ليس غريباً وصف البنك الدولي حال لبنان الاقتصادية بالكارثية وألاشدّ بين ثلاث ازمات عالمية منذ القرن الماضي. فاللبنانيون القابعون في جحيم الانتظارات اليومية اختفت من قاموس حياتهم كل العبارات الممكن ان توصّف مآساتهم لدرجة ان “الكارثة” بحد ذاتها لم تعد تفي واقعهم الجهنمي حقه، ولم يكن ينقصهم لتكتمل فصول معاناتهم سوى بداية العام الدراسي المدرسي والجامعي حيث رفعت معظم الجامعات الخاصة اقساطها معتمدة دولار الـ 3900 ليرة في حين يسود تخبط قاتل احوال المدارس التي لم يعد لها من امل سوى بالحصول على مساعدات من الخارج ما دام الاهالي غير قادرين على تكبّد تكلفة التعليم المرتفعة بدءا من وسائل النقل مرورا بالمستلزمات المدرسية وليس انتهاء بحتمية رفع الاقساط، فيما لا تزال رواتبهم في “حضيض” الألف وخمسمئة ليرة، بالكاد تكفي لاشباع بطون ابنائهم الخاوية.
ولا يقتصر التخبط والضياع على القطاع التربوي، فكل ما ومن في لبنان يتخبط ويعاني، وقد بلغت الازمات حدها مع بدء الرفع التدريجي للدعم في غياب اي خطط رسمية لمواجهة “الفاجعة” التي ستحل باللبنانيين مع تحليق صفيحة البنزين في فلك المئتين والخمسين الفا في الحد الادنى والمازوت كذلك على ابواب فصل الشتاء والحاجة الماسة لهذه المواد للتدفئة والتنقل، فيما يتهدد فقدانها من السوق اللبنانيين يوميا برغيف الخبز ولقمة العيش.
سوداوية
اما الملف الحكومي فحدّث ولا حرج وقد عادت السوداوية لتلف الملف غداة الاجواء الايجابية التي تم ضخها صباح اول امس وتحدثت عن ساعات فاصلة عن الولادة المنتظرة. بحسب المعلومات فإن اي اتصال أو حراك لم يُسّجل اليوم على خط التأليف. وافيد ان ثمة تباينات بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وان مصطفى الصلح دخل على خط المصالحة بينهما. في الموازاة، تتمسك بعبدا بتعميم الايجابيات اذ قالت مصادرها: الأمور تنضج وبقيت فقط عقدة وزارة الاقتصاد. اما اوساط ميقاتي فأكثر حذرا اذ اعلنت “نحن في حلقة مراوحة في الملف الحكومي”.
معاقبة المعطلين
وفي موقف أوروبي حازم، دعت الكتلة الاشتراكية الأوروبية إلى معاقبة معطّلي حل الأزمة اللبنانية، مشددة على وجوب الحد من سياسة الإفلات من المحاسبة داعية القضاء اللبناني إلى تحمل مسؤولياته. واعتبرت الكتلة أن النظام الطائفي في لبنان عقبة في مستقبل البلاد.
حزم اممي
من جهتها، قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا من دار الفتوى حيث بحثت مع مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، في الشؤون اللبنانية وأوضاع المنطقة: شكرت لسماحته نقاشنا اليوم حول الأزمة المتفاقمة في لبنان وتأثيرها العميق على الشعب والحاجة إلى حلول فورية. توافقنا على اعتبار أن تشكيل الحكومة لا يمكن أن يتأخر أكثر من ذلك. لقد نقلت اليه مدى جهود الأمم المتحدة المستمرة لدعم لبنان وشعبه”.
ايام صعبة
هذا العقم يقابله انهيار معيشي تام وقد اقترب موعد رفع الدعم تماما عن المحروقات خلال ايام. وبينما الطوابير لا تنتهي امام المحطات، اشارت معطيات صحافية إلى أن لا خطة موضوعة حتى الآن في ما يخصّ موضوع رفع الدعم عن المحروقات. ولفتت إلى ان أياما صعبة للغاية تنتظر اللبنانيين في ما يخصّ مادة البنزين التي يكفي مخزونها حتى الثلاثاء. وكشفت “اننا وصلنا إلى الخط الأحمر في مخزون المازوت ولا بواخر في السواحل والكميات المتبقية من المازوت تكفي فقط حتى نهاية الأسبوع”.
ملف تقني
وفي انتظار البواخر الايرانية الموعودة المحملة نفطا، وقد كشفت خدمة “تانكر تراكرز” لتتبع حركة ناقلات النفط أن ناقلتي نفط وصلتا من إيران إلى سوريا، تحملان النفط الخام لسوريا وليس الوقود للبنان، وفيما التقنين الكهربائي يشتد، تستضيف العاصمة الأردنية عمان اليوم اجتماعاً فنياً رباعياً لوزراء الطاقة في كل من سوريا ولبنان ومصر والأردن، لمتابعة استقدام الكهرباء والغاز ومصر إلى لبنان عبر سوريا، وللغاية، يتأبّط وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر ملفاً تقنياً إلى الاجتماع الذي سيَطرح بحسب جدول أعماله، خمسَ نقاط تتمحور حول إعادة تفعيل الاتفاقية الموقّعة بين دول خط الغاز العربي المتعلقة بتزويد الغاز الطبيعي للجمهورية اللبنانية، والتأكد من جهوزية البنية التحية اللازمة لنقل الغاز الطبيعي في كل دولة من الدول الأربع والمتطلبات الفنيّة المطلوبة. كما سيتناول تقديم خطة عمل واضحة، وجدول زمني لإيصال الغاز إلى لبنان، إضافة إلى المتطلبات اللوجستيّة والتقنيّة والإداريّة والفنيّة والمالية من أجل إنجاح المشروع لكل من الدول الأربع .ومن المرتقب أن يخلص اجتماع الغد، إلى تشكيل فريق فنّي من الدول المشارِكة الأردن ومصر ولبنان وسوريا، لمتابعة كل تلك المواضيع المذكورة.
موافقة استثنائية
وكانت مصادر معنية بالوفد الوزاري اللبناني الذي زار سوريا السبت اكدت أن “في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء، حصل الوفد اللبناني على موافقة استثنائية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على التوجّه إلى دمشق للتفاوض مع الجانب السوري حول استجرار الغاز المصري عبر الأردن”. وذكّرت المصادر “بإجماع القوى السياسية اللبنانية كافة على الاستفادة من كل الفرص للحصول على الفيول لتأمين ساعات تغذية إضافية للتيار الكهربائي”. وأسفت للحديث عما يُسمى بـ”تطبيع مع سوريا”، مؤكدة أن “الحديث خلال الاجتماع في دمشق، اقتصر على “التقنيات” البحتة من دون التطرق إلى المواضيع السياسية لا من قريب ولا من بعيد”.
بري: لم يعد ينفع الا الدعاء
قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”مستقبل ويب”: “ما تقول فول ليصير بالمكيول”. واكتفى بالقول رداً على سؤال عن مصير تشكيل الحكومة: “لم يعد ينفع إلا الدعاء”.