الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : مستريحاً من التأليف… ميقاتي يرأس “حكومة طرابلس‎”‎ بيطار يدشـّن توقيفاته وبري يهاجمه: الويل كل الويل لقاضي ‏الأرض
نداء الوطن

نداء الوطن : مستريحاً من التأليف… ميقاتي يرأس “حكومة طرابلس‎”‎ بيطار يدشـّن توقيفاته وبري يهاجمه: الويل كل الويل لقاضي ‏الأرض

كأن محركات التأليف قد توقفت. بدل أن يذهب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا لمتابعة ‏التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون حول التشكيلة الحكومية كوّع نحو طرابلس. وبدل أن يهتم ‏بحكومة كل لبنان الذاهب نحو جهنم، اهتم بوضع مدينته التي دخلت عالم جهنم بفعل تحولها إلى مدينة ‏أشباح في الليل وإلى مسرح للإعتداءات. كان من اللافت أن يستضيف ميقاتي في مكتبه “مجلس نواب ‏طرابلس” من كتلته ومن كتلة “تيار المستقبل” والنائب فيصل كرامي وكأنه بات رئيس حكومة طرابلس ‏والجوار. تماماً كما فرزت أزمة البنزين البلدات والقرى والأحياء واشعلت حروباً واعتداءات ومشاكل ‏تهدد بانفجارات متتابعة كما حصل في أكثر من منطقة، هكذا ينصرف السياسيون أيضاً للإهتمام ‏بمناطقهم. من هذه الخلفية كان لقاء الأقطاب الدروز في خلده في حزيران الماضي، واستدعاءات ‏الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للنفط الإيراني، وغيرة الرئيس سعد الحريري على عكار ‏بعد انفجار التليل، كما كانت دائماً الغيرة المسيحية على تفجير مرفأ بيروت أكثر من غيرة الآخرين منذ ‏‏4 آب 2020‏‎.

إنصرف ميقاتي للإهتمام بطرابلس عندما أيقن أن تشكيل حكومة لكل لبنان مسألة صعبة ومعقدة أكثر ‏مما كان يعتقد. صحيح أنه صاحب تجربتين سابقتين في تشكيل الحكومات في العام 2005 وفي العام ‏‏2011 ولكنها التجربة الأولى له مع الرئيس ميشال عون. ربما أدرك أيضاً أنها تجربة من المستحيل أو ‏من الصعب أن تنجح ولذلك اكتفى بتقديم تشكيلته إلى الرئيس عون في زيارته الأخيرة إلى بعبدا، ‏وانتظر التوافق معه حولها. ولأن الرئيس عون لم يعط موافقته بعد اعتبر ميقاتي أنه في كل لقاء مع ‏عون يعيده إلى المربع الأول‎.

إذا كان الرئيس ميقاتي يأمل بفك عقدة التأليف بانتظار عجيبة، فإنه ربما تيقن أن زمن العجائب قد ولى ‏بعد الهجوم الذي شنه الرئيس نبيه بري على العهد والرئيس عون في خطابه في الذكرى الـ43 لتغييب ‏الإمام موسى الصدر. بري الذي كان لاعباً رئيسياً في تكليف الرئيس الحريري وفي اعتذاره وفي خلافه ‏مع عون يبدو أنه يضع المزيد من التعقيد في طريق التأليف، عندما يتهم العهد مع “التيار الوطني ‏الحر” بالعودة إلى نغمة الفدرالية وبتعطيل مجلس النواب من طريق التهديد بالإستقالة‎.

وهو إذ يدعو إلى “تنحية كل الخلافات مهما كانت أسبابها والاسراع بتشكيل حكومة خلال هذا الأسبوع ‏تكون اولوياتها تحرير اللبنانيين من أسر المحتكرين وبدون أثلاث معطلة، وبالتوازي تفعيل عمل ‏القضاء والاجهزة الامنية، والاستعداد والتحضير لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها”، لم يوفر ‏المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار من هجومه، وكأن بري يتابع ما بدأه ‏الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بعدما جعل نفسه قاضياً على القاضي وموجهاً له في ‏عمله‎.

قال بري: “ان المسار الى معرفة الحقيقة في انفجار المرفأ واضح هو معرفة من أدخل السفينة؟ ولمن ‏شحنة النيترات؟ ولأي غايات كانت سوف تستخدم؟ من سمح بابقائها في مرفأ بيروت طيلة هذه المدة ‏ولسنوات وسنوات؟ من المقصر وكيفية حصول الانفجار وأسبابه؟‎”.

إن المسار نحو الحقيقة هو بالخضوع الى قواعد القانون والدستور بعيداً من الضغط وبعيداً من ‏الاستفزاز واستباحة كرامات الناس سواء كانوا نواباً او وزراء سابقين وحاليين واداريين أو في اي ‏موقع كانوا‎ .

أبداً ان مجلس النواب ليس مجلس نيترات لا يجوز الافتراء والتجني في هذه القضية، والمطلوب من ‏المحقق العدلي تطبيق القوانين بدءاً من الدستور لا ان يقفز فوقها، أو ينتقي ويتحيز “إسمع صوت ‏العدالة لا صوت من يهمس لك او يهتف! إن الباطل كان زهوقاً”. وإلا “فالويل كل الويل لقاضي ‏الارض من قاضي السماء‎”.

ولكن قبل أن يطلق بري هذه المواقف كان القاضي بيطار يستجوب على مدى ست ساعات متواصلة، ‏العضو السابق في المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة المدعى عليه في القضية، بحضور ‏وكيله القانوني نقيب المحامين السابق أنطوان اقليموس وممثلين عن مكتب الإدعاء في نقابة المحامين. ‏وفي نهاية الجلسة، أصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه. هذا القرار أعطى انطباعاً أن بيطار لن يتوقف ‏عند محاولات عرقلته. وإذا كان توقيف شحادة هو أول قرار توقيف يصدر عنه فهو قد يجر إلى قرارات ‏أخرى مماثلة من ضمن لائحة المدعى عليهم، الذين ينتظرهم في مكتبه أو الذين يمتنعون عن المثول ‏بانتظار أن تنتهي إجراءات احتمائهم بحصانات واهية لا تحميهم من العدالة. وفي نتيجة عمله لا بد من ‏أن يجيب على أسئلة الرئيس بري: من أدخل السفينة؟ ولمن شحنة النيترات؟ ولأي غايات كانت سوف ‏تستخدم؟ من سمح بابقائها في مرفأ بيروت طيلة هذه المدة ولسنوات وسنوات؟ من المقصر وكيفية ‏حصول الانفجار وأسبابه؟ ربما كان من الأجدى للرئيس بري إذا كان يملك معطيات حول هذه الأسئلة ‏أن يقدمها إلى المحقق العدلي لا أن يهاجمه ويهاجم التحقيق، خصوصاً أن الإدعاء يشمل نائبين ‏ووزيرين سابقين من كتلته النيابية والوزارية غازي زعيتر وعلي حسن خليل. وربما من مصلحة ‏الرئيس بري والحقيقة والتحقيق أن يمثلا أمام القاضي حتى يثبت فعلاً أن هذا المجلس هو مجلس نواب ‏لا “مجلس نيترات‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *