هي ساعات حاسمة لا شك ليس على صعيد الملف الحكومي فحسب انما على صعيد مجمل المشهد اللبناني. فالايجابية المفرطة التي يشيعها فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي قد تتلاشى في اي دقيقة كونها غير مبنية على اسس ثابتة. فبحسب المعلومات كرة التأليف حاليا في ملعب «الثنائي» رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بحيث يبدي الاول تشددا حيال الاسم الذي يقترحه لوزارة المال بعدما اوحى في الايام الماضية عن جهوزية لتجاوز اسم يوسف خليل، فيما دخل الثاني حديثا على خط المطالب الحكومية من خلال مطالبته بشخصية قريبة منه تتولى وزارة الداخلية وعرض الاسم المقترح لوزارة العدل كي يبارك اي تشكيلة حكومية مرتقبة.
حكومة قبل السبت والا!
وبحسب معلومات «الديار» فقد تم تجاوز معظم العراقيل والاشكاليات الاخرى بعد الاتفاق على ان تبقى وزارة الطاقة مع الرئيس عون وتسلم الاتصالات لتيار «المردة». وتكشف مصادر مطلعة على الحراك الحكومي ان المهلة الاخيرة للتشكيل هي يوم السبت المقبل، بحيث لوح ميقاتي بالاعتذار حينئذ في حال تبين ان لا امكانية للتشكيل. وتقول المصادر لـ «الديار»:»في حال تمسك الرئيسان بري والحريري بسقوفهما المرتفعة سيفهم حينذاك ان الخارج وبالتحديد الولايات المتحدة الاميركية غير متحمسة لحكومة برئاسة ميقاتي بعكس ما تعلن، وعندئذ لن يقبل رئيس تيار «العزم» أن يعيد تجربة الحريري الذي بقي الفيتو السعودي يكبل يديه، وسيقدم ورقة اعتذاره من دون تأخر».
وليس ميقاتي وحده من يتعاطى مع يوم السبت المقبل كخط أحمر لا يجوز تجاوزه، فبحسب معلومات «الديار» فقد أبلغ حزب الله بدوره المعنيين بوجوب ان يكون هناك حكومة قبل السبت وهو اوقف اي وساطات وينتظر ما ستؤول اليه الامور ليبني على الشيء مقتضاه. وتقول المصادر: «كلمة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ستكون عالية النبرة يوم الخميس في ذكرى عاشوراء في حال تبين ان كل الايجابية التي تتم اشاعتها حكوميا زائفة، اما في حال كانت الامور حقيقة في خواتيمها فسيكون سقفها منخفضا.
وقال الرئيس المكلف بعد لقائه رئيس الجمهورية يوم أمس، ان الحوار حول تشكيل الحكومة مع الرئيس عون ايجابي، و»نتمنى ان تبصر الحكومة النور قريباً». ولفت الى ان « أننا نبذل جهدنا لإزالة كل العقبات الموجودة في مسار التشكيل و قد اصبحنا في الامتار الاخيرة من هذا السباق»، مؤكداً أن المشاورات مع الرئيس عون تتركز حول ان يكون الشخص المناسب في المكان المناسب و»نودّ أن يتمتع كل اسم او شخص بجدارة وكفاءة ليتسلم حقيبة معينة».
وقالت مصادر قريبة من الرئيس عون ل»الديار» ان جو اللقاء يوم امس الثلاثاء كان افضل من لقاء الاثنين وانه تم التفاهم على القسم الاكبر من الاسماء على الحقائب. واضافت: «التعاون واضح بين الرئيسين .التيار الوطني لم يطالب باي حقيبة ، لا الطاقة ولا غيرها لانه اساسا غير مشارك في الحكومة كما ان الرئيس عون لم يطالب بالطاقة وهي لا تزال محور بحث وتشاور». واوضحت المصادر انه «بقيت تفاصيل قليلة سوف يتم بتها خلال الساعات القليلة المقبلة والاتجاه الى الاسراع في التشكيل».
وتقاطعت المعلومات أمس حول الوصول الى مرحلة غربلة الاسماء بعد حسم حقيبة «الطاقة».
لرئيس الجمهورية والاتصالات لتيار «المردة» الى جانب حقيبة اخرى فقط. اما لجهة الحقائب التي لا تزال محور نقاش لناحية الاسماء فهي العدل والداخلية، ويفترض ان ينكشف التوجه النهائي خلال ساعات بعد اجتماعات واتصالات مكثفة اجراها ميقاتي مساء امس الثلاثاء.
وكان المكتب الاعلامي لميقاتي رد على معلومات تحدثت عن خلاف مع الحريري فقال ان «الرئيس المكلف يقدّر للاعلام دوره البناء في مواكبة القضايا الوطنية ومنها، في هذه المرحلة، موضوع تشكيل الحكومة، ويتمنى على وسائل الاعلام التركيز على الايجابيات المطلوبة لانجاح تشكيل الحكومة والانطلاق الى المعالجات المطلوبة، لان بعض ما ينشر ويقال يندرج في اطار التحليلات التي تفتقد الدقة، او التسريبات المعروفة الاهداف . وفي هذا السياق، اكد ميقاتي في بيان «متانة العلاقة التي تربطه بالرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة والرئيس تمام سلام، ودعمهم له الى اقصى الحدود ومواكبة جهوده لتشكيل الحكومة، وفق الاسس الدستورية المعروفة». وعلى الاثر، غرد الرئيس سعد الحريري عبر حسابه الخاص على «تويتر» قائلا: « بيان الرئيس نجيب ميقاتي لسان حالنا جميعاً والعلاقة مع دولته اقوى من ان يتلاعب عليها المغرضون».
المحروقات الايرانية استنفرت الجميع!
وكما يبدو فان حسم السيد نصرالله باستيراد المحروقات من ايران ادى الى استنفار القوى المحلية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية. وقالت مصادر مطلعة على جو حزب الله ل»الديار» ان السفيرة الاميركية زارت بعبدا قبل يومين لتنبه الرئيس عون الى مخاطر وتداعيات السماح بدخول المحروقات الايرانية الى لبنان والى أن ذلك سيؤدي الى عقوبات حتمية على لبنان، فكان جواب عون ان الشعب عطشان وجائع ويحتاج الى المحروقات واذا لم يكن هناك مصدر غير ايران للتخفيف عن الشعب، فلا يمكن التصدي لذلك.
وبحسب المصادر حاولت واشنطن استيعاب خطاب نصرالله الاخير، فأوعزت لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الموافقة على ادخال شحنتي محروقات على سعر صرف ٣٩٠٠. لذلك افيد امس ان المصرف المركزي فتح اعتمادات على سعر 3900 لباخرتي مازوت تحتويان على حوالى 47 مليون ليتر من المازوت تكفي السوق من 5 الى 6 أيام، فيما لم يوافق على فتح اعتمادات لباخرة البنزين حتى الآن.
وقالت المصادر انه في حال لم تشكل الحكومة قبل السبت فان بواخر ايرانية سترسو على الشواطىء اللبنانية في مناطق محسوبة على حزب الله لتفرغ حمولاتها من المحروقات التي ستوزع على اللبنانيين، موضحة ان سفن الامم المتحدة غير قادرة على اعتراض هذه السفن لأنها لا تحمل اسلحة او ذخيرة ونص القرار ١٧٠١ لا يخولها منع سفن ايا كانت هويتها من تفريغ حملات اخرى على الشواطىء اللبنانية.
وفيما من المتوقع ان يبلغ في حال حصل ذلك الكباش الايراني- الاميركي اوجه في لبنان، تواصلت مآسي اللبنانيين يوم امس على محطات البنزين وعلى ابواب الافران، في المستشفيات وفي منازلهم المعتمة.
وادى التشنج الكبير نتيجة فقدان المقومات الاساسية للعيش الى عشرات الاشكالات في المناطق كان ابرزها يوم امس في منطقة الكفاءات في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث افيد عن سقوط عدد من الجرحى في اشكال تطور الى اطلاق نار كثيف في محطة وقود، مما أدى إلى احتراق إحدى ماكينات التعبئة، بحسب الوطنية للاعلام.
في الاثناء، قال رئيس تجمّع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة انه لم يتم تسليمهم المازوت وان «اي مولّد ينتهي مخزونه سيتمّ إطفاؤه» داعيا الجيش للكشف على مستودعات الشركات والمصافي فورا»ً. واضاف أن «الفيول في خزانات مؤسسة الكهرباء يكفي حتى أيلول فلماذا لا تتمّ زيادة التغذية؟ وهل من قطبة مخفيّة؟» واضاف «تمّ إعلامنا أنّه بدءاً من الأحد الماضي، نتسلّم المازوت الأمر الذي لم يحصل حتى هذه اللحظة ونطلب من الجيش وضع الكميات التي يُصادرها في خزاناته وتوزيعها بطريقة عادلة ولنا ملء الثقة به».
من جهته، اعلن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أن «كميات المحروقات المعلن عن مصادرتها غير كافية لتلبية حاجة المستشفيات»، لافتاً الى أن «المستشفيات الخاصة فقط تحتاج يومياً الى 350 ألف ليتر من المازوت». ونبّه الى أن «علاج المصابين بحروق جراء انفجار التليل يتطلب أدوية وأمصالاً ومستلزمات طبية غير متوافرة في المستشفيين»، مطالباً بـ «تقديم مساعدات لهما وللمصابين بالحروق للتمكن من استكمال علاجهم».
وواصلت القوى الامنية امس عمليات الدهم بحثا عن المحروقات المخزنة ليتبين ان المناطق اللبنانية عائمة على ملايين الليترات من البنزين والمازوت. وأعلن الجيش عبر حسابه على «تويتر» عن دهم مستودع في المدينة الصناعية – زوق مصبح حيث صودرت كمية 65000 ليتر من المازوت و48000 ليتر من البنزين، تم توزيعها على المستشفيات والافران في المنطقة. كما دهمت قوة من الجيش خزان محروقات في محلة وادي هونين بين بلدتي مركبا وعديسة، وضبطت بداخله حوالى ٤٧٠٠٠ ليتر من المازوت. من جهتها، أعلنت قوى الأمن الداخلي عبر «تويتر» ضبط أكثر من 70 ألف ليتر من مادّة المازوت مخزنة داخل خزانات وصهاريج وإحدى بؤر الخردة في محلة طريق المطار، وضبط كمية أخرى داخل مرملة في المنطقة ذاتها من قبل دوريّة من مفرزة الضاحية القضائية، جرى توزيع الكمية المضبوطة على المستشفيات وعلى أصحاب المولدات.
ودائما على خط المحروقات، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة عامة، بعد ظهر الجمعة 20 آب الجاري في قصر الاونيسكو، وذلك لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول موضوع وقف الدعم عن المواد والسلع الحياتية والحيوية، في ضوء القرار الذي اتخذه حاكم مصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات، لاتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب. وبحسب معلومات «الديار» فان بري غير مستعد على الاطلاق لتعديل قانون النقد والتسليف للسماح بصرف ما تبقى من اموال المودعين لدعم المحروقات، فيما المطلوب انجاز تشكيل حكومة تتخذ على عاتقها حل كل هذه الاشكاليات.
البيطار يتحرك الجمعة
اما على خط انفجار مرفأ بيروت، فأفيد بأن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار سيستكمل تحقيقاته مع المدعى عليهم في الملف بدءا من يوم الجمعة المقبل في جلسات متتالية تمتد الى الأسبوع الذي يليه، وذلك بالتزامن مع البتّ في الدفوع الشكلية التي تقدم بها عدد من المدعى عليهم بواسطة وكلائهم القانونيين، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام. علما انه جرى الاستماع لغاية تاريخه الى نحو 120 شاهدا.
وتجمّع أمس عدد من أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت أمام مقر شعبة المعلومات قرب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الأشرفية احتجاجا على استدعاء الناشط وليام نون و14 آخرين في قضية اقتحام منزل النائب طارق المرعبي وللمطالبة بالافراج عن سائر الموقوفين الذين تم توقيفهم منذ يومين.
وانضم الى اهالي الضحايا عشرات المتظاهرين من ضمنهم محامون ورفعوا الشعارات الداعية لاطلاق الموقوفين وكشف المسؤولين الذين تسببوا بانفجار 4 آب بدلا من اعتقال الناشطين، وسط غضب شديد من المعتصمين.
واكد نون انه «سيمثل امام التحقيق ورأسه مرفوع»، داعيا «الشعب اللبناني للنزول الى الشارع والى التظاهر امام منازل السياسيين».
من جهته، اعتبر والد الشهيدة الضحية الكسندرا نجار ان «اهالي شهداء تفجير المرفأ واهالي شهداء انفجار عكار اصبحوا عائلة واحدة ومصيبتهم واحدة وهمهم معاقبة المسؤولين عن مقتل ابنائهم».