تنشغل الأوساط بمعرفة ما إذا كان لبنان قد سلك فعلاً طريق الخلاص بعد تشكيل الحكومة، وهل تستطيع حكومة “معاً للانقاذ” أن تنقذ ما تبقى من مؤسّسات الدولة التي كانت عرضة للتصدعات طيلة السنوات الثلاث الماضية.
مصادر وزارية أشارت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ الحكومة التي لم يمضِ على تشكيلها أكثر من أسبوعين، بما فيها الأيام التي سبقت جلسة الثقة، عاكفة على دراسة كل الملفات لمعرفة الأسباب الحقيقية التي أوصلت البلد إلى هذا المستوى من التسيّب الاقتصادي والمعيشي الذي غيّر وجه لبنان، ونقله من التصنيف الجيّد للدول التي تشهد استقراراً اقتصادياً إلى مستوى الدول التي أعلنت عن إفلاسها بسبب سوء الإدارة، وتفشي الفساد، وعقد الصفقات والسمسرات.
المصادر الوزارية أكّدت أنّ الوزراء في الحكومة الحالية مصمّمون على تغيير الصورة عن لبنان التي ترسّخت طيلة السنوات الثلاث الماضية بإعطاء صورة عن بلدهم أكثر إشراقاً وتفاؤلاً بالمسقبل، متوقعةً أن يكون جدول أعمال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة الثقة مثقلاً بمشاريع القوانين التي قد تُطرح على الطاولة لإقرارها. لكن من المؤكًد أن يكون لجولة الرئيس نجيب ميقاتي الأوروبية، ولقاء الإليزيه
مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، النصيب الأكبر من النقاش الذي سيُستتبع حتماً برزمة من الاقتراحات التي قد يطرحها ميقاتي للنقاش لأنها تدخل في صلب الإصلاحات المطلوبة، واعتبار ملف الكهرباء أولية يقتضي إقراره للولوج في ورشة الإصلاحات التي ستبدأ منذ الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، ولكن لا يعرف أحد كيف ومتى ستنتهي.
وزير الشؤون الاجتماعية، هكتور حجار، أشار في حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنه منكبٌ حالياً على دراسة ملفات وزارته، ومعالجة القضايا الطارئة واليومية، وتسريع بعض المعاملات الملحة.
وفي ما خصّ البطاقة التمويلية، نوّه حجّار بالجهود التي بذلها زميلاه في الحكومة السابقة، وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية والاقتصاد راوول نعمة، قائلاً، “كادت أن تصل الأمور إلى خواتيمها في هذا الشأن، لكن تشكيل الحكومة حال دون التوقيع على القانون 230 الذي أقرّ في 16 تموز الماضي، وهو يتعلق بتحديد الآليات والمعايير التطبيقية، ولم يصَر إلى توقيعه من قِبل اللجنة التي تشكّلت لهذه الغاية من الرئيس حسان دياب، ووزراء المال والاقتصاد والشؤون الاجتماعية في حكومته، ولذلك أعدنا دراسة النص، وإجراء المقتضى اللّازم إذا ما كان يتطلب تعديلات عليه، لأنّ هناك آراءً مختلفة أدّت لحصول بعض التغييرات، ولعدة مرات. وبعد إقراره سيحوّل إلى مجلس شورى الدولة لإبداء الرأي، ومن ثمّ الاطّلاع عليه ثانية لمعرفة ملاءمة النص قبل التوقيع عليه من قبل اللجنة واحالته الى التنفيد. فالقرار كبير ويتطلب دقة في العمل، ولا ننسى أنّه سيطال شريحة واسعة من اللبنانيين”.
وعن مصادر التمويل، لفت حجار إلى أنّ، “الجهة الأساسية التي يتم التفاوض معها هي البنك الدولي، باعتباره المتحرك الأكبر وجهات أخرى، ونحن لا زلنا في مرحلة التفاوض والنتائج مربوطة بعدة معايير”.
من جهة أخرى، وعلى خط المساعدات الفرنسية، وشروط الحصول عليها، كشف الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور مروان إسكندر، لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّها من دون الولوج في برنامج الإصلاحات، وبالأخص في ملف الكهرباء كبندٍ أول، وتعيين هيئة ناظمة للكهرباء تمنع وزير الطاقة من استخدام الفيتو لإبطال القرارات، (فبدون ذلك) لن تكون هناك مساعدات، وأنّ الحكومة الفرنسية أعدّت لائحة تضم 18 شخصية سياسية متهمةً بنهب المال العام، مع تحديد أمكنة إيداع هذه المبالغ في المصارف الأوروبية والأميركية التي لن تتردد بالكشف عن الأسماء.
إسكندر أشار إلى أنّ برنامج الإصلاحات من المفترض أن يشمل البُنى التحتية والطاقة والمياه، قائلاً: “قد نستطيع استجرار الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر”، متوقعاً ألّا يسمح وزير الطاقة، المدعوم من النائب جبران باسيل، بتعيين الهيئة الناظمة، مقدّراً أنّ سطوة العهد على رأي مجلس النواب انتهت بعد خروج تسعة نواب من التيار الوطني الحر، ولم يعد باسيل يمتلك الأكثرية في المجلس، والتي أصبحت حكما في عهدة الرئيس نبيه بري، وهو ليس على علاقةٍ جيّدة بباسيل، مشدّداً على أنّ لا مساعدات من دون إصلاحات.