تحت سقف “مجزرة الخميس” وما شهدته من أحداث “خطيرة ومفصلية”، انقضّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بكل ما أوتي من فوائض قوة وتهديد على حزب “القوات اللبنانية” ورئيسه سمير جعجع، مصوّباً بالمباشر عليهما باستهدافات مركّزة ورسائل تعنيف سياسي وترهيب أمني، وصولاً إلى حدّ تحذير المسيحيين من تداعيات الانتماء “القواتي” ومحاذيره ومخاطره على “وجودهم وأمنهم”.
وفي سياق تجييشيّ تحريضيّ عالي النبرة، أمطر نصرالله “القوات” بوابل من الاتهامات المتوسطة والثقيلة، والتي توزعت بين “القتل والإجرام والعمالة والميليشيوية”، ليخلص إلى تسطير مضبطة اتهام وجاهية بحق “القواتيين” وإيكال أمر تنفيذها إلى “الدولة والمرجعيات الروحية المسيحية والمسيحيين عموماً”، تحقيقاً لهدف مركزي وضعه “حزب الله” نصب عينه انتقاماً لموقعة الطيونة، مفاده بالمختصر المفيد: مطلوب “راس” القوات.
وبهذا المعنى، طالب نصرالله المسيحيين “بالوقوف في وجه جعجع” إذا أرادوا المحافظة على أمنهم الوجودي وسلمهم الداخلي، مهدداً في حال عدم تحمل الدولة مسؤولياتها، وكذلك القضاء، سواءً بالنسبة للاقتصاص من “القوات” أو في ما يتعلق بمحاسبة عناصر الجيش الضالعين بعمليات إطلاق النار يوم الخميس، بأنّه حينها “سيكون لكل حادث حديث”، في إشارة واضحة إلى أنّ “حزب الله” هو من سيتولى تنفيذ هذه المهمة لأنه “لا يترك دماء شهدائه على الأرض (…) وكل الناس بتعرف شو معنى هذا الكلام”، محذراً من أنّ “لغم الخميس قد يعود وينفجر في أي وقت من الأوقات وفي أي منطقة من المناطق”.
وإثر فراغه من التحريض على رئيس “القوات” والتجييش ضده باعتباره يتحضر لإشعال مواجهة مسلحة مع “حزب الله”، خاطب نصرالله جعجع بالمباشر متوجهاً إليه بالقول: “ليك، كتوب عندك، لتعمل حساباتك صح إذا بدك تعمل حرب أهلية، نحن لدينا فقط في الهيكل العسكري من دون الأنصار والمؤيدين والكشاف والهيئات، 100 ألف مقاتل مدربين ومنظّمين ومسلّحين من أصحاب التجربة لو أشير لهم بأن يحملوا على الجبال لأزالوها (…) إنت مع مين بدك تعمل اقتتال داخلي، لذلك قعدوا عاقلين وتأدبوا وخذوا العبرة من حروبنا وحروبكم”.
وتحت شعار “مش تربيح جميلة” الذي كرره عدة مرات في مخاطبته المسيحيين، استرعى الانتباه سرد نصرالله جملة محطات تاريخية بوصفها تأكيداً على كون “حزب الله” هو ضمانة الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة، وأعاد في هذا السياق تزكية “تفاهم مار مخايل” مع ”التيار الوطني الحر” لكونه يحمي المناطق المسيحية ويحصّل الحقوق للمسيحيين رئاسياً ونيابياً وحكومياً، مقابل محاولة تأليب المسيحيين على “القوات” باعتبارها “أكبر تهديد للوجود المسيحي”.
وفي قضية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، أعاد نصرالله التأكيد على موقف “حزب الله” المطالب بتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، واصفاً إياه بـ”الديكتاتور” لأنه يعتبر أنّ “العالم كله معه والرأي العام معه”، مجدداً اتهامه بتنفيذ أجندة خارجية لاستهداف ”حزب الله” في الجريمة، وانتهى إلى وضع المؤسساتالدستورية التنفيذية والقضائية في “بوز المدفع” متوجهاً إليها برسالة صارمة: “الوقت انتهى شوفوا شو بدكم تعملوا لأنّ الاستمرار على هذا الحال لا يخدم البلد واستقراره”.
وعلى نية البحث عن مخرج قانوني لتنفيذ مطالب ”حزب الله”، ينشغل مجلس القضاء الأعلى هذا الأسبوع بعقد سلسلة لقاءات تبدأ اليوم تشاورياً، وصولاً إلى اجتماع المجلس الخميس المقبل مع المحقق العدلي للتباحث معه في الملاحظات المثارة حول مسار تحقيقاته، وفق الصيغة التي خرج بها اجتماع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع أركان السلطة القضائية نهاية الأسبوع الفائت.
وبالانتظار، تتجه الأنظار خلال اليومين المقبلين إلى إقفال ملف التحقيقات العسكرية والأمنية في أحداث اشتباكات الطيونة وإحالته مع الموقوفين على ذمة التحقيق إلى المحكمة، وسط معلومات أولية عن توصل هذه التحقيقات إلى نتائج موثقة تدحض رواية “الثنائي الشيعي” في تعرضّ المتظاهرين للكمين والقنص. وهذا ما أكد عليه وزير الدفاع نفسه بقوله إنّ “ما حصل يوم الخميس ليس كميناً بل حادثة مشؤومة وأنّ هناك إمكانية لحصول إطلاق النار من الشارع وليس من على أسطح المباني”، مع إشارته في الوقت عينه إلى أنّ تحرك متظاهري “حزب الله” و”حركة أمل” واجه “انحرافاً مفاجئاً إلى بعض الشوارع الفرعية (في عين الرمانة) وأدى إلى حصول الاشتباكات”.
الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : التحقيقات الأمنية تدحض رواية “الثنائي”: لا قنص ولا كمين نصر الله بالمختصر المفيد: مطلوب “راس” القوّات