كتبت “البناء” تقول:ما زالت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان الحدث الأول، سواء بمضامين المواقف التي أطلقها أو العروض التي قدمها لمساعدة لبنان في مواجهة الأزمات التي يقع تحت وطأتها، خصوصاً في قطاع الطاقة، وكان الأبرز في لقاءات عبد اللهيان اجتماعه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكانت المواقف اللافتة لعبد اللهيان تلك التي قالها أمام مجموعة من الشخصيات الإعلامية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي التقاها في السفارة الإيرانية، بدعوة من السفير الإيراني والمستشار الثقافي الإيراني، أجاب خلالها عبد اللهيان على مجموعة من القضايا والمواضيع السياسية، وأعاد خلالها تأكيد العروض الإيرانية وتفصيلها.
عن موقع لبنان في المفاوضات الإيرانية حول الملف النووي وفي الحوار الإيراني- السعودي، قال عبد اللهيان إن إيران تلقت مراراً دعوات من الأطراف الدولية لمناقشة أوضاع بلدان أخرى، فقد حدث أن طلب الأميركيون تفاوضاً مباشراً حول العراق قبل سنوات أصرّ الإيرانيون على أن يجري بحضور الطرف العراقي بصفته الطرف المعني الأول، كما سبق أن تلقت إيران عروضاً حول سورية بغياب الطرف السوري وكان جوابها سلبياً دائماً على كل محاولة لاستدراجها للتفاوض على شؤون بلد آخر بغياب من يمثله، وقال عبد اللهيان، لا تصدقوا أي كلام عن قبول إيران للتعامل مع لبنان كورقة أو ملف أو موضوع للتفاوض، فنحن لا يمكن أن نقبل ببحث أي شأن يخص لبنان مع غير الطرف اللبناني، وننتظر من الأشقاء اللبنانيين أن يشجعوا موقفنا هذا المدافع عن السيادة اللبنانية، وفي أي محادثات نجريها سواء في العلاقات الإيرانية- السعودية التي تسجل تقدماً ملحوظاً أو في عودتنا إلى فيينا قريباً لاستكشاف مدى جدية الطرف الأميركي بالعودة إلى الالتزام بالاتفاق حول الملف النووي، لا يمكن أن تكون إيران طرفاً في بحث يخص لبنان.
قدم عبد اللهيان سرداً للعديد من المحطات التي تلقت فيها إيران عروضاً تتصل بقضايا المنطقة، للتخلي عن حليف أو قضية أو تبديل موقف مقابل إغراءات بمكاسب أو أدوار، وكانت لافتة للحضور المعلومات التي كشف عنها وزير الخارجية الإيراني عن تلقي عرض أميركي بتشريع امتلاك إيران لسلاح نووي مقابل الاعتراف بـ”إسرائيل”، مضيفاً أن الجواب الإيراني كان، باعتبار المعروض مرفوضاً والمطلوب مرفوضاً مثله، فإيران ترفض امتلاك سلاح نووي لأنها تلتزم بفتوى دينية تحرم امتلاكه، فكيف تسعى لشرعنة امتلاك ما لا ترغب بامتلاكه، أما المطلوب فليس وارداً للبحث بالنسبة لإيران التي لا تنظر للكيان الغاصب لفلسطين إلا كقوة عدوان واحتلال، وهي تقف بكل قوة مع حق الشعب الفلسطيني باستعادة كامل حقوقه في كامل الأرض الفلسطينية، وهذا الوقوف ليس لفظياً فإيران تلتزم بدعم مقاومة الشعب الفلسطيني حتى تحرير أرضه واستعادة حقوقه.
الثقة والافتخار بقدرات وموقع المقاومة في لبنان من ثوابت السياسة الإيرانية، وأحد منطلقات النظرة الخاصة نحو لبنان، الذي لن تتركه إيران في مواجهة أزماته وحيداً، وستبذل كل ما تستطيع لتخفيف معاناته، والعروض الإيرانية تنطلق من هذا الاعتبار، وهي ستبقى على الطاولة، وفق لما قاله عبد اللهيان، الذي أضاف أنه دعا المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم إلى السعي للحصول على الاستثناء من العقوبات الأميركية، أسوة بما فعله العراق وحصل عليه، وهو ينعم بمحطة كهرباء ضخمة أنشأتها شركة إيرانية بقوة ثلاثة آلاف ميغاوات في البصرة دخلت المرحلة الأولى منها مرحلة التشغيل، كما حصل العراق على استثناء لاستجرار الكهرباء والغاز من إيران، ويمكن للبنان أن يفعل مثله، مشيراً إلى أن العروض الإيرانية تتضمن محطات كهرباء وإعمار المرفأ ومشروع مترو أنفاق وسكك الحديد وسواها من الفرص الهامة على صعيد البنى التحتية التي يحتاجها لبنان.
في الشؤون اللبنانية برز أمس تقدم على مسار العلاقة اللبنانية- السورية عبر اللقاء الذي جمع وزير الأشغال والنقل المكلف من الحكومة بصورة رسمية ببدء المحادثات مع سورية حول ملف تجارة الترانزيت، مع السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، والذي شهد وضعاً لروزنامة التحرك واللقاءات وجدول أعمال البحث تحضيراً لزيارة سيقوم بها حمية إلى دمشق، بينما واصل ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت تداعياته في المواجهة الدائرة بين المحقق العدلي القاضي بيطار ومجلس النواب حول صلاحية الملاحقة والاتهام للرؤساء والوزراء، حيث سجلت دعاوى جديدة تحت عنوان طلب رد القضية من يد القاضي بيطار والارتياب المشروع بإدارته للتحقيق، سواء في دعوى النائب نهاد المشنوق أو دعاوى النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر.
انتهت أمس زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان بمؤتمر صحافي أكد خلاله أن بلاده ستساعد لبنان للعبور من أزمته. وقال: “مستعدون للمساعدة عبر استثمارات إيرانية أو لبنانية لإقامة معملين لإنتاج الكهرباء”. وأعلن “أننا مستمرون بإرسال المشتقات النفطية إلى لبنان، ونأمل بأن يكون في المستقبل بإطار اتفاقيات بروتوكولية بين البلدين”. وأشار إلى أن “إيران على استعداد لتأمين حاجات لبنان من الأدوية والأغذية والمستحضرات الطبية، وأكدنا للمسؤولين اللبنانيين أن إيران على استعداد لإنشاء مترو الأنفاق”. وقال: “إيران تكن احتراماً كاملاً لسيادة لبنان وتعبر عن رغبتها ببذل جهودها لدعم لبنان من خلال التعاون بين الحكومتين ومستعدون للتعاون في المجالات كافة”. ورأى أن “دول المنطقة وشعوبها لن تسمح للولايات المتحدة أن تنجح في حربها الاقتصادية وحصارها على لبنان، ونأمل من خلال الانفتاح الاقليمي بكسر الحصار الذي يستهدفنا جميعاً”. وأعلن أن “المحادثات الإيرانية- السعودية تسير في الاتجاه الصحيح، ونحتاج المزيد من الحوار. حتى الآن توصلنا إلى اتفاقات معينة”. وأكد أن “دور إيران والسعودية له بالغ الأهمية على صعيد إرساء الاستقرار في المنطقة”. ولفت إلى “أننا سنعود إلى محادثات فيينا على أن يتم تحقيق المصلحة الوطنية لإيران وشعبها”.
وكان “حزب الله” أعلن في بيان، أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله استقبل عبد اللهيان وكان عرض للتطورات السياسية في لبنان والمنطقة. وأشار البيان إلى أن “وزير الخارجية أكد ثوابت الموقف الإيراني تجاه لبنان ودعمه والوقوف إلى جانبه على كل الصعد. هذا ويطل السيد نصر الله يوم الاثنين للحديث عن آخر التطورات المحلية المتصلة بعمل الحكومة والتفاوض مع صندوق النقد، فضلاً عن ملف انفجار مرفأ بيروت وما يعرف وفق حزب الله بالتدخل الأميركي في عمل القاضي طارق البيطار، وصولاً إلى ملف الانتخابات النيابية والمساعدات الإيرانية للبنان المتصلة بالوقود والتطورات في المنطقة وارتداداتها الإيجابية على لبنان.
وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة بعد ظهر الثلاثاء المقبل في القصر الجمهوري لعرض رؤية كل من وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية والوزراء المتعلقة بوزاراتهم وخطة عملهم، غادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيروت، إلى المملكة الأردنية الهاشمية في زيارة خاصة. وقبيل مغادرته، زار ميقاتي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي. وقال بعد اللقاء رداً على سؤال حول فتح أبواب السعودية أمامه “أنا باعتقادي أن السعودية هي قبلتي السياسية والدينية وبالتالي لم تقفل أبوابها بأي حال، وعندما أؤدي صلواتي الخمس يومياً اتجه نحو القبلة في السعودية”. ورداً على سؤال عن الأوضاع المزرية التي يعيشها اللبناني، أكد ميقاتي “أننا لا نفوت فرصة إلا ونكون فيها مع هموم الناس وأنا أعرف هذه الهموم الكبيرة، ونحن نسعى، لكن بصراحة العين بصيرة واليد قصيرة، إذ لدينا مشكلات كثيرة ونسعى لحلها بروية، وقد اتخذ وزير الطاقة إجراءات سريعة وقام بجولات على المحطات ونحن نلاحق كل المخالفات”. وسئل عن التهديد الذي تلقاه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار فأجاب: “لقد استفسرنا عن هذا الموضوع ولا شيء مؤكداً، التعليق الذي حصل قام به وزير العدل، وقد اتخذت الإجراءات اللازمة لإضافة الأمن والحراسة للقاضي البيطار، لكن أقول إنه يجب أن نميز بين الشعبوية والقانون والدستور، ويجب أن نتصرف بروية بعيداً من الشعبوية لأننا نريد الوصول إلى الحقيقة”.
ويواصل السفير الفرنسي المكلف بمتابعة ملف الإصلاح في لبنان، بيار دوكان، جولته على المسؤولين اللبنانيين للبحث ، في آلية إنجاز الإصلاحات والخطط الاقتصادية حيث التقى أمس وزيرة التنمية الإدارية نجلاء عساكر ووزير الاقتصاد أمين سلام بعدما التقى وزراء الطاقة والاتصالات والمالية، بهدف إعداد ورقة بالإجراءات الواجب اتخاذها على المستوى الاصلاحي تمهيداً لمناقشتها، مع المجتمع الدولي والصناديق المالية الدولية من أجل التوصل إلى رؤية جدية تخلص إلى دعم لبنان وصرف المساهمات له. وعرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، مع نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، عمل اللجنة الوزارية المكلفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتحضيرات الجارية لهذه الغاية وأوضح الشامي أنه بعد تشكيل اللجنة، عقدت سلسلة اجتماعات تحضيرية، معرباً عن أمله في “أن تنجز عملها سريعاً لمباشرة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قريباً وفقاً لرغبة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء اللجنة أنفسهم”.
ورأت مصادر مطلعة لـ “البناء” أن اللجنة الوزارية تعمل لإنجاز اتفاق مع صندوق النقد يشكل خشبة خلاص للبنان وقد وضعت أرضية لذلك، معتبرة أن من الضروري الوصول إلى الغاية المرجوة في أسرع وقت، بالتالي يجب ترك هذا الأمر للجنة التي تعمل وفق خطة ومسار واضح للمفاوضات بهدف الوصول إلى حل، وفيما تشيد المصادر بالوزير الشامي وخبرته في إدارة المفاوضات وفق مصلحة لبنان تعتبر أن نجاح المفاوضات من شأنه أن يؤسس إلى مرحلة جديدة على المستوى الاقتصادي والنقدي في لبنان لجهة إنقاذ القطاع المصرفي واللبنانيين.
وفي خلال أقل من اسبوعين استقبل وزير الطاقة والمياه وليد فياض وللمرة الثانية سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا على رأس وفد، وكانت جولة أفق استكمالاً لنتائج الجولات الأخيرة لوزير الطاقة في كل من مصر والأردن .
ورأت مصادر مطلعة لـ “البناء” أن هناك موقفاً أميركياً شبه محسوم تجاه الإسراع في عملية استجرار الغاز والكهرباء وفق صيغة تجنب لبنان فرض عقوبات قيصر عليه، معتبرة أن هناك تواصلاً أميركياً- أردنياً وأميركياً-فرنسياً وأميركياً- مصرياً في شأن الملف اللبناني، لا سيما في ما خص تأمين التمويل اللازم لعملية الاستجرار.
وبحث وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية مع السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي، الحلول للمشكلات العالقة، لا سيما ما يتعلق بإلغاء رسوم الترانزيت المفروضة على الشاحنات اللبنانية والقضايا التي تفرض التكامل بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى العلاقات الثنائية.
وقال السفير علي: “الإيجابية السورية كانت أمس وما زالت وأراها غداً أكثر، لذلك أنا سأرسل ما جرى إلى الجهات المعنية في حكومتي، مقدراً أن الإيجابية قائمة وتفعيلها مرهون بالمبادرة اللبنانية التي عبر عنها الوزير حميه، على أن يعقد لقاء مع المعنيين في الحكومتين تكون نتائجها لمصلحة كلا البلدين، لذلك لا يمكن أن ينأى أي منا بنفسه عن الآخر إن كان على صعيد الأمن والاقتصاد وكل سبل العيش التي تفرض على البلدين”.
إلى ذلك اقترب نفاد الفيول أويل عن كل المعامل على مختلف الأراضي اللبنانية، وبحسب المعلومات فإن فترة إطفاء معمل دير عمار لإنتاج الطاقة الكهربائية ستكون لأكثر من أسبوعين إلى حين الإتيان بسفينة الفيول أويل وتفريغها في المعمل.
قضائياً وعلى خط التحقيقات المتصلة بانفجار مرفأ بيروت، تقدم أمس النائب نهاد المشنوق بواسطة وكيله المحامي نعوم فرح، بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية، طلب فيها نقل التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت، من يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، وتعيين قاض آخر لهذه المهمة بسبب “الارتياب المشروع”. كما تقدم النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بواسطة نقيبة المحامين السابقة أمل حداد والمحامي رشاد سلامة، بدعوى أخرى أمام محكمة التمييز المدنية، طلبا فيها رد القاضي بيطار عن القضية، واعتبرا أنه “خالف الأصول الدستورية، وتخطى صلاحيات المجلس النيابي والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”. وأفيد بأن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أحال طلب زعيتر وخليل رد البيطار إلى القاضية جانيت حنا في محكمة التمييز.
وقال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي من بكركي أن “بالنسبة لأذونات الملاحقة، أؤكد أنني سأطبق القانون وقد يكون الأمر مفاجئاً”. وأعلن أن الانتخابات ستحصل في موعدها وستكون نزيهة وشفافة وسيتم تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات والتأخير ليس عندي، وسأؤمّن نجاح الانتخابات الكامل والأكيد.
وفي هذا الإطار أشارت أوساط ديبلوماسية لـ “البناء” إلى أن الولايات المتحدة تبدي تشدداً حيال ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها مع مشاركة المغتربين في الاقتراع الذين يمكن القول إنهم يعبرون عن رأيهم من دون أية ضغوطات حزبية أو طائفية، ورأت المصادر أن هناك تعويلاً أوروبيا وأميركياً على وصول وجوه جديدة إلى البرلمان، واعتبرت الأوساط أن هناك ترحيباً غربياً بالحكومة العتيدة التي تضمّ وجوهاً جديدة وتتمتع بالاختصاص والكفاءة.