كتبت صحيفة النهار تقول: من المفترض أن تبدأ من غد الاثنين المراحل التنفيذية والعملية للعمل الحكومي في كل الاتجاهات بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من لندن التي قصدها عقب زيارته لباريس ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكان لهما مواقف من الاتجاهات المقبلة للحكومة.
وفي هذا السياق، يُنتظر أن تضع الحكومة مع الجلسة الأولى العملية لمجلس الوزراء في الأسبوع الطالع البرمجة التفصيلية لبيانها الوزاري ولا سيما لجهة المعالجات الفورية الأكثر إلحاحاً للأزمات الحياتية اليومية الخانقة بدءًا بأزمات المحروقات والكهرباء والدواء بموازاة الاستعدادات الجارية لطلب الحكومة انطلاق مفاوضاتها عبر الفريق الذي سيُشكَل، والذي صار معروفاً تقريباً، للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. ولن يكون متاحاً للحكومة أن تتمهّل إطلاقاً في أي مسار سواء في التصدي للأزمات الحياتية والخدماتية الضاغطة بشدة على اللبنانيين أو في البدء بجدية مطلقة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لأنّ تسليط الأضواء الحاصل على ما ستقوم به سيأخذ حجماً متعاظماً ودقيقاً. وقد برز بوضوح تركيز الرئيس الفرنسي بعد لقائه مع الرئيس ميقاتي على التعهدات التي قطعتها الحكومة كما قطعها رئيس الحكومة في لقائهما المغلق، بما يعكس دقة الوضع الذي ستواجهه الحكومة وإلزام إثباتها الصدقية في الحدود القصوى للتمكّن من اقناع المجمتع الدولي من مساعدة لبنان على أسس اظهار الجدية في التزام الإصلاحات وهو الأمر الذي سيضع كل القوى السياسية المشاركة في الحكومة أمام اختبار إنجاح أو إخفاق الحكومة في مهلة زمنية قصيرة باعتبار أنّ هاجس الانتخابات النيابية، التي يتردّد أنّ موعد إجرائها سيُقدَّم إلى نهاية آذار بدل أيار، بدأ يهيمن على الكثير من جوانب المشهد السياسي.
وغداة زيارته لباريس، استقبل الرئيس ميقاتي، أمس في مقر إقامته في لندن، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيمس كلفرلي، في حضور سفير لبنان لدى المملكة المتحدة رامي مرتضى. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وحاجات لبنان في هذه الاوقات الصعبة ودور بريطانيا في دعمه ومساندته، ومواكبتها لخطة النهوض الاقتصادي التي تعمل عليها الحكومة.
وفي غضون ذلك، بدا الواقع الداخلي مشوبا بكثير من الغموض مع تصاعد تفاعلات توظيف ” حزب الله” إدخاله للنفط الإيراني الى لبنان كعملية سياسية إقليمية – داخلية يُراد لها توسيع نفوذ ايران وذراعها على حساب الانتقاص المتعمد من السيادة اللبنانية واستغلال حالة الاستسلام التي تطبع موقف العهد والحكومة ومعظم القوى السياسية من هذا الاتجاه. وفي هذا الإطار، أعلن نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أنّه “في حال لم تتحرّك الشركات ومصرف لبنان لتأمين حاجات البلاد من المحروقات سنستمر بإدخال المواد النفطية”، مؤكداً أنّ “حزب الله على استعداد لإدخال المازوت عبر المعابر الحدودية المعروفة ولكنّ البعض في البلد يخاف من أميركا وعقوباتها”. وأشار إلى أنّ موازين القوى هي التي أتت ب المازوت الإيراني إلى لبنان، وأي اعتداء إسرائيلي على لبنان سيقابله ردّ من “حزب الله” حتى لو جرّ إلى حرب”. ولفت قاسم إلى أنّ “المشاكل الأساسية في عدم وجود خطط اقتصادية والفساد والعقوبات الأميركية هي التي أوصلت البلاد إلى هذا الحال”، قائلاً: “المازوت الإيراني الذي مرّ عبر سوريا بواسطة حزب الله كسر أهم حصار على لبنان منذ تاريخه حتى الآن”. وأضاف أنّ “المازوت الإيراني استجلب قراراً أميركياً بالموافقة على استجرار الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا”، مؤكداً أنّ “الإرباك الذي حصل لدى الأميركيين وهرولتهم لإيجاد حلول سببه المازوت الإيراني”.
وفي المقابل، أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع أنّ “مسألة المازوت الإيراني تحوّلت إلى عمليّة تدخّل مباشرة وسافرة في السياسة اللبنانيّة الداخليّة من قبل إيران”، مطالباً “الحكومة الجديدة بإيجاد الحلول لهذا الأمر”. واعتبر أنّ “المطلوب من الحكومة الجديدة سهل جداً، فهي تريد المساعدات من السعوديّة ودول الخليج وفي الوقت ذاته المكوّن الأساسي وراء هذه الحكومة هو “حزب الل”ه وحلفائه”. وتابع: “مهما قلت سأكون مقصراً، انه عهد الخراب والوبال”.
وقال جعجع، في مقابلة مع قناة الحرة، إنّ “شيطنة القوات ليست أمراً جديداً، إنّما بدأت منذ الثمانينات مع صعود الرئيس بشير الجميّل، وبدأتها وقتها القوى الوطنية والتقدمية ثم تبنّت هذه السياسة أجهزة الاستخبارات السورية وكأنهم كانوا يجلسون في غرفة واحدة مع غوبلز وعلّمهم إياها، ثم أخذها الجنرال عون و”التيار الوطني الحر” عن الاستخبارات السورية وغوبلز وما زالوا يكملون بها حتى اليوم”. وتابع جعجع: “أنا أعتقد أن الجنرال عون لوحده أصبح قادراً على أن يفتح جامعة بهذا الخصوص ليعلّم الآخرين”. واعتبر جعجع أنّ “جزءاً كبيراً من أزمة رئيس الجمهورية أنه يريد أن يضع الجميع عند جبران باسيل وكل ما يحصل اليوم هو أن رئيس الجمهورية يحاول أن يؤمّن الولاية من بعده لجبران باسيل وهذا لن يحصل”.
ورأى أنّ “إيران أعطت المحروقات لـ”حزب الله” ليس ليحل المشكلة إنما لتحقيق مكاسب حزبية”. وقال جعجع: “يحاولون اختراق كل المناطق وإقامة دعايات بموضوع المازوت كما حصل بالنسبة لمستشفى بشري الحكومي. فهم لم يعطوا المستشفى شيئاً إلّا أنّ المستشفى متعاقد مع مقدّم خدمات لا يعرف من أين يأتي المازوت. ومقدّم الخدمات هذا اشترى مازوتاً إيرانيّاً، وهم سجّلوها على أساس هبة أعطيت لمستشفى بشري”. وأضاف: “كل قصة المازوت الإيراني أصبحت عملية تدخّل إيراني مباشر بالسياسة اللبنانية الداخلية”.
وفي المواقف السياسية من الحكومة، رأت الهيئة السياسية في “التيار الوطنيّ الحرّ” أنّ “ولادة الحكومة اعطت اللبنانيين أملاً بدخول البلاد مرحلة من الاستقرار النسبي ووقف الانهيار، أمّا النهوض واستعادة الثقة، فإنهما يستوجبان تحمّل الحكومة لمسؤولياتها بوضع وتنفيذ خطة التعافي المالي وإجراء الإصلاحات بدءاً من التدقيق الجنائي واعادة هيكلة القطاع المصرفي وحفظ اموال المودعين وتوزيع الخسائر بعدالة ووضع موازنة شفافة وواقعية للعام 2022 تأخذ في الاعتبار اقرار اصلاحات مالية جذرية، على ان يواكب مجلس النواب ذلك بإقرار قوانين الكابيتال الكونترول وكشف حسابات القائمين بخدمة عامة واسترداد الأموال المهرّبة الى الخارج”. كما شدّد “التيار” على أهمية “إجراء الانتخابات النيابية في موعدها ووفق القانون الحالي، ومن ضمنه حق المنتشرين بالتصويت والتمثيل في مكان اقامتهم، والحفاظ على حقهم بانتخاب ستة نواب يمثلونهم، ورفض التيار أي محاولة لضرب هذا الحق تحت أي ذريعة”.