اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اننا “أمام مسؤوليات وطنية وتاريخية كبرى لتفعيل دور الدولة ومؤسساتها واستعادة الثقة بها. والمطلوب ايجاد الحلول العاجلة لمعالجة الاوضاع المعيشية للمواطنين واطلاق ورشة عمل سريعة لوضع لبنان على طريق الانقاذ والتعافي والنهوض”، مشددا على ان “على الحكومة ان تعمل كفريق عمل واحد متجانس متعاون لتنفيذ برنامج انقاذي وتركيز الجهد لتحقيق المصلحة الوطنية العليا ومصالح المواطنين”.
وإذ أوصى الرئيس عون الوزراء ب”الاقلال من الكلام والاكثار من العمل”، لفت الى انه “ستواجهنا صعوبات كبيرة وسنعمل على تذليل واستنباط الحلول الممكنة”، وقال: “ان المباشرة بالإصلاحات شرط اساسي لدى المجتمع الدولي للسير بآليات الدعم وتقديم المساعدات”، واعتبر ان “الاصلاحات هي المدماك الأساس لإعادة بناء الدولة ودونها يستحيل الانقاذ”، وتمنى على اللجنة الوزارية أن “تضمن البيان الوزاري اضافة الى الثوابت الوطنية مجموعة افكار ومواضيع اساسية وفي مقدمها خطة التعافي التي أقرتها الحكومة السابقة وما ورد من إصلاحات في المبادرة الفرنسية وإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها واستكمال التحقيقات الجارية في انفجار مرفأ بيروت، إضافة الى المضي في خطة مكافحة الفساد، لا سيما مباشرة العمل بالتدقيق الجنائي واستكمال خطة للكهرباء وتنفيذها”.
رئيس الحكومة
بدوره، اكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان “علينا جميعا أن نضحي والبلد يتطلب إجراءات استثنائية”، مشيرا الى ان “الحكومة ستعمل من أجل كل لبنان وجميع اللبنانيين، ولن تميز بين من هو موال او معارض، من أعلن دعمه لنا ومن لم يعلن ذلك، ومن سيمنحها ثقته بعد أيام، او من سيحجبها عنها، وسنمارس هذا الدور من دون أي كيدية تحت سقف القانون”، داعيا الوزراء الى “الاسراع في عملية تسلم وزاراتهم”، مؤكدا اننا “سننكب على معالجة موضوع المحروقات والدواء بما يوقف اذلال الناس”.
واذ أشار الرئيس ميقاتي الى ان “الوضع صعب لكن لا شيء مستحيل متى كانت النيات صافية”، دعا الى “التعاون بين الجميع”، وكشف انه سيقوم “بتكثيف جلسات مجلس الوزراء وتضمينها المواضيع المهمة وذات التأثير المباشر على الحياة اليومية للمواطنين”.
ودعا الرئيس ميقاتي وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية الى “اعطاء التوجيهات الفورية لتنظيف مسارب الاوتوسترادات والطرق قبل مداهمة المطر، ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي لعقد اجتماعات طارئة لانجاز الخطة الكفيلة ببدء العام الدراسي”، مؤكدا ان “هذا ملف اكثر من ملح ولا يجوز ان يبقى ابناؤنا خارج المدرسة للسنة الثالثة”.
كلام الرئيسين عون وميقاتي جاء في خلال الجلسة الأولى للحكومة الجديدة التي انعقدت قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وتم في خلالها تشكيل اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري.
البيان الوزاري
وفي ختام الجلسة، تلا وزير الاعلام جورج قرداحي البيان الآتي:
“عقد مجلس الوزراء جلسته الاولى بعد تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة السيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور السيد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والوزراء.
في مستهل الجلسة، تحدث رئيس الجمهورية مرحبا برئيس الحكومة والوزراء، معتبرا أن ما جمع الوزراء في هذه الجلسة هو الثقة والقدرة على العمل، الامر الذي يوجب ان يكونا دائما للاسراع في الجلسات لإنجاز ما هو مطلوب في المرحلة المقبلة.
اضاف: هذه الحكومة الرابعة في ولايتي الرئاسية، شكلت بعد انقضاء 13 شهرا على حكومة تصريف الاعمال، خلال هذه الفترة تفاقمت الاوضاع: اقتصاديا، ماليا، نقديا، اجتماعيا… وتراجعت الظروف المعيشية للمواطنين الى مستويات غير مسبوقة “تراجع القدرات الشرائية – غلاء الاسعار- تدني قيمة العملة الوطنية – المحروقات – الاستشفاء – الدواء”.
وقال رئيس الجمهورية: نحن أمام مسؤوليات وطنية وتاريخية كبرى لتفعيل دور الدولة ومؤسساتها واستعادة الثقة بها. يجب الا نضيع الوقت اذ لم يعد لدينا ترف البطء والمماطلة. والمطلوب ايجاد الحلول العاجلة لمعالجة الاوضاع المعيشية للمواطنين، واطلاق ورشة عمل سريعة لوضع لبنان على طريق الانقاذ والتعافي والنهوض.
وقال : على الحكومة ان تعمل كفريق عمل واحد متجانس متعاون لتنفيذ برنامج انقاذي وتركيز الجهد لتحقيق المصلحة الوطنية العليا ومصالح المواطنين. أمامنا تحديات كبيرة، لذلك أوصيكم بالاقلال من الكلام والاكثار من العمل. ستواجهنا صعوبات كبيرة وسنعمل على تذليلها واستنباط الحلول الممكنة. إن الخارج والداخل يعول على نجاحنا لمعالجة الازمات المتراكمة والمتداخلة، وكلما اظهرنا جدية والتزاما وتصميما كلما وقفت الدول الشقيقة والصديقة الى جانبنا.
يأمل اللبنانيون من الحكومة معالجة مشاكلهم الحياتية اليومية والاستجابة لطموحاتهم وتطلعاتهم المشروعة بمستقبل أفضل يزيل عنهم القلق ويوفر لهم الاستقرار والعيش الكريم والاولوية هي للتخفيف من معاناتهم وتوفير حاجاتهم الملحة. إن المجتمع الدولي يعول على الحكومة لإعادة النهوض بلبنان واخراجه من كبوته.
ونحن بحاحة لمساعدات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصناديق الدولية والاقليمية والجهات المانحة.
وأكد السيد رئيس الجمهورية ان المباشرة بالإصلاحات شرط اساسي لدى المجتمع الدولي للسير بآليات الدعم وتقديم المساعدات. فالاصلاحات هي المدماك الأساس لإعادة بناء الدولة ودونها يستحيل الانقاذ. المطلوب اتخاذ خطوات تنفيذية عاجلة وحاسمة للبدء بالإصلاحات. وقال: انتم وزراء اختصاص. لديكم خبرات علمية وعملية ورؤى مستقبلية. مسؤوليتنا انقاذ لبنان، فلنكن على قدر المسؤولية.
وتمنى على اللجنة الوزارية أن تضمن البيان الوزاري اضافة الى الثوابت الوطنية الافكار والمواضيع الاساسية التالية وهي على سبيل المثال:
– خطة التعافي التي أقرّتها الحكومة السابقة.
– ما ورد من إصلاحات في المبادرة الفرنسية.
– إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها والتي حددت في 8 أيار 2022.
– استكمال التحقيقات الجارية في انفجار مرفأ بيروت.
– المضي في خطة مكافحة الفساد، لا سيما مباشرة العمل بالتدقيق الجنائي.
– تأمين المستلزمات الأساسية للمواطنين.
– إطلاق العام الدراسي بأسرع وقت ممكن.
– تحديث وتنفيذ خطة تعافي لإنقاذ البلد من الأزمة المالية.
– استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي IMF.
– متابعة تنفيذ خطة البطاقة التمويلية والسعي لتأمين الأموال اللازمة لضمان استمراريتها.
– اقرار وتنفيذ الخطة الاقتصادية التي أعدها المكتب العالمي الاستشاري ماكينزي (لتحفيز القطاعات الانتاجية).
– العمل على عودة النازحين السوريين.
– وضع خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
– تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” بما فيها المشاريع الواردة في البرنامج الاستثماري.
– استكمال وتنفيذ الخطة لمعالجة النفايات الصلبة.
– استكمال وتنفيذ خطة للكهرباء.
ودعا السيد رئيس الجمهورية الوزراء الى اجراء عمليات التسلم والتسليم والإسراع قدر الإمكان للمباشرة بمهامهم الجديدة.
ثم تحدث السيد رئيس مجلس الوزراء فقال: ان عيون اللبنانيين وجميع اللبنانيين شاخصة إليكم. انتم الأمل في هذه المرحلة. تأتون إلى مواقع المسؤولية من صفوف هذا الشعب المعذب. عايشتم الآمه، ولا تزالون. تعرفون تمام المعرفة حاجة الناس إلى الرغيف والدواء والبنزين والمازوت. هذه الأمور ليست من الكماليات، بل هي ضرورية لإستمرارية الحياة في شكلها الطبيعي. ينتظرنا الكثير من العمل. ينتظرنا الكثير من التعب. علينا جميعا أن نضحي. البلد يتطلب اجراءات إستثنائية.
أضاف: صحيح اننا لا نملك عصا سحرية. فالوضع صعب للغاية، ولكن بالإرادة الصلبة والتصميم والعزم والتخطيط نستطيع جميعا، كفريق عمل واحد، أن نحقق لشعبنا الصابر والمتألم بعضا مما يأمله ويتمناه. صحيح أن الوضع صعب، ولكن لا شيء مستحيل متى كانت النيات صافية. يد واحدة لا تستطيع التصفيق. المطلوب تضافر جهود جميع اللبنانيين. ومن جد وجد. لا تخيبوا آمال اللبنانيين. لتكن اقوالكم مقرونة بالأعمال. الوقت ثمين ولا مجال لإضاعته. نجاحكم في وزاراتكم يعني نجاح جميع اللبنانيين في الوصول إلى ما يؤمن لهم حياة كريمة لا ذل فيها ولا تمنين.
وتابع: عندما ارتضيتم ان تنخرطوا في هذا العمل الإنقاذي كنتم تعلمون أنكم آتون للخدمة. الوزارة هذه الايام ليست ترفا. فكونوا على قدر هذه المسؤولية، علنا جميعا، وبتعاون أكيد مع فخامة رئيس الجمهورية ومع مجلس النواب الكريم نستطيع أن نصل إلى بر الآمان. اطلب منكم الاقلال من الاطلالات الاعلامية لأن الناس تتطلع الى الافعال ولم يعد يهمها الكلام والوعود. والامور بالنسبة للناس في خواتيمها. ادعوكم الى الاسراع في عملية تسلم وزاراتكم، لأننا امام استحقاقات كبيرة ويجب أن نواجهها بحزم وجدية، لهذا ادعو وزير الاشغال الى اعطاء التوجيهات الفورية لتنظيف مسارب الاوتوسترادات والطرق قبل ان يداهمنا المطر وتتكرر مشاهد البهدلة على الطرق.
أضاف: سننكب على معالجة موضوع المحروقات والدواء بما يوقف اذلال الناس. اطالب وزير التربية بعقد اجتماعات طارئة لانجاز الخطة الكفيلة ببدء العام الدراسي، وهذا ملف اكثر من ملح ولا يجوز ان يبقى ابناؤنا خارج المدرسة للسنة الثالثة. كما ادعو الى التنسيق بين وزارتي الصحة والتربية من أجل درس امكانية التلقيح ضد الكورونا للتلامذة فوق سن الثانية عشرة. من جهتي سأقوم بتكثيف جلسات مجلس الوزراء وتضمينها المواضيع المهمة وذات التأثير المباشر على الحياة اليومية للمواطنين. نؤكد التنسيق الدائم بين الوزراء في القضايا ذات الاهتمام المشترك بين أكثر من وزارة، والتنسيق بين الوزارات عند الضرورة. وأؤكد في هذا المجال على ضرورة التعاون من قبل الجميع وهو أمر أساسي لإنجاح أي عمل حكومي.
وختم: إن حكومتنا ستعمل من أجل كل لبنان، ومن أجل جميع اللبنانيين، ولن تميز بين من هو موال او معارض، من أعلن دعمه لنا ومن لم يعلن ذلك، ومن سيمنحها ثقته بعد أيام، او من سيحجبها عنها وسنمارس هذا الدور من دون أي كيدية وذلك تحت سقف القانون. وما على العبد سوى السعي. والله ولي التوفيق.
بعد ذلك قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة صياغة مسودة البيان الوزاري برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء وعضوية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزراء العدل، الطاقة، المالية، الثقافة، الداخلية، التنمية الادارية، الاعلام، التربية، العمل والزراعة. وستعقد اللجنة الوزارية اولى جلساتها بعد قليل، اي عند الواحدة في السرايا”.
حوار
بعد ذلك، دار حوار بين الوزير قرداحي والصحافيين، فسئل عن تصريحه بالأمس في المطار واتهامه بالمس بالحريات الاعلامية، فأجاب: “هل يصدق احد انني متهم بالمس بالحريات الإعلامية، لن أقول للمتهمين “المسامح كريم” لكن “يطولوا بالن”، ان تصريحي في المطار كان واضحا جدا بالأمس ولا يقبل اجتهادا او تأويلا او غير ذلك. لم تكن هناك من كلمة منع، بل تمن على وسائل الاعلام ان تمتنع هي عن استقبال الضيوف الذين يصورون ان البلد ذاهب الى الخراب وليس انا من سيمنعها. نريد نفحة امل، واريد منكم ومن جميع زملائي الإعلاميين احبائي ان تساهموا معنا في ذلك لان البلد يحتاج الى جهدنا جميعا وليس فقط لجهد افراد. ثم ان هناك من لديه ربما اجندات معينة وتصاريح يرغب باطلاقها لا اعرف لماذا. وهناك شيء لا يمت الى الواقع بصلة. لذلك أتمنى عليكم ان تكونوا كعادتكم في عملكم”.
أضاف: “كل حكومة تتشكل تعطى في كل العالم فترة سماح مئة يوم، الا ان هذه الحكومة وقبل تأليفها بدأوا بتناولها وقد استمروا بذلك بعد التشكيل. لذلك فليهدأوا قليلا، هذا كان ما قصدته ولا اريد ان أقول اكثر من ذلك، فلتتمنوا لنا التوفيق لان كل الشعب اللبناني يتمنى لنا التوفيق ويريد لنا النجاح في مهمتنا”.
وعن عناوين البيان الوزاري، قال: “سيعقد اجتماع للجنة الوزارية عند الواحدة وليس هناك من عناوين، بل ان الخطوط التي ذكرها رئيس الجمهورية يفترض باللجنة ان تأخذ بها ولكل حادث حديث”.
وعن الالقاب السابقة، قال: “على ما يبدو سنبدأ بإلغاء الألقاب السابقة ونبدأ باستخدام السيد الرئيس وفق ما تقرر سابقا”.
وعن الاعلام، قال: “اني اكبر بكم ويكبر كل مسؤول لبناني بالاعلام الصادق والهادف والنقي والوطني. وكلنا لبنانيون ولا احد يزايد علينا. لم نأت من خلفيات ميليشياوية كي نقمع الاعلام او من خلفيات أخرى لا بل لقد عملنا في وسائل اعلام كبيرة جدا في الغرب ونعرف معنى الحرية وحدودها. ليس هناك من حرية لامتناهية او حرية تتعدى على الناس او على الوطن، لان هناك أحيانا تعد على الوطن وتفلتا يصيب الوطن في الصميم وهو يقتل. لذلك نريد اعلاما نظيفا ويتمتع بالوعي وعلى صورة لبنان”.
وعن مهلة انجاز البيان الوزاري، اجاب: “كما قال دولة الرئيس في مجلس الوزراء سيكون في خلال ثلاثة أيام ان شاء الله وكما قال أيضا فان دولة رئيس مجلس النواب وعده بانه سيعمل على عقد جلسة سريعة لمجلس النواب لنيل الثقة فور الانتهاء من صياغة مسودة البيان”.
وعن جلسات مجلس الوزراء، أجاب: “كما قال دولة الرئيس لديه نية بتكثيف الجلسات قد تعقد جلستان او ثلاث، وعن تسمية الحكومة، أجاب سموها كما تريدون، حيا على خير العمل او حكومة الامل او العمل والامل معا”.
اجتماع ثلاثي
وكان الوزراء وصلوا تباعا الى القصر الجمهوري ابتداء من الساعة العاشرة قبل الظهر حيث اخذت الصورة الرسمية لكل منهم. ثم وصل رئيس مجلس الوزراء حيث اجتمع بالرئيس عون في مكتبه، ثم انضم اليهما رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ليتحول الاجتماع الى ثلاثي.
الصورة التذكارية
وعند الحادية عشرة، انتقل الرئيس عون والرئيس بري والرئيس ميقاتي يرافقهم الوزراء الى حديقة الرؤساء حيث تم التقاط الصورة الرسمية التذكارية للحكومة الجديدة.