتملة تشمل اسقاط الحقائب على الطوائف والمذاهب، وتتضمن بعضاً من الاسماء، لكن الإشكاليات حول توزيع الحصص استمرت لا سيما وأنّ عون رفض توزيعات وزارية معينة”.
وكشفت المصادر أنّ “رئيس الجمهورية طرح اسماً عونياً لتولي حقيبة العدل فرفضه ميقاتي، كما طرح إعطاء وزارة البيئة للحزب التقدمي الاشتراكي بدل الشؤون الاجتماعية”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ “ما يطرحه عون “خربط” كل ما كان وعد به الرئيس المكلف الكتل النيابية التي سمته”، فضلاً عن أنّ “عقدة الداخلية لم تُحل لجهة تحديد او الاتفاق على الاسم الذي سيتولاها، بالإضافة إلى إشكالية وزير المالية التي لا يريد عون أن يتولاها يوسف خليل ويصرّ عليه رئيس المجلس النيابي، ومسألة توزيع بعض الحقائب الخدماتية التي لم تُحسم بعد”.
وتزامناً، أكدت مصادر واسعة الاطلاع أنّ “الضغوط الخارجية باتت كبيرة جداً في سبيل تشكيل الحكومة”، وأشارت إلى أنّ زيارة السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى قصر بعبدا تصب في هذا الاتجاه، كاشفةً أنّ “الرسالة نفسها حملها أيضاً وليام بيرنز رئيس الـ”cia” الى بيروت منذ ايام (الخميس الفائت) حيث التقى في بيروت قادة الأجهزة الامنية وشدد على وجوب عدم انهيار الوضع الأمني في لبنان