مشاهد التفلت الامني في مناطق مختلفة، وإن كان بعضها طابعه فردي، إلا أنها تعطي إشارة قلق واضحة عن الفوضى التي يمكن أن تنتشر في غير منطقة من لبنان نتيجة الأزمات المتفاقمة والصعبة، كما نتيجة غياب السلطة عن المعالجات الموضوعية والجذرية وغرقها في سياسات الترقيع والقرارات الناقصة والعشوائية التي تتخذ في أكثر من ملف لاسيما في مسألة المحروقات. ومع تقاعس حكومة تصريف الأعمال عن القيام بواجباتها ولو بالحد الأدنى، فإن التباطؤ في مسألة تشكيل حكومة يساهم هو الآخر في تفاقم الأزمات والفوضى.
مصادر سياسية تساءلت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية عن الأسباب التي تؤخر تشكيل الحكومة في ظل هذا الفلتان الأمني المتنقل، ولا مبالاة المعنيين بما يجري. وتوقفت عند الاشتباكات في مغدوشة والأسباب التي دفعت البعض لمهاجمة السكان العزل من وإحراق منازلهم ومن يقف وراء ما يجري رغم مساعي التهدئة التي قام بها رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب ميشال موسى والمطران ايلي حداد للجم التوتر وإبقائه في إطاره الفردي والضيّق قبل فلتان الأمور.
مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي رفضت عبر “الأنباء” الالكترونية اتهام رئيس التكتل النائب جبران باسيل بعرقلة تشكيل الحكومة. وكررت مقولة عدم تدخله في عملية التشكيل لا من قريب ولا من بعيد، وأن تشكيل الحكومة منوط حصرا برئيس الجمهورية والرئيس المكلف. كما اتهمت المصادر الرئيس المكلف بالتراجع عما تعهد به في بداية التكليف لتشكيل الحكومة في غضون اسبوع او إثنين على ابعد تقدير. إذ إنه يدخل الشهر الثاني من دون أن ينقشع الخيط الابيض من الخيط الأسود، والسبب بحسب المصادر “انصياعه مؤخرًا لإرادة رؤساء الحكومات السابقين”.
في المقابل لم تعلّق أوساط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على الشائعات التي استهدفته. واكتفت بالقول عبر “الأنباء” الالكترونية إن ميقاتي يبذل اقصى جهد للخروج بعملية تشكيل الحكومة بأقصى سرعة. لكن ثمة عراقيل تطرأ لا بد من حلها ، والمهلة التي أعطاها لنفسه بدأت تضيق، ولن تستمر الأمور كما هي عليه. وتوقعت ان يكون هذا الأسبوع حاسما لجهة التشكيل او عدمه.
نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش رأى أن تشكيل الحكومة سيبقى معقداً “لأن خيار الرئيس ميشال عون هو مساومة العالم على رفع العقوبات عن صهره (النائب) جبران باسيل مقابل الإفراج عن البلد، او الإحتفاظ بالثلث المعطل”. وقال لـ “الأنباء” الالكترونية إن “الرئيس ميقاتي يبني تفاؤله على قاعدة انه ليس هو سبب المشكلة، وأنه لن يسمح بإعطاء الثلث المعطل لعون باعتباره محشورا بقرار رؤساء الحكومات السابقين”، مستبعدًا أي حل للأزمة في الوقت الحاضر “إلا من خلال حصول شيء أمني على غرار ما نشهده من حوادث متنقلة بطريقة أشمل وأعنف كما حصل في شويا وعكار ومغدوشة ولكن بشكل منظم ومدروس”.
من جهة ثانية، وفي ظل إستمرار أزمة المحروقات وطوابير الذل أمام المحطات والحوادث الدموية التي تسجل يوميا في اكثر من مكان في لبنان، كشفت مصادر نقابة موزعي المحروقات لـ “الأنباء” الالكترونية ان “القرار الخاطئ الذي إرتكب برفع الدعم الى 8000 ليرة حتى آخر أيلول هو السبب المباشر لاستمرار الأزمة”، وقالت، “لو انهم رفعوا الدعم بشكل نهائي لما كان هناك أزمة”، واشارت المصادر الى أن “أربعين في المئة من المحطات لم تتسلم مادة البنزين تداركا للحوادث التي تحصل”. وتوقعت رفع الدعم بشكل نهائي قبل نهاية ايلول “لأن ما جرى في مغدوشة وغيرها يؤكد الخطأ الذي إرتكب جراء عدم رفع الدعم”.