على وقع “رسائل التهديد” المترامية على طول خط “طهران – اليمن – بغداد – البوكمال – دمشق – بيروت – غزة – أفغانستان” التي أكد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولي علي أكبر ولايتي أمس أنها “حلقة مركزية واحدة في مواجهة أميركا وتشكل إيران المحور الرئيسي فيها”… يتلمّس الرئيس المكلف نجيب ميقاتي طريقه نحو السراي الحكومي مدركاً “الفالق الزلزالي” الذي وضع نفسه على سكته منذ قبوله مهمة التكليف والتأليف، فكان خياره الاندفاع إلى أحضان بعبدا لعل وعسى يصلح العهد مع ميقاتي ما أفسده مع الحريري.
ولأنّ الحركة المكوكية باتجاه القصر الجمهوري والوعود الوردية التي أغدقت على مسامعه لم تؤتِ ثمارها في تذليل العراقيل أمام ولادة الحكومة، بدأ الرئيس المكلف يكبح جماح اندفاعته ويعيد تقليب حساباته، حافظاً لنفسه “خط الرجعة” في أعقاب كل لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون، من باب الإبقاء على موجبات الحذر والترقب طاغية على تصريحاته من قصر بعبدا وتذكيره المستمر بأنّ “الأمور مرهونة بخواتيمها”… وعلى ما يبدو فإنّ خواتيم الأمور حان وقتها، فحزم ميقاتي حقائب تشكيلته ليزور قصر بعبدا اليوم بروحية “الخرطوشة الأخيرة، ويا بتصيب يا بتخيب”، وفق تعبير مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية، مؤكدةً بهذا المعنى أنّ اللقاء المرتقب سيشكل “منعطفاً أساسياً في تحديد وجهة الأحداث”.
وأوضحت المصادر أنّ سياسة “ضخ الإيجابيات دون إيجاد ترجمات عملية لها لم تعد قابلة للاستمرار، وبات على الجميع تحمّل مسؤولياته”، مشددةً على أنّ “أحداً لم يعد يملك ترف الوقت والمماحكة أمام تداعي الأرضية الاجتماعية والاقتصادية والحياتية تحت أقدام الناس”، وعليه فإنّ عجلة التأليف لا بد وأن تتحرك قدماً “اليوم قبل الغد” لأنّ كل المعالجات الجوهرية للأزمات المتراكمة “لا يمكن أن تبدأ من دون حكومة أصيلة فاعلة قادرة على الإصلاح ومخاطبة المجتمع الدولي وفتح الباب أمام استجرار المساعدات الخارجية للبلد”.
أما عن التوقعات إزاء نتائج لقاء بعبدا اليوم، فآثرت المصادر عدم استباق الأمور، لكنها أكدت في الوقت نفسه أنه “قد لا يكون اللقاء الأخير لكنه بلا شك سيضع اللمسات الأخيرة على مسودة التشكيلة الوزارية” التي سيحملها ميقاتي إلى عون، مشيرةً إلى أنّ “هذه المسودة لا تزال مكتوبة بقلم “رصاص” قابلة للتعديل ضمن أضيق نطاق ممكن للحقائب والأسماء لكن تحت سقف عدم نيل أي طرف “ثلث معطل” في الحكومة العتيدة، فإذا صدقت النوايا والتعهدات المقطوعة بتسهيل مهمة التأليف عندها يمكن أن نشهد ولادة الحكومة في غضون دقائق لا أكثر”.
وتزامناً، برز أمس تفعيل رئيس الجمهورية مقررات اجتماعات قصر بعبدا الأخيرة حيال أزمة المحروقات، فوقّع مرسوم “تأميم” مصادر الطاقة وتوزيعها كما وصفته مصادر اقتصادية، والذي ينصّ على “تكليف القوى العسكرية والامنية والشرطة البلدية فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها والعمل على تفريغ وإقفال جميع المستوعبات المخصصة لتخزين الوقود المخالفة للأصول والانظمة المرعية الاجراء على الأراضي اللبنانية كافة”.
بينما على ضفة المعارضة، لفت تنديد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بالسياسات العشوائية التي تنتهجها القوى الحاكمة، مشدداَ على أنّ “كل الولدنات وتضييع الوقت الذي يقوم به أركان السلطة الحالية في موضوع المحروقات والدواء وغيرهما من السلع لن تؤدي إلى أي نتيجة”، مقابل تجديده التأكيد أنّ “الحل الوحيد الذي يعرفه الجميع، ولا يقدمون عليه لاستمرار إفادة من يستفيدون من الوضع الحالي، يكمن بتحرير الأسعار فوراً وإقرار البطاقة التمويلية”.