الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار: حقيبة الاقتصاد تُهدّد تأليف الحكومة: النيّة غير موجودة
الاخبار

الأخبار: حقيبة الاقتصاد تُهدّد تأليف الحكومة: النيّة غير موجودة

ثمّة أزمة ثقة بدأت تنبت بين فريقَي رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المُكلّف، على غرار ما كان أيام تكليف سعد الحريري. اتهامات متبادلة بعرقلة تأليف الحكومة، ظاهرها صراعٌ على حقائب وأسماء، فيما باطنها شكّ بعدم وجود النية أساساً للتأليف. خلف المنافسة للحصول على وزارة الاقتصاد، يكمن سباق لمن يجلس على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد، ويوافق على الأموال المُرسلة وكيفية صرفها، والخطّة المالية ــــ الاقتصادية للدولة. هو جزء من الصراع على شكل الجمهورية الجديدة والحكم، يحكم عملية التأليف، ويُعرقلها إلى حدّ التهديد بنسفها

في الحكومة المقبلة، سيكون هناك «لجنة ذهبية» تتولّى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. تتألّف هذه اللجنة من وزراء: المالية، الاقتصاد، الطاقة، الشؤون الاجتماعية والاتصالات. وكلّ القوى السياسية تُريد أن تحفظ لنفسها مكاناً فيها. آلت المالية إلى حركة أمل. الشؤون الاجتماعية والطاقة من حصّة رئيس الجمهورية. أما الاتصالات، فلتيار المردة. تبقى وزارة الاقتصاد يتنافس عليها الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المُكلّف نجيب ميقاتي، وعند هذه النقطة تكمن العقدة العلنية لتأليف الحكومة.

حكومة الأشهر الأخيرة قبل الانتخابات النيابية (إن أُجريت)، يُفترض بها أن تُطلق قطار الحوار مع صندوق النقد من جديد، بعدما طيّرت بعض أحزاب السلطة وحزب المصرف، بواسطة لجنة المال والموازنة النيابية، «الخطة الإصلاحية» لحكومة الرئيس حسّان دياب. وصفة «الصندوق» الجاهزة لكلّ البلدان تتضمّن معالجة العجز في ميزان المدفوعات (صافي الأموال التي دخلت لبنان وتلك التي خرجت منه) وضمان استدامة الدين العام ودفع الفوائد عليه، في مقابل زيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة وإلغاء الدعم وتقليص دور الدولة واعتماد موازنة تقشفية وإعادة هيكلة القطاع العام وتحرير سعر صرف الليرة. هناك «توافق» بين المسؤولين السياسيين والنقديين في لبنان وبين «الصندوق» حول تطبيق هذه الشروط، وقد تكفّل بتنفيذ الجزء الأبرز منها حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة على مدى السنتين الماضيتين. الخلاف بين الفريقين يقع حول الخسائر في ميزانيات مصرف لبنان والمصارف، وضرورة إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإطلاق التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي. انطلاقاً من هنا، تكمن خطورة الأسماء المطروحة لتولّي الحقائب الوزارية التي ستكون على تماس مع «الصندوق». ترك المفاوضات لوزراء «تلاميذ» المؤسسات الدولية، عاملين حاليين فيها، يتشاركون معها الخلفية العقائدية نفسها، يعني تكبيد السكان فاتورة أكبر من تلك التي دفعوها حتى الآن. وفي كلّ البلدان التي وطأها صندوق النقد، كان يشترط إما تعيين وزراء مالية وحكّام بنوك مركزية، أو يضغط لإقالة الموجودين، أو تستبق الحكومات قدومه بتعيينات تُرضيه لتسهيل توقيع الاتفاقيات. فـ«الوالي المالي» لا يُحبّ «المُتمردين». لذلك، حتى وإن كان رئيس الحكومة شخصياً يُغرّد على الموجة نفسها مع «المجتمع الدولي»، من المهم تعيين وزراء يُناقشون ويُفاوضون عن حقّ، ويحاولون تحسين الشروط المفروضة، حمايةً لما تبقى من طبقات شعبية، عافيتها تعني إعادة إطلاق الاقتصاد وليس العكس. أما خلاف ذلك، فيعني الرضوخ للسياسات الإفقارية والعدائية للمجتمع، مقابل زيادة فاتورة الدين الخارجي.

في السباق للحصول على وزارة الاقتصاد، يرفض فريق رئاسة الجمهورية أن ينتمي وزيرا المالية والاقتصاد إلى الوجهة السياسية نفسها، أي حركة أمل وميقاتي. يُصرّ الرئيس ميشال عون على أن تكون له كلمة في المفاوضات مع صندوق النقد، ولا يُحصر الملفّ بيد حركة أمل، وممثّلها يوسف خليل (مدير العمليات المالية في مصرف لبنان). لا تستقيم هذه الحجّة من وجهة نظر ميقاتي، لأنّ عون سيُسمّي وزيرَي الطاقة والشؤون الاجتماعية، وهما جزء من لجنة المفاوضات الوزارية. لا يعتبر ميقاتي حصول رئيس الجمهورية على 3 وزراء من هذه المجموعة أمراً منطقياً، مُطالباً بإرساء توازن فيها عبر تسميته وزير الاقتصاد. أما بالنسبة إلى القصر الجمهوري، فلا حاجة إلى هذا «التوازن» طالما أنّ ميقاتي هو رئيس الحكومة.
هذا الأخذ والردّ في موضوع وزارة الاقتصاد، وعلى قدر ما يظهر «سخيفاً» أمام تفاقم حدّة الأزمة يومياً، إلا أنّه يعكس الخلفيات التي تتمّ بها عملية التأليف، ولا يُبشّر بالخير على صعيد التنسيق بين القوى بعد إتمام التأليف. يعتقد التيار الوطني الحرّ أنّ النقاش حول «الاقتصاد» دليلٌ إضافي على عدم نيّة ميقاتي تأليف الحكومة، بعد سلسلة من التصرفات التي توحي بأن الرئيس المكلّف لا يريد التأليف. أبرز الأمثلة التي تُقدّم هي تسمية هنري خوري لوزارة العدل. سمّاه رئيس الجمهورية، فرفضه ميقاتي. طرح عون بديلاً من خوري، ريتا كرم. وافق الرئيس المُكلّف على الاسم، قبل أن يتراجع بعد اعتراض رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فأبلغ ميقاتي قصر بعبدا أنّه يرفض ريتا كرم، وأنه اجتمع مع هنري خوري وقد وافق على تسميته وزيراً للعدل… قبل أن يعود ويسحب موافقته عليه في اليومين الماضيين.
دخول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على الخطّ، لم يُثمر حتى الساعة. المعادلة التي طرحها لحلّ معضلة الوزيرين المختلف عليهما من الحصة المسيحية، هي أنّ يُقدّم إبراهيم للرئيس مجموعةً من الأسماء، يختار من بينها لائحة، تُقدَّم إلى ميقاتي ليُعيّن من بينها الوزراء. حتى هذه الآلية، لم يعد من المضمون الالتزام بها.
لم يطرأ أي جديد أمس على المفاوضات سوى الانقسام بين وجهتَي نظر. الأولى ترى أنّ النائب جبران باسيل هو المعطّل، برفضه إعطاء وزارة الاقتصاد لميقاتي، وإصراره على تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين، لأنّه يُريد الثلث المعطّل، كما برفضه منح الحكومة الثقة رغم أنه سينال فيها الحصة الأكبر. التيار العوني يلتزم بنفي مطالبته بالثلث، مُشيراً إلى أنّ من غير المنطقي كلّما تقدّمت المفاوضات أن يُعيدها ميقاتي إلى الصفر.
على صعيد آخر، يتوجّه اليوم إلى سوريا وفدٌ مؤلّف من الوزراء: زينة عكر، ريمون غجر وغازي وزني، واللواء إبراهيم، يلتقي مع وزراء الخارجية والكهرباء والمالية السوريين. وسيُناقش الوفد مذكّرة تفاهم تتعلّق باستجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا، والغاز من مصر عبر الأردن وسوريا.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *