بعد عشرة أيام على استقبال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يصل الموفد الفرنسي، بيار دوكان، إلى بيروت اليوم لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين تتعلق ببرنامج الإصلاحات الذي تعدّه الحكومة للذهاب على أساسه إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مع التشديد على المطلب الأساس الوارد في المبادرة الفرنسية: إصلاح قطاع الكهرباء، وهو بندٌ أول على جدول زيارة الموفد الفرنسي.
وتأتي زيارة دوكان غداة زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى المملكة العربية السعودية، حيث كان لبنان في صلب محادثاته مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
وبالتزامن مع تركيز دوكان على بند إصلاح الكهرباء، تأتي أيضاً زيارة وزير الطاقة والمياه، وليد فياض، إلى القاهرة للتباحث مع المسؤولين المصريين في طريقة استجرار الغاز المصري عبر سوريا.
وفي هذا السياق، اعتبر عضو كتلة المستقبل، النائب محمد الحجار، أن لا حل جذرياً لقطاع الكهرباء إذا لم يصار إلى البدء بتنفيذ الإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد الذي يفتح الباب أمام تنفيذ هذا الحل. وأكّد أنّه يجب البدء بالإصلاحات لناحية تنفيذ القوانين المرعيّة الإجراء، وبالتفاوض مع صندوق النقد، مشيراً إلى اجتماعات عُقدت مع الصندوق في السابق، والذي كان وعد بالمساعدة شرط تنفيذ الإصلاحات.
وسأل الحجار، هل سيسمح الجانب السوري بتأمين الغاز اللّازم لإعادة تشغيل معمل دير عمار، وبعدم ربط الإمداد بأمور سياسية، والعمل على استجرار الكهرباء من الأردن مع ما يستلزم ذلك من إصلاح مجموعة من خطوط النقل في الجانب السوري، والتي تضرّرت بفعل الحرب، وعدم شمول لبنان بعقوبات قانون قيصر؟
وفي موضوع المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، رأى الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور نسيب غبريل، في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية أنّ الحكومة اللبنانية ما زالت في إطار إعداد الخطط الإصلاحية التي تنوي تنفيذها، والتي يجب أن تكون مضمونة، وبحسب الأولويات، وهي الأساس للتفاوض مع صندوق النقد بطريقة شاملة، وتتلخّص بدعم النمو الاقتصادي، وخلق مناخ لإعادة هذا النمو، لافتاً إلى أنّ صندوق النقد لديه تصورٌ واضح حول برنامج للمالية العامة، وتحديد سعر الصرف، والكابيتال كونترول، ومستوى الحوكمة، والإدارة الرشيدة للقضاء على الفساد، ووقف الهدر، وتحسين إيرادات الدولة، والتفاوض مع حاملي سندات اليوروبوند، وإعادة هيكلة القطاع العام، وإرساء شبكة استقرار اجتماعي، ووضع إطار قانون لمعالجة الوضع المصرفي.
وأشار غبريل إلى أن صندوق النقد بانتظار الانتهاء من هذه الخطة، وهو جاهزٌ للتعاون، كاشفاً عن تواصلٍ غير رسمي مع الصندوق. وأوضح أن مشكلة لبنان مردّها عدم تدفق رؤوس الأموال، ولفت إلى أنّ الباب الوحيد لإعادة تدفّق الأموال هو الولوج إلى صندوق النقد لتوقيع برنامج تحويلي- إصلاحي يفتح الباب لمصادر أخرى لإعادة تدفق الأموال. وأوضح أنّ مَن لديه تحفظات فهذا حقّه، ومِن واجب الحكومة أن توضح ما هي مقاربتها للتعامل مع الصندوق، وماذا يريد مقابل ذلك.
فالصندوق، برأي غبريل، هو مؤسّسة مالية مصرفية عليها أن تتأكد من أنّ الدولة المدينة ستعيد لها أموالها، وأن جزءاً من الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد يتركّز حول قدرة الدولة لإرجاع جزءٍ من هذا الدَّين.