كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : بعد تبنّيه دولياً، حصل المحقق العدلي في قضية انفجار بيروت القاضي طارق البيطار على جرعة دعم قضائية تمثّلت بقرار محكمة الاستئناف في بيروت رفض طلبات الرد المقدمة من الوزراء السابقين المُدعى عليهم. ربِح البيطار جولة، فيما يتحضّر خصومه لجولات أخرى
لم يأتِ قرار رئيس محكمة الاستئناف في بيروت، القاضي نسيب إيليا، برفض طلبات الردّ المُقدّمة من الوزراء السابقين المُدَّعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت (نهاد المشنوق، علي حسن خليل وغازي زعيتر) مُفاجئاً للمعنيين. فقرار إيليا الذي صدَر صباح أمس، مُهِّد له بتسريبات من المحكمة تحدثت عن احتمال عدم قبول الطلبات كونها تعتبر بأن ليس من صلاحياتها البت بها. وهكذا جاء في النص الذي رفض الطلبات شكلاً “لعدم الاختصاص النوعي”، مُلزِماً ”كل طالبي الردّ بدفع غرامة مقدارها ثمانمائة ألف ليرة لبنانية، وتدريكهم الرسوم والنفقات القضائية كافةً سنداً لأحكام المادة 127 مدنية”، بتوقيع كل من إيليا والمستشارتين مريام شمس الدين وروزين حجيلي.
بلا شك يُعتبر القرار جولة رابحة لمصلحة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار الذي سيعود لمتابعة التحقيقات. إلا أن خصومه في المعركة سيبدأون معه جولة أخرى بتقديم دعاوى جديدة لدى محكمة التمييز، خصوصاً أن قرار محكمة الاستئناف أعاد البيطار إلى عمله قبل 19 تشرين الأول (موعد العقد الثاني لمجلس النواب)، وهو الموعد الذي راهن عليه الوزراء السابقون لتفعيل حصانتهم. بالتالي يستطيع البيطار قبل هذا الموعد اتخاذ إجراءات في حقهم من دون الرجوع إلى مجلس النواب. لذا يتوقع أن يُسارع إلى إصدار مذكرات أو تحديد جلسات لاستجوابهم خلال هذا الأسبوع، ومتابعة ما بدأه قبل كف يده، لجهة استجواب كل من قائد الجيش السابق جان قهوجي ومدير المخابرات السابق كميل ضاهر ورئيس فرع الأمن القومي السابق في الجيش العميد غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات.
لم يكُن قرار محكمة الاستئناف جرعة الدعم الوحيدة التي حصلَ عليها البيطار. فقد سبقتها جرعات أخرى من خارج الحدود، تمثّلت بالمواقف الدولية التي جاءت أولاً على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آنييس فون دير مول التي دعت “السلطات اللبنانية لاستكمال التحقيق بكلّ شفافية، وبعيداً من التدخلات السياسية”. ثم تلاها موقفان أميركيان، أحدهما للمتحدث باسم الخارجية دعا فيه “السلطات اللبنانية إلى الإسراع في استكمال تحقيق كامل وشفاف وعدم الرضوخ لتهديدات حزب الله”، وآخر عن لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي “أشاد بنزاهة القاضي” البيطار.
هذه المواقف عزّزت الارتياب في عمل المحقق العدلي، إذ إن مجرّد “تبنّيه” من الولايات المتحدة وجهات دولية يُشرّع التشكيك في أدائه، ويُدعِّم الفرضية التي تتحدث عن تسييس التحقيق الذي لا يريده البعض سوى أن يحمِّل حزب الله مسؤولية الانفجار. ثم إن توقيت قرار محكمة الاستئناف الذي أتى سريعاً بعد هذه المواقف يوحي بأن الخشية ستكون كبيرة أمام أي قاضٍ يحال إليه ملف ضد البيطار، وسيرفضه خوفاً من “النقمة الدولية”، وسيلجأ إلى أسلوب “التهرّب” الذي اتبعه القاضي إيليا.
والسؤال اليوم، هو عن الخطوات التالية التي سيتخذها المدُعى عليهم في القضية، وكيف سيكون شكل المواجهة في المرحلة المقبلة؟
أمس، طرأ تطوّر جديد وهو تقدّم الوكلاء القانونيين للوزير السابق يوسف فنيانوس بإخبار ضد القاضي البيطار أمام النيابة العامة التمييزية بتهمة “التزوير” لأنه “راسل كلاً من وزارة الداخلية والأمانة العامة لمجلس الوزراء للحصول على إذن بملاحقة اللواءين طوني صليبا وعباس إبراهيم بعد تبلغه طلب الرد، وأنه زوّر تواريخ المراسلات ووقعها بتاريخ يوم الجمعة علماً أنه لم يأت إلى مكتبه، في حين أن القانون يمنعه من إصدار القرارات وتوقيعها خارج مكان عمله”. وبذلِك تنضمّ هذه الدعوى إلى الدعوييْن اللتين تقدّم بهما فنيانوس وهما “الارتياب المشروع” لدى محكمة التمييز الجزائية، والدفوع الشكلية المقدمة إلى القاضي البيطار، والتي قد تصبِح جميعها في عهدة الغرفة السادسة لدى القاضية رندى الكفوري.
وفيما يفترض أن يعيّن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قاضياً للتحقيق مع البيطار في دعوى التزوير، علمت “الأخبار” أن المشنوق سيتقدّم عبرَ وكيله القانوني المحامي نعّوم فرح في اليومين المقبلين بدعوى ”ارتياب مشروع” لدى محكمة التمييز لنقل الملف إلى قاض آخر. ولفت فرح إلى أن “التمييز لا تقبل دعاوى طلبات الرد لأنها تعتبر بأنه ليسَ من اختصاصها”، مشيراً إلى أن “قرار محكمة الاستئناف وعدم القبول بدعاوى طلبات الرد يعني أن البيطار فوق القانون والمحاسبة، ويستطيع القيام بأي إجراء واتخاذ أي قرار من دون أن يستطيع أحد الاعتراض”، علماً أنه “من غير المسموح أن تتمتع أي هيئة قضائية بصلاحية كاملة بحيث لا يُمكن الطعن بقراراتها”. ومع أن محكمة التمييز اجتهدت في اعتبار أن طلبات الرد ليست من اختصاصها، قالت مصادر معنية بالملف إن “الوزيرين خليل وزعيتر سيتقدمان بطلبات رد لديها”، وهو ما فسره مرجع قضائي بأنه “عملية كسب للوقت” لأن “الارتياب المشروع” لا يمنع القاضي البيطار من استكمال التحقيقات أو اتخاذ الإجراءات. بينما اعتبر أن محكمة الاستئناف “خالفت القانون لأنها رفضت طلب الرد المُقدّم من خليل وزعيتر من دون اكتمال التبليغات”.
الوسومالاخبار