لا تحتاج عملية تأليف الحكومة إلى عشرات اللقاءات وساعات مطوّلة من المشاورات، وهي تقوم أساسا على اختيار أشخاص ذوي كفاءة لتبوّء حقيبة معيّنة، بل من المفترض أن يتم حسم الملف في لقاءات قليلة معدودة، خصوصاً بالنسبة لبلد يعاني من الأزمات بمقدار ما يعانيه لبنان على مختلف الأصعدة. فنحن لا نمتلك ترف الوقت لعقد اللقاءات والمشاورات والاتفاق على التحاصص وتوزيع المغانم، علماً أن كل يوم تأخير يقابله مزيدٌ من الانهيار والغرق.
ولو توافرت نوايا تشكيل جدّية لكانت الحكومة قد أبصرت النور بُعيد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بفترة قصيرة، ولكانت العقد تحلحلت، ولكن نهج المحاصصة والعرقلة نفسه، وجل ما يتشاور فيه الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي اليوم يدور حول توزيع الحقائب بما يتناسب مع بعض الحسابات السياسية الضيقة، بعيداً عن الخطوط العريضة التي تهم اللبنانيين.
زار ميقاتي قصر بعبدا للمرة الحادية عشر للتشاور في الملف المذكور دون الوصول إلى نتيجة نهائية بعد، وقد بشّر اللبنانيين أن أمتاراً أخيرة متبقية في المسابقة الصعبة. إلّا أن عدم الخروج بمراسيم تشكيل الحكومة وعدم ربط الموضوع بفترة زمنية قصيرة لا يشي بأن كل شيء على ما يرام، في ظل حديث عن عدم حل مختلف العقد بما يتعلق ببعض الحقائب الأساسية، كالطاقة والداخلية والاتصالات والمالية، ما يوحي بأن هذه الأمتار وعرة وليست سالكة حتى الآن.
عضو كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم اكّد أن “موضوع وزارة المالية قد حُسم منذ مراحل التكليف الأولى، حينما تمت تسمية مصطفى أديب، ولا نقاش حوله اليوم”.
وفي اتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، اعتبر هاشم أن “أي كلام حول وزارة المالية اليوم يعني العودة إلى نقطة الصفر والابتعاد عن تشكيل الحكومة”، لافتاً إلى أن موضوع تسمية الوزير متعلق بالرئيس نبيه بري.
أما حول تفاؤله بتشكيل الحكومة قريباً، فذكر هاشم أن “بعض الحقائب لم تُحسم بعد نتيجة الواقع السياسي، وبسبب محاولات تحقيق بعض المكاسب، وكأننا لدينا ترف الوقت، إلّا أنه ثمة عمل على إزالة العراقيل عبر تدوير الزوايا، على أمل تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن”.
من جهته، نفى عضو التكتّل الوطني فريد الخازن في حديث مع “الأنباء” الالكترونية مطالبة الكتلة بتمثيلها بثلاث حقائب، كما نفى اصرارها على إيلائها وزارة الطاقة، مشيرا إلى أنها “خارج حساباتنا ولا نريدها أساساً”.
ورداً على سؤال حول احتمال تمثيل الكتلة بوزيرين، على أن يتم إيلاؤهما وزارة الاتصالات ووزارةً أخرى أقل أهمية، قال الخازن: “من الممكن أن يكون التمثيل على هذا الشكل ومن المؤكد اننا لسنا حجر عثرة، لكن الملف الحكومي غير محسوم بعد، إذ ثمة نقاط أساسية لم يتم حسمها، ونتمنى إيجاد الحلول بشأنها”.
وفي سياق منفصل، ما زالت أزمة المحروقات مستمرة في ظل غياب الحلول. مشاهد طوابير الذل أمام المحطات باتت طبيعية ومن الفولكلور اللبناني، فاللبنانيون يفقتدون لمادتي المازوت والبنزين منذ مدة طويلة وبشكل حاد، في حين أن المستشفيات قلّصت من عملها نتيجة انقطاع الكهرباء واطفاء المولدات، ما يُعقّد الامور أكثر بفعل الابتزاز الحاصل بين الأطراف المفترض بها حل هذه الأزمة.
من جهته، أشار رئيس تجمع أصحاب المحطات جورج البركس إلى أن “البنزين ما زال متوفراً في محطات المحروقات، في حين أنه مقطوع بالنسبة للشركات المستوردة، وهنا نسأل كم سيكفي المخزون المتوفر لدى المحطات؟ قد يكفي إلى حد منتصف الأسبوع المقبل”.
وفي اتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت إلى أن “مادة المازوت تنفد بسرعة بسبب ارتفاع الطلب، والقوى الأمنية تفرض على أصحاب المحطات بيع كامل المخزون والعمل بأقصى طاقة، في حين أننا نعمل على بيع كميات محددة كل يوم من أجل استمرار العمل لتكفي مجمل الكمية لأيام”.
وكشف البركس أن “باخرتي مازوت سيتم تفريغهما، لكن لم يتم التوصل الى اتفاق بعد بشأن باخرة البنزين، وسنواجه مشكلة في حال لم يتم فتح اعتمادات لها”.