كل من يلتقي الرئيس نجيب ميقاتي هذه الايام وينظر إلى ملامح وجهه يشعر بثقل المهمة الملقاة عليه، وان جبالا من الملفات المتعثرة والحيوية يحملها بين «أكتافه»، ويعلم جيدا أنه محاصر بحقول من الألغام، والوقت ليس لصالحه مطلقا، وينتقل في منزله من هاتف إلى هاتف سائلا عن الكهرباء والمياه والمحروقات والنفايات من القيمين عليها، ويأتيه الجواب، «كل شيء مشلول» لا اموال ولا جبايات والمؤسسات معطلة، والبلد بحاجة استثنائية إلى «كاش ماني»، ولذلك فإن ميقاتي لم يحدد بعد من أين يبدأ ؟ وكيف سيتصرف؟، وما العمل؟ «العين بصيرة واليد قصيرة». كما يعرف ان إطلاق النار سيتجدد قريبا على حكومته وفترة السماح لن تطول اكثر من اسابيع، والمتربصون كثر عند أول «فاول» حكومي الذي ارتكبه بإعلانه «انه لن يزور سوريا خوفا من العقوبات» وحاول تلطيف تصريحه بعدها «أنه مستعد للزيارة إذا لم تفرض عقوبات» وهذا ما يفتح أبوابا للهجوم عليه، فيما المطلوب تضييق مساحات الخلافات والابتعاد عن الشعبوية لتسهيل العمل لان «سوريا هي باب الأوكسجين الوحيد للبنان»، كما أن هذه الحكومة هي حكومة ميقاتي بالدرجة الأولى وليست حكومة عون أو بري أو الحريري، والشظايا ستصيبه اولا قبل غيره على أبواب الانتخابات النيابية.
اجتماع لبناني – سوري – اردني
وحسب المصادر العليمة، أن تريث ميقاتي في العلاقة مع سوريا يخالف التوجهات الاردنية والعربية وسيسمع اليوم كلاما واضحا من رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة الذي يزور لبنان عن ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لفتح الحدود بين لبنان وسوريا، وفي المعلومات أن الضيف الأردني سيناقش مع المسؤولين اللبنانيين الدعوة لعقد اجتماعات لبنانية – سورية – أردنية على أن ينضم إليها لاحقا العراق ومصر لمناقشة مختلف الملفات الاقتصادية وضرورة الاستفادة من الأجواء الأميركية الجديدة وترحيب وزارة الخارجية الأميركية بفتح الحدود الجوية والبرية بين دمشق وعمان.
وفي المعلومات أيضا، انه خلال الزيارة الأخيرة للملك الأردني عبدالله الثاني الى واشنطن وحسب الصحف الاردنية والاميركية فانه فاتح بايدن بوضوح في أزمات لبنان وسوريا وعمان وبغداد، وبأنه لا نستطيع التحرك لمساعدة لبنان دون سوريا وهذا يفرض تقليص إجراءات «قيصر» كي يرتاح الاردن ولبنان، وقال الملك عبدالله كلاما إيجابيا عن الرئيس الاسد وفي المعلومات ان الأميركيين اعطوا «كارت بلانش» للملك الأردني وتفويضا لتحديد الاستثناءات من قانون قيصر «وكل ما يخفف الأزمة الاقتصادية عن لبنان حتى ولو استفادت سوريا بشكل كبير».
وفي المعلومات، ان الأردنيين عملوا فورا على مساعدة دمشق على انهاء كل الوجود الَمسلح في جنوب سوريا واستسلام آلاف المسلحين وعودة درعا «خزان القمح» إلى أحضان الدولة السورية دون أي موقف اميركي، بالإضافة إلى فتح معبر جابر الحدودي أمس بين البلدين وتزامن ذلك مع تسهيلات سعودية للشاحنات السورية واقامات السوريين وانهاء كل وجود المعارضة السورية في الرياض، كما ان الملك الأردني فاتح السيسي بموضوع الغاز إلى لبنان الذي سيصل قريبا بعد أن قامت سوريا بإصلاح الأعطال في خط الانابيب في أراضيها وساعدت الفرق الفنية اللبنانية داخل الأراضي اللبنانية، على ان تستفيد سوريا من الغاز المصري، بالإضافة إلى وجود اكبر وفد سوري في الاردن هذه الايام، وناقش مع الأردنيين كل الملفات الاقتصادية وسيتم تجديد اتفاقية المياه الموقعة عام 1987، وتم النقاش في عملية الربط الكهربائي بين لبنان وسوريا والأردن في ظل امتلاك الاردن فائضا كبيرا في مجال الطاقة، فيما كان بارزا التنسيق بين وزيري الخارجية السوري فيصل المقداد والأردني ايمن الصفدي خلال الاجتماعات الأخيرة للجمعية العمومية للأمم المتحدة ومشاركة المقداد في اجتماعات ثنائية وثلاثية مع الوزراء العرب. وفي المعلومات، أن الجانب اللبناني سيبلغ رئيس الوزراء الأردني الخصاونة عن زيارة سيقوم بها وفد وزاري لبناني إلى دمشق خلال اسبوعين ويضم وزراء الطاقة والشؤون الاجتماعية والزراعة والصناعة والاشغال ونائب رئيس الحكومة لمناقشة الملفات العالقة بين البلدين. وبالتالي فإن التنسيق بين دمشق وعمان يشمل كل القضايا حتى العسكرية وتوجت بزيارة وزير الدفاع السوري الى الاردن، وكل ما يجري يتم بموافقة أميركية شاملة.
وحسب المصادر العليمة، أن مرحلة عام 2011 انتهت ودفنت كليا، والمنطقة أمام مسارات جديدة من التعاون بين الدول العربية محورها سوريا كما ذكرت صحيفة الغارديان بأن «الرئيس بشار الأسد حاجة للمنطقة».
الخصخصة
على الصعيد الاقتصادي، تجزم المصادر العليمة، أن لا خيار أمام اللبنانيين الا طريق الخصخصة بقرار دولي، فيما لبنان منشغل بالخلافات حول تشكيل اللجنة اللبنانية المكلفة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي بين عون وميقاتي في ظل إصرار عون على مستشارين له في اللجنة، وهذا ما أقره مجلس الوزراء من أجل الحد من وهج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على اللجنة، وحاول عون أبعاده ولم ينجح. لكن اللجنة تشكلت بالنهاية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزيري الاقتصاد والطاقة وحاكم المركزي وقال وزير الاقتصاد أن سلامة عنصرا أساسيا في اللجنة وهو فاوض البنك الدولي منذ توليه مهامه في التسعينات.
مجلس الوزراء
أما على صعيد جلسة مجلس الوزراء الاولى التي أقرت سلفة ١٠٠ مليون دولار كقرض من المصرف المركزي على الدولة، لزيادة ساعات التغذية ٤ ساعات يوميا لمدة شهرين دون إعلان وزير الطاقة عن خطته مشيرا أن لا كهرباء من دون استدانة. أما باقي قرارات الحكومة العتيدة، كانت عادية وليست بحجم الأزمة الاستثنائية وتم القفز فوق الملفات الاجتماعية الخطيرة التي تضرب كل مفاصل الدولة وكل الوزارات، وندرة إمكانيات الحلول جعل الوزراء مكبلون ولا يعرفون ماذا يفعلون وراء مكاتبهم من دون قرطاسية، ولا يستطيعون إجبار الموظفين على الحضور إلى أعمالهم في ظل غلاء النقل، مع انتشار ظاهرة خطيرة تتمثل بهجرة «أدمغة» مميزة وفاعلة من الإدارات إلى بلاد الله الواسعة، وهذا يفرض على الدولة دعوة لجنة مؤشر الغلاء إلى اجتماع عاجل لدرس تعديل الحد الأدنى للأجور حيث يطالب الاتحاد العمالي العام أن يكون 7 ملايين ليرة وتعزيز التقديمات الاجتماعية وإلا فإن الإضراب المفتوح على الأبواب فيما يرفض المعلمون بدلا شهريا يصل إلى نصف راتب وهذا ما سيجعل بداية العام الدراسي مستحيلة مع المطالبة بأن يكون نطاق عمل المدرس في قريته أو القرية المجاورة، وكان المطلوب في الجلسة الحكومية درس خطة للنقل العام ومعالجة غلاء المازوت على أبواب الشتاء إضافة إلى سلسلة من القضايا الحياتية بدلا من معالجة ملفات روتينية لا تقدم أو تؤخر.
الانتخابات النيابية
وحسب مصادر عليمة، فإن «رب ضارة نافعة» وقرب الاستحقاق الانتخابي سيحرك السيولة في السوق وسيخلق حركة مالية بدأت في كل المناطق على مد عينك والنظر مع ارتفاع مستوى المساعدات الاجتماعية الانتخابية إلى درجات عالية قد تتجاوز عشرات مليارات الليرات اللبنانية مع تأمين الأدوية والمساعدات العينية وقسائم المحروقات حيث لايفصل البلاد عن موعد الانتخابات سوى عدة شهور، والسؤال هل ستنكفىء قيادات سياسية عن الترشح لمصلحة أبنائها؟ هذا مع العلم أن موعد إجراء الانتخابات النيابية لم يحسم بعد وهناك قوى سياسية تخشى من الدخول في موضوع التعديلات وان يجر موعد تاريخ الانتخابات إلى طرح تعديلات إضافية قد تهدد الاستحقاق برمته، والارجح أن يبقى إجراء الانتخابات في 8 أيار بدلا من 27 آذار.