كتبت صحيفة الديار تقول: أنقذ الجيش اللبناني الوطن أمس، من العتمة الشاملة، حيث أعطى مؤسسة كهرباء لبنان 6000 كيلو ليتر من مادة “الغاز أويل” من مخزونه الاحتياطي لإعادة تشغيل معملي دير عمار والزهراني، بعد توقفهما عن العمل نتيجة نفاد المادة. ولولا القرار الذي اتخذه قائد الجيش العماد جوزاف عون بمدّ شركة الكهرباء بمادة “الغاز أويل” من مخزونه الاحتياطي، لكان لبنان غرق في الظلام الكامل.
والغريب في الأمر، ان لا الحكومة ولا مجلس الدفاع الأعلى تحركا لمنع الكارثة الكبرى، والتي تمس الأمن المعيشي والأمن الوطني في كل لبنان.
ماذا تنتظر الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى كي يتخذا خطوات سريعة، وإيجاد الحل قبل أن يقع المحظور ويسود الظلام على كل الأراضي اللبنانية؟
وقد أصدرت مؤسسة كهرباء لبنان بياناً أكدت فيه “أن الكمية التي استلمتها من الجيش اللبناني ستؤمن طاقة اضافية بحوالى 300 ميغاواط لفترة 3 أيام فقط، مما يرفع القدرة الانتاجية الاجمالية الى 500 ميغاواط على الشبكة اللبنانية، بما يؤمن حداً أدنى من الثبات والاستقرار عليها”.
اذاً، خطر الظلام سيعود بعد 3 أيام، فالمسؤولية تقع على الحكومة وعلى مجلس الدفاع الأعلى، فعليهما الاجتماع سريعاً وايجاد الحل قبل الكارثة.
خطوة الجيش اللبناني أنارت ضوءاً صغيراً في النفق المظلم الذي يعيشه اللبناني معيشياً واقتصادياً وصحياً وتربوياً…
مبادرة الجيش الكبيرة، يشكر عليها. فليس غريباً على من يقوم بالتضحيات ويقدم الدم والشهداء والمعوقين ان يضيء بيوت اللبنانيين بالأمل.
وفي شأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فقد بدأت عبر فريقه الموجود في بيروت مع رئيس الحكومة حسان دياب الذي استقال، إلا أن المفاوضات الجدية والهامة والتي ستحسم التمويل للبنان، ستكون في كانون الأول عبر وفد رسمي لبناني وآخر من الصندوق، لتنتهي قبل نهاية السنة، ويبدأ عام 2022 باتفاق تمويلي للبنان بشرط وضع الاصلاحات التي يطالب بها.
وهذه الاصلاحات ستضعها الحكومة، وتحولها الى مجلس النواب، كي يقرها، وعندئذ يبدأ الصندوق بالتمويل بقروض، ويبدأ لبنان بالنهوض من الكارثة، حيث ارتفع سعر الدولار بشكل جنوني (ولا يزال يحلق) وخسرت الليرة اللبنانية 90 % من قيمتها.
عشية جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الثلاثاء المقبل، قال مصدر مقرب من رئيس الحكومة لـ”الديار”: ان ملف الكهرباء سيفرض نفسه كبند أول على جدول اعمال الجلسة المخصصة اصلاً لعرض الوزراء لخطط اعمال وزاراتهم ورؤية الوزارات حول الملفات المتعلقة بها، واشار الى ان توقف معملي الزهراني وديرعمار والتطور الحاصل في شأن الكهرباء سيفرض نفسه حكماً على الجلسة، مشيرا الى ان هذا الموضوع كان مدرجا على جلسة الاربعاء الماضي، لكن وجود وزير الطاقة في الخارج ادّى الى ارجاء البحث في ملف الكهرباء.
وتوقع المصدر ان يُطلع وزير الطاقة مجلس الوزراء على نتائج الاجتماعات التي عقدها مع وزراء الطاقة والكهرباء في كل من مصر والاردن وسوريا بشأن مد لبنان بالغاز المصري وتشغيل خط الكهرباء عبر الاردن وسوريا.
ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ”الديار”، فان الحلول الآنية لتفادي العتمة الشاملة واعادة تشغيل معملي الزهراني ودير عمار وزيادة انتاج معملي الجية والزوق غير متوافرة حتى الآن، خصوصا ان السلطة التي اقرّت مؤخراً بقيمة مئة مليون دولار لشراء مادة “الفيول اويل” ما زالت عالقة، ولم تنفذ بسبب ما وصف باشكالية الآلية التي يفترض ان تترجمها الى تأمين هذا المبلغ من مصرف لبنان.
اضافت المعلومات ان كميات مادة “الفيول اويل” من العراق تشغل حاليا المعملين المستحدثين في الجية والزوق بطاقة محدودة تتراوح بين 150 و200 ميغاوات، مع العلم ان هذا النوع من “الفيول اويل” لا يشغل او يتناسب مع تشغيل المعملين القديمين في الجية والزوق، وبالتالي تتعذر زيادة انتاج الطاقة منهما.
وفي شأن ملف الكهرباء ايضا، كشف مصدر نيابي بارز في لجنة الطاقة لـ”الديار” عن ان تأمين كمية من الطاقة من خلال خط الغاز المصري عبر الاردن وسوريا يحتاج الى شهرين على اقل تقدير، لافتا الى ان اصلاح الشبكة بين الاردن وسوريا يلزمه مثل هذه الفترة، مع العلم ان الفرق الفنية السورية باشرت العمل بالاصلاحات وقد تنجزه قبل هذا الوقت، لكن تبقى هناك امور ادارية ولوجستية، ما يعني ان تزويد لبنان بالتيار عن طريق الغاز المصري لن يكون قبل النصف الثاني من كانون الاول او مطلع العام الجديد.
واشار المصدر الى عقبات وعراقيل اخرى ما تزال تواجه الانطلاقة العملية لحل مشكلة الكهرباء والبدء في تنفيذ الخطة طويلة الامد، وفي مقدمة هذه العراقيل عدم تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء حتى الآن، والخلافات المستمرة حولها، واتهم المصدر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بأنه ما زال وراء عرقلة تأليف هذه الهيئة، حيث يسعى الى اضعاف صلاحياتها لتكون مجرد هيئة استشارية لوزير الطاقة، على عكس الصلاحيات المنوطة بها وما تؤكد عليها الهيئات المانحة بشأن الاصلاحات التي يفترض ان تطاول الكهرباء بالدرجة الاولى.
ولفت المصدر الى ان شركتي “سيمنز” و”جنرال الكتريك” كانتا عرضتا على لبنان وشرحتا العرض للجنة الطاقة النيابية العام الماضي لتأمين تركيب معامل كهرباء على الغاز يمكن ان تنتج ما لا يقل عن الف ميغاوات، وايصال هذا الانتاج بالشبكة، مع العلم ان حاجة لبنان تتراوح بين 2000 و2500 ميغاوات، لكن هذا العرض قوبل بالتسويف والرفض من قبل النائب باسيل من خلال وزير الطاقة التابع له، ويخشى المصدر ان تتكرر التجربة مع الحكومة الجديدة اليوم، مشيراً في الوقت نفسه الى ان هناك ضغوطا قوية يفترض ان تفعل فعلها لتعديل الوضع والموقف من هذا الموضوع.
جلسة الثلاثاء
على صعيد آخر، تسعى حكومة الرئيس ميقاتي في سباقها مع الوقت، بعد حوالى شهر من تشكيلها، الى الانتقال من مرحلة التحضير الى ورشة العمل الموعودة في شتى المجالات مستفيدة من الدعم الدولي والاجواء المساعدة التي بدأت تتوافر تدريجا لتنفيذ خططها ومعالجة الملفات والقضايا الملحة.
وبعد جلسة الاربعاء الماضي التي خرجت بنتائج مثمرة نسبياً، على حد قول مصدر مقرب من ميقاتي، يعقد مجلس الوزراء بعد غد الثلاثاء جلسة يطرح فيها الوزراء خططهم لمعالجة الملفات المطروحة المتعلقة بوزاراتهم، واضاف المصدر ان الجلسة المقبلة ستشكل محطة للانطلاق في ضوء هذه الرؤى والخطط الى العمل، وانها تعتبر جلسة تمهيدية مهمة لوضع الخطط والمعالجات موضع التنفيذ، ويؤمل ان تكون هذه الخطط جاهزة بحيث ننتقل الى مرحلة التنفيذ بدءاً من الملفات الملحة والمعالجات الآنية للمشاكل التي تعاني منها البلاد.
المفاوضات مع الصندوق قبل نهاية العام
وفي شأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كشف المصدر عن اجتماعات للجنة المختصة برئاسة نائب رئيس الحكومة تجري بشكل متواصل، وبعيداً عن الاعلام، تمهيداً للمباشرة في هذه المفاوضات، واشار الى ان التواصل بدأ ومستمر بشكل ناشط مع مسؤولي الصندوق، وهناك مسؤول منه سيأتي الى لبنان الاسبوع المقبل في اطار هذا التواصل المفتوح اللذي يمهد للمفاوضات التي تسعي الحكومة الى البدء بها في اقرب فترة ممكنة.
وعلمت “الديار” من مصادر مطلعة ان الموفد الفرنسي المكلف متابعة ملف الاصلاح في لبنان بيار دوكان، كان شدد خلال زيارته مؤخراً الى بيروت، على وجوب الاسراع في المفاوضات مع صندوق النقد في اقرب وقت ممكن، مؤكداً على اهمية المباشرة بهذه المفاوضات قبل نهاية العام.
واشارت مصادر وزارية مطلعة لـ”الديار” امس، الى ان الحكومة تأخد بعين الاعتبار اهمية الاسراع في التفاوض مع الصندوق، وان الاجواء التي سجلت من خلال التواصل المفتوح مع المسؤولين فيه والدعم الفرنسي جيدة ومشجعة وتبعث على التفاؤل.
وعن موعد البدء بالمفاوضات المذكورة، قالت المصادر “لا نستطيع تحديد الموعد لكن العمل يسير بشكل جيد، وهناك سعي لاجرائها في اقرب وقت ممكن، لكن التحضيرات تحتاج الى بعض الوقت، لذلك يتوقع ان تبدأ اجتماعات التفاوض في كانون الاول وقبل نهاية هذا العام”.
ولفت امس قول وزير التربة عباس الحلبي “اننا وضعنا في اجواء المحادثات مع صندوق النقد في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة على امل ان تباشر المفاوضات خلال اسبوعين او ثلاثة”.
ولفتت مصادر حكومية مطلعة، الى انه بموازاة التحضيرات الجارية للمفاوضات مع صندوق النقد والاجتماعات التي تعقدها اللجنة المعنية برئاسة نائب رئيس الحكومة، فان هناك عملا متواصلا وناشطا لانجاز خطة التعافي الاقتصادي التي تشكل القاعدة والاساس في عملية وقف الانهيار والبدء بالخروج من الازمة، وكررت القول ان البلد يواجه اصعب ازمة تعرض لها، وان الحلول ليست فورية وسحرية، لكن الحكومة تضع نصب عينيها القيام بالخطوات والمعالجات وفقا للاولويات وحاجات المواطنين، وهذا الامر يحتاج الى جهد ووقت لتحقيق النتائج المرجوة.
الانتخابات والتدخل الاميركي
على صعيد آخر، وفيما يواجه المواطن اللبناني الازمات المتلاحقة ويتعرض لاصعب درجات المعاناة نتيجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي والتدهور الحاصل في كل المجالات، بدأت القوى والاحزاب والتيارات السياسية الدخول في اجواء التحضير للاستحقاق الانتخابي الذي يرجح ان يجري في 27 آذار المقبل، بعد اقرار الاكثرية النيابية في جلسة اللجان المشتركة هذا الموعد والتأكيد عليه.
وفي الخلاصة التي انتهت اليها هذه الجلسة، والاجواء المحيطة بالمداولات والمشاورات الجارية بالشأن الانتخابي وقانون الانتخابات، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ “الديار” عن ان ترجمة اجماع الكتل على مشاركة المغتربين في العملية الانتخابية بشكل عام تتجه الى اعتماد صيغة انتخاب المغتربين لستة نواب اضافيين على عدد المجلس الحالي كما ينص القانون من دون التوزيع على القارات.
اضافت المصادر ان هذا الخيار يحظى بتأييد اكثرية نيابية كبيرة، وان اعتماده مرجح بنسبة عالية، ولفتت الى ان اعتماد النسبية كما ينص القانون مع الصوت التفضيلي لن يتيح لفريق سياسي احتكار مقاعد الاغتراب كما يتراءى للبعض، وبالتالي فان هذه المقاعد ستتوزع على القوى السياسية بأشكال متفاوتة.
اما على صعيد تحضير القوى والاحزاب والتيارات للانتخابات المقبلة، فان بعضها بدأ في المرحلة الثانية من التحضيرات، بينما ما زال البعض ينجز المرحلة الاولى في المكاتب والاجتماعات المغلقة.
ويبرز في هذا المجال الصراع الذي بدأ يظهر بقوة والتدخلات الخارجية في الاستحقاق الانتخابي، حيث تنشط السفيرة الاميركية دوروثي شيا من خلال عقد الاجتماعات مع شخصيات وهيئات في المجتمع المدني لتوحيد صفوفهم وتشكيل لائحة موحدة تستطيع ان تكون فاعلة ومؤثرة في الانتخابات المقبلة.
ووفقا للمعلومات المتوافرة من اجواء هذه الاجتماعات، ان السفيرة شيا تركز على جمع شخصيات ناشطة في المجتمع المدني مع آخرين ينتمون الى فريق 14 آذار بهدف تشكيل جبهة واحدة في مواجهة المحور الذي يقوده حزب الله تحت عناوين عديدة منها السيادة والحياد وغيرهما.
وتضيف هذه المعلومات ان هذه الاجتماعات المتواصلة لم تتوصّل بعد الى حل مسألة التحالف بين هذه الشخصيات والقوى مع “القوات اللبنانية”، وان هناك خلافات عديدة تحول دون تحقيق هذا الهدف، منها ما يتعلّق بالجفاء والخلاف الحاد بين “الكتائب” و”القوات”، ومنها ما يتعلق بالمآخذ المتبادلة بين المجموعات الناشطة في المجتمع المدني و”القوات”.
والى جانب ذلك، فان مجموعات ناشطة من المجتمع المدني اعربت مسبقا عن عدم رغبتها في تصنيف جبهتها او لائحتها ضد محور حزب الله لمصلحة المحور الآخر، مؤكدة على استقلاليتها وخوضها المعركة ضد كل احزاب وقوى السلطة من فريقي 8 و14 آذار او اصحاب شعار السيادة والحياد.
وتعمل هذه المجموعات على تشكيل لائحة موحدة اخرى بعيدا على المحاور السياسية التقليدية، وتجري مفاوضات للتحالف بينها وبين القوى اليسارية التي تؤكد انها بصدد تشكيل تحالف انتخابي يرتكز على برنامج واضح يعكس مواقف وروح “ثورة 17 تشرين”.
وفي هذا الاطار، اكدت وزارة الخارجية الاميركية “ان مساعدة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند، ستتوجه الى موسكو يوم الاثنين المقبل (غدا)، ثم تنتقل بعدها الى بيروت، حيث من المخطط له ان تصل لبنان يوم الجمعة المقبل، ومن ثم الى لندن”.
واوضحت الوزارة في بيان لها: “ان نولاند ستلتقي في بيروت مع ممثلين عن المجتمع المدني وسلطات البلاد لمناقشة الاصلاحات الاقتصادية والانتخابات العام المقبل”.
وتوقفت مصادر مطلعة عند العبارة الاخيرة، مشيرة الى ان المسؤولة الاميركية ستركز على البحث في الشأن الانتخابي مع ممثلين عن المجتمع المدني في اطار العمل الذي بدأته وتواصله السفيرة شيا.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: الجيش أنقذ لبنان من العتمة الشاملة.. أعطى من مخزونه الاحتياطي لتشغيل دير عمار والزهراني المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تبدأ جدياً في كانون الأول.. ويبدأ عام 2022 باتفاق تمويلي للبنان الاستحقاق الانتخابي : حلّ النواب الستة للمغتربين.. وواشنطن تسعى لتحالف ضد حزب الله