كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: “إسرائيل لا تنتظر لبنان وبدأت التنقيب في حقل كاريش”… عبارة أراد من خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أمس إيصال رسالة واضحة إلى الجانب اللبناني بأنّ العودة إلى مفاوضات الترسيم مشروطة بالتزامه الانطلاق من إحداثيات الخط 23 المعترف بها في خرائط الأمم المتحدة لناحية حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
وبينما إسرائيل ماضية في إبرام العقود مع شركات التنقيب عن الغاز والنفط، حمّلت مصادر معنية بهذا الملف السلطة مسؤولية مباشرة عن “استنزاف مقدرات البلد وتضييع حقوقه تحت وطأة حفلة المزايدات “البرمائية” التي أغرق العهد العوني لبنان بها منذ وصوله إلى سدة الحكم”، مذكرةً في هذا السياق “بالصراع الذي دار بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري لسحب بساط المفاوضات مع الجانب الأميركي إلى قصر بعبدا، وتجييره لصالح حسابات سياسية ورئاسية تدور في فلك تعزيز وضعية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ومحاولة مقايضة الملف التفاوضي بملف العقوبات الأميركية عليه، فماذا كانت النتيجة: ها هي إسرائيل تشفط ثروات لبنان النفطية، ورئيس الجمهورية لا يزال يحتجز مرسوم تعديل الخرائط البحرية التي تشمل إحداثيات الخط 29 جنوباً بما يحرم لبنان من الاعتراض رسمياً لدى الأمم المتحدة على أعمال التنقيب الإسرائيلية في المنطقة المتنازع عليها”.
وفي الموازاة، طغى على المشهد أمس ملف استجرار الطاقة من الأردن عبر خط الغاز المصري مروراً بسوريا من خلال جولة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة على الرؤساء الثلاثة، ناقلاً رسالة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تؤكد التزام بلاده بالوقوف إلى جانب لبنان لاستنهاضه من أزمته، غير أنّ الخصاونة لفت إلى أنّ زيارته الراهنة هي مجرد “زيارة تضامنية بعد تشكيل الحكومة الجديدة، للوقوف على احتياجاته العاجلة وما يمكن لدولة الأردن أن تفعله لتلبيتها، خصوصاً في مجال تأمين الطاقة”.
وإذ بيّنت الزيارة الأردنية “الرمزية” كما وصفها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أنّ الخارج لا يزال في طور مراقبة الأداء الحكومي والخطوات التنفيذية لأجندة العمل الإصلاحية الموضوعة على طاولة مجلس الوزراء لتقويم الوضع وتحديد الموقف بالاستناد إلى “الأفعال لا الأقوال”، بدأت مؤشرات الثقة بالتناقص على مستوى الداخل اللبناني لا سيما مع عودة سعر صرف الدولار إلى الارتفاع صعوداً بالتزامن مع السقوط المتسارع لـ”ورقة تين” التوجهات الحكومية إزاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفق تعبير مصادر مواكبة لمجريات تشكيل الوفد المفاوض على “الأسس التحاصصية نفسها”.
وأوضحت المصادر أنّ “استئناف الدولار مشواره التصاعدي (ملامساً ظهر أمس عتبة 18 ألف ليرة) مرده إلى خيبات الأمل التي توالت تباعاً منذ تشكيل الحكومة الجديدة، وصولاً إلى تفخيخ لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي بـ”ألغام” اللجنة السابقة نفسها، بما يعيد تكريس وجود وجهتي نظر مختلفتين شكلاً ومضموناً ضمن صفوف أعضائها”، مشددةً على أنّ ذلك “يهدد مجدداً بعدم التوصل إلى رقم موحد لكيفية احتساب الخسائر وتوزيعها وبدء المفاوضات على أساسها”، واضعة في الإطار نفسه، مسألة “رضوخ الحكومة سريعاً لاستنساخ وزارة الطاقة “سلف” أسلافها في معالجة أزمة الكهرباء لتستهلّ مشوارها من حيث انتهى وزراء الطاقة السابقون، بتمويل شراء الفيول مما تبقى من أموال المودعين في مصرف لبنان، ضاربةً بعرض الحائط وصول هذه الاحتياطيات إلى التوظيفات الإلزامية والتأثير المباشر لاستعمالها على سعر صرف الدولار في السوق”.
وكعامل إضافي، جاء تمديد العمل بالتعميم 151 لغاية نهاية كانون الثاني من العام 2022، وتعديل التعميم 158 ليشكلا استكمالاً “لخطة ممنهجة تهدف إلى تسريع تخفيض كتلة الودائع بالعملة الأجنبية الموجودة في المصارف، والاستمرار باقتطاع نسب مئوية Haircut تتراوح بين 54 و80 في المئة من حسابات المودعين، ما يعني تحميل المواطنين الخسائر بشكل مباشر مرة على شكل هيركات من الودائع، ومرة بزيادة الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية والتسبب بالتضخم وارتفاع الأسعار، واللجوء إلى أصول الدولة والاملاك العامة لتسديد ما تبقى من ديون”، وهو ما رأت فيها المصادر مدخلاً “لخفض الودائع التي تمثل ديوناً على المصارف بما لا يقل عن 30 مليار دولار لغاية بداية شباط القادم، وتجنب المصارف كأس إعادة الهيكلة المر”، مشددةً في المقابل على أنّ “هذا التوزيع غير العادل وغير القانوني مرفوض من الجهات الدولية، فهو عدا عن كونه غير أخلاقي، يؤثر سلباً على مصداقية القطاع المصرفي ويمنع تدفق الأموال من جديد ويعرض الطبقات الفقيرة والمتوسطة إلى عقاب قاس ويحد من قدرتهم على العمل والانتاج والصمود”.