فيما لا يزال القلق الاسرائيلي من نتائج اي حرب “ثالثة” مع لبنان يتعاظم، تبحث الحكومة عن اقصر الطرق للانطلاق بتفاوض ناجح مع صندوق النقد الدولي، لكن هذا المسار يبدو محفوفا بالمخاطر وفيه الكثير من “الالغام” ليس اقلها خطورة تحديد الخسائر وكيفية توزيعها بين الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف، والمودعين، وفيما لا تزال البطاقة التمويلية متعثرة والناس متروكة لمصيرها في ظل ارتفاع اسعار المحروقات وعدم استقرار سعر الدولار، لا تزال علامات الاستفهام كبيرة حيال “نيترات” ايعات التي اختتمت استخبارات الجيش التحقيق فيها وتبين بحسب معلومات “الديار” انها دخلت بطريقة غير شرعية الى البلاد، فيما انتقل “الكباش” القضائي السياسي الى مرحلة جديدة في جريمة مرفأ بيروت، بعد تجميد عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ويبدو ان الحقيقة ستضاف الى ضحايا الانفجار بعدما جرى ادخال هذه القضية الوطنية في “بازار” تصفية الحسابات الداخلية والخارجية، وبات التحقيق في مهب “رياح” الاتهامات المتبادلة بحرف التحقيقات عن مسارها لاهداف سياسية وسط شكوك تطرحها قوى سياسية حيال الاستنسابية في الادعاءات، واهمال اصل القضية اي من ادخل النيترات؟ ولاي هدف؟ ومن فجرها؟ في مقابل معسكر اهالي الضحايا ومن خلفهم المحقق العدلي الذين يتحدثون عن محاولات سياسية لطمس الحقيقة عبر التلطي وراء الحصانات! وفي الانتظار تم كف يد البيطار موقتا لنحو شهر ريثما تتخذ محكمة استئناف بيروت قرارها، وسط ترجيحات قضائية بتوجه لديها الى رد الدعوى لعدم الاختصاص، ولكن وللمفارقة عندما يستانف البيطار تحقيقاته سيصطدم مجددا بحصانة النواب بعدما يعود المجلس التشريعي الى دورته العادية!
تجميد التحقيق
فقد تبلّغ المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، رسمياً طلب الرد المقدم من الوزير السابق نهاد المشنوق في قضية مرفأ بيروت، وهذا يعني كف يده عن القضية بانتظار قرار محكمة الاستئناف المدنية في بيروت برئاسة القاضي نسيب ايليا بقبول الدعوى او رفضها، مع ترجيح مصادر قضائية الاتجاه الى رفضها بحجة عدم الاختصاص، والمهلة الممنوحة للمحكمة تمتد شهرا. وهكذا تم إلغاء الجلسات التي كانت مقررة لاستجواب العميدَين كميل ضاهر وغسان غرز الدين ، قبل ذلك، احالت النيابة العامة التمييزية طلبين جديدين موجهين من البيطار الى وزير الداخلية والامانة العامة لمجلس الوزراء لطلب اذن بملاحقة كل من اللواء عباس ابراهيم واللواء طوني صليبا. وقبل تلقيه دعوى الرد استجوب البيطار العميد السابق في المخابرات جودت عويدات.
حرب “التسريبات”
وفي سياق الحرب القضائية – السياسية المستعرة فوق جثث ضحايا المرفا سربت مصادر قضائية معلومات تفيد بان طلب اذن الملاحقة بحق مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم والمرسل الى وزير الداخلية اصدره المحقق العدلي طارق بيطار امس بعد تبلغه قرار الرد وسجلهما بتاريخ 24/9 اي نهار الجمعة، وهو ما يعتبر تزويرا فاضحا يحتم عقوبات مسلكية بحقه خصوصا انه، وبحسب تلك المصادر، لم يحضر نهاري الخميس والجمعة الى قصر العدل لا هو ولا مساعدوه.
اتهامات “بالتزوير”
ووفقا للمصادر نفسها، فان القاضي بيطار ارتكب بالامس مخالفة اخرى فور تبلّغه طلب الردّ في الدعوى المقامة ضده من وزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق، حين سارع الى أعداد طلب الادعاء على القاضي غسان الخوري، وقام ايضا، بتزوير تاريخ الطلب لجعله في تاريخ سابق لتبلّغه طلب الرد، كونه لا يحق له القيام بأي خطوة أو عمل في ملف التحقيق بعد تسلّمه طلب الرد. علما ان ادعاء البيطار على الخوري كان مفاجاة مدوية، لان التعاون بين الرجلين كان جيدا بعدما حلّ الاخيرمكان المدعي العام التمييزي غسان عويدات في ملف انفجار المرفأ بعد تنحي الأخير، لتضارب المصالح نتيجة المصاهرة مع الوزير السابق غازي زعيتر.
“فبركات” اعلامية؟
وقد نفت مصادر قضائية مطلعة “للديار” هذه الاتهامات، واشارت الى ان كل ما يساق في هذا الاطار مجرد فبركات اعلامية للاطاحة معنويا بالقاضي بيطار تمهيدا لكف يده عن الملف.
من اين دخلت نيترات “ايعات”؟
في هذا الوقت، لا تزال قضية نيترات ايعات تتفاعل، وسط تساؤلات حول كل ما احاط هذه القضية التي اختتمت استخبارات الجيش التحقيقات فيها بالامس واحال الموقفين والملف الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالانابة فادي عقيقي، ووفقا للمعلومات لم يتبين في التحقيقات اي ترابط بين نيترات البقاع والمرفأ على الرغم من حسم استخبارات الجيش بان مستوى تركيز الازوت فيها تبلغ 34،7 وهي تستخدم للتفجير ولا تصلح لاستخدامها أسمدة زراعية ، والامر الاكثر اثارة في التحقيقات الاولوية يشير الى ان النيترات دخلت بطريقة غير شرعية الى البلاد، والبحث جار عن المتورطين في ادخالها، وكيفية حصول ذلك، وسط ترجيحات بحصول تواطؤ في مرفا بيروت.
تحفظ وزير الداخلية
في سياق متصل، بدأ ملف التحقيق بالتفاعل سياسيا وقضائيا، بعد نقل التحقيق من “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي إلى “مديرية المخابرات” في الجيش اللبناني، حيث علمت “الديار” ان الامر اثار حفيظة وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي الذي بادر إلى ابلاغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه من غير الجائز التشكيك في دور فرع المعلومات وضرب هيبته، وتساءل عن الاسباب الحقيقية لنقل التحقيق خصوصا ان الذرائع لنقلها الى استخبارات الجيش غير مقنعة برأيه، ووعده ميقاتي بمتابعة الملف بعيدا عن اثارة ازمة في هذا التوقيت الحساس حكوميا.
التحقيقات الى اين؟
وووفقا لمصادر مطلعة، فان التحقيقات ستتركز على المعلومات التي قدمها امين المستودع احمد زين الذي اكد فيها ان إبراهيم الصقر؛ شقيق الموقوف في ملف نيترات الأمونيوم مرون الصقر، كان التقى سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا وخططا معاً لتنفيذ مخطط يحمل “الثنائي الشيعي”مسؤولية أطنان النيترات التي صودرت وربطها بالانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت.
مخاطر العتمة ونقطة “ضوء”
وفيما لا تزال مخاطر الانهيار الكهربائي نهاية الشهر الجاري قائمة، والبلاد مهددة بالعتمة الشاملة، ودون وجود اي حلول عملية حتى الان، أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية في سوريا، امس أن فريقاً مشتركاً بينها وبين وزارة الطاقة اللبنانية بدأ بالكشف على خط الغاز العربي، وبحسب بيان نشرته الوزارة السورية عبر صفحتها على “فيسبوك”، فإن العمل يشمل مسافة من محطة الدبوسية على الحدود السورية اللبنانية إلى محطة دير عمار في لبنان، ومن المتوقع أن يستكمل الفريق عمله اليوم ويصدر تقريره حول الجاهزية الفنية للخط في الجانب اللبناني. وقد اعلن وزير النفط والثروة المعدنية في سوريا بسام طعمة أن خط الغاز العربي جاهز داخل سوريا لنقل الغاز المصري إلى لبنان.
لا تعديل برواتب المعلمين؟
في هذا الوقت، لم تتوصل وزارة التربية بعد الى تفاهم مع معلمي القطاع العام، وبعد تاجيل العام الدراسي الى الشهر المقبل، مبدئيا”، أشار وزير التربية عباس الحلبي امس إلى أنّ “حال خزينة الدولة قد لا تسمح بتعديلات برواتب المعلمين، لكنه المح الى إمكانيّة الوصول إلى حلول حول هذا الموضوع”، لافتاً إلى أنّ “التعليم الحضوري في المدارس سيكون لأربعة أيّام واليوم الخامس “أونلاين”، ضمن برنامج قابل للتعديل.
اجواء باريسية “حذرة”
وفي بعبدا تم حسم الشركة الكاملة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، فقد اطلع ميقاتي عون على نتائج زيارته الى باريس، والمحادثات التي اجراها مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والدعم المرجح ان تقدمه فرنسا لتمكين لبنان من تجاوز الظروف الصعبة الراهنة، ووفقا لمعلومات “الديار”، حمل ميقاتي اجواء باريسية حذرة خصوصا لجهة اقناع المانحين الخليجيين والدوليين باعادة تعاملهم المباشر مع الحكومة اللبنانية بعدما ابلغه ماكرون ضرورة الالتزام بخارطة طريق واضحة ومحددة للاصلاحات التي يجب ان تبدأ بالتوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ثم ترأس الرئيس عون اجتماعا في حضور الرئيس ميقاتي، ضم نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزير المال يوسف الخليل، ووزير الاقتصاد والتجارة امين سلام، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، والخبير المالي رفيق حداد، خصص للبحث في استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتحضيرات اللازمة لذلك.
تفاوض صعب واجراءات حكومية؟
ووفقا لمصادر وزارية، تم وضع اسس التفاوض مع صندوق النقد، وستعرض على جلسة مجلس الوزراء الاربعاء للموافقة عليها، وقد طرحت خلال الاجتماع عدة طروحات لتثبيت سعر الدولار، والاسراع في اصدار البطاقة التمولية، وكيفية اعادة انتظام ساعات التغذية الكهربائية، وتمديد العمل بالقرار 158 شهرا اضافيا، للسماح لاكبر شريحة من المودعين بالاستفادة من سحب 400 دولار من حساباتهم مقابل مبلغ مواز بالليرة اللبنانية، اما بند اعادة هيكلة المصارف، فيبدو الاكثر اثارة للجدل خصوصا وسط الخلاف على تحديد كيفية تعويض الخسائر المقدرة ب 65 مليار دولار خصوصا ان مصرف لبنان وجمعية المصارف قد سبق ورفضا خطة التعافي التي اعدتها “لازارد” للحكومة السابقة. وبحسب تلك الاوساط، خلص الاجتماع الحكومي الى وجود صعوبة في التفاوض مع صندوق النقد ولن يكون بالامر السهل، خصوصا ان الكثير من الاجراءات المطلوبة قاسية وستزيد الاعباء على المواطنين.
لا توافق مع “المركزي”
في هذا الوقت يستمر الخلاف بين لجنة المال والموازنة ومصرف لبنان حول تعديل سقوف السحوبات النقدية الشهرية للموعين من المصارف، وفي هذا السياق، أعلن رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان، أن المصرف طلب مهلة حتى نهاية السنة لدرس موضوع رفع قيمة السحوبات. واشار الى ان “لجنة المال رفضت المهلة التي طلبها مصرف لبنان، وان الحكومة مطالبة بأن تحصل من المصرف على إجابة بخصوص موضوع رفع قيمة السحوبات عن 3900 ليرة للدولار قبل نهاية الشهر الحالي.
سيناريوهات “الحرب الثالثة”
وفي سياق استمرار القلق الاسرائيلي من المقاومة في لبنان، وبعد تقارير صحافية اسرائيلية تحدثت عن مهام تدريبية عالية الدقة يتولاها حزب الله لقطاعات حيوية في الجيش السوري، اعلن أكد قائد سلاح الجو الإسرائيلي جلعاد بيران، أنّ هناك الكثير من السيناريوهات في الشمال … ولفت الى انه مختلف جدا عمّا هو في غزة، وقال بيران في مقابلة مع موقع “والاه” الاسرائيلي: إذا كان يوجد توقعات بأن يكون القتال مشابها لما هو مقابل غزة، فإنّ هذا التوقّع غير واقعي، فأحجام النيران مغايرة.
وأوضح أنّ الجمهور الإسرائيلي ليس مستعداً لتحمّل خسائر الصواريخ، واقر ان “اسرائيل” غير قادرة على حماية الجبهة الداخلية على نحو كامل، وتوجّه بيران إلى الجمهور الإسرائيلي بالقول إنّه لو حدث قتال في الساحة الشمالية، فسيكون هناك أيضاً ضرر للجبهة الداخلية والرد الأولي والمهم هو أن نكون منضبطين جدا بالتعليمات، وأشار إلى احتمال أن يكون هناك تعليمات لم نرها في السابق، مفضلا عدم الخوض في ذلك، باعتبار انها مسألة حساسة. لكنه اكد ان هناك جزءا من التهديدات ستعالج بواسطة الدفاع الجوي، لكن ستظل هناك تهديدات تخترق وتضرب العمق الداخلي.
ما هي التعليمات الحساسة؟
وقد علقت مصادر معنية بهذا المف “للديار” بالقول، ان هذا القلق الاسرائيلي مبرر لان ما خفي لدى المقاومة “اعظم”، اما التعليمات الحساسة التي تحدث عنها المسؤول العسكري الاسرائيلي، فتتعلق بضرورة اخلاء مستوطنات الشمال لا النزول الى الملاجئ خوفا من دخول قوات “الرضوان” الى المستوطنات!