في “هدأة ” الأيام الثلاثة الماضية التي لم تشهد أي تحرك او لقاء او تطورات يعتدّ بها في شأن عملية تأليف الحكومة، وكأن البلاد بالف خير، ولا شيء يستدعي لا التحرك ولا الالتفات الى الرأي العام الداخلي وإبلاغه على سبيل الاحترام فقط لا غير بمجريات المخاض الثالث للتكليف الثالث، بات من غير المشكوك فيه ابداً ان التعقيدات التي حالت دون تصاعد الدخان الأبيض في الأسبوع الماضي ستطارد عملية التأليف هذا الأسبوع أيضاً. وإذا كان اطلاق بالونات التورية والتعمية في مطلع كل أسبوع، والزعم بأن الأسبوع الجديد سيحمل ولادة الحكومة او الحسم سلباً باعتذار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، فإن اللافت الذي سجل في الساعات الماضية تمثل في عدم تكرار هذه “التقليعة” اذ غابت التوقعات المسبقة والموغلة في إشاعة أجواء إيجابية في ظل ثلاثة أسباب مباشرة وضمنية: الأول عدم تسجيل الاتصالات الجارية بعيداً من الأضواء بين رئاسة الجمهورية والرئيس المكلف أي اختراق يذكر لجهة انجاز التوافق على التشكيلة الوزارية التي سبق للرئيس ميقاتي ان قدمها في اللقاء الثالث عشر ولم يستكمل الاتفاق عليها او على تعديلاتها بعد بينه وبين الرئيس ميشال عون. الثاني استفحال ازمة المحروقات واتساعها بأسوأ مما شهدته في الأسابيع السابقة، الامر الذي يحول دون استعمال التوقعات المشكوك فيها حيال تشكيل حكومة جديدة كوسيلة فاشلة للتخفيف من حدة الكارثة المعيشية والإنتاجية والاقتصادية التي بدأت ترزح تحتها سائر القطاعات اللبنانية في ظل فقدان المازوت والبنزين والفيول. الثالث انفجار الوضع مجدداً بين بلدتي #مغدوشة و#عنقون واتخاذه طابعاً طائفياً بغيضاً مع انه صنيعة ازمة المحروقات وانصراف المعنيين الى تطويقه واحتوائه.
وعلم ان الرئيس المكلف الذي قدم تشكيلته الى الرئيس عون لا يزال ينتظر الأجوبة النهائية عليها فيما تجرى اتصالات لتعديل عدد من الأسماء. وفهم ان بعض الموفدين يتولون مهمة الأخذ والرد بين بعبدا والرئيس المكلف، ولو ان الجمود يطغى على نحو كبير على هذه العملية اذ لم يكن قد تم الاتفاق حتى مساء امس بعد على موعد لعقد اللقاء الرابع عشر بين عون وميقاتي.
الراعي وعودة
وعلى جاري عادتهما في عظات الاحد جدد كل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة انتقاداتهما الحادة للمسؤولين في ازمة #تشكيل الحكومة والأزمات الأخرى. وقال الراعي في عظته امس: “شعبنا ناقم على المسؤولين السياسيين، بل على كل السياسيين، لأنهم مازالوا منشغلين بالتافه من الحصص والحسابات، فيما الشعب متروك فريسة الجوع والقهر والفقر والإذلال والهجرة .. وناقمٌ عليهم لأنهم يصمّون آذانهم عن سماع الذين، من أجل لبنان واللبنانيين، ينصحون ويرجون التوقف عن سياسة التدمير الذاتي، والإسراع في تشكيل حكومة إنقاذية تكون بمستوى التحديات، حيادية غير حزبية وغير فئوية، تتألف من ذوي كفاءات عالية، تثير أسماؤهم الإرتياح والأمل بحكومة ناجحة. مقابل هذه الإلتفاتة النبيلة من الدول الصديقة شرقاً وغرباً، بات من واجب قادة البلاد والأحزاب والحراك الشعبي، أن يتشاوروا في ما بينهم ويلتفوا من أجل اتخاذ القرارات الوطنية وتقرير الخطوات الضرورية لدفع الدولة إلى تغيير أدائها قبل الانهيار الكبير الذي لنْ يوفر أحدا”. وإذ شجع الأجهزة الامنية على توسيع مداهماتها لتشمل جميع المحتكرين وحاجبي الحاجات الحياتية والصحية عن الناس، دعاها أيضا “وبخاصة إلى إغلاق المعابر الحدودية ومنع التهريب. فكل إجراء إداري يتخذ يبقى ناقص المفعول ما لم تغلق معابر التهريب بين لبنان وسوريا. وندعو القضاء إلى ملاحقة المحتكرين والمهربين بعيداً من الضغوط السياسية والطائفية والمذهبية”.
وبدوره سأل المطران عودة: “هل تمت محاسبة أي من محتكري الأدوية، أو سواها من مقومات الحياة، التي يمنعونها عن الشعب، وهم مجرمون يستحقون العقاب؟ مؤسف أننا نعيش في بلد يذل فيه الضعيف ويموت، فيما يستقوي الأقوياء بمن يغطون سيئاتهم ويتغاضون عن جرائمهم كالفساد والإحتكار والمتاجرة بأرزاق الناس . نأسف أن ينظر في بلدنا إلى أهل الضحايا على أنهم المجرمون، بينما القتلة الحقيقيون يسرحون ويمرحون ويتهربون من العدالة.. . لم تعد الحرية والديموقراطية في لبنان سوى كلمات فارغة، لأن الديموقراطية لا ترافق إلا النفس الحرة النبيلة التي تحترم الذات وتحترم الآخرين. هل تصدقون من يكلمكم عن الحق والعدل وهو يسرق حقوق الآخرين ويتاجر بأرواح الناس وممتلكاتهم؟ هل تحترمون من يحتكر الطعام والدواء والمحروقات ويمنعها عن المحتاجين من أجل جني الأرباح؟ أو من يعطل تشكيل حكومة نحن بأمس الحاجة إليها للخروج من المأزق، بسبب مصلحة أو مطلب؟”.
مغدوشة وعنقون
على الصعيد الأمني اكتسب تجدد الصدام بين شبان من بلدتي مغدوشة وعنقون امس طابعاً حساساً وخطيراً وتسارعت الجهود الأمنية والسياسية لاحتوائه بعدما اثار الخشية من توظيف طائفي له على رغم انه نشب على خلفية نزاع على الحصول على البنزين. وانتشرت وحدات معززة من الجيش مساء في البلدتين منعاً للصدام علماً ان شبانا من بلدة عنقون كانوا تسببوا بتجدد الصدام بعدما دخلوا عنوة منازل أطراف بلدة مغدوشة، وقاموا بضرب عدد من الاهالي وتكسير سيارات ومزارات في البلدة، وتصاعدت حدة التوتر بين البلدتين اثر دخول عناصر مخفر مغدوشة الى عنقون، بحثا عن المعتدين في الاشكال الذي وقع في البلدة قبل يومين. وطالبت حركة امل و”حزب الله” الجيش بالتدخل.
وسجل انتشار كثيف للجيش اللبناني في مغدوشة وعند مداخل بلدة عنقون وجرى توقيف عدد من المتورطين في الاشتباكات والاعتداءات وبدأ الوضع يعود الى الهدوء وان مشوبا بحذر شديد.
وردا على اتهامات صدرت لحركة “امل” بالتورط في الاعتداءات، أصدرت الحركة بيانا اكدت فيه “عدم علاقتها بأي شكل من الإشكال بما حصل في بلدة مغدوشة”. واعتبرت “أنه أمر غير مقبول على الإطلاق، ولا يمت إلى أدبيات العيش المشترك التي لطالما تمسكت بها الحركة ودفعت الدم في سبيلها وفي سبيل حماية مغدوشة والإبقاء عليها أيقونة في الجنوب” .
وبناء لتوجيهات رئيس مجلس النواب نبيه بري زار مفتي صور وجبل عامل المسؤول الثقافي المركزي في حركة “أمل” الشيخ حسن عبدالله بلدة مغدوشة مساء اليوم وعقد لقاءً مع راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد في منزل النائب ميشال موسى وانتقل بعدها المجتمعون الى بلدة عنقون حيث التقوا فعاليات بلدة عنقون في النادي الحسيني للبلدة، واكدوا ضرورة المحافظة على العيش المشترك وحسن الجوار بين البلدتين.