طوى تاريخ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف حكومة أكثر من شهر، و13 اجتماعاً بين الرئيس المكلف والرئيس ميشال عون، وانتهى إلى خيارات حاسمة، مع دخول العهد الحالي سنته الأخيرة، على وقع أزمات تستولدها إدارة الفريق الحاكم، سواء في بعبدا أو خارجها، عبر النفوذ الواسع للنائب جبران باسيل على قرارات الدولة، وقرارات بعبدا بصورة خاصة..
المشهد التأليفي، آخذ في الشكل على صورة أكثر انقشاعاً، ربما يحتاجها فريق العهد، الذي استولد حجماً لا يحسد عليه من الخصومات، بفضل اجتهادات مدمرة لجهابذة الدستور والسياسة والقانون والتشريع في «البطانة الرئاسية».
حكومة برئاسة الرئيس ميقاتي، أو لا حكومة في العهد الحالي، فالرئيس المكلف، وفقا لما قاله لـ «العربية الحدث» بعد ظهر أمس، من ان «الإعتذار ليس على اجندتي حتى الآن».
والأخطر ما كشفه الرئيس ميقاتي من ان «بعض المعنيين بتشكيل الحكومة يتعاملون، وكأننا بدستور ما قبل الطائف».
ولم يقف الأمر عند هذه الخطورة، في مقاربة ملف تأليف الحكومة، بل أدت مذكرة الاحضار التي سطرها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في 20 أيلول، إلى بلورة موقف إسلامي ووطني قاطع برفض استهداف أو استضعاف رئاسة الحكومة، فبعد بيان رؤساء الحكومات السابقين الذين رفضوا بحدة استهداف موقع رئاسة مجلس الوزراء والمطالبة باقتراح قانون تعليق أنظمة الحصانات التي تتعلق بكل المواقع بدءاً من رئاسة الجمهورية، رفع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الصوت عالياً، رافضاً الاجراء الذي اقدم عليه بيطار.
وفي خطبة، وصفت «بالنارية» وتضمنت رداً عنيفاً على رئيس الجمهورية، ومسار التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، قال المفتي دريان في افتتاح مسجد المرحوم محمّد البساتنه في مستديرة شاتيلا في بيروت، بحضور الرئيس المكلف ميقاتي والرئيس دياب، ووزراء ونواب وأعضاء المجلس الشرعي: التصويب على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمرٌ مرفوض وغريب عن أصول التعامل مع رئاسة الحكومة، ويُسيء إلى أصول مفهوم التعامل مع الرئاسة الثالثة في قضيّة انفجار مرفأ بيروت»، مردفا: فلتُرفع كلّ الحصانات عبر إصدار قانون من مجلس النواب ولتأخذ العدالة مجراها بعيداً من الانتقائيّة والاستنسابيّة والكيديّة المقيتة فالعدالة الانتقائيّة ليست عدالة.
وتوجه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون قائلاً، «حاول أن تنقذ ما تبقّى من عهدك وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنّم إلى قعر جهنّم كما بشّرتنا»، الوقت الذي هو من عمر اللبنانيين يُضيَّع بين مشاورات ولقاءات فيها ويشوبها الكثير من التعنّت والتصلّب ومحاولة إلغاء الآخر».
ورأى المفتي «ان ما جرى من انفجار مرفأ بيروت وانفجار التليل في عكار والاشتباكات المتنقّلة في بعض المناطق سببه الأساس هو الترقيع فلنقلع عمّا نحن فيه من تخبّط وإلا فإنّنا ذاهبون فعلاً إلى الأسوأ والانهيار الشامل».
وبشأن التحقيقات في قضية المرفأ واستدعاء الريس دياب، أرسل الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية، جاء فيه : لما كان قد ابلغنا رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب أن المحقق العدلي طارق بيطار قد أبلغه ورقة إحضار امامه بتاريخ ٢٦ – ٨- ٢٠٢١، ولما كان هذا الإجراء لا يعود إختصاصه الى القضاء العدلي وفقاً للمواد ٧٠ – ٧١- ٨٠ من الدستور ووفقا للقانون ١٣/٩٠، وهذا الامر موضوع ملاحقة امام المجلس النيابي تمهيداً للسير بالإجراءات اللازمة. ووفقا لما سبق، نعلمكم لإتخاذ الإجراء المقتضى
الى ذلك، افادت معلومات عن إتجاه لدى النيابة العامة التمييزية لرد مذكرة إحضار دياب التي أصدرها القاضي طارق البيطار لإستحالة تنفيذها كونه رئيس حكومة فاعلا وليس سابقاً ولأن كل الأجهزة الأمنية تابعة له.
بعبدا: سجال مع رؤساء الحكومات
وسّجل امس سجال غير مباشر بين القصر الجمهوري وبين القوى المؤيدة للرئيس المكلف والرئيس حسان دياب على خلفية قرار القاضي العدلي طارق بيطار إحضار الرئيس حسان دياب الى التحقيق بصفة مدعٍ عليه في ملف انفجار المرفأ. فرد المكتب الاعلامي للرئيس ميشال عون على بيان رؤساء الحكومات السابقين الذي طالبوا فيه «بوجوب ان ترفع الحصانة عن رئيس الجمهورية في ما خص هذه الجريمة الخطيرة، بعد إقرار اقتراح رفع الحصانات عن الجميع، وعندها يتحرر المحقق العدلي من نصوص لا تعطيه حقوقا قانونية ودستورية في محاكمة الرؤساء وسواهم».
وجاء في بيان رئاسة الجمهورية: من المؤسف حقا اتهام رئيس الجمهورية في موضوع تفجير المرفأ في حين انه وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي لسماع شهادته. ان العدالة لا تنال من أي موقع دستوري اذا مورست من المرجع المختص ولبنان عانى ولا يزال من الخطوط الحمر الطائفية لدى كل مساءلة.
وتابع «رئيس الجمهورية لم يبادر يوما الى استنهاض الحسابات المذهبية والطائفية في معرض الملاحقات القضائية». واشار الى ان «الكلام الخطير في البيان عن «العدالة المقنعة» و«القضاء المسيس» فيه إهانة واستضعاف مرفوض ومشين للسلطة القضائية». ورأى مكتب الاعلام ان «توقيت البيان مريب فيما رئيس الجمهورية يبذل جهدا لتأليف الحكومة للتصدي للمعاناة القاسية التي ينوء شعب لبنان تحت اثقالها.
وقال: رئاسة الجمهورية مستمرة في التصدي لمكامن الخلل والتدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان وسائر مرافق الدولة لتحديد الخسائر والمساءلة.
وكان عون قد اكد خلال استقباله في قصر بعبدا وفدا من المجلس الارثوذكسي اللبناني برئاسة روبير الابيض، حرصه على «المحافظة على حقوق كل الطوائف اللبنانية في الحياة السياسية وتحقيق التمثيل العادل لها في المؤسسات الدستورية»، وقال: «ان هذه المسألة تتم مراعاتها في خلال تشكيل الحكومة الجديدة لتكون شراكة المكونات اللبنانية فيها كاملة، تراعي التوازن والميثاقية خصوصا في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان حاليا والتي تتطلب تحصينا للوحدة الوطنية».
ووسط تعثر المعالجات والانتقال من أزمة إلى أزمة، ومضي أوضاع البلاد السياسية والمعيشية والحياتية، غاب الاجتماع المرتقب امس بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي لمزيد من التشاور حول مطالب الفرقاء السياسيين، لكن التواصل غير المباشر بين الرئيسين بقي امس عبر الصديق المشترك المحامي كارلوس ابو جودة، لنقل الملاحظات المتبادلة على التشكيلة التي رفعها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية.
وشدّد ميقاتي على أن «هناك عقداً كبيرة وآمل أن أتجاوزها، ورئيس الجمهورية يعي جيدًا أين تكمن العراقيل». مشيرا الى ان « البلد يحتاج إلى حكومة للإنقاذ وهناك عراقيل كبيرة تواجه والـ3 أمتار الأخيرة مليئة بالوديان والمطبات.وآمل أن أتجاوزها لكنني لا أضمن ذلك».
ورأى ميقاتي أن «بعض الاجتماعات مع الرئيس عون تكون إيجابية وبعضها سلبي ولكن لا أعكس ذلك عبر الاعلام حتى لا أزيد من الإحباط لدى الناس»، مشددا على أن «بعض المعنيين بتشكيل الحكومة يتعاملون وكأننا بدستور ما قبل الطائف، يجب أن يعي من يفاوض أن الدستور اليوم هو دستور الطائف ورئيس الحكومة هو المسؤول الأول عن الحكومة وتأليفها أمام المجلس النيابي، ويجب تأليف حكومة بالحد الادنى لوقف الانهيار، لان لبنان مهدد بخطر الزوال، واعتبر ان مدة تأليف الحكومة تضيق جدا».
وفي قضية انفجار مرفأ بيروت، أكد ميقاتي أن «لا مشكلة بالاستماع لرئيس الحكومة في هذه الملف ولكن يجب أن يطلب القاضي من مجلس النواب أن يتحرك مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء»، مشددا على «اننا نصر على محاكمة أي مرتكب وبيان رؤساء الحكومات ليس لحماية شخص بل وضع الامور في نصابها القانوني، وطريقة استدعاء رئيس الوزراء المستقيل أظهرته وكأنه متهم».
وحول استقدام السفن الإيرانية الى لبنان اكد اننا «لن نسمح لأحد بأن يؤدي بنا لأي عقوبات جديدة وسنقف ضد أي موضوع يضر بلبنان، ودَوري أن ينأى لبنان بنفسه عن أيّ اضطرابات».
ولفت الى أن «لبنان لن يكون الا في الحضن العربي ورفعت سابقا شعار النأي بالنفس وأعُجب به العرب ، ودوري اليوم أن أجعل لبنان ينأى بنفسه عن مشاكل المنطقة»، مذكرًا بأن «المدة في موضوع تشكيل الحكومة تضيق جدًا ولا أسمح لنفسي أن أبقي ورقة التكليف في جيبي».
وفي السياق، افادت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء «أن الاتصالات غير المباشرة أمس استمرت بين بعبدا والبلاتينوم من خلال الموفدين. وكانت هناك ايضاحات لبعض الاسئلة التي طرحت في اجتماع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف . ولفتت المصادر إلى أن الانطباع الذي تكون أول من أمس لجهة أن الأمور تعقدت أو أن صعوبات تعتري عملية التأليف قد أزيل حيث بدأت تتجه الأجواء نحو الليونة مشيرة إلى أن مقابلة الرئيس المكلف على الحدث اوحت بأجواء إيجابية بما يعني أن الاتصالات تحقق تقدما وهناك معلومات أنه تمت معالجة عقدة الداخلية في حين أن عقدة العدل قيد المعالجة وتبقى وزارتا الاقتصاد والشؤون الاجتماعية.
وبحسب المصادر فإن التشنج الذي كان سائدا أول من أمس خف.
وأفادت أن بيان رؤساء الحكومات السابقين ومن ثم بيان الرد من قصر بعبدا لن يكون لهما أي انعكاسات على ملف التشكيل على الأرجح وهو منفصل عنه والرئيس ميقاتي أشار إلى ذلك.
وقالت إن كل ما يمكن قوله ان الجو اضحى أفضل دون معرفة ما إذا كان الرئيس ميقاتي يزور البوم بعبدا ام لا.
وأشارت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان الرئيس ميقاتي ينتظر اجوبة نهائية من الرئيس عون، على التشكيلة الوزارية المتكاملة التي انجزها، بعد ١٢ جلسة مشاورات مع عون، واتصالات جانبية عديدة، شملت الأطراف السياسيين المشاركين بالحكومة. وقالت المصادر ان ميقاتي اخذ بعين الاعتبار، الطروحات والافكار التي قدمها رئيس الجمهورية وتم تبادل الآراء في العديد من الاسماء المرشحة للتوزير، ويمكن القول ان الاستشارات، قد أخذت مداها الاوسع واشبعت تمحيصا، واصبح كل مسؤول يعرف ماذا يريد.ولم يعد مجديا تكرار التشاور على نفس الاسس والافكار ذاتها. او الادعاء بتجاهل هذه الفكرة او الطرح ذاته، لان هذا الامر غير صحيح والكل يعرف ذلك. والكرة اصبحت في ملعب رئيس الجمهورية تحديدا، الذي عليه ان يحسم امره ،كسبا للوقت، للمباشرة بتشكيل الحكومة العتيدة بسرعة، لكي تبدأ مهماتها بانقاذ لبنان من ازمتة المتدحرجة.
نصر الله يرفض استضعاف دياب
وفي موقف التقى مع الرفض الإسلامي والوطني لمذكرة بيطار احضار دياب، قال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في كلمة له لمناسبة ذكرى «التحرير الثاني» ان «التدبير المأخوذ بحق الرئيس دياب مرفوض، وعلى الجهات القضائية في لبنان ان تتدخل بما يمليه الدستور، لأنه لا يجوز استضعاف أحد».
وقال: اتفقنا مع الإيرانيين على تحميل سفينة نفط ثالثة، واعتبر ان الأهم تشكيل حكومة للبدء بالحلول وإدارة الأزمة. داعياً الإدارة الأميركية لاستثناء لبنان من قانون قيصر أو باستيراد النفط الإيراني.
الأزمات: لا حلحلة
حياتياً، فيما المحطات رفعت خراطيها وأقفلت أبوابها، وصفوف السيارات لم تغب عن الركن لعشرات الأمتار من أمامها، علّها تفوز بـ«جرعة» بنزين، ناهيك عن ساعات الحر الطويلة في المنازل وخارجها، بسبب غياب الكهرباء المرتبط بالمحروقات ولاسيما المازوت، فإنّ الكيل قد طفح بالعديد من المواطنين، ولعل ما يؤسف له وفاة مختار بلدة عدلون علي غزالة بعد إشكال على محطة بنزين، حين كان يحاول تهدئة الشبان المتصارعين، ومنعاً لتفاقم الوضع، ارتفع ضغطه ما تسبب بوفاته على الفور.
في وقت أقدم على قطع طريق عام الأوزاعي عند مفترق البرج بالاتجاهين، اعتراضا على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وفقدان مادة البنزين، بينما لجأ آخرون إلى إقفال بوابة مدخل شركة «كوجيكو» للمحروقات على ساحل الجية، بسلاسل حديدية، ورموا كميات من ردميات الحجارة والأتربة، ومن ثم غادروا المكان.. ليقوم محتجون بقطع الطريق الدولية، عند مستديرة العبدة، بمستوعبات النفايات والحجارة.
المواد الغذائية
وبعد إطلاق الصرخة مع القطاعات الإنتاجية، كشف نقيب الشركات المستوردة هاني بحصلي عن أنّه «تمّ التوصل الى اتفاق قضى ببيع المازوت على أساس السعر العالمي والذي يعادل نصف سعر السوق السوداء»، موضحا أن «تأمين المازوت بسعر واحد من شأنه ان يؤدي الى ثبات الأسعار وبالتالي تراجع أسعار بعض السلع وهذه خطوة إيجابية نحو الثبات العالمي».
وإذ توقّع «تسليم المازوت على أساس السعر العالمي في غضون أسبوع إلى عشرة أيام في ضوء الطلب الكبير في مقابل العرض القليل»، لفت إلى أن «حلّ أزمة البنزين لا يزال جزئيا لأن التوقف في الطوابير للتزوّد بالمادة يؤخّر عملية تسليم السلع من قبل الشركات المستوردة الى التجار». ونفى بحصلي أن تكون «البرادات قد انطفأت في شركاتنا، وحالات التسمّم حتماُ ناتجة عن خلل في التبريد في المنازل ربما أو في المحال التجارية».
دولار المحروقات
هذا، وأعلن مصرف لبنان في بيان، عن أنّه «تم التوافق على أنْ يكون دولار المحروقات على سعر منصة «Sayrafa»، أما حليب الاطفال والمواد الأولية والأدوية فعلى سعر الـ1500».
في وقت، أكد رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس أنّ «المطلوب من النقابات والاتحادات ان تكون المدافع عن مطالب الناس، ونحن قدمنا لدولة رئيس الحكومة من 4 اشهر اقتراح خطة لدعم القطاع».
وقال: «السياسات العامة تقرّرها الدولة وليس النقابات وخيارنا الذهاب الى تعرفة لتحصين السائق، نحن نتصرف بموقعنا النقابي، 90 الى 95 من قيمة معاشات الموظفين طارت».
توزيع المازوت
ووفقا للمعطيات لدى المديرية العامة للنفط، فقد بدأت عملية تفريغ 17 ألف طن من المازوت في منشآت الزهراني، على ان تفرغ لاحقا 17 ألف طن من المازوت في منشآت البداوي، على ان يبدأ التسليم للسوق مطلع الأسبوع المقبل.
597978 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 1124 اصابة جديدة بفايروس كورونا و4 حالات وفاة في لبنان، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 597978 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..