شكّل نجيب ميقاتي حكومته الثالثة. تبقى العبرة في مسار الحكومة لإنجاز الاصلاحات ووقف الانهيار. جملة عوامل حققت إنجاز التشكيل، بعضها ما هو خارجي وبعضها داخلي فرضته الظروف الصعبة والضاغطة، بالإضافة إلى البحث عن مصالح توزيرية مشتركة أنتجت الصيغة التي انتهت عليها التشكيلة. ولذلك تتضارب المعلومات حول كيفية توزيع الحصص الوزارية في الحكومة، لكنها بالتأكيد هي حكومة جديدة جاءت بدعم فرنسي، والدليل تهنئة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لنفسه بتشكيلها.
بعض القوى اللبنانية توصف الحكومة بأنها حكومة “رئيسي_ماكرون” لأنها نتيجة التواصل الفرنسي الإيراني المباشر والمكثف فيما أشارت معلومات من مصادر متعددة أن الفرنسيين ضغطوا في سبيل ولادة الحكومة ولو كان ثمن ذلك الثلث المعطل لصالح الرئيس ميشال عون.
مصادر مراقبة اعتبرت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية انه حتى الآن هناك تضارب في تقييم الوزراء، وإذا كان عون قد نال الثلث المعطل. في حين ان المقربون من عون والنائب جبران باسيل يؤكدون أنه لم يكن هناك إمكانية لتوقيع التشكيلة الحكومية لو لم يحصل عون على ضمانات بأنه قادر على التأثير في مجريات الحكومة والتحكم بقرارها. في المقابل فإن الرئيس نجيب ميقاتي ينفي بشكل كامل أن يكون لدى عون الثلث المعطل، وكذلك الرئيس نبيه بري.
المصادر اعتبرت ان “هذا كله يشير الى حجم التداخل في العلاقات السياسية لدى الكثير من الوزراء، وثمة اشارات تفيد بأن الحكومة تضم أكثر من وزير ملك، وان فيها اكثر من ثلث معطل حيث تدعو الحاجة، واكثر من نصف حيث تدعو الحاجة ايضاً”.
بعض المتفائلين يعتبرون ان وزيرين مسيحيين يعتبر عون أنهما محسوبان عليه سيكتشف فيما بعد أنهما ليس كذلك. لكن ذلك لا يمكن حسمه إلا من خلال التجربة. انها الحكومة الأخيرة في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، أمامها مهمات متعددة ومصاعب كثيرة، أولها الملفات المالية والاقتصادية، ثانيها التفاوض مع صندوق النقد، ثالثها التحضير للانتخابات النيابية، لكن الأهم هي التطورات السياسية محلياً وخارجياً وما يرتبط بها هي التي ستكون متحكمة بمسارها.
وفي هذا السياق وحول المطلوب من هذه الحكومة، لفت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى أن “المطلوب الآن ورشة عمل واختصار التبريكات بولادة الحكومة، والعمل على التفاوض الجدّي مع البنك الدولي وصندوق النقد والإستفادة من العرض الأردني لاستجرار الكهرباء”.
وفي هذا الاطار، قال الخبير الاقتصادي زياد عبد الصمد: “انا شخصياً لا أتوقع من الحكومة أن تقوم بالكثير من الإنجازات الضخمة، لان الأزمة كبيرة جداً وهذه الحكومة أتت نتيجة تسويات ومحاصصات”.
وأضاف في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية انه يجب على الحكومة الجديدة ان تقوم بإصلاح على مستوى إداري من كل الجهات لأنه اذا لم يكن هناك محاسبة شفافة ومساءلة وحوكمة سليمة لا ينجح أي برنامج إصلاحي، متابعا “ان الاصلاح يبدأ باقرار استقلالية القضاء لكي يستطيع لعب دوره الأساسي بتحميل المسؤوليات ومحاسبة المسؤولين عن نهب الأموال العامة والجرائم المرتكبة بالمرفأ وغيره، كذلك يجب ان يكون هناك لا مركزية إدارية لكي يطال الاصلاح كافة الناس والمناطق، ويجب ان تتحرر مؤسسات الدولة وان يلعب مجلس النواب دوره بشكل سليم لكي يستطيع محاسبة الحكومة، كذلك الحكومة تلعب دورها التنفيذي خلافا لمبدأ المحاصصة والنهب للمال العام الذي يحصل عمليا ومن بعدها ندخل في خطوات إصلاحية تدريجية”.
وردًا على سؤال قال عبد الصمد: “اذا توقف الدعم نهائيًا علينا إيجاد خيار بديل، والخيار البديل ليس البطاقة التمويلية لأنها خيار مؤقت، إنما هو تخفيف الفاتورة المعيشية وكلفة الحياة اليومية لدى المواطن”، مستطردًا: “فلنقم بتدابير وإجراءات سريعة لزيادة ساعات التغذية في كهرباء لبنان لنوفر فاتورة المولّدات والمازوت، كذلك يجب القيام بسياسة سريعة للنقل المشترك للتخفيف من فاتورة البنزين، ويمكننا ايضا القيام بتدابير سريعة بإطار النظام الصحي لتخفيف فاتورة الدواء وبالتالي تخف الأعباء على الأسر”.