كل شيء في البلاد معلق على حبال تداعيات اشتباكات الطيونة او ما يسميه آخرون “غزوة عين الرمانة”. فلا جلسة لمجلس وزراء في المدى المنظور تجنبا لتفجيره ولإثارة احالة الملف الى المجلس العدلي في ضوء مطالبة فريق الممانعة بها تمهيدا للوصول الى “حلم” حل حزب القوات اللبنانية، وجلسة التشريع المخصصة لاقرار تعديلات على قانون الانتخاب غير معروف مصيرها في ظل خشية من تحولها الى حلبة صراع بين نواب “الجمهورية القوية” والثنائي الشيعي. اما وضع البلاد المُكهرب فتوتر اكثر مع الخطاب العالي النبرة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء وسط ترويج للويل والثبور وعظائم الامور، والذي اتى بعد تهديد صريح من النائب محمد رعد بان حساب ”جماعة القناصين” مستقل بذاته.
طبخ تسوية
وفيما العمل الوزاري متوقف في انتظار حل معضلة تنحية المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار، التي يشترطها الثنائي الشيعي للعودة الى طاولة مجلس الوزراء، يعمل الرئيس نجيب ميقاتي بحسب ما تفيد اوساط مطلعة على انجاز ما تبقى من اجل اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي . يتواصل العمل خلف الكواليس على ايجاد مخرج لمسألة البيطار، قد يولد عبر مجلس النواب الذي يجتمع اليوم علما ان مجلس القضاء الاعلى الذي يجتمع باعضائه المكتملين وربما بحضور المحقق العدلي ايضا في اليومين المقبلين، للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق، لن يقدم اي مخرج كما يروج البعض لان لا حل لديه الا اذا قرر بيطار التنحي بنفسه وهو امر مستبعد.
شكوى الاهالي
في الشق الميداني، علمت “المركزية” ان لجنة من أهالي عين الرمانة المتضررين جراء الاشتباكات الأخيرة، كلفت عدداً من الخبراء لإجراء كشف حسي على الأضرار التي أصابت المنطقة جراء الغزوة التي نفذها المحتجون، ووضع تقرير كامل وموثق في شأنها، لتتخذ في ضوئه الخطوة في تقديم شكوى وتحديد الجهة التي سيتم الادعاء عليها.
حطيط مهدد
من جانبهم يواصل اهالي ضحايا تفجير المرفأ نضالهم وسط حذر مما قد يتعرضون له من ضغوطات وتهويل من بعض القوى السياسية والحزبية. وفي السياق وبعد رسالته الاخيرة، كشف وليم نون شقيق الضحية جو نون ان ابراهيم حطيط موجود مع أفراد عائلته في منزله لكنه يرفض التواصل مع أهالي الضحايا والثابت أنه يخضع للتهديد وثمة جهة حزبية تديره”. وكشف نون أنه بعث برسالة إلى حطيط يوم الأحد فجاء رده: “مش قادر إحكي لأنو تلفوني مراقب من الدولة”.
مسؤولية البيطار!
وسط هذه الاجواء، تواصلت الحملة على البيطار. فقد توجّه المفتي الجعفري الممتاز، أحمد قبلان، إلى بيطار قائلاً “ما جرى في الطيونة ويجري هو في عنقك، ولن نقبل أن تجرّ البلد بأمه وأبيه للذبح مقابل جائزة ترضية أميركية بخسة”.
في المقابل، دعت جبهة المعارضة اللبنانية “كافة القوى الثورية الى اعتصام رمزي امام قصر العدل للتضامن مع الجسم القضائي الذي يقوم بواجبه الوطني رغم كل التهديدات والضغوط وتحديدا مع القاضي طارق البيطار في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الثلاثاء تزامنا مع انعقاد مجلس القضاء الاعلى”.
يشعل الفتن
وبقيت حوادث الطيونة – عين الرمانة تثير الغبار حولها امس. ووقف المكتب السياسي لحركة أمل أمام “الجريمة الكبيرة التي ارتكبتها العصابات المسلحة والمنظمة يوم الخميس الماضي بحق المتظاهرين العزّل الابرياء”، لافتة الى ”ان ما جرى يضع جميع اللبنانيين أمام حقيقة ما تقوم به هذه الجماعات من محاولة لإحياء الفتنة الداخلية والانقسام الوطني وتهديد السلم الاهلي وإعادة اللبنانيين إلى زمن الحروب الداخلية”. وشددت الحركة على “ضرورة قيام الأجهزة الامنية والعسكرية والقضائية بدورها في توقيف كل الفاعلين والمتورطين والمحرضين، وإنزال العقوبات بهم”.
دريان يحذر
بدوره، حذر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في رسالة إلى اللبنانيين لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، من أخطار التسييس والتطييف للمسائل الوطنية الكبرى.وقال إن “ما جرى في الطيونة كان مشيناً ومهيناً ومعيباً أن يحصل بين أبناء الوطن الواحد، فالخلاف في الرأي مشروع، أما الاقتتال في الشارع فمرفوص وممنوع أياً كان السبب”.
ثرثرة
الى ذلك، قال عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص عبر تويتر “هنالك وزير دفاع في هذه الحكومة لم تعيّنه القوات اللبنانية ادلى بتصريح واضح عن احداث الطيونة وعين الرمانة وهو وزير الوصاية على القائمين بالتحقيق”. واضاف “تصريح وزير الدفاع يشكل حتى الساعة المرجعية الرسمية الوحيدة، وكل ما عداه من كلام يتراوح بين الثرثرة والتحريض”.
لا كمين
وكان وزير الدفاع موريس سليم اعتبر أن “ما حصل يوم الخميس في الطيونة ليس كميناً بل حادث مشؤوم”، لافتاً إلى أن “ظروف حصول الحادثة يبقى تحديدها للتحقيق الذي يعتمد على الوقائع والإثباتات التي تحدد المسؤوليات في ما جرى”. وقال في حديث تلفزيوني: نحن نتعاطى مع الوقائع، وخريطة الوقائع يرسمها المحققون ونترك لهم تحديد ذلك بناءً للكاميرات والشهود والمشاركين والدلائل والاثباتات”. وكشف أن “هناك 20 موقوفاً يتم التحقيق معهم في حوادث الطيونة”.
هوكشتاين
على صعيد آخر، علمت المركزية ان الموفد الاميركي لمتابعة ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين يصل الى بيروت اليوم وسيعقد اجتماعات مع المسؤولين الاربعاء والخميس لاستطلاع الموقف اللبناني من ترسيم الحدود وجسّ النبض ازاء الرغبة باستئناف المفاوضات.
صندوق النقد
وامس بدأ المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي ممثل المجموعة العربية في مجلس إدارة الصندوق الدكتور محمود محيي الدين، زيارة الى لبنان ، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة،وكان بحث في الوضعين المالي والاقتصادي ومسار المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد.