كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : لم تغب التداعيات “الثقيلة” لأحداث الخميس الماضي عن المشهد الداخلي أمس، خصوصاً وسط الترددات وردود الفعل التي اثارتها الكلمة الأخيرة النارية للامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، والتي شكلت الهجوم الأعنف له على حزب “القوات اللبنانية ” ورئيسه سمير جعجع، علما ان الأخير لم يرد عليه امس وسيرد بالتفصيل في اطلالة تلفزيرنية عبر برنامج “صار الوقت” من محطة “ام تي في” مساء غد الخميس. كما أفيد ان نصرالله سيلقي كلمة ثانية هذا الأسبوع يوم الجمعة المقبل.
ولعل اللافت في المعطيات المتصلة بالصدامات التي حصلت الخميس الماضي ما أفادت به مصادر موثوقة “النهار”، من أن كل الجهات السياسية تنتظر النتائج الأولية للتحقيقات التي يجريها الجيش ومخابراته بعدما ثبت أن معظم الروايات والمعطيات الإعلامية التي اطلقها أطراف معنيون لم تكن دقيقة ابدا، وتفتقر إلى الدقة والصدقية، ومنها واقعة أساسية تجاهلها هؤلاء وهي ان ثلاثة قتلى سقطوا لدى الاصطدام بين المتظاهرين المسلحين واهالي وأطراف في عين الرمانة، فيما سقط الأربعة الاخرون في فوضى الرصاص العشوائي والمواجهات التي حصلت بعد ذلك في الطيونة. وقالت ان تقرير الجيش سيكون مفصليا في حسم هذه الناحية.
غير ان ما طبع الساعات الأخيرة بدا أقرب إلى إعادة التهدئة السياسية والإعلامية نسبيا وسط ثلاثة معالم أولها وأبرزها تمرير الجلسة التشريعية ل#مجلس النواب في بداية عقده العادي الثاني هذه السنة بقدر عال نسبياً من الهدوء، خصوصا مع تجنب حصول أي صدام كلامي بين نواب “حزب الله” ونواب “القوات اللبنانية”، ولو ان الجلسة شهدت مماحكات ومبارزات كلامية متعاقبة بين رئيس المجلس #نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حول بنود عدة في قانون الانتخاب عكست المناخ المكهرب بين بري وباسيل. وثاني العوامل تمثل في الإعلان المفاجئ لوزير الثقافة محمد مرتضى عن استعداد وزراء الثنائي الشيعي لحضور أي جلسة لمجلس الوزراء يدعو اليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكأنه، وهو الذي تسبب بإشكالية حادة في اخر جلسة لمجلس الوزراء، فوض من الثنائي بالتمهيد للتراجع عن الشروط التي وضعها الثنائي “للافراج” عن الجلسات الحكومية. اما العامل الثالث فبرز مع وصول موفدين بارزين تباعاً إلى بيروت وشروع كل منهما في جولته على المسؤولين بما يساهم في إعادة تطبيع الوضع إلى حدود واسعة، والموفدان هما المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي وممثل المجموعة العربية فيه الدكتور محمود محيي الدين الذي جال على الرؤساء، ورئيس الوفد الأميركي إلى المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية آيموس هوكستين الذي وصل مساء إلى بيروت لاجراء أولى جولاته مع المسؤولين اللبنانيين اليوم وغداً بعد تعيينه رئيساً جديداً للوفد في ظل إدارة الرئيس جو بايدن.
وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في هذا الصدد “ان كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي، آموس هوكستين يزور بيروت اليوم لمناقشة الحلول المستدامة لأزمة الطاقة في لبنان. كما سيؤكد هوكستين استعداد إدارة الرئيس بايدن لمساعدة لبنان وإسرائيل على إيجاد حل مقبول للطرفين للحدود البحرية المشتركة لصالح كلا الشعبين”.
الجلسة التشريعية
في غضون ذلك مرت جلسة مجلس النواب التشريعية بهدوء نسبي نجح معها بري في ابعاد الألغام المتفجرة ولا سيما منها الاحتكاك بين نواب كتلتي القوات وحزب الله، كما لم يطرح ابدا أي كلام يتصل بقضية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ولم تخرق الجلسة سوى المناوشات بين بري وباسيل. وافضت الجلسة إلى تقديم موعد الانتخابات إلى 27 آذار وتثبيت اقتراع المغتربين على مجموع المقاعد الـ128 فيما كانت الصدمة الكبيرة في اسقاط التمثيل النسائي مع اسقاط الكوتا النسائية.
وفيما يفترض ان يعتبر مؤشراً حاسماً لاجراء الانتخابات النيابية ما لم تنصب لها افخاخ مثل تهديد باسيل بالطعن في موضوع اقتراع المغتربين بما اثار مخاوف كتل عدة من ان يفضي ذلك إلى الإطاحة بالانتخابات، أقرّ مجلس النواب إجراء الانتخابات في 27 آذار، رغم اعتراض ”تكتل لبنان القوي” وعلّق المادة المتعلقة بالبطاقة الممغنطة في قانون الانتخاب، في وقت تم اسقاط صفة العجلة عن اقتراح قانون الكوتا النسائية. وتعهد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال الجلسة “باننا سنقوم بكل جهدنا للعمل على اجراء الانتخابات ضمن المهل التي قررها مجلس النواب وتأمين الأمور اللوجستية، وبإذن الله ستكون شفافة وسليمة”. وبعد ان لوح باسيل بالطعن في “تغيير موعد الانتخابات”، أجاب بري “ما حدا يهددني كل شي بسمح فيه إلا التهديد”. وعندما طالب باسيل بري بإعادة التصويت بالمناداة على إلغاء اقتراع المغتربين لـ 6 نواب حصل هرج ومرج، وأعيد التصويت سريعاً بالمناداة، وصدّق القانون، واعترض باسيل على أن التصويت بالمناداة لم يكن واضحاً وشفافاً. كما سجّل توتر بين بري وباسيل حول موضوع “الميغاسنتر”، فدخل ميقاتي على الخط وكلّف وزير الداخلية بدراسة إمكانية تطبيقه. وكان ميقاتي قال: إقرار الكوتا النسائية يعقّد الأمور بالنسبة لقانون الانتخاب لذلك أقترح أن تقتصر الكوتا بالترشح أي عبر اللوائح.
واعتبر باسيل بعد انتهاء الجلسة العامة أن “تحديد 27 اذار كموعد للانتخابات النيابية تلاعب في ظل احوال الطقس من جهة والصوم من جهة أخرى ولم نحصل على جواب حول موجب تعريض العملية الانتخابية لهكذا خطر”. وأعلن ان “التلاعب السياسي في موضوع اقتراع المغتربين لن نسكت عنه وسنطعن فيه خصوصا مع وجود مبدأ دستوري واضح”.
وبعد الجلسة لفت اعلان وزير الثقافة محمد مرتضى أنه إذا دعا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إلى جلسة سيحضرها، معتبرا أنه يجب على وزير العدل والمؤسسة القضائية ايجاد الحل بمسألة الارتياب من المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. وقال “نحن لم نهدد ولم نعلّق جلسات مجلس الوزراء ولم نفرض بند تغيير البيطار بل عرضنا ملاحظات على ادائه لكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء”.
جولة جنبلاط
وبعد زيارته عين التينة زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مساء أمس الرئيس ميقاتي يرافقه نجله رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي والنائب وائل أبو فاعور.
ولخص موقفه “بأن عين الرمانة والشياح بحاجة إلى مصالحة حقيقية، هم ليسوا بحاجة إلى حمايات من هناك او هناك، يجب أن يكون هناك مصالحة كما فعلنا نحن في الجبل، من خلال لجان مصالحة في كل قرية وكل حي، حتى لا نعود إلى التوتر أو إلى اجواء العامين 1975- 1976”.
وقال “هناك ضرورة للتحقيق في موضوع القناصين لأننا نعيش اليوم “مع القناصين المتجولين” وهذا خطير جدا على أمن الوطن، لذلك نعوّل كثيرا على موضوع التحقيق من السلطات المختصة من أجل ردع كل هذا الأمر. ولفت إلى انه “في العام 1975 صدرت نظرية من الحركة الوطنية التي كان يرأسها كمال جنبلاط، وقد تبنى هذه النظرية وهي عزل الكتائب الامر الذي أعطى آنذاك دفعاً كبيراً لليمين اللبناني وللكتائب، فكنا بشيء وأصبحنا بشيء آخر. واليوم وعطفاً على عزل الكتائب لا نستطيع ان نطالب بعزل شريحة كبيرة من الشعب اللبناني أو عزل الشيعة، علينا الانتباه ولدينا الوقت المناسب، مع دولة الرئيس ورئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري لدراسة خطة أو استراتيجية دفاعية، للقيام بعملية تحديث مفيدة.”
إلى ذلك حضر القاضي طارق البيطار أمس إلى مكتبه في قصر العدل واستأنف عمله كمحقق عدلي في جريمة انفجار المرفأ بشكل طبيعي بعد تبلغه قرار الغرفة الأولى في محكمة التمييز رفض طلب الرد المقدم بحقه من قبل النائب علي حسن خليل. وأفادت معلومات أن المحقق العدلي البيطار حدد نهار الجمعة في 29 تشرين الأول موعداً لجلستي استجواب النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر
الوسومالنهار