يطل رئيس الجمهورية ميشال عون “على شاشة” الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ظهر الغد، وفي سجل عهده سلسلة لامتناهية من الانتكاسات والانهيارات التي ألمّت بالبلد وأبنائه، وآخرها تصنيف شبكة “بلومبرغ” لبنان في خانة “أعلى معدل” عالمي على مستوى التضخم السنوي “متجاوزاً زيمبابواي وفنزويلا”، لا سيما بعدما فقدت عملته “ما يقرب من 90% من قيمتها وغرق ثلاثة أرباع سكانه في براثن الفقر” كما جاء في تقرير الشبكة الأميركية.
وإلى المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتحلّلة، تجلت خلال الساعات الأخيرة مشهدية التحلّل بأوضح صورة قاصمة لأسس الدولة وكاسرة لميزان العدل فيها، من خلال تصدر “حزب الله” جبهة التصدي للمحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت ودخوله بالمباشر على خط ترهيب القاضي طارق البيطار عبر رسالة التهديد “الفاقعة” التي نقلها إليه وفيق صفا عبر طرف ثالث، متوعداً بـ”قبعه” من مركزه، الأمر الذي خلّف صدمة مدوية في أروقة قصر العدل ما دفع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إلى استيضاح المحقق العدلي حول حقيقة ما نُشر في هذا السياق، فكان جواب البيطار تقريراً خطياً يؤكد ما مفاده “نعم وفيق صفا هددني وما تم تداوله إعلامياً عن مضمون الرسالة الشفهية التي بلغتني دقيق”، وفق ما نقلت مصادر موثوق بها، لافتةً إلى أنّ “تقرير المحقق العدلي بهذا الخصوص سيتسلمه القاضي عويدات اليوم رسمياً للاستناد إليه والبناء عليه”.
… و”بالمسار القانوني” الذي توعد به صفا المحقق العدلي، سلك الوزير السابق يوسف فنيانوس الطريق باتجاه طلب نقل ملف انفجار المرفأ من القاضي البيطار إلى قاض آخر بدعوى “الارتياب المشروع” حسبما جاء في الطلب الذي سجله أمس وكيلا فنيانوس في قلم محكمة التمييز الجزائية تمهيداً لإحالته أمام المحكمة، وذلك بالتزامن مع تسطير الأخير بياناً كال فيه أقذع الاتهامات بحق المحقق العدلي من دون أن يسميه كـ”الانحياز والسلوك الشاذ والتسييس والصيد في بهرجة الإعلام بحثاً عن بطولات وهمية”، مقابل الاكتفاء بتسميته في ختام البيان باعتبار “الطريق التي يسلكها القاضي البيطار لن توصل إلى الحقيقة”.
أما في موجبات دعوى فنيانويس، فعُلم أنه استند فيها إلى ما اعتبرها “مخالفات قانونية تتصل بعدم مراعاة الدفوع الشكلية وسياق التبليغات المتبع”، مع التركيز في هذا المجال على جلسة استجواب 13 أيلول التي لم يحضرها فنيانوس وانتهت بإصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، فضلاً عن اتهام القاضي البيطار “بمخالفة المواد الدستورية المتعلقة بالجهة الصالحة لملاحقته وهي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”، بالإضافة إلى اعتبار “التسريبات الإعلامية والخضوع لتأثير وضغوط أهالي ضحايا الانفجار” مدعاة ارتياب بالمحقق العدلي.
في موازاة خطوة فنيانوس أكد الوزير السابق نهاد المشنوق انه في صدد طلب تنحية البيطار عن الملف. واتخذ من دار الفتوى منبراً ومتراساً ليهاجم المحقق العدلي، معتبراً ان غطاء المجلس الشرعي الاسلامي كاف لعدم المثول أمام القضاء في جريمة النيترات.
على المستوى الحكومي، وبينما تلقى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اتصالاً هاتفياً من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس أكد له خلاله عزمه على “تكثيف مساعيه مع قادة العالم لدعم لبنان في هذه الظروف الصعبة”، برز عشية زيارة ميقاتي باريس حراك السفيرة الفرنسية باتجاه السراي ووزارة الأشغال العامة والنقل للتداول في العروضات الفرنسية والمشاريع الإنمائية والاستثمارية المرتقبة في المرافئ والنقل المشترك والبنية التحتية، بالتوازي مع قيام وفد من مرفأ مارسيليا الفرنسي بزيارة ميدانية لمرفأ بيروت ومعاينة موقع انفجار 4 آب والأضرار الناتجة عنه.
وتزامناً، رحبت “مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان” بتشكيل الحكومة الجديدة، وحثت القادة اللبنانيين على التحرك “بسرعة لتخفيف عبء المشقة الاقتصادية والاجتماعية عن الشعب اللبناني واستعادة الخدمات الأساسية والتحضير لانتخابات نزيهة وشفافة في موعدها في العام 2022 والشروع في الإصلاحات اللازمة لاستعادة الثقة ولتحقيق العدالة والاستقرار وتمهيد الطريق لتعزيز الدعم الدولي”، كما ذكّرت المجموعة ببيانها الصادر في 3 آب الفائت لتجدد التأكيد على “أهمية استكمال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت على وجه السرعة”.