من الخطأ إعتبار أن ما يحول دون تشكيل الحكومة حتى الآن هو الصراع على الحصص وأنواع الحقائب الوزارية، تلك العقد موجودة وقائمة، لكنها غلاف لعقدة أوسع، تتعلق بالخلافات على الوجهة السياسية للبنان.
ينغمس البلد أكثر فأكثر في صراعات الدول الكبرى، يقف على ممر الفيلة. إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عن إدخال النفط الايراني الى لبنان، مقابل ردة الفعل الاميركية بالإعلان عن السماح بتوريد الغاز المصري عبر الأردن وسوريا مؤشر على تصاعد حدة الصراع، وعودة لبنان ساحة للصراع الاميركي الايراني المباشر. وهذا الصراع سيكون له تداعيات سياسية ومالية كبرى في المرحلة المقبلة، اذ ان لبنان سيكون بين فكين، وما يرتبط بخط النفط بين دول البحر الابيض المتوسط، وهذا حتماً سيكون له انعكاس على ملف ترسيم الحدود.
مصادر سياسية اعتبرت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “كل هذه الوقائع الجديدة لا تشير إلى قرب تشكيل الحكومة، خصوصاً أن النفط الإيراني سيكون ثقيلاً على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي يراهن على علاقاته الغربية لفتح الطريق أمام حكومته، بالاضافة الى التردد نتيجة الأثقال التي سيرخيها إدخال النفط الايراني على الواقع اللبناني وما ينتج عنه من عقوبات”.
في المقابل لا تزال العقد الحكومية على حالها، كما تؤكد معلومات “الأنباء”، وهو ما حال دون عقد اللقاء بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي بالأمس، وتشدد المصادر على ان العقد الحكومية لا تزال على حالها، وتتعلق بحقائب الداخلية، الاتصالات العدل والطاقة.
بالتزامن، جلسة مجلس النواب بالأمس والتوصية التي صدرت بضرورة تحرير السوق ومنع المس بالاحتياطي الالزامي، مؤشر الى رفض الخطوات التي يحاول رئيس الجمهورية فرضها، وهذه رسالة سلبية ثانية من المجلس رداً على عون الذي سابقاً ارسل رسالة طالب فيها المجلس بإعادة النظر بتكليف سعد الحريري، وبالأمس طالب بمحاسبة حاكم مصرف لبنان، لكن البرلمان تبنى قرار حاكم المصرف المركزي، وهذه سيكون لها تداعيات سلبية لدى رئيس الجمهورية في مقاربته للتشكيل الحكومة وسيصعد من مواقفه أكثر، ليصبح المشهد وكأنه انقسام بينه وبين رئيس مجلس النواب، كما تؤكد المصادر.
وفيما بلغت أزمة المحروقات الذروة، وشهدت المحطات زحمة غير مسبوقة على وقع التحذيرات من أن مخزون البنزين قد نفد بالكامل، أكد عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس أن “مخزون محطات الوقود قد نفد، والشركات أوقفت تسليم الوقود، وبقي هناك عدد من المحطات الكبرى تجتمع أمامها طوابير السيارات، وبالتالي اليوم نحن أمام ازمة حقيقية”، لافتاً الى ان الاتصالات بين الحكومة ومصرف لبنان لم تؤدّ الى أي أمر، فالحكومة ترفض رفع الدعم وتريد استمراره حتى نهاية ايلول، والمصرف مصرّ على رفع الدعم، وهناك بالتالي جمود ولا يوجد حلول ونحن بحالة انتظار.
وتقدم البراكس في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية باقتراح يقضي بأن يقوم حاكم مصرف لبنان بتنفيذ ما توافق عليه مع السلطة السياسية في نهاية شهر حزيران بأن يبقى الدعم على اساس ???? حتى نهاية شهر أيلول، اي لمدة شهر ونصف تقوم خلالها الحكومة بدورها بإنجاز البطاقة التمويلية، وبعدها يتفق مصرف لبنان والحكومة على آلية جديدة تعتمد ابتداء من شهر تشرين الاول، وتكون حلت مشكلة الناس وتنتهي قصة الطوابير خلال هده الفترة المتبقية. وختم: “اذا لم يتم اعتماد هذا الحل او اي حل آخر عندها خلال ثلاثة أيام، لن يجد المواطن صفيحة بنزين في السوق”.