كتب البروفسور اياد عبيد
اشارات تساؤلية:
هل يمكننا اليوم العمل بمهنة الاعلام من دون دراسة منهجية وعلمية لعلوم الاعلام؟
هل إن علوم الإعلام والإتصال بدأت تأخذ منحى واضح المعالم في التصور العلمي المنهجي الخاص؟
هل إن تأخر دراسة علوم الإعلام قياسا بغيرها من العلوم أضر في مسار التطور العلمي والعملي للصحافة؟
هل وسائل الاتصال الحديثة الاجتماعية جعلت من اي فرد اعلاميا اي مرسل؟واين هي حدود المرسل والمرسل إليه فيها؟
من هو الاعلامي؟ولماذا يطلق هذا المصطلح جزافا على كل من يعمل في ميدان الاعلام؟
أسئلة عديدة ومتعددة تطرح اليوم أمام هذا الكم الهائل من الرسائل على اختلاف محتوياتها وعلى إختلاف وتنوع وسائلها.وهنا يمكننا الحديث عن أن الإعلام هو علوم اخذت صيغتها الأكاديمية كما عرفتها جامعات العالم وخاصة في أوروبا في منتصف القرن العشرين وانتقلت ال جامعات ومعاهد العالم الأخرى في ستينات وسبعينات القرن الماضي.لقد خصصت في معظم الجامعات اقسام أكاديمية للاعلام ضمن كلية الآداب ومنها من خصص كليات للاعلام تضم اقساما أكاديمية وعلمية متعددة مثل الصحافة والإذاعة والتلفزيون واليوم أضيفت الصحافة الإلكترونية وقسم العلاقات العامة وقسم إدارة المعلومات.
إن الدراسات العليا في مجال علوم الإعلام ولن بدأت متأخرة في بعض الدول العربية وهي لازالت متعثرة بعض الشيء رغم نموها وازدهارها في أوروبا والولايات المتحدة وكندا حيث يشهد على ذلكالرساىل التي نوقشت في هذا الميدان وهي متنوعة وأصيلة وغطت جل أنشطة العالم واستحدثت نظريات جديدة أو طورت نظريات قائمة وأقلمتها مع المسارات العلمية الإعلامية.
وهنا نطرح السؤال المهم حتى لايغدو العمل الإعلامي عبثيا،ألا وهو من هو الاعلامي؟ولماذا يطلق المصطلح جزافا على كل واحد يعمل في ميدان الاعلام؟
في واقع الأمر لامكننا أن نطلق لقب اعلامي الا على من يكون قد درس الاعلام ومارس مهن الاعلام وكان قياديا ورائدا في هذا الميدان وكتب أيضا في النظريات الإعلامية وارسى مباديء تطبيقية في ماهيات الاعلام وأشكاله التحريرية وشارك بفعالية في المؤتمرات العلمية الإعلامية وفي الدورات التدريبية الإعلاميين وأشرف على طلاب الاعلام نظريا وتطبيقا الخ.
من هنا تتحفظ كليا على كل من يطلق على نفسه لقب اعلامي وهو بالكاد يكون قد مارس مهنة الاعلام ضمن إطار ضيق ومحدود.وهنا علينا انطلاقا من ذلك أن نذكر ونطرح السؤال الكبير ماهو الإعلام؟
الاعلام هو مهمة تقوم على تنوير المرء وتقديم المعلومات له وتفسيرها.تعمق ثقافته وتشرح الأمور له وتبينها.
الاعلام حسب فرناند ترو هو فعل جمع المعلومات وتقديم الاستعلامات.وحسب هيغل هو ينطلق من الرغبة الملحة بالقول والتعبير عن رأي الفرد.ويتوجب عليه تقديم الأخبار الصحيحة والسليمة ومخاطبة العقل ويبتعد عن إثارة الغرائز.وحسب روجيه كلوز الاعلام يؤسس للحاجات الشخصية لدى الفرد المرتبط بفضولية المعرفة والحاجات الملحة التي تشمل المواضيع المختلفة في الحياة والميادين المتعددة.وهو حاجة اجتماعيةو يجد داخل المجتمع وبنيويته السياسية والاقتصادية والاجتماعية أصول عمله وأسبابه الأعمق ونزعاته المنطلقة.كما غدا حاجة ثقافية وتكوينها علميا للمرء يطلق له عنان المعرفة وتلونه بها بما انها تفرض عليه الاهتمام بحيوية الأحداث العالمية وتشعره بالارتباط بها.والاعلام بحسب مااورد المنصف وناس قد لايقدم الوقائع كما هي ولكن يقدم وقائع مغلفة باشكال متشابكة مع بعضها البعض.والاعلام بحسب جوزيه فبر اميوليبقى اعلاميا مهما كان هدفه وعرضه وتشكيله المادي.الامر الذي يعني أنه لايوجد مكان للتمييز بين الاعلام بمفهومه الاعتيادي والصحفي للكلمة مثل التعليق ،الدعاية،الاعلان،العلاقات العامة،الترفيه،
التعليم التربية وكذلك مايتمكن المرء من تجميعه عبر اتصالاته الشخصية.الاعلام يتغذى من التعليقات الساخرة للأحداث حيث يربطها مع سابقاتها المماثلة ويتحدث من خلال محتواها عن مضاعفاتها المتوقعة وبحسب الفرد شوفي قد يمزج الاعلام مع الدعاية حيث تهدف إلى الاخضاع.وبحسب هنري باكيس أن أهمية السيطرة على الإعلام تظهر وتتجلى في مسار العلاقات الدولية،اكان ذلك يختص بالمساىل المرتبطة بالحرب أو بالسلم.وبحسب جيرارد لكلرك فقد دخل الاعلام في تطور تقني هائل ومذهل من خلال أدوات الاتصال وانطلقت ثورة تكنولوجية ضخمة يعمل منها تفوق أهمية الطباعة في القرن الخامس عشر وعدونا نعيش مجتمع الاتصال.
والإعلام على أنواعه يستخدم اشكال العمل الصحفي من تحرير الخبر إلى التغطية الخبرية فالمقالات والمقابلات والتقارير والريبورتاجات والمقابلات وغيرها من أشكال العمل التحريري الذي يتطور باستمرار وتتطور تقنياته التي دخلت الثورة الرقمية متجلية بالانترنت والمواقع الإلكترونية.
من كل ما تقدم من إشارات يمكننا فهم الحاجة إلى ضرورة تدريس علوم الإعلام في الجامعات والمعاهد العليا وصولا إلى تخصيص الدراسات العليا في هذا المجال.وان سوق العمل الإعلامي اليوم لايمكن له أن يتطور بدون الدراسة العلمية والأكاديمية لعلوم الاعلام والاتصال.وان زمن الكتابة-الهواية في مجال الصحافة قد بدأ يتراجع ويقل ويندر أمام الحاجة إلى الخريجين الجامعيين في مجال الإعلام.
فهل يحق لنا تسطيح استخدام مصطلح الاعلامي؟!.