يوماً بعد آخر تتكشف أن المهمة الأساسية التي ستضطلع بها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي الإنتخابات النيابية. كل الحسابات السياسية أصبحت متركزة على الإستحقاق الإنتخابي. الأحزاب المختلفة بدأت تحضر ماكيناتها وتشكل لجانها وإجتماعات متعددة تعقد في هذا الإطار.
فبحسب معلومات جريدة “الأنباء” الالكترونية يعمل حزب الله على عقد إجتماعات مع حلفاء له ويؤكد لهم أن الإنتخابات ستجري في مواعيدها، ولا بد من التحضير لخوض الإستحقاق. سيعمل حزب الله على البحث عن صيغة للمواءمة بين حلفائه خصوصاً المختلفين فيما بينهم. بينما مسألة إنتخاب المغتربين اللبنانيين تتجه إلى الإلغاء. وعلى ضفة تيار المستقبل أيضاً بدأ التحضير للمعركة الإنتخابية وسط لقاءات وإجتماعات تعقد بين مسؤولين في التيار وقوى أخرى بحثاً عن رسم ملامح لتحالفات إنتخابية حتى الآن ظهر منها التحالف مع تيار المردة في بعض دوائر الشمال.
وإلى جانب ملف الإنتخابات بدأ وهج الحكومة بالخفوت على صعيد ما يمكن تحقيقه من إصلاحات، فبحسب ما تؤكد مصادر متقاطعة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية، فإن الخلافات حول وضع خطة إقتصادية موحدة للذهاب بها إلى صندوق النقد الدولي ووضع أسس التفاوض لا تزال قائمة، وهذه ستؤثر سلباً على المسار التفاوضي، خصوصاً في ظل الخلاف الذي حصل على تشكيل أعضاء الوفد وإصرار رئيس الجمهورية على تعيين مستشاريه في اللجنة، بالإضافة إلى إستمرار الخلاف حول آلية عمل شركة “لازارد” بما يتعلق بالتدقيق الجنائي وخطة المصارف وهو سينعكس سلباً على توحيد الأرقام.
في هذا الوقت تدهم ملفات أخرى الواقع اللبناني، وأبرزها ملف ترسيم الحدود الذي على ما يبدو أنه سيكون متفاعلاً أكثر فأكثر في المرحلة المقبلة، في ظل الإصرار الإسرائيلي على التنقيب في مناطق متنازع عليها، بينما لبنان لم ينجح حتى الآن في بناء تصور واضح يوفر الحماية لحقوقه.
وفي هذا السياق، سيكون لبنان في الأيام المقبلة على موعد مع زيارة لوفد أميركي، لإعادة البحث في ملف تجديد المفاوضات، وهنا تشير معلومات “الأنباء” إلى إتجاه أميركي بتغيير رئيس الوفد الأميركي المفاوض جون ديروشيه وتعيين بدلاً منه السفير السابق آموس هوكشتاين والذي كان سابقاً قد عمل على مفاوضات الترسيم مع لبنان بعد السفير فريديريك هوف، وهذا بحد ذاته مؤشر على أن المرحلة المقبلة ستكون ضاغطة خصوصاً أن هوكشتاين معروف بمواقفه المتشددة.
على صعيد آخر، وبعد سنوات، يغادر “أسطول الكهرباء التركي” السواحل اللبنانية. فقد أعلنت شركة “كارباورشيب” انتهاء عقدها مع وزارة الطاقة، ووقف مد لبنان بالطاقة الكهربائية، ما يعني أن المعامل العائمة ستنفصل عن شبكة الكهرباء اللبنانية.
لن تتأثر البلاد الغارقة أساساً في بحر العتمة الشاملة، فمؤسسة كهرباء لبنان لا تؤمن سوى عدد قليل من ساعات التغذية يومياً. إن الواقع الحالي الذي يختبره لبنان كان خير دليل على فشل مشروع استقدام البواخر التركية.
عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي والمتخصص في ملف الكهرباء محمد بصبوص أشار إلى أن “التغذية الكهربائية لن تتغير، إذ نظرياً، إن دور البواخر تغطي فارق التغذية الذي تعجز المعامل الموجودة في لبنان عن تأمينه، إلّا أن المعامل نفسها متوقفة عن انتاج الكهرباء، إثر أزمة الفيول، وبالتالي هذه البواخر لا تُنتج بسبب المشكلة نفسها، وهي أساساً توقفت لفترة منذ مدة بعد صدور قرار قضائي بحق الشركة المشغلة للبواخر”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، ذكر بصبوص أن “العقد مبدئياً ينص على الدفع مقابل الكمية التي تُنتجها هذه البواخر (الكيلواط)، ما يعني أن الدولة اللبنانية تشتري الطاقة، وبالتالي ستوفّر الدولة دفع الأموال في الفترة المقبلة”.
إلّا أن بصبوص حذّر من سيناريو خطير لهدر المال العام، “فقد لاحظنا من خلال التجارب السابقة أن عملية التجديد تتم بطريقة تلقائية تحت ذريعة “الحاجة الملحة” لخدماتها، لكن في الوقت نفسه لا يُمكن التجديد بشكل تلقائي وهذا مخالف للقانون، وبالتالي التجديد تحت أي ذريعة يُشكل فضيحة قانونية، وهذا الأمر سيكون إمتحاناً مهماً أمام وزير الطاقة الجديد”.
وحول الملف القضائي للبواخر بعد القرار الأخير الذي منع مغادرتها، أكد بصبوص “وجود سمسرات ورشاوى تم توثيقها متعلقة بملف البواخر، وبالتالي الملف أمام القضاء وقد لا تستطيع البواخر الانسحاب من لبنان في حال لم يتم استئناف القرار وصدور قرار قضائي يُبطل منع الخروج”.
أما وعن البديل، شدد بصبوص على أن “البديل يكمن في التوجه نحو اصلاحات جذرية متعلقة بالقطاع، وعلى رأسها تطبيق الأنظمة والقوانين، لا سيما القانون 464، وضبط الهدر التقني وغير التقني، كما والعمل على انشاء معامل لانتاج الطاقة”.