مع توالي الأزمات المعيشية والاقتصادية، وتفاقم أزمة المحروقات قبل رفع الدعم بشكل نهائي عنها أواخر هذا الشهر، يبقى المشهد الحكومي على حاله بغياب أي مؤشر إيجابي يشي بإعادة تحريك الوساطة التي يقوم بها المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، باتجاه رئيسَي الجمهورية ميشال عون والمكلّف نجيب ميقاتي، والتي توقفت عند حدود وزارتَي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية، بحسب ما ألمحت اليه بعض المعلومات، فيما يرى البعض أنّ العقدة تكمن بإصرار عون على الثلث المعطّل، ورفض ميقاتي القاطع لهذا الخيار.
تزامناً، وفي خضم الحديث عن استجرار الغاز إلى لبنان، وفي ظل الاجتماعات الحاصلة في دمشق وعمّان، كان لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، موقفاً لافتاً في توقيته، حيث قال: “ما إن انتهت زيارة الوفد الرسمي اللبناني إلى سوريا حتى انفجر مجدداً أنبوب النفط في الشمال. فهل عصابات النفط المتحكّمة بالمواطن وبالخزينة تريد تخريب استيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية؟ أم أنّ النفط الإيراني له صلة. وماذا عن المتحكّمين في الظل بوزارة الطاقة؟”
مصادر مواكبة للمداولات السياسية توقّعت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن تكون الأيام المقبلة حاسمة لجهة تشكيل الحكومة أو الاعتذار، متوقعةً زيارة مفصلية للرئيس المكلّف إلى بعبدا ليناقش مع الرئيس عون التشكيلة الوزارية التي سلّمه إياها في لقائهما الأخير، واستعراض كل الأسماء التي تضمنتها مع الملاحظات التي من المفترض أن يكون الرئيس عون وضعها عليها ليصار إلى تعديلها أو تبديلها، مشيرةً إلى أنّ ميقاتي على جهوزية تامة للقبول بها شرط ألّا يكون فيها ثلث معطل لأي فريق. وفي حال أصرّ عون على الثلث المعطّل سيُقابل هذا الشرط باعتراضٍ شديد من ميقاتي من دون أن تصل الأمور إلى حدود الاعتذار.
عضو كتلة المستقبل، النائب نزيه نجم، تحدّث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن استحالة تخطي الموضوع الحكومي لأن في ذلك انتحار للبلد، قائلاً: “في حال اعتذر ميقاتي عن التشكيل نكون قد أصبحنا في قعر القعر، ونكون قد دخلنا في مرحلة الانتحار الجماعي في ظل اقتصادٍ منهار، ووضع معيشيٍ أسوأ من السيّء، ووضعٍ سياسي حدّث ولا حرج”.
وأضاف، “هم لديهم أجندتهم الخاصة ونحن لدينا أجندتنا، والبلد مضروب بأمّه وأبيه، وكل فريقٍ لديه خارطة طريق لا تتماشى مع الفريق الآخر. والحسنة الوحيدة أنّ ميقاتي لم يسجَّل عليه أي خطأ حتى الساعة، فكل ما يقوم به من وحي المبادرة الفرنسية”، متوقعاً أن يكون يوم غد الثلاثاء مفصلي لجهة تشكيل الحكومة، فالناس لم تعد تحتمل المزيد. فإذا أزيل الدعم ولم يتراجع سعر الدولار إلى 12 ألف ليرة أو ما دون، ستكون هناك كارثة حقيقية.
وقال: “لا أحد يعتقد أن الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر، سيصلان إلى لبنان بعد أيام، هذا إذا كان الجانب الأميركي سيسمح فعلاً باستجرارهما عبر سوريا ولم نصطدم بقانون قيصر”، متوقعاً أن تسهّل سوريا هذه العملية لأنها ستستفيد هي أيضاً من الغاز والنفط، واصفاً الوضع بغير المستقيم، محذراً من عواقب سيّئة جداً قد تواجه اللبنانيين إذا لم تشكّل الحكومة.
بدوره، وصف النائب جهاد الصمد الوضع في لبنان بأنّه تحت الصفر، كاشفاً عبر “الأنباء” الإلكترونية أنّه منذ استقالة حكومة حسان دياب كان من السياسيّين الأوائل الذين توقعوا أنّ المواجهة الحقيقية، أو المعركة الحقيقية ستكون بعد نهاية عهد الرئيس عون، ومَن الذي سيحكم بعد ذلك، والخلاف الدائر اليوم يتركّز على هذه النقطة.
وقال: “غريب أمر هؤلاء كيف أنّهم يتناتشون جثة هامدة، فهل من المعقول أن ننتظر ممن خربوا البلد أن يعيدوا بناءه؟”
وقال الصمد: “من غير المسموح لأي جهة التحكّم بقرار البلد، فكفانا خلطاً بين رئاسة المذهب ومذهب الرئيس”.
وحول اعتذار ميقاتي، سأل الصمد: “ما البديل؟ وخير مثال تجربة حكومة اللون الواحد، فهي أسوأ ما مرّ بتاريخ لبنان. فهذا البلد محكوم بالتوافق، ولكن التوافق مفقود وإذا استمرّينا على هذه الحالة فإنّنا ذاهبون حتماً إلى التصادم. لقد جرّبنا الحرب فماذا كانت النتيجة عدنا مئة سنة إلى الوراء”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : جنبلاط يسأل عمّن يريد تخريب استيراد الغاز… أيام حاسمة حكومياً وميقاتي على موقفه